“موجبات تخلف العلوم الإسلامية، وسبل إصلاحها بين العلامة ابن خلدون والإمام ابن عاشور” – د. أنس القرباص -المغرب-
بسم الله الرحمن الرحيم
بحث مقدم لمجلة الربيئة الجزائرية
عنوان البحث:
“موجبات تخلف العلوم الإسلامية، وسبل إصلاحها
بين العلامة ابن خلدون والإمام ابن عاشور“
د. أنس القرباص
(دكتوراه في المنطق وأصول الفقه)/المغرب
تمهيد:
إن النظر في المعارف والعلوم والبحث في إشكالاتها وعللها، وكيفية إصلاحها وتجديدها، غدَا أمراً ضرورياً لدى كثير من المفكرين والباحثين والدارسين؛ ذلك أن العلوم مهما اختلفت أنواعها وأصنافها، وتعددت مجالاتها وتخصصاتها، تمر عبر ثلاثة أطوار: طور النشأة والتأسيس، وطور القوة والتطور، وطور الضعف والجمود؛ مما يستدعي حينئذ، وجوبَ إحيائها وتجديدها، وردها إلى سابق عهدها.
ولا عجب في أن المعارف والعلوم تمر بهذه المراحل والأطوار، فهي من هذه الناحية تشبه الإنسان –الذي أنشأها وأسسها– في مراحل حياته وأطوار عمره، إذ هي صادرة عن فكره ونظره وبحثه، وهي من ناحية أخرى، تخضع لوصف أساسي متعلق بطبيعة الإنسان وهو التغير، فإذا كان الإنسان نفسه يتغير ويتبدل، فإن تغير ما يصدر عنه من معارف أو علوم هو من باب أولى.
وليست العلوم الإسلامية والشرعية بمنأى عن هذه الصيرورة الطبيعية؛ إذ هي الأخرى تمر بالمراحل ذاتها، وتسلك الأطوار نفسها، وإذا كان الأمر كذلك، فإنه لا مناص اليوم ولا مفر من النظر في إشكالات العلوم الإسلامية، والبحث في سبب جمود بعضها، مع التنقيب والتفتيش عن سبل علاجها وطرق مداواتها.
فما أسباب تأخر العلوم الإسلامية ؟ وما الطريق الصحيح إلى إصلاحها وتجديدها ؟
هذا ما سنحاول أن نجيب عنه في هذه الورقة، من خلال بحثِ رأي علَمين من أعلام الفكر الإسلامي في هذه القضية، وهما: العلامة ابن خلدون، والإمام ابن عاشور، وذلك عبر الخطة التالية:
– تمهيد.
– المبحث الأول: أسباب تخلف العلوم الإسلامية وسبل إصلاحها عند ابن خلدون.
– المبحث الثاني: أسباب تخلف العلوم الإسلامية وسبل إصلاحها عند ابن عاشور.
– خاتمة، وفيها أهم الخلاصات.
المبحث الأول: أسباب تخلف العلوم الإسلامية وسبل إصلاحها عند العلامة ابن خلدون.
أ– أسباب تخلف العلوم الإسلامية عند العلامة ابن خلدون.
من المعلوم عند الباحثين أن الإمام ابن خلدون يعد المؤسس الفعلي لعلم الاجتماع الإنساني، أو لعلم العمران البشري، وقد حدد ابن خلدون مباحث هذا العلم الذي أنشأه وأسسه، فحصر أجزاءه في ستة أمور(1)، هي:
1- العمران البشري على وجه الإجمال.
2- العمران البدويّ وذكر القبائل والأمم الوحشيّة.
3- الدّول والخلافة والملك، وما اتصل بها.
4- العمران الحضريّ والبلدان والأمصار.
5- الصّنائع والمعاش والكسب.
6- العلوم ووكيفية اكتسابها وطرق تعلّمها.
وما يهمنا نحن في هذا البحث، هو الجزء الأخير المتعلق بالعلوم، فابن خلدون باعتباره عالمَ اجتماعٍ أو فيلسوفَ تاريخٍ، تطرق في مقدمته الشهيرة إلى الحديث عن العلوم التي كانت واقعةً في عهده وعصره؛ وذلك باعتبار أن العلم هو أمر طبيعي في العمران البشري والاجتماع الإنساني، فالإنسان تميّزَ عن سائر الحيونات بالفكر، وعن هذا الفكر الذي تميز به الإنسان، نشأت المعارف والعلوم وأُسست وبنيت.
ولأجل هذا، قام ابن خلدون بدراسة علوم عصره، فأرخ لها، وحلل مناهجها، وسبر أغوار طرقها ومسالكها، وكشف عن مختلف أطوارها وأحوالها وتغيراتها، وبحث َكذلك في أسباب تأخرها وتقهقرها، كما قدم حلولاً لمعالجتها وإصلاحها، لتستطيع أداء مهمتها ووظيفتها.
ويقرر ابن خلدون في هذذا الصدد أن هنالك العديد من الأسباب والعلل التي تفضي إلى تأخر العلوم وتراجعها عن تحقيق غاياتها ومقاصدها، وأبرز هذه الأسباب:
1- تناقص العمران والحضارة وانقطاع سند التعليم في الدول.
