حصريا

جهود علماء الجزائر في خدمة الحديث النبوي الشريف: الإمام الداودي وابن مرزوق الحفيد نموذجا -د.حفيظة بلميهوب- الجزائر –

0 238

بسم الله الرحمن الرحيم

 

عنوان المداخلة:   جهود علماء الجزائر في خدمة الحديث النبوي الشريف

                                  الإمام الداودي وابن مرزوق الحفيد نموذجا

أ.د. حفيظة بلميهوب

جامعة الجزائر 1

ملخص المداخلة:

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله.

يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون”[ آل عمران/ 102 ]

” يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا”[ النساء/1]

“يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله  وقولوا قولا سديدا ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما”[ الأحزاب/71]

أما بعد لقد ساهم علماء الجزائر في إثراء الحضارة الإنسانة على مرّ العصور واستفاد من جهودهم الشرق والغرب وفي هذه الورقة نتناول اثنين من علماء الجزائر الأول من القرن الرابع الهجريوهو الإمام أحمد بن نصر الداودي والثانيمن القرن التاسع الهجري وهو ابن مرزوق الحفيد عليهما رحمة اللهحيث نعرج على إسهاماتهما الحديثيةضمن الخطة التالية:

مقدمة وثلاث مباحث، مبحث تمهيدي ومبحثين وخاتمة. ففي المبحث التمهيدي بينت أهمية الحديث وكيف اهتم به أهل المغرب علماء وسلاطين وعوام منذ وصلت إليهم مدوناته ثم ما ألّف في الحديث وعلومه من أهل المغرب عموماوأهل الجزائر خصوصا.

والمبحث الأول:خصصته للتعريف بحياةالإمام الداودي الذاتية والعلمية، وجهوده في خدمة الحديث النبوي الشريف والمبحث الثاني :خصصته للتعريف بحياة ابن مرزوق الحفيد الذاتية والعلمية وجهود في خدمة الحديث النبوي الشريف وأثرهفيمن بعده،وفي الخاتمة ذكرتأهم النتائج والتوصيات.

 

 

 

 

 

 

مبحث تمهيدي: علماء الجزائر والسنة النبوية

 المطلب الأول:جهود علماء الجزائر في خدمة السنة النبوية عموما وصحيح البخاري خصوصا

لقد شهد المغرب والجزائر خاصة ازدهارا علميا خلال مختلف العصور؛ القرن الرابع والخامس الهجريين وكذا في القرن السابع والتاسع الهجريين، على الرغم من تدهور الأوضاع السياسية وضعف الاجتهاد وشيوع التقليد والعكوف على الاختصار للمتون والشروح والحواشي ومع ذلك برز كثير من الأعلام كان لهم الأثر البارز في نشر العلوم والمعارف في مختلف الحواضر الجزائرية ،فهذه مثلا حاضرة  تلمسان كانت من أعظم أمصار المغرب التي ضاهت أمصار الدول الإسلامية كما قال ابن خلدون، نبغ فيها كثير من الأعلام وفي مختلف العلوم.  ومما زاد في تعزيز الحياة الفكرية وازدهارها، وانتشار العلماء، وكثرتهم، اهتمام الأمراء بإنشاء المساجد، والمدارس التي كانت خير دليل على الازدهار العلمي آنذاك.

مثل مسجد تلمسان الكبير، وجامع أغادير الأعظم بتلمسان ([1])، والمسجد العظيم الذي شيَّده السلطان أبو الحسن بالعباد، بالإضافة إلى إنشاء عدة مدارس كبرى، كانت منارات علمية، تخرج منها الكثير من العلماء، وكانت لهذه المدارس والمساجد أوقاف عظيمة تصرف عن الفقهاء والمدرسين والطلبة. كما أنشأ الأمراء المشتغلون بالعلم، الزوايا، ودور العلم، نذكر منها زاوية أبو عبد الله بن محمد التميمي( تـ756)، وزاويته بتلمسان بطريق العباد. ومما زاد في تعزيز الثقافة الإسلامية الأصيلة، علماء  الأندلس النازحين  حيث امتزجت الثقافة المغربية بالثقافة الأندلسية وأصبح المسجد الجامع بتلمسان لا يقل أهمية عن جامع القرويين والزيتونة([2]) ، كل ذلك جعل من هذا العصر عصر ازدهار علمي، حفل بطائفة من مشاهير العلماء في الفقه والحديث واللّغة، وكانت تلمسان آنذاك موطن العلماء وقبلة طلاب العلم، لم يؤثر فيها الاضطراب السياسي وانتشار الفتن، قال”البكري([3])   “… دائما بلد علم وعلماء ومركز سنة وجماعة، وبنو زيان كانوا من رعاة العلوم حيث قرّبوا العلماء والأدباء والفقهاء.

وقد اهتم علماء الجزائر بعلم الحديث وكتب السنة المطهرة وأولوها عناية خاصة حفظا ورواية وشرحا وتدريسا، فقد اهتموا بجميع كتب السنة وعلى رأسها صحيح البخاري الذي يعدّ أصح كتاب بعد كتاب الله كما نصّ على ذلك الأئمة المتخصصون.

ففي عهد الموحدين كان الاهتمام بصحيح البخاري بارزا فقد كانت للموحدين مجالس حديثية خاصة بالجامع الصحيح سماعا ودراسة ومن هذه المجالس نذكر مجالس “أبي يعقوب المنصور بن عبد المؤمن” الملقب بالمنصور الذي قيل عنه إنّه كان يحفظ صحيح البخاري كما يحفظ القرآن الكريم كما اختص هذا الخليفة بالوزير أبي بكر محمد بن عبد الملك بن زهر المتوفى سنة 595ه وكان هذا مشاركا في الفقه والحديث والتفسير وقد ذكر ابن خير أنّه كان يحفظ كتاب البخاري بأسانيده.

ومن المحدثين الذين اشتهروا في هذا العهد في مجالس المنصور الشيخ أبو الحسن علي بن عبد الملك الكتامي الفاسي المشهور “بابن القطان” المتوفى سنة 628ه الذي كان من أبصر الناس بصناعة الحديث وأحفظهم لأسماء رجاله وأشدهم عناية بالرواية([4])

وأبو الخطاب عمر بن حسان بن دحية السبتي المتوفى سنة:633هـ([5]).

وأبو عبد الله محمد بن طاهر الحسيني الصقلي الفاسي وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن هارون المرادي الفاسي الذي اشتهر بقيامه على الكتب الخمسة ولم يكن له مثيل في عصره وغيرهم من الحفاظ.

واستمر الاهتمام بالحديث في العهد الزياني، وتوسعوا في دراسته حيث كانت تعقد لعلم الحديث مجالس عديدة بعد صلاة الصبح يحضرها الشيوخ والطلبة وعامة النّاس، كما كان القراء يحتفلون بختمة قراءة كتب الصحاح احتفالا كبيرا لم يشهد له مثيل إجلالا وجمالا حسب تعبير ابن مرزوق الجد في كتابه المسند الحسن،

 وفي العهد المريني استمر الاهتمام بالحديث وعلومه إضافة إلى اهتمامهم بالفقه وهذا أبو الحسن المريني الذي بلغ في عهده العلماء كثرة لم يعرفها تاريخ المغرب قبل، وقد اشتهر هذا السلطان بأنه كان يؤثر علم الحديث على غيره من العلوم وخاصة كتاب الجامع الصحيح لأبي عبد الله البخاري. قال ابن مرزوق الجد:” وكان أحبّ الأشياء إليه سماع الحديث يقرأ بين يديه وكان يستكثر من سماع جامع البخاري قرأته عليه مرات وهو الكتاب المتفق على صحته وفضله المجرب بتفريج الشدائد والأزمات عند قراءته”([6])

واستمر الاهتمام بالحديث وعقد المجالس له في عهد أبي عنان بانتظام وقد ازدهرت العلوم والفنون في عهده وبلغ العلماء والمحدّثون أوج الرقي بتعيينهم في المناصب الرفيعة للدولة كما سعى في نشر الحديث والتشجيع على حفظه وقراءته ببناء المدارس والمعاهد العليا والزوايا فنبغت في عهده طائفة من كبار المحدثين والحفاظ منهم: أبو محمد عبد الله الورغيالي وقد بلغ مرتبة الاجتهاد، وكانت الرحلة إليه،وأبو القاسم عبد العزيز بن أبي عمران موسى العبدوسي، الذي وصفه ابن مرزوق بحافظ المغرب،والحافظ المسند أبو عبد الله محمد بن عمر الشهير بابن رشيد الفهري السبتي الذي كان كثير السماع، عالي الإسناد، صحيح النقل، تام العناية بصناعة الحديث…”[7]  وكان له مجلس دائم للبخاري”([8]).

