حصريا

نقي العظم منتج للدم-د.رحمون محمد

0 153

نقي العظم منتج للدم

إن الأمة العربية أمة بيان، والعمل فيها مقترن بالتعبير والقول، فللغة في حياتها شأن عظيم وقيمة أكبر من قيمتها في حياة أي أمة من الأمم، إن اللغة العربية هي الأداة التي نقلت الثقافة العربية عبر القرون، وعن طريقها وبواسطتها اتصلت الأجيال جيلا فجيل في عصور طويلة وهي التي حملت الإسلام وما انبثق عنه من حضارات وثقافات ، قال الرافعي رحمه الله “إن اللغة مظهر من مظاهر التاريخ، والتاريخ صفة الأمة كيفما قلبت أمر اللغة من حيث اتصالها بتاريخ الأمة واتصال الأمة بها وجدتها الصفة الثابتة التي لا تزول إلا بزوال الجنسية وانسلاخ الأمة من تاريخها. ” إن العربية وعاء الدين وحصنه الحصين وحرزه المتين وحفظه يدوم بحفظها وقيامه بقيامها فهي الناقلة له المفسرة لكتابه وسنة نبيه ، ولا يخفى أن الإسلام هوية المسلم و منزلته منه كمنزلة الروح من الجسد إن فارقته صار خراباً لا حياة فيه، و مما يدل على اتساع العربية وشمولها وإحاطتها بكل شيء وعلى انه لا يعزب عنها وصف ولا يعجزها تعريف أن آبا عثمان الجاحظ ألف كتاب الحيوان في ثماني مجلدات جعل مجلدين كاملين منها في الكلب وحده وذِكر أسماءه وأوصافه وأحواله وما قالته العرب فيه من شعر ونثر ومما يدل على اتساعها أيضا قول«ابن خالويه»:«أحفظ للسيف خمسين اسماً».بْل إنه صنف كتاباً في أسماء (الأسد) يحتوي على خمسمائة اسم. وزاد عليه من جاء بعده حتى أوصلوها إلى  ألف. أيضاً؛ وصنف ابن خالويه كتاباً في أسماء (الحيّة) أوصلها لمئتي اسم. و(العسل) له ثمانون اسما أفردها الفيروزآبادي بمصنف. وأسماء (الخمر) أفردها كثيرون بالمصنفات و لابن خالويه أيضاً رسالة في أسماء الريح وقال الزبيدي: للأسد أربعمائة اسم، وللسيف ثلاثمائة وللناقة مائتان وخمس وخمسون وللماء مائة وسبعون وللمطر سبعون لكل واحد منها استعماله الخاص في حالة معينة. ومن غريب ما جاء في سير الأولين ما كان في “البيان والتبيين ” أن واصل ابن عطاء وهو الذي اعتزل مجلس الحسن البصري في قضية حكم صاحب الكبيرة ، كان ألثغ فاحش اللثغ وانه كان داعية مقالة ورئيس نحلة وانه يريد الاحتجاج على أرباب النحل وزعماء الملل ، فعمد إلى إسقاط الراء من كلامه كله وفي كل خطبه وهو عمل عظيم أن يستغني عن حرف من كلامه فلا يكاد يأتي ذكره لكلام يحويه أو نشر يفضي إليه وما كان واصل بالعييّ بل كان من خطباء العرب ومفوهيهم ومناظريهم وفي هذا خير دليل على أن العربية لا تضيق بلسان احد فهي البحر الزاخر من غاصه أتى باللآلئ وقد يطعن بعض المتحذلقين فيها ممن لا يقيمون حرفها وتعجزهم شساعتها،وهو والله ليس طعناً فيها إنما باب للطعن في الدين وليس حقداً عليها إنما حقد على هذا الدين ورغبة في إسقاط كلمته أقول إن العربية باقية بقاء السماوات والأرض وهي منا في نقي العظم تخرج مع الدم منه إلى العروق فتسري إلى سائر البدن.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.