يربط ابن خلدون ازدهار العلوم وانحطاطها بازدهار العمران وانحطاطه، فإذا كان العمران الحضاري مزدهرا في الدولة، فإن العلوم والمعارف ستكون فيها مزدهرةً كذلك، والشيء نفسه يقال عما إذا كان العمران الحضاري منحطّاً في الدولة، فإن المعارف والعلوم فيها ستكون منحطة أيضاً، تبعاً لانحطاط العمران والحضارة.
ويمثل ابن خلدون لهذا الأمر، بما آل إليه الوضع العلمي والمعرفي في بلاد المغرب والأندلس في العصور المتأخرة، فيقول: “اعلم أنّ سند تعليم العلم لهذا العهد قد كاد ينقطع عن أهل المغرب باختلال عمرانه وتناقص الدّول فيه، وذلك أنّ القيروانَ وقرطبةَ كانتا حاضرتي المغرب والأندلس، واستبحر عمرانهما، وكان فيهما للعلوم والصّنائع أسواق نافقة وبحور زاخرة، ورسخ فيهما التّعليم لامتداد عصورهما وما كان فيهما من الحضارة، فلمّا خربتا، انقطع التّعليم من المغرب إلّا قليلا كان في دولة الموحّدين بمراكش مستفادا منها“(2).
فاختلال العمران وخراب الحضارة، هو من أهم أسباب تخلف العلوم وتراجعها حسب ابن خلدون.
ومما يترتب على اختلال العمران ونقصان الحضارة في الدول، انقطاع سند العلم والتعليم فيها؛ فعندما تعرف الدول توازناً عمرانيا وكمالا حضاريا، يكون التعليم في مثل هذه الدول تعليماً نافعاً؛ لأنه في مثل هذا الحال يكونُ تعليماَ ذا طبيعة إسنادية اتصالية، فاللاحق يأخذ من المتقدم، والمتقدم يأخذ عمن سبقه، وهكذا حتى يتحقق الاتصال والإسناد في العلم.
وتكمن أهمية الاتصال العلمي أو السند المعرفي في تدريس العلوم والمعارف، في كونه يوصل إلى اكتساب الملكة العلمية وتحصيلها، ويساعد كذلك على الحذق في العلوم والتمكن منها، أما عند انعدامه وفقدانه يصير امتلاك الملكة العلمية واكتسابها أمراً في غاية الصعوبة، وهذا ما وقع بالضبط لحواضر المغرب، حيث “بقيت فاس وسائر أقطار المغرب خلوا من حسن التّعليم من لدن انقراض تعليم قرطبة والقيروان، ولم يتّصل سند التّعليم فيهم، فعسر عليهم حصول الملكة والحذق في العلوم“(3).
والشيء نفسه يقال عن أهل الأندلس، حيث إن العلوم والمعارف نقصت وتراجعت في بلدتهم “لتناقص عمران المسلمين بها منذ مئين من السّنين، ولم يبق من رسم العلم فيهم إلّا فنّ العربيّة والأدب، اقتصروا عليه وانحفظ سند تعليمه بينهم فانحفظ بحفظه، وأمّا الفقه بينهم فرسم خلو وأثر بعد عين، وأمّا العقليّات فلا أثر ولا عين، وما ذاك إلّا لانقطاع سند التّعليم فيها بتناقص العمران“(4).
وهذا الذي قيل عن فاس والأندلس، ينطبق أيضا على جل العواصم العلمية المشهورة(5)، مثل بغداد، والبصرة، والكوفة، والقيروان، وغيرها؛ وذلك أن هذه المدن العلمية حينما كانت الحضارة فيها مزدهرة ومتقدمة، كانت العلوم الصادرة عن أهل هذه المدن تتسم على وجه الإجمال بالإبداع والابتكار والتميز، ولما نقصت الحضارة وتقلص العمران في هذه المدن، ضعفت الحركة العلمية والفكرية فيها تبعاً لضعف العمران واضمحلال الحضارة.
وعلى العموم، فإن نقصان العمران، وتقلص الحضارة، وانقطاع السند العلمي في الدول، تفضي إلى تراجع المعارف والعلوم وتأخرها وتقهقرها.
2. عدم الالتزام بالمجال العلمي للعلم.
يرى ابن خلدون أن من بين الأسباب الموجبة لتأخر المعارف والعلوم وتخلفها، عدم الالتزام بالمجالات العلمية وبالحدود الطبيعية للعلم،؛ ذلك أن العالم قد يعمد إلى التأليف في علم من العلوم أو في فن من الفنون، ويكون لهذا العلم أو الفن مجال محدد وميدان معينٌ، فيقوم هو بإدخال مسائل أو قضايا تنتمي إلى علم آخر –له ماهيته وطبيعته التي تميزه–، فيضيفها إلى العلم الأول ويدرجها في ثناياه ومباحثه، فيقع التشويش ويحصل الالتباس والاضطراب في موضوع العلم وفي قضاياه ومسائله.