المطلب الثاني:علماء الجزائر الذين خدموا صحيح البخاري

ومن علماء الجزائر الذين اهتموا بصحيح البخاري أيضا:

-الإمام أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي، الأسدي، المسيلي، التلمساني (سيأتي معنا في هذه الورقة).

–  الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف الوهراني الحمزى المتوفى سنة (569هـ)، فقد ألّف كتاب سمّاه مطلع الأنوار على صحاح الآثار، خصّه بالموطأ، وصحيحي البخاري ومسلم، صنّفه على مثال مشارق الأنوار للقاضي عياض، جمع فيه بين ضبط الألفاظ واختلاف الروايات وبيان المعنى، توجد نسخة منه بجامعة القرويين بفاس تحت رقم:594، 624، 1641.

والإمام المحدّث أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن إبراهيم الأزدي الإشبيلي البجائي(تـ581هـ) فقد ألّف رحمه الله مؤلفات جليلة من بينها : الجمع بين الصحيحين([9])، جمعه من البخاري ومسلم في مجلدين، توجد نسخة منه في المتحف البريطاني، والقاهرة.

الفقيه العالم أبي إسحاق التنسي (تـ   680 هـ) الذي كانت له فيه طرق عالية بفاس ومكة المكرمة.والشيخ المحدث عبد الله بن يحي بن أبي بكر بن يوسف الجزائري(تـ 682هـ) الذي ألف كتاب تخريج الأحاديث الضعاف في سنن الدارقطني([10])

 واعتنى ابن مرزوق الخطيبتـ(781هـ  ) بعلم الحديث، فألّف تعليقا على صحيح البخاري والأربعين في الصحاح أملاها بعد صلاة الجمعة وقبل صلاة العصر، وشرح كتاب عمدة الأحكام في خمسة مجلدات سماه: تيسير المرام في شرح عمدة الأحكام في الحديث ([11])

واقتفى أثره حفيده “ابن مرزوق الحفيد” الذي نركز عليه في هذه المداخلة.

وقام بشرح البخاري أيضا محمد السنوسي في أواخر القرن التاسع الهجري، وصل فيه إلى باب “من استبرأ لدينه”([12])، وقد اعتمد السنوسي في شرحه على كل من شرح الداودي “النصيحة” و”المتجر الربيح” لابن  مرزوقالحفيد عليهما رحمة الله.

وشرح السنوسي أيضا مشكلات وقعت في آخر البخاري في كراسين، واختصر([13]) شرح بدر الدين الزركشي المصري (تـ 794 )([14]).

 والإمام المحدث ابن قنفذ القسنطيني (تـ 809هـ ) وقد ألّف شرف الطالب في أسنى المطالب وهو شرح لقصيدة ابن فرح الإشبيلي في ألقاب الحديث، والإمام شرف الدين يحي الزرمانيالعجيسي من القرن التاسع الذي درس بالمدرسة الشيخونية بمصر واجتمع به السخاوي مرارا، وقد ترجم له في الضوء اللامع، والشيخ محمد بن مخلوف الراشدي المعروف بأبركان (تـ 868هـ) الذي ألّف: الزند الواري في ضبط رجال البخاري، وفتح المبهم في ضبط رجال مسلم، والشيخ أحمد بن محمد الشمني القسنطيني (تـ 872هـ) الذي نظم نخبة الفكر لابن حجر، والشيخ العلمي التلمساني أبو زكريا يحي بن أحمد بن رحمون، (تـ 888هـ  )فقد اختصر البخاري ، والشيخ محمد بن قاسم بن عبد الله الأنصاري الرّصاع أبو عبد الله المولود بتلمسان والمستقر بتونس، (تـ 894هـ) وله: كتاب التسهيل والتقريب والتصحيح لرواية الجامع الصحيح ، وهو انتقاء بديع من شرح صحيح البخاري لابن حجر، توجد نسخة منه كاملة بمكتبة الشيخ عبد الحي الكتاني، منها جزء عليه خط الرصاع رحمه الله ، ويوجد بالمكتبة العبدلية بتونس الجزء الأول والجزء الثالث([15]).

واستمر اهتمام أهل الجزائر بالحديث والسنة النبوية وتركوا في ذلك مؤلفاتومن هؤلاء الأعلام نذكر: الشيخ المحدث أبو العباس أحمد بن قاسم بن ساسي البوني تـ 1129هـ وله من المؤلفات:فتح الباري بشرح غريب البخاري، وكتاب التحقيق في أصل التعليق، ونظم نخبة الفكر لابن حجر في مصطلح الحديث، والشيخ الونيسي أبو الحسن، من كبار فقهاء المالكية له شرح البخاري في اثنتي عشر جزءا.والشيخ أبو محمد الداودي التلمساني تـ 1271هـ ، الذي ولي قضاء تلمسان، وقد شرح هو أيضا صحيح البخاري لم يكمله.والشيخ العلامة طاهر بن صالح الجزائري تـ 1338هـ الموافق لـ1920م،والكتاب جمع فيه خلاصة ما قاله العلماء السابقون في هذا العلم.والكتاب مطبوع في مجلدين.واستمر الاهتمام بعلوم الحديث ومن بين هؤلاء الأعلام الأستاذ الدكتور محمد بن العربي بن أبي شنب (تـ 1347هـ/  1929م) وقد نال شهادة الدكتوراه سنة 1920م) وقد ترك مؤلفات قيمة من بينها كتابه: تاريخ الرجال الذين رووا صحيح البخاري وبلغوه للجزائر.  

وهذه الكتب وغيرها منها ما هو مطبوع وأغلبها مازال مخطوطا ينتظر من ينقذه من الرطوبة والأرضة، وذلك بخدمته وتحقيقه وإخراجه إلى النّور لتستفيد منه الأجيال، وتقدر مجهود الأجداد الذين مافتؤا يخدمون هذا الميراث العظيم.ومما يشهد أيضا بالاهتمام بصحيح البخاري تخصص علماء ومحدثين منذ القديم في نسخه وكتابته وتحرير نسخ ممتازة منه، وهناك من وقف حياته على نسخه والتفنن في كتابته.

وقد ازدهرت الخزائن والمكتبات في المغرب والجزائر وتونس وليبيا بأصول نسخ الصحيح، فمكتبة الحامة بالجزائر تضم حوالي: أكثر من ثلاثين نسخة خطية، ووزارة الشؤون الدينية الجزائرية تضم ستين نسخة خطية من صحيح البخاري وما وضع عليه من شروح وتعليقات([16])

المبحث الأول:التعريف بحياة الإمام الداودي الذاتية والعلمية وجهوده الحديثية

المطلب الأول: حياة الداودي الذاتية والعلمية

الفرع الأول: حياته الذاتية

هو أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي، الأسدي، المسيلي، التلمساني،

وعن مكان وسنة ولادة الداودي فقد أحجمت كتب التراجم عن ذكرهما.

