حصريا

الإمام عبد الرحمن الثعالبي في الدراسات الأكاديمية د.نجيبة عابد -الجزائر-

0 1٬489

تمهيد:
تنوع الإنتاج الفكري للإمام عبد الرحمن الثعالبي الذي يعتبر حجة وإماما فقد كان رحمه الله فقيها متصوفا، زاهدا غزير العلم أثير التآليف خلف آثارا كثيرة بلغت زهاء التسعين مؤلفا في مختلف العلوم من التفسير إلى الفقه، فالتصوف والحديث، واللغة والتاريخ وغيره، وكان إبداعه في كل مجال يُحسب له، مما أدى إلى تعدد المؤلفات والدراسات حول هذه الشخصية العظيمة والفذة، وإن لم توفيه حقه بعد، وقد تناولت الدراسات الأكاديمية شخصية وكتب الشيخ الثعالبي، وألفت حوله رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه كما حُكمت عديد البحوث والمقالات التي اهتمت به وبفكره ومنهجه.
وفيما يلي عرض وقراءة لأهم الدراسات الأكاديمية المؤلفة حول الإمام الثعالبي.
المطلب الأول: دراسة إحصائية أو مسحية لأهم المؤلفات الأكاديمية التي تناولت شخصية الإمام الثعالبي وتصنيفها
تنوعت الرسائل الجامعية التي تناولت الإمام الثعالبي في مختلف الجامعات الجزائرية والعربية، وغالب الاهتمام الأكاديمي كان بتحقيق كنوز مؤلفاته، والاهتمام بتفسيره الجواهر الحسان في تفسيرالقرآن، وفيما يلي عرض لأهم وأبرز هذه الرسائل مرتبة بحسب سنوات مناقشتها ومصنفة باعتبار مجالاتها العلمية.