ويظهر هذا الإشكال جليا عند المصنفين المتأخرين في علم الكلام؛ حيث إنهم خلطوا قضايا علم الكلام بقضايا الفلسفة، فالتبست “مسائل الكلام بمسائل الفلسفة بحيث لا يتميّز أحد الفنّين من الآخر، ولا يحصل عليه طالبه – يعني علم الكلام– من كتبهم كما فعله البيضاويّ في الطّوالع ومن جاء بعده من علماء العجم في جميع تآليفهم“(6).
ونص الإمام ابن خلدون في هذا السياق على أن المتكلمين المتأخرين خلطوا “مسائل علم الكلام بمسائل الفلسفة لاشتراكهما في المباحث، وتشابهَ موضوع علم الكلام بموضوع الإلهيّات ومسائله بمسائلها، فصارت كأنّها فنّ واحد..، وصار علم الكلام مختلطا بمسائل الحكمة وكتبه محشوّة بها، كأنّ الغرض من موضوعهما ومسائلهما واحد، والتبس ذلك على النّاس وهو صواب؛ لأنّ مسائل علم الكلام إنّما هي عقائد متلقّاة من الشّريعة كما نقلها السّلف من غير رجوع فيها إلى العقل ولا تعويل عليه“(7).
فالواجب في التأليف العلمي، احترام تخصص العلم ومجاله ونطاقه، لأنه إذا لم يحترم مجال العلم ومجاله ونطاقه، فإن ذلك سيؤدي إلى حصول الالتباس في أجزائه، ووقوع الخلل والاضطراب في مضامينه، لاسيما إذا كانت القضايا العلمية التي أدرجت فيه تنتمي إلى بيئة علمية لها مرجعياتها ومنطلقاتها وأسسها الخاصة بها، كما هو الحال بالنسبة للفلسفة اليونانية مع علم الكلام.
3- الاعتماد في العلم –الذي تعددت مآخذه– على مأخذٍ واحدٍ.
من أسباب تخلف العلوم حسب ابن خلدون، الاعتماد في العلم –الذي يحتاج إلى مآخذ متعددة، ومسالك متنوعة–، على مأخذٍ واحدٍ، ومسلك منفردٍ؛ ذلك أن العلوم ليست على نمط موحد في طرقها ومسالكها وآلياتها، إذ من العلوم من يحتاج بطبيعته وبحكم موضوعه ومجاله إلى معارف مختلفة وطرق متنوعةٍ ليحقق غايته، وليصل إلى هدفه.
وذلك كعلم التاريخ، فإن هذا العلم لا يحقق وظيفته وغايته إلا بالاعتماد على “مآخذ متعدّدة ومعارف متنوّعة وحسن نظر وتثبّت يفضيان بصاحبهما إلى الحقّ وينكّبان به عن المزلّات والمغالط“، وذلك لأنّ الأخبار كما يقول ابن خلدون “إذا اعتمد فيها على مجرّد النّقل، ولم تحكم فيها أصول العادة وقواعد السّياسة، وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنسانيّ، ولا قيس الغائب منها بالشّاهد والحاضر بالذّاهب، فربّما لم يُؤمن فيها من العثور ومزلّة القدم، والحيد عن جادّة الصّدق“(8).
فاتباع مأخذ نقل الأخبار والأحداث في التاريخ، لا يكفي لتحقيق مقصد العلم وغايته، فلا بد للمؤرخ –بعد نظره في سند النقل أو الخبر– أن ينظر في مضمون الخبر، وفي متن النقل، فيعرضه على القواعد العلمية التي تفيد التثبت من الأخبار، ويحاكمه إلى الأسس المنهجية التي تساعد على التأكد من الوقائع والأحداث، فيكون عمل المؤرخ هنا أشبه بعمل المحدث، إذ المحدث الحصيف لا يكتفي بمجرد دراسة الأسانيد ورجال الحديث، بل إنه يدرس كذلك متن الحديث ومادته، ويعرضها على الأصول الكلية والمبادئ العامة، ويحاكمها إلى بقية النصوص الأخرى، ليتأكد من صحة مضمون الحديث، وسلامة متنه من الشذوذ والعلل؛ وذلك لأن صحة السند لا تسلتزم صحة المتن، إذ لا تلازم بين الأمرين.
وهذا الذي قيل على النقل الحديثي، ينطبق أيضا على النقل التاريخي، فلابد للمؤرخ من أن ينظر في مادة النقل ومتنه؛ لأنه إذا لم يفعل ذلك فإنه سيقع له مثل “ما وقع للمؤرّخين والمفسّرين وأئمّة النّقل من المغالط في الحكايات والوقائع، لاعتمادهم فيها على مجرّد النّقل غثّا أو سمينا، ولم يعرضوها على أصولها، ولا قاسوها بأشباهها، ولا سبروها بمعيار الحكمة، والوقوف على طبائع الكائنات، وتحكيم النّظر والبصيرة في الأخبار، فضلّوا عن الحق وتاهوا في بيداء الوهم والغلط“(9).
4- كثرة المصنفات في العلم واختلاف أصحابه في الطرق والاصطلاحات.
يرى ابن خلدون أن من أسباب تأخر العلوم ومن موجبات تراجعها عن تحقيق مقاصدها: كثرة التصنيفات والتآليف في العلم الواحد، واختلاف أصحابه في الطرق والمسالك وفي الألفاظ والاصطلاحات؛ ذلك أن العلم إذا تعددت تصانيفه، وتشعبت طرقه ومسالكه، واختلفت ألفاظه واصطلاحاته، فإنه يصعب على طالبه ومريده حينئذ أن يدركه ويحصّله، ويحيط به ويحقق الملكة فيه.