عاش الداودي متنقلا بين طرابلس (ليبيا حاليا) وتلمسان ، ذكر الداودي ضمن مؤلفات المدرسة القيروانية، ولم يثبت أنّه دخل القيروان استنادا لمترجميه وكذا انتقاده لعلماء القيروان الذين بقوا تحت سلطة العبيدييين ، غير أن أحد الأساتذة صنف الداودي ضمن علماء مدرسة القيروان لكن الذي يرجح أنه ليس من علماء القيروان أن صاحب كتاب معالم الإيمان([17]) لم يذكره في كتابه مع استيعابه ذكر جميع من له صلة بالقيروان ([18])

أصل الداودي أبو جعفر من المسيلة([19]) ببلاد الجزائر، وقد جزم بذلك عياض في الترتيب، وقد كانت تسمّى ب(المحمدية) نسبة إلى من بناها وهو أبو القاسم محمد بن عبيد الله الشيعي، ونسبه إلى المسيلة أيضا ابن خير الإشبيلي (تـ575ه) في فهرسته فقال:”أبو جعفر أحمد بن نصر الدّاودي الفقيه المالكي من أهل المسيلة. لكن هل عاش في مدينىةالمسيلة([20])؟

ذكرت بعض المصادر أنّ الداودي حدّث بالمسيلة قبل خروجه إلى طرابلس، ففي ترجمة أحد تلاميذ الداودي ابن ميمون أنّه سمع من أبي جعفر بالمسيلة([21]).

  مراحل نشأة الداودي ووفاته

أولا: مراحل نشأته:لم تذكر المصادر التي ترجمت للداودي عن نشأته إلا أنه أقام بطرابلس مدّة من الزمن ثم ارتحل بعدها إلى مدينة تلمسان حيث أقام بها عالما ، محدثا وفقيها، مدرسا ومصنفا حتى وافاه الأجل بها عليه رحمة الله. ولعلّ الذي جعل الداودي يختار تلمسان لتكون دار إقامته حتى وافاه بها الأجل -عليه رحمة الله- كونها من أهم الحواضر العلمية آنذاك بالإضافة إلى ما كانت تتمتع به من أمن واستقرار، وخلوها من الصراعات والنزاعات التي كانت تعج بها المسيلة والقيروان اللتين كانتا تحت سلطة  الموالينللعبيديين..

قال أبو القاسم الطرابلسي(تـ469ه):”وكان أبو جعفر الداودي حين دخلت إلى المشرق حيّا بتلمسان فلم يمكن لقاؤه  لتغرب الطريق من الجهة التي خرجت إليها من البحر”([22])

ثانيا:وفاة الداودي

بعد حياة حافلة بالعلم والعطاء، توفي الإمام الداودي بتلمسان سنة( 402ه/1011م) وقبره عند باب العقبة.

جاء في الترتيب”توفيبتلمسانسنةاثنتينوأربعماية،وقبرهعندبابالعقبة”([23])

الفرع الثاني: حياة الداودي العلمية

أولا:شيوخ الداودي وتلامذته

 شيوخ الداودي

ذكر القاضي عياض([24])أنّ الداودي كان عصاميا لم يتفقه في أكثر علمه على إمام مشهور وإنما وصل إلى ما وصل إليه بإدراكه، ويشيرون إلى أنّه لو كان له شيخ يفقهه حقيقة الفقه لعلم أنّ بقاءهم مع من هناك من عامة المسلمين تثبيت لهم على الإسلام([25])  وبقية صالحة للإيمان… ([26])

وتبعه في ذلك كل من نقل عنه الترجمة مثل صاحب كتاب تعريف الخلف وغيرهما فلم يذكروا له شيوخا غير أنّ صاحب موسوعة الإمام الداودي وقف موقف الناقد أمام هذا الكلام ، فشخصية علمية بارزة كالداودي يستحيل أن يكون خاليا من المشايخ، وبعد البحث والتقصي وجد بأنه ذكر للداودي ثلاثة مشايخ هم:

1-  إبراهيم بن خلف، من الأندلس سمع أباه ورحل فسمع من بكار بن محمد وأبا سعيد الأعرابي وغيرهما، قال ابن باشكوال:”روى عنه أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي، وأن هشام بن عبد الرحمن حدث بالموطأ عن الداودي عن شيخه إبراهيم بن خلف.

2- أبو بكر محمد بن سليمان النّعالي (تـ380ه) فقد نقل البرزلي في فتاواه قال : نقل المازري عن الداودي في النصيحة  عن النعالي “يسقط فرض الحج عمّن أراده وإن لم يحرم ”

3-  إبراهيم بن عبد الله أبو إسحاق الزبيري المعروف بالقلانسي(تـ356ه) فقيه فاضل، عالم بالكلام والرد على المخالفين، له في ذلك تآليف حسنة… قال ابن فرحون :سمع من فرات بن محمد ومحمد السوسي …وروى عنه إبراهيم بن سعيد وأبو جعفر الداودي وغيرهما

والذي نرجحه هو أن الداودي أخذ العلم عن المشايخ، فهذا العلم لا يستقيم إلا بروايته عن الشيوخ، والداودي يعد من أوائل من شرح صحيح البخاري إن لم يكن أولهم فكيف يقدم على شرح أصح كتاب بعد كتاب الله وهو لم يتلقه عن رواته، ونحن نعلم حرص العلماء على الرواية وعلى الرواة؛ لأنه كلام رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.والدوادي إن لم يثبت أنه خرج من بلده فهذا لا يقدح في علمه فكثير من العلماء لم يخرجوا كمالك والشاطبي والجياّني -محدّث الأندلس- وغيرهم.

 تلاميذ الداودي

أخذ عن الداودي كثير من الأعلام من أشهرهم :

1-أبو عبد الله مروان بن علي البوني، ذكره عياض في الترتيب قال:”حملعنهأبوعبداللهالبوني”([27])

2- أبو الوليد عبد الله بن نصر المشهور بابن الفرضي الأديب الفصيح، صاحب كتاب تاريخ الأندلس، كان فقيها عالما في جميع فنون العلم، لم ير مثله في قرطبة في سعة الرواية وحفظ الحديث ومعرفة الرّجال، توفي مقتولا يوم فتح قرطبة سنة 403ه.([28])

3-أحمد بن عبيدة الأموي (يعرف بابن ميمون) من أهل طليطلة، سمع من الداودي بالمسيلة ورحل للمدينة ومكة وطرابلس، كان من أهل العلم والفهم، من رواة الحديث، حافظ لرأي مالك وأصحابه، توفي عام 400ه([29])

4-أحمد بن سعيد بن علي المعروف بابن أبي الحجال، من أهل قادس، سكن إشبيلية وله رحلة إلى الشرق روى فيها عن أبي جعفر الداودي وأبي الحسن القابسي وغيرهم، كان من أهل الذكاء والحفظ والخير، توفي بإشبيلية سنة ستين وأربع مئة([30]).

آثار الداودي الحديثية ومآثره

           أولا: آثار الداوديدالحديثيةومؤلفاته

أشارت كتب التراجم والفهارس والأثبات إلى أنّ الداودي ترك مدونات مكتوبة منها ما ذكره علماء التراجم مثل: “النامي في شرح الموطأ”  والنصيحة في شرح البخاري” هو في حكم المفقود لكن من اعتمده في شرحه كابن حجر والعيني وابن مرزوق الحفيد وغيرهم احتفظوا لنا بقطع من هذا الشرح.

ذكر ابن خير في فهرسته  سنده إلى مؤلفات الداودي ومن حدّثه بها، حيث قال:”تآليفأَحْمدبننصرالدَّاودِيّوَجَمِيعرواياتهعَنشُيُوخه، حَدثنِيبهَاأَبُومُحَمَّدبنعتابوَأَبُوالْحسنيُونُسبنمُحَمَّدبنمغيثرحمهمَاالله،كِلَاهُمَاعَنالقَاضِيأبيعمرأَحْمدبنمُحَمَّدبنالْحذاءعَنأبيعبدالْملكمَرْوَانبنعَليّالْقطَّانالْبونِيعَنهُقَالَأَبُومُحَمَّدبنعتابوحَدثنيبهَاأَبُوعمربنعبدالْبرالنمريالْحَافِظقَالَكتبإِلَيّأَحْمدبننصرالدَّاودِيّبِإِجَازَةمَارَوَاهُوألّفه. وحَدّثنيبهَاشَيخنَاالْخَطِيبأَبُوالْحسنشُرَيْحبنمُحَمَّدالْمُقْرِئعَنخَالهأبيعبداللهأَحْمدبنالْخَولَانِيّعَنأبيعبدالْملكمَرْوَانبنعَليّالْبونِيعَنهُ([31])

وقال أيضا: “كتابتَفْسِيرالْمُوَطَّألأبيجَعْفَرأَحْمدبننصرالداووديالْفَقِيهالْمَالِكِيمنأهلالمسيلةوَسَماهُالْكتابالنامي… وأخذ أيضا ابن خير كتابتَفْسِيرالْمُوَطَّألأبيعبدالْملكمَرْوَانبنعَليّالْبونِي، قال:

حَدثنِيبِهِالشَّيْخأَبُوالْقَاسِمأَحْمدبنمُحَمَّدبنبَقِي…” ([32])

وقال الذهبي (تـ748ه) أنّ الداودي أملى كتابه شرح الموطأ بطرابلس المغرب.([33]).

وقال ابن فرحون(تـ799ه):” ألّف كتابه النامي في شرح الموطأ والواعي في الفقه والنصحية في شرح البخاري …”([34])

وفي نوازل العلمي عن أبي العباس الزقاق قال:”كان بطرابلس ثم انتقل إلى تلمسان وبها ألّف كتبا كثيرة منها: النصيحة في شرح كتاب البخاري.

ثانيا:مآثر الداودي وأقوال العلماء فيه

حفلت كتب التراجم بالثناء على الداودي -وبيان مكانته العالية في العلم، خاصة في علوم اللغة والحديث والفقه والتفسير، فقد أثنى عليه عياض في المدارك، فقال:”أبوجعفرأحمدبننصرالداوديالأسديمنأئمةالمالكيةبالمغرب،والمتسمينفيالعلم،المجيدينللتأليف،أصلهمنالمسيلة،وقيلمنبسكرة. كانبطرابلس،وبهاأملىكتابهفيشرحالموطأ،ثمانتقلإلىتلمسان،وكانفقيهاًفاضلاًمتفنناًمؤلفاًمجيداً،لهحظمناللّسانوالحديثوالنظر…”([35])

وأثنى عليه ابن فرحون فقال:”أحمدبننصرالداوديالأسدي أبوجعفر. منأئمةالمالكيةبالمغرب

كانفقيهاًفاضلاًمتقناًمؤلفاًمجيداًلهحظمناللسانوالحديثوالنظر.”([36])

وقال ابن خير: قَالَحَدثنَابِهِأَبُوالْقَاسِمحَاتِمبنمُحَمَّدالطرابلسيقَالَحَدثنِيبِهِأَبُوعبدالْملكمَرْوَانبنعَليّالْقطَّانوَيعرفبالبونيصاحبناالْفَقِيهبطرابلسوَسكنمَعَهمُدَّةمنخَمْسَةأَعْوَامقَالَأَبُوعَليّقَالَليحَاتِمبنمُحَمَّدوَكَانَأَبُوجَعْفَرالداووديحِيندخلتإِلَىالْمشرقحَيابتلمسانفَلميمكنيلقاؤهلتغربالطَّرِيقمنالْجِهَةالَّتِيخرجتإِلَيْهَامنالْبَحْروَتُوفِّيالداووديبتلمسانسنة 402″([37])

المطلب الثاني: جهودالداودي الحديثية

 أولا:أثار الداودي في الحديث وعلومه ومدى اهتمام العلماء وشرّاح الحديث بأقوال الداودي

لقد ترك الداودي شروحا للحديث ودروسا كان يلقيها على طلبته وأصحابه

والشروح كما سبق ذكره هي: شرح على الموطأ (النامي في شرح الموطأ)

 وشرح على البخاري (النصيحة في شرح صحيح البخاري).

والشرحان لم يبق منهما إلا بعض النّقول التي احتفظ بها العلماء في كتبهم ولعلّ أهم الكتب التي اعتنت بنقل أقوال الإمام الداودي  كتاب المتجر الربيح لابن مرزوق الحفيد وفتح الباري لابن حجر العسقلاني  وعمدة القارئ للعيني، حيث اهتموا بنقل أقوال الداودي في شرح الحديث فيما يتعلّق بالأسانيد والصناعة الحديثية والرّجال وفيما يتعلّق بمتون الأحاديث وشرحها وبيان معانيها وفوائدها والأحكام المستنبطة منها، وفي هذا إشارة واضحة إلى قيمة هذا الإمام وإلى مكانته العلمية.

وحفظا لتراث الداودي وجمع ما بقي في أقواله في كتب شروح الحديث قام الفاضل الدكتور/ عبد العزيز دخان بجمع أغلب الكتب التي نقلت أقوال الداودي وتتبع هذه الأقوال وجمعها في كتابه الذي سماه “موسوعة العلامة أحمد بن نصر الداودي” وقال: “وإني أزعم أنه لم يفتن بفضل الله تعالى شيء مما نقل في كتب شروح الحديث المطبوعة وبعض المخطوطة، ولعل قابل الأيام يكشف لنا عن كتب الداودي أو كتب أخرى نقلت عنه”. ([38])

ثانيا:منهج  الداودي وطريقته في شرح الحديث

ونركز في هذا المبحث على شرحه على صحيح البخاري الموسوم بالنصيحة في شرح كتاب البخاري، وهو ثاني مَنْ شرح البخاري بعد الخطابي، فهو من الشروح الأولى لصحيح البخاري، وذكر المباركفوري أنّه رأى نسخة قديمة من شرح الداودي على البخاري كان يملكها الشيخ نذير حسين الدهلوي (تـ1310ه)، وأنّ هذه النسخة مليئة من النقول من كتاب الداودي واتخذ له علامة (د) وفي بعض المواضع قال: “قال الداودي،وكان شرح الداودي لصحيح البخاري في مدينة “تلمسان” بعد شرحه للموطأ.

من خلال تتبع أقوال الداودي المبثوثة في ثنايا كتب شرح الحديث ظهر أنّ الداوديكان يغلب عليه التركيز على الشرح اللغوي للحديث واستنباط الأحكام الشرعية والفوائد العلمية وقد سار على منهجه ابن التين وابن بطال وابن مرزوق الحفيد وغيرهم.

وإذا ظهر أمر يتعلّق بالسند مما له صلة ببيان معاني الحديث فإنّ الداودي يشير إلى ذلك.

كما أن الإمام الداودي كثيرا ما كان يناقش البخاري ويعترض عليه، والأدلة على ذلك كثيرة

فقد وردت أقوال للداودي في شرحه اعترض بها على البخاري أو غيره، مثل قوله:

1-ليس في الحديث دلالة على الترجمة([39])

2-تبويب البخاري غير معتدل([40])

3-هذا وهم من الراوي

4-لا أرى هذا يثبت([41])

5 –قال الداودي عن حديث :«لَوْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ عَذَابٌ مَا نَجَا مِنْهُ إِلَّا عُمَرُ إِشَارَةً إِلَى هَذَا مِنْ تَصْوِيبِ رَأْيِهِ وَرَأْيِ مَنْ أَخَذَ بِمَأْخَذِهِ فِي إِعْزَازِ الدِّينِ، وَإِظْهَارِ كَلِمَتِهِ، وَإِبَادَةِ عَدُوِّهِ، وَأَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ لَوِ اسْتَوْجَبَتْ عَذَابًا نَجَا مِنْهُ عُمَر وَمِثْلُهُ – وَعَيَّنَ عُمَرَ- لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَشَارَ بِقَتْلِهِمْ «5» وَلَكِنَّ اللَّهَ لَمْ يُقَدِّرْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ عَذَابًا لِحِلِّهِ لَهُمْ فِيمَا سَبَقَ.وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ وَالْخَبَرُ بِهَذَا لَا يَثْبُتُ، وَلَوْ ثَبَتَ لَمَا جَازَ أَنْ يُظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ بِمَا لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَا دَلِيلَ مِنْ نَصٍّ، وَلَا جُعِلَ الْأَمْرُ فِيهِ إِلَيْهِ وَقَدْ نَزَّهَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ.” ([42])

والشواهد كثيرة يظهر من خلالها كما قال صاحب الموسوعة دقة أحكام الداودي وصواب نظرته خاصة ما يتعلّق بالأحكام الشرعية واستنباط الحكم الشرعي من الدليل، أو جوانب اللغة وفقهها وقواعدها، وهو الأمر الذي جعل ابن حجر والعيني يسلمان له به والله أعلم”([43]).