وقد مثل ابن خلدون لهذا الإشكال بعلم الفقه(10)، فطالب الفقه إذا أراد مثلاً تحصيل الفقه المالكي والإحاطه به، فإنه يجب عليه أن يدرس الكتب الفقهية المدونة الأصلية أولا، ويدرس شروحاتها ثانياً، مثل كتاب الجامع لابن يونس، والتبصرة للخمي، والمقدمات الممهدات، والبيان والتحصيل لابن رشد الجد، والتنبيهات للقاضي عياض، وغيرها، ثم بعد ذلك ينبغي له أن يميز بين مدراس المالكية وطرقهم في الفتوى والاستدلال (المدرسة المغربية، والأندلسية، والعراقية، والمصرية..الخ)، فيشتغل طالبه الفقه بهذه التفريعات والتشعبات، فلا يحصّل الملكة الفقهية، ولو أراد تحصيلها، لكان يكفيه أن يدرس القضايا المذهبية على انفراد، دون أن يخوض في هذه التفصيلات والتشعبات؛ لأنها تصرفه عن تحقيق الملكة العلمية المقصودة من العلم.
5- التركيز على الألفاظ والمباني لا على المقاصد والمعاني.
من أسباب تخلف العلوم، الاهتمام فيها بالمباني في مقابل المعاني، ذلك أن التركيز على المباني وإهمال المعاني يؤدي إلى حصول الخلل في العلم والتعليم، ولهذا عاب ابن خلدون على أصحاب المختصرات صنيعهم في التأليف، فبين أن العلماء المتأخرين مولعون بالاختصار والإيجاز، وأنهم يعملون على حشو الألفاظ القليلة بالمعاني الكثيرة، وذلك في نظره يفضي إلى الإخلال بالتحصيل، وهو أيضاً “فيه مع ذلك شغل كبير على المتعلّم، بتتبّع ألفاظ الاختصار العويصة للفهم بتزاحم المعاني عليها، وصعوبة استخراج المسائل من بينها؛ لأنّ ألفاظ المختصرات تجدها لأجل ذلك صعبة عويصة فينقطع في فهمها حظ صالح من الوقت“(11).
فكتب المختصرات لا تنمي الملكة العلمية عند ابن خلدون، لأن القارئ لها يبذل جل وسعه في تحليل الألفاظ وتفكيك العبارات، ولا يستفرغ طاقته في موضوع العلم وفي قضاياه ومسائله.
فهذه بعض العلل التي رأى ابن خلدون أنها توقع العلوم الإسلامية في التخلف والتقهقر والضعف.
ب– سبل إصلاح العلوم الإسلامية عند ابن خلدون.
إن الناظر في تراث الإمام ابن خلدون، والمتأمل في كلامه، والمتدبر في نصوصه وأقواله، يمكن أن يستنبط ويستخلص منها مجموعة من التوجيهات والإرشادات التي تضيء الطريق لمن رام اقتحام طريق إصلاح العلوم الإسلامية، وتجديدها وإحيائها.
ويمكن أن نجمل هذه التوجيهات الإصلاحية، والإرشادات التجديدية، فيما يلي:
1- ازدهار الحضارة والعمران شرط أساسي لازدهار العلوم.
يقرر ابن خلدون –كما رأينا سابقاً– أن المعارف والعلوم مرتبطة بالحضارة والعمران من جهتي ازدهارهما وانحطاطهما، ذلك أن الانحطاط الحضاري والتناقص العمراني يؤثران سلباً على العلوم والمعارف، كما أن التقدم الحضاري والازدهار العمراني يؤثران إيجاباً على العلوم والمعارف، فالعلوم إنما تزدهر حيث تكون الحضارة مزدهرة، أو بتعبير ابن خلدون: “العلوم إنما تكثر حيث يكثر العمران وتعظم الحضارة“، ويعلل ابن خلدون هذا الرأي ببيانه أن “السّبب في ذلك أنّ تعليم العلم هو من جملة الصّنائع، والصّنائع إنّما تكثر في الأمصار، وعلى نسبة عمرانها في الكثرة والقلّة والحضارة والتّرف تكون نسبة الصّنائع في الجودة والكثرة؛ لأنّه أمر زائد على المعاش، فمتى فضلت أعمال أهل العمران عن معاشهم، انصرفت إلى ما وراء المعاش من التّصرّف في خاصيّة الإنسان وهي العلوم والصّنائع“(12).
وهذا التعليل الخلدوني هو في غاية الدقة؛ فإذا كان العلم صناعةً، فإن:
– الصناعات تزدهر عادة في المدن والأمصار المليئة بمظاهر الحضارة وأشكال العمران.
– الإنسان مهما كانت طبيعته، فإنه يسعى بمقتضى طبيعته وفطرته إلى تحصيل معاش حياته قبل أي شيء آخر، ثم إذا حصل معاشه، فإنه بعد ذلك يبحث في الأمور الزائدة عن الحياة والمعاش، كالصنائع العلمية والعملية، ومقتضى هذا أن الحالة المادية والمعيشية للإنسان إن كانت متدهورة، فإنها تؤثر تأثيراً سيئاً على إبداعه الفكري وعطاءه العلمي.