 ثالثا: اهتمام العلماء وشرّاح الحديث بأقوال الداودي

أغلب من جاء بعد الداودي ممن شرح كتب الحديث اهتم بكتب الداودي ونقل عنها والشواهد على ذلك كثيرة قام بتتبعها وجمعها-كما سبق ذكره – “د/عبد العزيز دخان” في موسوعة الداودي، ونقتصر في هذه المداخلة على ذكر بعض النماذج من كتاب فتح الباري لابن حجر وعمدة القاري للعيني عليهما رحمة الله.

لقد أحصيت المواضع التي صرح فيها في فتح الباري باسم الداودي بـ”526موضعا” يطول نقلها جميعا، لذا أقتصر على ذكر نموذج واحد ومن أراد المزيد يرجعإلى الفتح

“…وَكَذَا قَوْله تربت يداك أَي افْتَقَرت فامتلأت تُرَابا وَقيل المُرَاد ضعف عقلك بجهلك بِهَذَا وَقيل افْتَقَرت من الْعلم وَقيل مَعْنَاهُ اسْتَغْنَيْت يُقَال هِيَ لُغَة القبط استعملها الْعَرَب واستبعد وَالرَّاجِح أَنه شَيْء يدعم بِهِ الْكَلَام تَارَة للتعجب وَتارَة للزجر أَو التهويل أَو الْإِعْجَاب وَهُوَ كويل أمه وَلَا أبالك وعقرى حلقي وَقَالَ الدَّاودِيّ إِنَّمَا هُوَ ثربت بِالْمُثَلثَةِ وَغلط قَوْله ذَا مَتْرَبَة أَي السَّاقِط فِي التُّرَاب قَوْله أتراب أَي أَمْثَال وَهُوَ جمع ترب بِكَسْر أَوله “([44])

قَوْله السّلم هُوَ السّلف إِلَى أجل مَعْلُوم قَوْله:سلمات الطَّرِيق جمع سَلمَة بِكَسْر اللَّام وَهِي الْحِجَارَة وبفتح اللَّام جمع سَلمَة أَي شَجَرَة كَبِيرَة وَأغْرب الدَّاودِيّ فَقَالَ هِيَ مَا تفرع من جَوَانِب الطَّرِيق قَوْله وَهل لي بعد قومِي من سَلام أَي سَلامَة…” ([45])

وقد كان أيضا شرح الداودي مصدرا مهما للإمام بدر الدين العيني حيث اعتمده في شرحه ونقل منه، وقد بلغ عدد النقول( 597ن )  وهذا في الذي صرّح فيه بقوله: قال الداودي، ثم يذكر قوله.

ونخلص إلى القول بأن أقوال الإمام الداودي حظيت في مختلف العلوم بالنقل والاستشهاد بها في كتب العلم، فقد نقل عنه القاضي عياض في المشارق وابن رشد في البيان والتحصيل والمقدمات والممهدات، وابن عطية في المحرّر الوجيز والقرافي في الذخيرة والفروق والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن وياقوت الحموي في معجم البلدان وابن الحاجب في جامع الأمهات والنووي في شرحه على مسلم وابن جزي في القوانين وابن تيمية في الفتاوى والتفسير والشاطبي في الموافقات والسيوطي في التدريب والصنعاني في سبل السلام والشوكاني في نيل الأوطار والشيخ عليش في منح الجليل، وابن حجر في فتح الباري بدر الدين العيني في عمدة القاريءوالبهوتي في كشاف القناع والزبيدي في تاج العروس  ونقل بعض فتاويه المازوني في الدرر المكنونة في نوازل مازونة والمعيار للونشريسي ومواهب الجليل للحطاب([46]) وغيرهم كثير.

المبحث الثاني: التعريف بالإمام ابن مرزوق الحفيد وجهوده الحديثية

المطلب الأول: الحياة الذاتية والعلمية لابن مرزوق الحفيد

 الفرع الأول: حياة ابن مرزوق الذاتية: هو محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن مرزوق الحفيد .العجيسي[47] التلمساني أبو عبد الله واشتهر بالحفيد، تمييزا له عن غيره من علماء آل مرزوق.ولد ليلة الاثنين رابع عشر من ربيع الأول عام ستة وستين وسبعمائة للهجرة (766هـ)الموافق للعاشر من ديسمبر عام 1364م بتلمسان.واهتم ابن مرزوق الحفيد بالرحلة في طلب العلم، وذلك بعد أن أخذ العلم عن علماء بلده حيث رحل من تلمسان إلى قسنطينة أين استكمل تعليمه ، ومنها رحل إلى مختلف البلاد شرقا وغربا حتى وصف بالرحالة.

الفرع الثاني: حياة ابن مرزوق الحفيد العلمية

ونقتصر هنا على الإشارة إلى رحلاته العلمية وشيوخه وتلامذته

ذكر القلصادي في رحلته أن ابن مرزوق الحفيد رحل رحلتين إلى الحج، الأولى كانت سنة ثنتين وتسعين وسبعمائة، التقى فيها بالإمام ابن عرفة بتونس وحضر مجالسه، ثم حجّ رفقة ابن عرفة فلقي جمعا من العلماء من بينهم ابن صديق الذي روى عنه صحيح البخاري ،وابن الملقن والهيثمي، والنور النويري والدماميني وغيرهم.والرحلة الثانية كانت عام 819هـ (1416م ) التقى بعلماء أخذ عنهم وأخذوا عنه.قال الإمام الثعالبي :” .. وقدم علينا بتونس شيخنا أبو عبد الله ابن مرزوق فأقام بها وأخذت عنه كثيرا وسمعت جميع الموطأ بقراءة صاحبنا  أبي حفص عمر ابن شيخنا محمد القلشاني، وختمت عليه أربعينيات النووي، قرأتها عليه في منزله قراءة تفهم ، وكان كلما قرأت عليه حديثا يعلوه خشوع وخضوع ثم أخذ بالبكاء فلم أزل أقرأ وهو يبكي إلى أن ختمت الكتاب رحمه الله…”[48]

 وقال ابن حجر ضمن ترجمته لجده شمس الدين المتوفى سنة 781 ه “و قدم علينا حفيده  محمد بن أحمد بن أبي عبد الله بن مرزوق القاهرة وحجّ بعد العشرين وكان قد  وقع لي شرح” الشفاء” بخط جدّه فاتحفته به وسرّ به سرورا كثيرا ،ونعم الرّجل هو معرفة بالعربية والفنون، وحسن الخط والخلق والخلق والوقار والمعرفة والأدب التام ورجع إلى بلاده بعد أن حدّث وشغل وظهرت فضائله، حفظه الله تعالى”[49]و قال أيضا في المجمع المؤسس:”….سمع مني وسمعت منه...”[50].

وفي هذه الرحلة أجاز عبد الرحمن الثعالبي واستجاز كل من لقي، وجلّهم أو كلّهم في طبقته منهم: ولي الدين العراقي وابن حجر وبدر الدين العيني، والبرزلي، وغيرهم.و بعد حياة حافلة بالعلم والعمل والترحال مات ابن مرزوق الحفيد في عشية الخميس رابع عشر من شعبان سنة اثنين وأربعين وثمانمائة، عن عمر يناهز الست والسبعين سنة الموافق لـ 1439م بتلمسان.

ثانيا:الشيوخ والتلاميذ والأقران

من شيوخ الحفيد:ابن مرزوق الجد، وسعيد العقباني(تـ811هـ) وابراهيم المصمودي، والشريف التلمساني (تـ792هـ)،و عبد الرحمن ابن خلدون،  وابن عرفة الورغمي التونسي، والفيروز آبادي صاحب القاموس المحيط(تـ 817 هـ)[51] ،والحافظ العراقي.

-ومن أقرانه: أبو عبد الله الشريف التلمساني (تـ 847ه)ـ، وقاسم العقباني، والحافظ ابن حجر العسقلاني وأبو يحي بن عقيبة القفصي[52]،والقلشاني[53] الفقيه الصالح ، من آكابر علماء الأندلس.

-ومن تلاميذ ابن مرزوق الحفيد :ابنه  الذي يعرف بالكفيف (824-901 هـ).وعبد الرحمن بن مخلوف الثعالبي (تـ 875ه)والمجاري الأندلسيتـ(862هـ )، و-القلصادي: أبو الحسن من أهل الأندلس(تـ891هـ) بباجة[54] .

من مآثره: قول عبد الرحمن الثعالبي:”… كان من أولياء الله الذين إذا رءوا ذكر الله، وأجمع الناس على فضله من المغرب إلى الديار المصرية، واشتهر فضله في البلاد، وكان بذكره تطرز المجالس، وجعل الله حبّه في قلوب العامة والخاصة فلا يذكر في مجلس إلا والنفوس إليه متشوقة إلى ما يحكى عنه، وكان في التواضع والإنصاف والاعتراف بالحق في الغاية وفوق النهاية لا أعلم له نظيرا في ذلك في وقته فيما علمت”.

المطلبالثاني:جهود ابن مرزوق الحفيدالحديثية ومنهجه في شرح الحديث

      الفرع الأول:جهودابن مرزوق الحفيد في الرواية والتأليف

لقد خلّف الحفيد ثروة علمية كبيرة تتمثل أولا: في العلماء الفطاحل الذين أخذوا عنه من الشرق والغرب والأندلس، فقد رووا عنه كتب الصحاح والسنن بالسند المتصلكما أخذوا عنه شرحه على البخاري وغيرها من كتب الحديث، إلى جانب روايتهم عنه كتبه في علوم الحديث الحديقة والروضة.

وثانيا: في الكتب التي صنّفها في مختلف الفنون، العقيدة والفقه والحديث والتفسير واللغة والحساب والميقات، والسيرة  والمنطق ، ونقتصر على ذكر كتب الحديث وعلومه :

-نور اليقين في شرح حديث أولياء الله المتقين، الاعتراف في ذكر ما في لفظ أبي هريرة من الانصراف. -وأنوار الدراري في مكررات البخاري .- والمتجر الربيح في شرح الجامع الصحيح –محل دراستنا – والروضة وهي عبارة عن رجز في علوم الحديث، واختصره في الحديقة، توجد نسخة منه في مركز الملك فيصل بالرياض تحت رقم تسلسلي:49362، مصورة من نسخة  الأسكوريال:1517/2. ومنتهى أمل اللبيب في شرح التهذيب (لم يكمله)[55]

الفرع الثاني:جهودهفي شرح الأحاديث

لقد سلك الحفيد في شرح الحديث طريقة الشرح بالمأثور من القرآن والسنة، والمعقول والمنطق، ولغة العرب، واستفاد من علم شيوخه والعلماء السابقين له،وكان كثيرا ما يناقشهم بالحجّة والبرهان.

وابن مرزوق عندما يبدأ في شرح حديث من صحيح البخاري، يذكر اسم الباب الذي يندرج تحته الحديث ثم يشرع في التحليل والشرح دون إيراد نص الحديث كاملا؛ لأنه ضابط للحديث ضبط فؤاد بحيث يستحضر متن الحديث في ذهنه ثم يشرحه، مقتصرا على كتابة العبارات محل الشرح دون متن الحديث . ثم يذكر العلاقة بين الباب والباب الذي قبله مع بيان مقصد الحديث، فابن مرزوق الحفيد اهتم كثيرا بالمقاصد وأسرار الأحكام كما يظهر ذلك في باب “علامة الإيمان حب الأنصار” وغيره من الأبواب.

-تخريج الأحاديث معتمدا في ذلك على كتب الحديث مثل الموطأ والكتب الستة وغيرها.

-الترجمة لكثير من الصحابة، ورواة الحديث وبيان درجتهم، وأقوال علماء الجرح والتعديل. وهذا بالنسبة للتابعين ومن بعدهم.مع ذكر بعض اللطائف والفوائد الإسنادية.

– الاهتمام بشرح وتحليل ألفاظ الحديث مع تتبع أقوال العلماء في ذلك مع المقارنة والترجيح. كما في باب “من قال: إنّ الإيمان هو العمل”.

– تفكيك النص وبيان منطوق عبارة النّص ومفهومها، حيث يقسِّم النّص إلى جمل وفقرات قصد التحقيق في شرح الألفاظ ويضيف إلى هذه النصوص تكميلات، معتمدا في ذلك على الوجوه المنطقية، والقياس الفقهي، مخالفا في ذلك طريقة المتقدمين من مالكية المغرب مُتَّبِعًا في ذلك منهج أهل الرأي من الحنفية وعلماء المدرسة العراقية.- الإشارة في الحديث المُكَرَّر إلى موضع الشرح أو مكان بسط القول فيه.- ذكر معنى الحديث وذلك بعد شرح ألفاظه من مختلف كتب اللغة مثل الصحاح والمحكم والمشارق… كما في باب حدَّثنا أبو اليمان. -تقرير مذهب الإمام مالك والاستدلال له ، كما اهتم ببيان مشهور مذهب مالك واختلاف أقواله في المسألة الواحدة واختلاف الرواة عنه واختلاف فقهاء المالكية من أهل الأمصار.- اعتماده على المصادر المالكية مما يبرز مذهبه المالكي، وإن كان لا يستغني عن ذكر أقوال العلماء الآخرين كأبي حنيفة والشافعي وأحمد – عليهم رحمة الله –

-الاستفادة من كتب الشروح التي سبقته كشرح الداودي والخطابي والمهلّب وابن التين وابن بطال وغيرها.وابن مرزوق لم يقتصر على شرح صحيح البخاري فقط إنما اعتمد على شروح الصحاح الأخرى والسنن، وكذا تفاسير القرآن الكريم.

– اعتماد المناقشة في كثير من المسائل فهو يكثر في شرحه المناقشة والمناظرة، ويكثر من الافتراض والاعتراض على أدلة الرأي الآخر حيث نجده يكثر من ذكر عبارتي: “فإن قُلْتَ”…”قُلْتُ” ومثال ذلك في باب حدّثنا أبو اليمان([56]).

– مناقشة الأقوال بالحجَّة كما في قوله في الباب الخامس: “فإن تابوا”([57]) “… وقد بينَّا اختلاف الوجهين معنىً كما هما لفظا لا كما توهم أبو حيان ولا حجّة له في دعوى الإجماع على جواز الوجهين إن ثبت؛ لأنّه إن صحّ يكون مرتبا على المقصدين لا على مقصد واحد..” ثم قال:”.. فتمسّك بهذا التحقيق وتأمله حقّ التأمل”([58]).

فابن مرزوق الحفيد -عليه رحمة الله- لا يكتفي بنقل آراء العلماء بل يناقشها بالحجّة والبرهان، فهو يناقش أقوال المهلّب والخطابي وابن التين وابن بطال كما ناقش في هذا القول أبا حيان صاحب البحر، بل يناقش أيضا الإمام البخاري (المصنِّف)كما في قوله: “وعلى هذا المحمل لا حجّة للبخاري في الحديث ولو أريد حقيقة الإيمان التصديقي لما اقتصر على رسوله وملائكته إلى آخر أركانه..” ثم قال: “وهذان التأويلان اللَّذان اخترناهما وجهان طريقان قويّان في الجمع بين مختلف أحاديث هذا النوع، جاريان على أصول علم المعاني فشدَّ عليهما يد الضنين واستغن بهما عن غيرهما مما ذكر في جمعها لما فيه من التعسف والتكلف والمنّة والفضل لله سبحانه وبه التوفيق”([59]).

الاعتناء ببيان مقصد الأبواب ويظهر هذا جليا في أغلب الأبواب.

– ذكره لفقه الحديث والأحكام المستنبطة منه،حيث يذكر فقه الحديث ثم يضيف ما قاله العلماء الذين سبقوه، مع مناقشة الأقوال والترجيح،كما في “باب حدّثنا أبو اليمان” قال: “وفي الحديث من الفقه: عقد الإمامة، ومبايعة الإمامة على إقامة الدين أصوله وفروعه، وفيه شرع وظيف النقابة؛ لأنّه أضبط لحال جماعات الجيوش…الخ([60]).وقال في باب علامة الإيمان حبّ الأنصار مضعفا لقول ابن التين قال الحفيد بعد أن أورد كلام ابن التين: “وهو ضعيف؛ لأنّه يكرّ على قاعدة أصل التخصيص بالإبطال؛ لأنّ تخصيصهم كما سبق لتفضيلهم من الوجه المتقدم…”([61]).