2- مرعاة مقاصد التأليف المعتبرة.
يؤكد ابن خلدون، أن التصنيف في المعارف والعلوم، لكي يكون نافعاً ومفيداً وناجعاً، لابد فيه من مرعاة مقاصد التأليف المعتبرة، وهي محصورة في مقاصد سبعة(13):
– أولها: (التأسيس) تأسيس العلم واستخلاص موضوعه ومجاله، وتحديد فصوله وأبوابه، كما فعل ابن خلدون في علم العمران البشري / علم الاجتماع الإنساني.
– ثانيها: (الشرح والبيان) شرح المستغلق وبيان الغامض والمعقد.
– ثالثها: (التصحيح) بيان الخطأ وتصحيحه وتصويبه.
– رابعها: (الإتمام والإكمال) إتمام الفن أو العلم وإكمال مسائله ومباحثه.
– خامسها: (الترتيب والتنظيم) ترتيب قضايا العلم وتنظيم أبوابه فصوله.
– سادسها: (الاستخراج) استخراج العلم من قضايا علوم أخرى، تشترك مع بعضها في الموضوع ذاته.
– سابعها: (الاختصار) اختصار المطولات وتهذيبها.
فهذه هي المقاصد السبعة التي ينبغي مراعاتها واعتبارها عند التصنيف في العلوم حسب ابن خلدون.
3- اعتبار طبيعة العلم (الآلية والقصدية).
يميز ابن خلدون بين نوعين من العلوم، علوم المقاصد: كالتفسير والحديث والفقه وعلم الكلام في الشرعيات، وكالإلهيات والطبيعيات في الفلسفيات. وعلوم الوسائل التي هي آلة لعلوم المقاصد، وذلك مثل العربية، وأصول الفقه، والمنطق، وغيرها.
ويقرر ابن خلدون أن طبيعة العلم من جهة القصدية والآلية، ينبغي أن تكون معتبرة ومرعاة عند التصنيف فيه، فعلوم الآلة يجب البحث فيها على قدر وظيفتها ومهمتها (أي من جهة كونها آلة لغيرها)، ومن ثم فلا “يوسّع فيها الكلام ولا تفرّع المسائل لأنّ ذلك مخرج لها عن المقصود إذ المقصود منها ما هي آلة له لا غير، فكلّما خرجت عن ذلك خرجت عن المقصود، وصار الاشتغال بها لغوا، مع ما فيه من صعوبة الحصول على ملكتها بطولها وكثرة فروعها، وربّما يكون ذلك عائقا عن تحصيل العلوم المقصودة بالذّات لطول وسائلها مع أنّ شأنها أهم،ّ والعمر يقصر عن تحصيل الجميع على هذه الصّورة، فيكون الاشتغال بهذه العلوم الآليّة تضييعا للعمر وشغلا بما لا يغني“(14).
وأما علوم المقاصد، فإن ابن خلدون لا يرى بأساً في تعميق البحث فيها، وتوسيع النظر في أجزائها ومضامينها؛ لأن هذا العلوم مطلوبة ومقصودة لذاتها، ومن ثم من الخطإ عنده توسيع النظر في علوم الآلة، وتضييقه في المقابل في علوم الغاية؛ لما في ذلك من خروج عن طبيعة العلم ومهمته ووظيفته.
4- اجتناب علل تخلف العلوم وأسباب تأخرها.
إن من بين سبل إصلاح العلوم الإسلامية ومن طرق علاجها عند ابن خلدون، الابتعاد عن العلل والأمراض المنهجية التي التصقت ببعض العلوم وتسربت إليها، وأبرز هذه العلل:
– عدم الالتزام بالمجال العلمي للعلم، وذلك بإدخال مسائل أو قضايا في العلم، تنتمي إلى علم آخر –له ماهيته وطبيعته التي تميزه–، فتضاف إلى العلم الأول وتدرج في ثناياه ومباحثه، فيقع التشويش ويحصل الالتباس والاضطراب في موضوع العلم وفي قضاياه ومسائله.
– الاعتماد في العلم المتعدد المآخذ على مأخذٍ واحدٍ، وإهمال المآخذ الأخرى، مما يمنعه من تحقيق غايته والوصول إلى مراده.
– كثرة التصنيفات والتآليف في العلم الواحد، واختلاف طرقه ومسالكه، وتنوع ألفاظه واصطلاحاته؛ فالعلم إذا تعددت تصانيفه، وتشعبت طرقه ومسالكه، واختلفت ألفاظه واصطلاحاته، فإنه يصعب على طالبه ومريده حينئذ أن يدركه ويحصّله، ويحيط به ويحقق الملكة فيه.
– التركيز على الألفاظ والمباني لا على المقاصد والمعاني، كما فعل بعض أصحاب المختصرات في العلوم.
المبحث الثاني: أسباب تخلف العلوم الإسلامية وسبل إصلاحها عند الإمام ابن عاشور.