لقد تتبّع ابن مرزوق شروح صحيح البخاري التي سبقته واستفاد منها، وخبر قوتها ونقصها وحاول استدراك ما فاتها، ويظهر ذلك من خلال تحقيقاته التي أخبر أنّها لم تكن لغيره فقد أكثر من ذكر”ولم أره لغيري“.وإضافة إلى اعتماد ابن مرزوق على شروح البخاري التي سبقته،فقد اعتمد على الشروح التي تزامنت مع شرحه مثل شرح الإمامبدر الدين العيني والحافظ ابن حجر.

وهذه باختصار موارده الحديثية في شرحه على صحيح البخاري: اعتمد ابن مرزوق الحفيد -عليه رحمة الله- في الحديث وعلومه على الموطأ وعلى صحيح البخاري وصحيح مسلم، ومسند أبي يعلى وشرح الداودي، وشرح المنهاج للنووي، وشرح أعلام السنن ومعالم السنن للخطابي وعلى شرح ابن بطال وابن التين، وبدرالدين العيني، وشرح المهلب بن أبي صفرة، والشفا والإلماع للقاضي عياض، وعلى المعلم بفوائد مسلم للمازري، وإكمال المعلم و ومشارق الأنوار للقاضي عياض وعلى التمهيد والاستذكار لابن عبد البر…الخ .وقد أثر شرح ابن مرزوق الحفيد “المتجر الربيح” في تلاميذه ومن جاء بعدهم، فقد استفاد منه قراءة ونقلا:- ابن مرزوق الكفيف – ابنه – نقل ذلك “البلوي” عن شيخه ابن مرزوق الكفيف، عن والد شيخه ابن مرزوق “الحفيد”، وقد قرأ عليه أيضا أغلب كتبه في الحديث وغيره وأخذ عنه جزءا من شرح البخاري “المتجر الربيح”. وقال البلوي: “… وشيخنا رضي الله عنه أي الكفيف يحمل عنه ذلك بحكم الإجازة العامة له، وأخبرني – رضي الله عنه – أنه قرأ عليه كثيرا منها، كالروضة، والحديقة ومنتهى الأماني، ومواهب الفتاح ومفتاح الجنة، وما شرح من الألفية وغير ذلك.. وحضر مواضع من تصحيح شرح البخاري المذكور، وعلى أبيه معتمد شيخنا هذا نفعنا الله به”([62]).

وذكر الإمام القلصادي الكتب التي قرأها على شيخه ابن مرزوق الحفيد منها صحيح البخاري وإعرابه قال: …وحضرت عليه نحو الربع من إعراب القرآن وصحيح البخاري([63])… وغير ذلك من الكتب”([64]).

ومن الذين اعتنوا بهذا الشرح واعتمدوا عليه كثيرا الإمام محمد بن يوسف السنوسي في شرحه على البخاري([65]).

خاتمة:النتائج والتوصيات

أولا:النتائج:

1- تضلّع علماء الجزائر في اللغة العربية. ومؤلفاتهم شاهدة على إتقانهم للسان العربي المبين.

2_ التركيز على الشرح اللّغوي للحديث واستنباط الأحكام الشرعية والفوائد العلمية عند كل من الداودي وابن مرزوق الحفيد.

2-شرح الداودي من أهم الموارد والمصادر التي اعتمد عليها ابن حجر في فتح الباريفقد بلغت  (547 موضعا تنوعت بين شرح الألفاظ وبيان المعاني وفقه اللّغة واستنباط الأحكام ورجال السند…

3-شرح الداودي مصدر مهم من مصادر العيني اعتمد عليه في شرحه “عمدة القارئ” وقد بلغت عدد نقوله منه ( 597 ) نقلا.شرح الداودي لصحيح البخاري الموسوم بالنصيحة كان في مدينة “تلمسان” بعد شرحه للموطأ.

4_ شرح ابن مرزوق على البخاري من أهم الشروح الحديثية، قام بشرح الحفيد على مدي سنوات شفهيا ثم وفقه الله لتقييد بعض أبوابه في كتاب سماه: المتجر الربيح.

5-فضل أهل المغرب وبالخصوص أهل الجزائر وسبقهم إلى الاهتمام بالأصول وعدم اقتصارهم على الفروع كما قيل عنهم، وقد استفاد منهم أهل المشرق والمغرب والأندلس.

6-الداوديوابن مرزوق الحفيد أوتيا حظا كبيرا من الفصاحة والبلاغة كما وصفهما به المترجمون لهما.

7-الإمام الداودي وابن مرزوق الحفيد لهما إسهامات جليلة في التفسير والفقه والحديث.

8-علماء الجزائر لهم جهود كبيرة في علوم الحديث وأثرهم بارز في الشرق والغرب.

9_ تضلع علماء الجزائر في علم الحديث واللغة إلى جانب تضلعهم في الفقه والتفسير والعقيدة وغيرها من العلوم.

     ثانيا: التوصيات

ومن بين التوصيات التي نوصي بها في هذه الورقة

-مواصلة الجهود في إخراج كنوز علماء الجزائر.

-الاهتمام بجمع أقوال علماء الجزائر المبثوثة في مختلف كتب الفقه والتفسير والحديث

-الاهتمام بجمع أقوال الداودي وابن مرزوق الحفيد المبثوثة في كتب الحديث والفقه والتفسير.

-عقد مقارنة بين كل من شرح الداودي وابن مرزوق الحفيد والعيني وابن حجر.

-الاهتمام بالتنقيب على كتب الداودي وابن مرزوق الحفيد  عليهما رحمة الله وتحقيقها من غير المحقق، والاهتمام بدراسة ما حقق وطبع.

-الاهتمام بكل من الداودي وابن مرزوق الحفيد في مختلف العلوم (محدثا ومفسرا وفقيها ولغويا).

 

[1]:تاريخ المغرب: مؤنس: 2/147.

[2]: بغية الرواد: يحيى بن خلدون: 92، تاريخ المغرب: حسين مؤنس: 2/147.

[3]:البكري هو أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز البكري ت1094م، له كتاب صفة إفريقية والمغرب، قطعه من كتاب المسالك والممالك.

([4]):طبقات الحفاظ: السيوطي: 498، تذكرة الحفاظ: الذهبي: 4/1407، شذرات الذهب:ابن العماد: 5/128.مدرسة البخاري:الكتاني 1/354،

([5]):ر: ترجمته: تذكرة الحفاظ: 4/1420، طبقات الحفاظ: السيوطي:501.

([6]) : المسند الصحيح الحسن: ابن مرزوق الخطيب: 150، مدرسة البخاري:358-359.

([7])الاستقصا:3/ 206، مدرسة البخاري1/362.

([8]) :فهرس الفهارس: الكتاني:1/332-333، مدرسة البخاري: 1/362.

([9]): عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء ببجاية: أبو العباس الغبريني، 41-42، تحقيق عادل نويهض، منشورات دار الآفاق الجديدة بيروت.

([10]):توجد نسخ منه في تركيا، اسطنبول في السليمانية قيل: إنه بخط المؤلف.

([11]): المجموع:ابن مرزوق: ورقة 50، تلمسان في العهد الزياني : د/ عبد العزيز فيلالي:2/443، كفاية المحتاج:352، البستان: ابن مريم:189.

([12]): وهذا الشرح توجد نسخة منه في قسم المخطوطات بالحامة الجزائر تحت رقم:2726.

([13]):تلمسان في العهد الزياني: عبد العزيز فيلالي 2 /444

([14]):وهذا الشرح يسمى التنقيح شرح الجامع الصحيح، قام بضبطه وتحقيقه رضوان جامع رضوان، نشر الجزء الأول منه في مصر قامت به مطبعة الهيئة المصرية للكتاب في سنة 2002 .

([15]) فهرست الرصاع، أبو عبد الله محمد الأنصاري، تحقيق وتعليق محمد العنابي، ص: ق، المكتبة العتيقة، تونس.

([16]): مخطوطات مغربية في علوم القرآن والحديث:محمد المنوني:53 (مجلة دار الحديث الحسنية، عدد 3 (1402-1982، الشروح المغربية لصحيح البخاري:127-152.

([17]) معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان لعبد الرحمن الأنصاري الدباغ(تـ696ه).

([18]) ر: موسوعة أحمد بن نصر الداودي  لعبد العزيز دخان (1/46)، طبعة خاصة/ 2013م، دار المعرفة الدولية للنشر والتوزيع.

([19]) المسيلة بناها علي بن حمدون  المعروف بابن الأندلسية بأمر من الخليفة الفاطمي الثاني الذي يعود أصله إلى بني حمدون الذين حكموا الأندلس ولعلّ سبب تسمية المسيلة بهذا الاسم هو بالنسبة إلى اسم الوادي الذي يقطعها فهو الذي كان يسمى نهر المسيلة ثم سميت نسبة إليه.وقالابنسعيد: ومدينةمسيلةمحدثةبناهاالخلفاءالفاطميونخلفاءمصر،ولهانهريمربغربيهاويغوصفيالصحاريوالرمال،وهيفيشماليبسكرةقالفيالعزيزي: ومدينةالمسيلةمحدثةأحدثهاالقائمباللهالفاطميسنةخمسعشرةوثلاثمائة،وسماهاالمحمدية.ومدينةمسيلةحسنةكثيرةالأشجاروالثمار،ومياههاعذبة،وبينمسيلةوقسطينةجبلمتصل. ر: “تقويمالبلدان (ص: 158-159)، مكتبة الثقافة الدينية/ط1/1427ه.

([20])ومَسِيلَةُ،كسَفينَةٍ: مدينةٌبالمَغربِ،مِنْهَاأَبُوالعبّاسِأحمدُبنمُحَمَّدبنحَربٍالمَسيلِيُّالمَغْرِبيُّ،قدقَرَأَعَلَيْهِعبدُالعزيزِالسُّماقِي،وَمِيممَسيلَةأصليّةٌ،وَيُقَالأَيْضا: مَزيلَةُبالزاي،وَهِيفِيالأصلِاسمُقبيلةٍمنالبَرْبَر.(تاج العروس 30/405.)(تاج العروس 30/405.) زارها ابن خلدون أثناء رحلاته ووصف المنطقة الواقعة بها فقال في تاريخه:

ومابينبلادهذهوالجبالالتيهيسياجالتلولبسائطمتلوّنمزاجهاتارةبمزاجالتلول،وتارةبمزاجالصحراء،بهوائهاومياههاومنابتها. وفيهاالقيروانوجبلأوراسمعترضوسطها،وبلادالحضنةحيثكانتطبنةمابينالزابوالتل،وفيهامغرّةوالمسيلة،وفيهاالسرسوقبلةتلمسانحيثتاهرت …” تاريخ ابن خلدون(6/ 132)،تحقيق خليل شحاذة دار الفكر ، بيروت، ط2/1408-1988م.

([21]) ر: الصلة لابن باشكوال(1/52).

([22]) فهرسة ابن خير

([23]) ر: ترتيبالمداركوتقريبالمسالك (7/ 104).

([24])ترتيبالمداركوتقريبالمسالك (7/ 103):”…أنهكتبإلى علماء المغرب ينتقد مكوثهم مع العبيديينفأجابوهأسكتلاشيخلك،أيلأندرسهكانوحده،ولميتفقهفيأكثرعلمهعندإماممشهور،وإنماوصلالىماوصلبإدراكه…”

([25]) لأن الداودي أنكر على علماء القيروان عدم خروجهم منها عندما سيطر عليها العبيديون (الشيعة الإسماعيلية) غير أن علماء القيروان كان لهم رأي آخر فلو خرجوا لفتن العامة وتشرقوا  وكان علماء المغرب يلقبون العبيديين بالمشارقة لقدومهم من المشرق

([26])تعريف الخلف برجال السلف: محمد الحفناوي: 2/100، تحقيق شترة ، دار كردادة للنشر والتوزيع ط1/1433-2012م

([27])ترتيبالمداركوتقريبالمسالك (7/ 104)

([28]) ر: تاريخ الإسلام للذهبي(28/82).

([29])  الصلة لابن باشكوال(1/51).

([30]) ر: تاريخ الإسلام للذهبي(28/82).

([31])فهرسة ابن خير الإشبيلي (تـ575ه)، ص(391-392) تحقيق محمد منصور، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1/1419-1998ه.

([32])فهرسة ابن خير الإشبيلي(76).

([33]) ر: تاريخ الإسلام للذهبي(28/56).

([34]) ر: الديباجالمذهبفيمعرفةأعيانعلماءالمذهب (1/ 166).

([35]) ترتيبالمداركوتقريبالمسالك(7/ 102)، ت سعيد اعراب 1981-83، مطبعة فضالة، المغرب، طبعة 1.

([36]) ر: الديباجالمذهبفيمعرفةأعيانعلماءالمذهب (1/ 165)

([37])فهرسة ابن خير الإشبيلي(76).

([38])ر: موسوعة الداودي (1/145).

([39])فتح الباري:2/434)

([40])فتح الباري:12/182)، موسوعة الداودي 1/141

([41])فتح الباري 8/268 ،موسوعة الداودي 1/140.

([42])الشفابتعريفحقوقالمصطفى – محذوفالأسانيد (2/ 364).

([43])موسوعة الداودي (1/143)، عبد العزيز دخان.

([44])  فتحالباريلابنحجر (1/ 92).

([45])  فتحالباريلابنحجر (1/134).

([46]) ر: موسوعة الإمام العلامة أحمد بن نصر الداودي،عبد العزيز دخان (1/95-96).

[47] : لقد لقب ابن مرزوق بالعجيسي لأن أسرته كانت تنتسب  إلىالعجيسة وهي قبيلة بربرية من زناتة معروف مكانها منها .ر: المجموع لابن مرزوق:1 (المخطوط).

 

[48] نيل الابتهاج التنبكتي308 ، البستان 206 ، النفح 5/425 .

[49] : الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة: ابن حجر: 3: 360-362.

[50]: المجمع المؤسس: 514 (ملحق)، البستان:ابن مريم:209.

[51] : نيل الابتهاج : 309 ، كفاية المحتاج: التنبكتي:396/ط1-1422/2002 دار ابن حزم.

[52] : ترجمته نيل الابتهاج: 206.

[53] : ذكر الونشريسي وفاته (ابن القلشاني) سنة 848هـ وكذا التنبكتي في الكفاية: 230)و السخاوي:6/137 لكن الذي حققه صاحب الحلل السندسية في1/606 أنه توفى سنة 847هـ، وذلك بعد مرض طويل.

[54] : ثبت أبي جعفر البلوي:104-105، نفح الطيب: 2/693،فهرس الفهارس: عبد الحي الكتاني:2/314 المطبعة الجديدة عدد:11 /1347معجم مشاهير المغاربة:أبو عمران الشيخ: 441.

[55] : غنية الواجد: الثعالبي :13، وفي كفاية المحتاج: 397 عنوانه: روضة الأولياءفي شرح التهذيب.

([56])ر: باب حدثنا أبو اليمان…

([57]) المتجر: 2/62، باب “فإن تابوا”.

([58]) المصدر نفسه 2/62ر.

([59]) المتجر: 1/باب من باب إن الإيمان هو العمل.

([60]) باب علامة الإيمان حب الأنصار.

([61]) الباب نفسه.

([62]) ثبت البلوي: 294.

([63]) ربما تضمنه قوله: “صحيح البخاري” لأنه قال: حضرت عليه صحيح البخاري” (رحلة القلصادي: 96).

([64]) المصدر نفسه: 97.

([65]) شرح السنوسي على البخاري، توجد نسخة منه في مكتبة الحامة بالجزائر تحت رقم 2726، والنسخة بها خروم، وهذا الشرح لم يكمله، وصل في شرحه إلى باب من استبرأ لدينه.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.