أ– أسباب تخلف العلوم الإسلامية عند الإمام ابن عاشور.
يُرجع الإمام الطاهر بن عاشور الأسباب العامة لتأخر العلوم الإسلامية وتخلفها، إلى سببين رئيسيين(15)، أولهما: إدراج بعض القضايا التي لا يحتاج إليها في العلم، وإن ظهرت وبدت في هيئة العلم وصورته، وثانيهما: إهمال قضايا علمية ومسائل مهمة يحتاج إليها في العلم.
أما السبب الأول وهو إدراج قضايا زائدة في العلم، ليست من صلبه ولا من ملحه، فقد نص عليه الإمام الشاطبي في الموافقات في العديد من المناسبات، منها قوله في المقدمة الرابعة عن أصول الفقه: إن “كل مسألة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية، أو آداب شرعية، أو لا تكون عونا في ذلك؛ فوضعها في أصول الفقه عارية“(16).
وعموما، يمكن إرجاع السببين السابقين إلى سبب واحد، وهو “الزيادة والنقصان في العلم“، فهذا هو السبب الرئيس لتأخر العلوم الإسلامية وتخلفها، حسبما قرره الشيخ ابن عاشور.
ويتفرع عن هذا السبب العام، أسباب فرعية كثيرة، وأهم هذه الأسباب: (17)
1- الأثر السلبي الكبير الذي خلفه انهيار الدولة العباسية وعاصمتها العلمية بغداد، في نفوس العلماء والفقهاء والمفكرين، فتوقف بذلك البحث العلمي المتصف بالإبداع والعطاء والتميز، وانحبس النظر والبحث فيما قرره الأقدمون.
2- تشابك العلوم وإدماج بعضها ببعض، ولاسيما علم الكلام والفلسفة؛ إذ نجد امتداد قضاياهما ومسائلهما في مختلف الفنون والعلوم، كما في علم المنطق مثلا؛ حيث نظر العلماء في وجه لزوم النتيجة للمقدمات، هل هو عقلي كما يقول المناطقة، أم عادي كما يقول الأشاعرة، أو بالتولد كما يقول المعتزلة، ولا يخفى أن هذا الخلاف مبني على أسس المرجعيات الكلامية المختلفة لتلك الفرق.
3- عدم تركيز المصنفين على فن واحد (تخصص) في التصنيف، ورغبة بعضهم في المشاركة في مختلف العلوم، مما جعل تصانيف وتآليف أغلبهم، مختلطة بمعارف وقضايا لها صلة بعلوم أخرى، فلا هم أتقنوا علماً واحداً نبغوا فيه، ولا هم أتقنوا جميع العلوم، وذلك لحدود الزمان، وضيق الأعمار.
4- الانبهار بكلام المتقدمين والإعجاب المطلق بآرائهم وأفكارهم، واعتقاد أن الصواب محصور فيما رأوه لا يجاوزهم إلى غيرهم، وتنزيهم عن الغلط والخطإ، مع إهمالِ إعمالِ التمحيص والكشف والنقد والتقويم، لمختلف مقالاتهم وآرائهم.
5- انعدام النقد العلمي والاكتفاء بالتقليد الفكري، وهو نتيجة طبيعة لما سبق ذكره من الأسباب السابقة، من حب المشاركة في مختلف العلوم، ومهابة مخالفة المتقدمين، فإن ذلك يؤدي إلى العزوف عن النقد، والاتكاء على مجرد النقل والتقليد.
6- “سلب الحرية عن العلوم“، وذلك بحصر وظيفة العلم عند العامة والأكثرية في نقل كلام السلف والمتقدمين، واعتبارهم أن وظيفة العلم، إنما هي حصراً خدمة كلام الأولين بالشرح والبيان والإسهاب والتفصيل والتطويل، دون التفكير في إعمال الرأي والنقد والتقويم والمراجعة، وغير ذلك.
7- غياب البعد العملي والتطبيقي في العلوم، ذلك بترك الدربة والتمرن على المسائل العلمية والقضايا المعرفية، حتى صارت العلوم علوماً ذات طابعٍ نظري، وصبغةٍ تجريدية محضة، لا عمل فيها ولا تطبيق، ولا تنزيل ولا تمثيل، فتُدرس لذاتها ولنفسها، وينطبق هذا الأمر بشكل واضحٍ على العلوم اللغوية والعلوم العقلية.
8- احتقار العلوم الإسلامية من قبل بعض أصحاب الطرق الصوفية الذين يزدرون العلوم الكسبية ويعظمون في مقابل ذلك ويمجدون ما يسمى عندهم بالعلوم “الوهبية / الكشفية“، فاحتقر المنتسبون لهذه الطرق، العلوم التي يحصلها الإنسان بكسبه وجده واجتهاده، وعظموا العلوم والمعارف التي لا مدخل للكسب والاجتهاد فيها.
9- عدم تقويم المصنفات ومراجعة التآليف من قبل المتخصصين في موضوعها ومجالها، فالمتمكن من العلم والمتخصص فيه، ينبغي له أن يقوم بهمة أخرى غير مهمته الأساسية (التأليف والتصنيف)، وهي حراسة الحدود العلمية للعلم الذي يبرع فيه، فالعلم قد يكتب فيه الدخلاء، وقد يصنف فيه الجهلاء، ومن لا صلة له به.
10- انحراف التأليف، وفساد التصنيف، وذلك بعدم مراعاة المنهج السليم في التأليف والتصنيف، وعدم تهيئة الأبواب والفصول، وحسن ترتيب الأصول والفروع، وغير ذلك.
11- توسعة هوة الاختلاف عوض تقريبها، والتشنيع على المخالف، وعدم مراعاة الخلاف.
فهذه أهم الأسباب العامة التي اعتبرها الإمام ابن عاشور، أسباباً أدت إلى تخلف العلوم الإسلامية، وتأخرها وجمودها، وقد ذكر الشيخ أسباباً أخرى، إلا أننا أعرضنا عن ذكرها لاندراجها تحت أسبابٍ أخرى.
والمتأمل في هذه الأسباب والمتفحص فيها، يلحظ أن الشيخ ابن عاشور قد استفاد في تشخيصه العلمي هذا، من بعض النظرات الفكرية التي قدمها العلامة ابن خلدون للعلوم؛ ذلك أننا نجد تشابهاً واضحاً بين فكريْ الرجلين في بعض القضايا، منها على سبيل المثال:
– تقرير ابن خلدون أن من أهم أسباب تأخر العلوم وتخلفها، انحطاط الحضارة، وتناقص العمران في الدول، فنجد هذه الفكرة حاضرة عند الشيخ ابن عاشور، إذ يرى أن البحث العلمي المتصف بالإبداع والعطاء والتميز، توقفَ مع انهيار الدولة العباسية وسقوط عاصمتها العلمية بغداد.
– تأكيد ابن خلدون أن من أسباب تأخر العلوم وتخلفها، عدم الالتزام فيها بمجالها المقيد وبنطاقها المحدد، وذلك عبر إدخال مسائل وإدراج قضايا فيها لا صلة لها بها، فيما نجد عند الشيخ ابن عاشور أن من أسباب تأخر العلوم عنده، تشابك العلوم وإدماج بعضها ببعض، وعدم تركيز المصنفين على فن واحد (تخصص) في التصنيف، ورغبة بعضهم في المشاركة في مختلف العلوم.
ب– سبل إصلاح العلوم الإسلامية عند الإمام ابن عاشور.
بعدما بين الإمام ابن عاشور أسباب تأخر العلوم الإسلامية، وحدد العلل التي تعتريها، شرع بعد ذلك في بيان بعض الإجراءات والخطوات التي يرجى منها تحقيق التجديد المنشود والإصلاح المطلوب في المعارف والعلوم الإسلامية، ومن هذه الإجراءات والخطوات:
1- إصلاح المصنفات والمؤلفات.
يؤكد الشيخ ابن عاشور أن المدخل الأسلم لإصلاح العلوم وتجديدها، هو مدخل إصلاح التآليف والتصانيف؛ ذلك أن التآليف والتصانيف هي أوعية العلم، فالعلم إما أن يكون محفوظاً في الصدور، أو مكتوباً في السطور، أي: مدوناً ومسجلاً في الكتب؛ ولأجل هذا، فإن إصلاح العلم لا يتحقق إلا بإصلاح تصانيفه ومؤلفاته، وإصلاح التصانيف والمؤلفات هو “الخطوة الأولى، بل هو نصف المسافة من إصلاح العلوم، فما العلوم إلا معاني التآليف“(18) كما عبر عن ذلك الشيخ ابن عاشور.
2- معرفة عوائق التحصيل العلمي وتجاوزها.
لابد لمن ابتغى إصلاح العلوم الإسلامية، أن يبحث فيما يعيق تحصيلها من قبل المشتغل بها، وأن ينظر فيما يمنعها من تحقيق مقاصدها وغايتها، وأن يسعى إلى إيجاد حلول لعوائقها وإشكالاتها، وفي هذا المعنى يقول الإمام ابن عاشور: “لو كان الناس أحسنوا اختيار التآليف، ونظروا في عوائق التحصيل، فاستدركوا ناقصاً وأصلحوا مختلا، لَمَا كان التلميذ يقرأ طول زمانه، وهو عاجز عن التكلم بكلام مُعرَب، ولا كان يقرأ الأصول وهو يوم يختم المحلّى، لا يُحسن ترجيح رأي، بله استنباط حكمٍ“(19). فلابد إذن، من اختيار المؤلفات التي تحقق الملكة في العلم والتصرف فيه، ولابد أيضاً من النظر في موانع التحصيل وعوائق الكسب، والبحث عن سبل لتجاوزها.
3- الاهتمام بالمعنى مقابل المبنى.
من سبل إصلاح العلوم حسب الشيخ ابن عاشور، التركيز على معاني العلم ومضامينه ومادته، وعدم التعمق والمبالغة في تعقيد ألفاظه واصطلاحاته؛ ذلك أن بعض المتأخرين من الأعاجم – على وجه الخصوص– خرجوا في أبحاثهم ومؤلفاتهم “من جادة العلم إلى مناقشات اللفظ والتعقيدات، ومن العجب أن صار المؤلف يصرف جهده إلى أن تكون عبارته مضبوطة جارية على الصواب، لكنها غير واضحة في مراده، فكأنه يقتنع بكونها مؤدية للمراد في ذاتها، بقطع النظر عن عسر استفادة مطالعها ذلك منها“(20)، فاهتموا بالعبارة، وأهملوا الإشارة، وقد تقدم أن الإمام ابن خلدون انتقد صنيع هؤلاء الذين يركزون في التأليف على الألفاظ والمباني لا على المقاصد والمعاني.
4- اجتناب أسباب تخلف العلوم وتأخرها.
وذلك مثل:
– التطويل والإسهاب غير الضرورييْن.
– تخليط العلوم بعضها ببعض.
– الوقوف عند الأشياء التي حررها الأقدمون، ومهابة مخالفتهم.
– التقليد وانعدام النقد والتقويم.
– غلبة الطابع التجريدي على الطابع التطبيقي.
وغيرها من الأسباب.
خاتمة:
من خلال هذا البحث، توصلت إلى الخلاصات الآتية:
1. من أهم أسباب تأخر العلوم الإسلامية عند الإمام ابن خلدون: تناقص العمران والحضارة وانقطاع سند التعليم في الدول، وعدم الالتزام بالمجال العلمي للعلم، والاعتماد في العلم –الذي تعددت مآخذه– على مأخذٍ واحدٍ، وكثرة المصنفات في العلم واختلاف أصحابه في الطرق والاصطلاحات، والتركيز في العلم على الألفاظ والمباني، لا على المقاصد والمعاني.
2. إصلاح العلوم الإسلامية عند ابن خلدون، لا يتحقق إلا بازدهار الحضارة والعمران في الدول، وبمرعاة مقاصد التأليف المعتبرة، وباعتبار طبيعة العلم (الآلية/القصدية)، مع اجتناب علل تخلف العلوم وأسباب تأخرها.
3. تأخر العلوم الإسلامية حسب الشيخ ابن عاشور، راجع إلى سببين رئيسيين، أولهما: إدراج بعض القضايا التي لا يحتاج إليها في العلم، وثانيهما: إهمال قضايا علمية ومسائل مهمة يحتاج إليها في العلم.
4. من سبل إصلاح العلوم الإسلامية عند الإمام ابن عاشور: إصلاح المصنفات والمؤلفات، ومعرفة عوائق التحصيل العلمي وتجاوزها، والاهتمام بالمعنى مقابل المبنى، واجتناب الأسباب المفضية إلى تأخر العلوم وتخلفها.
والحمد لله رب العالمين.
1() انظر: ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر (تاريخ ابن خلدون)، لعبد الرحمن بن خلدون (المحقق: خليل شحادة، ط: دار الفكر، بيروت، الطبعة: الثانية، 1408 هـ – 1988 م)، 1/53.
2() انظر: تاريخ ابن خلدون، 1/544، باختصار.
3() انظر: تاريخ ابن خلدون، 1/545،
4() المصدر نفسه، 546.
5() يقول ابن خلدون في هذا الصدد: “واعتبر ما قرّرناه بحال بغداد وقرطبة والقيروان والبصرة والكوفة لمّا كثر عمرانها صدر الإسلام واستوت فيها الحضارة، كيف زخرت فيها بحار العلم وتفنّنوا في اصطلاحات التّعليم وأصناف العلوم واستنباط المسائل والفنون حتّى أربوا على المتقدّمين وفاتوا المتأخّرين. ولمّا تناقص عمرانها وابذعرّ سكّانها انطوى ذلك البساط بما عليه جملة، وفقد العلم بها والتّعليم، وانتقل إلى غيرها من أمصار الإسلام“. تاريخ ابن خلدون، 1/548.
6() تاريخ ابن خلدون، 1/591.
7() تاريخ ابن خلدون، 1/654، باختصار.
8() تاريخ ابن خلدون، ص: 13.
9() تاريخ ابن خلدون، ص: 13.
10() انظر: المصدر نفسه، 1/728.
11() انظر: تاريخ ابن خلدون، 1/733.
12() تاريخ ابن خلدون، 548، بتصرف.
13() انظر: تاريخ ابن خلدون، 1/731-732.
14() انظر: تاريخ ابن خلدون، 1/739.
15() انظر: أليس الصبح بقريب (التعليم العربي الإسلامي) دراسة تاريخية، وآراء إصلاحية، للشيخ الطاهر بن عاشور (ط: دار السلام، للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، 1427ه-2006م)، ص: 153-154.
16() الموافقات، لأبي إسحاق الشاطبي (تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، ط: دار ابن عفان، الطبعة: الطبعة الأولى 1417هـ/ 1997م)، 1/37.
17() انظر: أليس الصبح بقريب، ص: 154، وما بعدها.
وللإشارة، فقد تطرق الشيخ ابن عاشور للحديث عن أسباب تأخر كل علم على حدة، إلا أننا لم نذكرها في هذا البحث، خشية الإطالة والإكثار، ولمن أراد معرفتها فلينظر: أليس الصبح بقريب، ص: 159، وما بعدها.
18() انظر: أليس الصبح بقريب، ص: 139.
19() انظر: أليس الصبح بقريب، ص: 141.
20() المصدر نفسه، ص: 143.