أولا: رسائل جامعية في التفسير:
1-عبد الرحمن الثعالبي ومنهجه في التفسير، مذكرة ماجستير للباحث سيف عبد الحق عبد الدائم، تحت إشراف د/. عبد الفتاح إبراهيم سلامة ، الجامعة الإسلامية، كلية القرآن الكريم، المدينة المنورة، 1406هـ/ 1985م.
2-عبد الرحمان الثعالبي (785-875) ومنهجه في التفسير، مذكرة ماجستير للباحث رمضان يخلف، تحت إشراف د./ مسلم آل جعفر، جامعة الأمير عبد القادر، قسنطينة، 1412هـ/ 1992م.
3-منهج ابى زيد الثعالبىفى تفسيره “الجواهر الحسان فى تفسير القران”للباحث محمد عبد الرازق محمود رسالة ماجستير جامعة الأزهر مصر 1994.
4-ما انفرد به الامام الثعالبي من الدخيل عن الكشاف للزمخشرى وتفاسير البيضاوىوالنفسىوأبى السعود للباحث السيد إسماعيل على رسالة ماجستير جامعة الأزهر 2003.
*وقد نوقشت في جامعة أم درمان بالسودان الشقيق؛ مجموعة من رسائل الماجستير تناولت كل منها مقارنة بين تفسير الجواهر الحسان للإمام الثعالبي والتحرير والتنوير للإمام ابن عاشور في جزء من القرآن :
5-تفسير الجواهر الحسان وتفسير التحرير والتنوير لابن عاشور : من أول سورة المجادلة الى خواتيم سورة الناس : دراسة مقارنة…للباحث أمين، محمد حبيبي محمد رسالة ماجستير كلية أصول الدين جامعة أم درمان الإسلامية 2013م
6-دراسة مقارنة بين تفسيري الجواهر الحسان للثعالبي وتفسير التحرير والتنوير لابن عاشور : من الآية 53 من سورة يوسف الى الآية 74 من سورة الكهف للباحثسوفرتو، اسراري رسالة ماجستير كلية أصول الدين جامعة أم درمان الإسلامية 2013م.
7-تفسير الجواهر الحسان للثعالبي وتفسير التحرير والتنوير لابن عاشور من الاية 41 الانفال الى الاية 52 من سورة يوسف : دراسة مقارنة…للباحث عبدالحافيظ، مزاني عبدالرؤوف، رسالة ماجستير كلية أصول الدين جامعة أم درمان الإسلامية 2013م.
8-تفسير الجواهر الحسان للثعالبي و تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور من أول سورة الفاتحة الى الأية 92 من آل عمران : دراسة مقارنة…للباحث بدر الدين، عماري، رسالة ماجستير كلية أصول الدين جامعة أم درمان الإسلامية 2013 م.
9-تفسير الجواهر الحسان للثعالبي وتفسير التحرير من الآية 92 من سورة آل عمران إلى الآية 82 من سورة المائدة: دراسة تحليلية مقارنة…للباحث يعقوب، إسماعيل عبد الله إبراهيم رسالة ماجستير، كلية أصول الدين جامعة أم درمان الإسلامية، 2013م.
10-تفسير الجواهر الحسان للثعالبي وتفسير التحرير والتنوير لابن عاشور من الآية 47 من سورة فصلت إلى نهاية سورة الحديد : دراسة مقارنة…للباحث الإندونيس، عبد الحنيف، رسالة ماجستير، كلية أصول الدين جامعة أم درمان الإسلامية، 2013م.
11-تفسير الجواهر الحسان للثعالبي وتفسير التحرير والتنوير لابن عاشور من الآية 81 من سورة المائدة الي الآية 40 من سورة الأنفال : دراسة مقارنة…للباحث محمد، بابكر كمال بيلو، رسالة ماجستير، كلية أصول الدين جامعة أم درمان الإسلامية، 2013م.
ثانيا: رسائل جامعية في العقيدة:
1-الشيخ عبد الرحمان الثعالبي وآراؤه الإعتقادية من خلال تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن، مذكرة ماجستير للباحث دحمون عبد الرزاق، تحت إشراف د/. جيدل عمار، جامعة الجزائر، كلية العلوم الإسلامية، 1422ه/ 2002م.
2-آراء الشيخ عبد الرحمن الثعالبي الاعتقادية من خلال تفسيره (الجوهر الحسان) عرض ونقدللباحث كعبي، علي بن يحيى رسالة ماجستير كلية الدعوة وأصول الدين جامعة أم القرى2014م.
ثالثا:رسائل جامعية اللغة العربية:
1-جهود الثعالبي اللغوية من خلال كتابه فقه اللغة وأسرار العربية : دراسة استقرائية تحليلية، للباحث آدم، آدم إبراهيم، رسالة ماجستير كلية الدراسات العليا جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية تاريخ 2001م.
2-الدرس الصوتى والدلالي في تفسير الثعالبي المسمى بالجواهر الحسان فى تفسير القران للإمام الثعالبيللباحث الموافىالرفاعىالبيلى رسالة ماجستير جامعة الأزهر 2002م.
3-خصائص الأسلوب في تفسير الجواهر الحسان الثعالبي، للباحث عباسي ميلود، مذكرة ماجستير تحت إشراف د/. جمعي لخضر، المدرسة العليا للأساتذة، الجزائر، قسم الأدب، 1424هـ/ 2004م.
4-معجم مختصر في ما ورد في الجواهر الحسان من الألفاظ الغربية لعبد الرحمن الثعالبي (ت. 875هـ)، مذكرة ماجستير للباحث بنيرد حاج، تحت إشراف د/. عروج يوسف، جامعة الجزائر، كلية اللغات والآداب، 1427ه/ 2007م.
5-القضايا النحوية في تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي المتوفى سنة 875 هـ: دراسة نحوية وصفية…للباحث آدم، قمر مصطفى حسن، رسالة دكتوراه، كلية اللغة العربية جامعة أم درمان الاسلامية 2018.
رابعا: رسائل جامعية الحديث:
1-الشيخ عبد الرحمان الثعالبي وجهوده في خدمة السنة النبوية المطهرة، مذكرة ماجستير للباحثة بوراس حفيظة، تحت إشراف د/. مغراوي محمود، جامعة الجزائر1، كلية العلوم الإسلامية، 1431هـ/ 2010م.
2- الدخيلفى الروايات الواردة فى تفسير الامام الثعالبى المسمى بالجواهر الحسان وذلك فى سور يونس وهود…للباحث امورة السيد ابراهيم رسالة دكتوراه جامعة الأزهر فرع المنصورة 2014م .
خامسا: رسائل جامعية في تحقيق كتب الأمام الثعالبي:
1- المختار من الجوامع في محاذاة الدرر اللوامع الثعالبي (دراسة و تحقيق)، للباحثحمدوش عبد الكريم، مذكرة ماجستير تحت إشراف د/. حداد لخضر، جامعة الجزائر 1، كلية العلوم الإسلامية، 1425هـ/ 2005م.
2- كتاب العلوم الفاخرة في النظر في أمور الآخرة لآبي زيد الثعالبي (786 – 875هـ) من قول المؤلف باب ما ينجي من أهوال يوم القيامة إلى نهاية الكتاب (دراسة وتحقيق)، للباحث السدلان سليمان بن محمد، أطروحة دكتوراه تحت إشراف د/ محمد بن عبد المحسن التويجري، الجامعة الإسلامية، كلية القرآن الكريم، المدينة المنورة، 1428هـ/ 2006م.
3-جامع الأمهات في أحكام العبادات للإمام أبي زيد عبد الرحمن الثعالبي المتوفى سنة 875هـ-1470م (دراسة وتحقيق)، أطروحة دكتوراه للباحث موسى إسماعيل، تحت إشراف د/. بوزيدي كمال، جامعة الجزائر 1، كلية العلوم الإسلامية، 1431هـ/ 2010م.
4-العلوم الفاخرة في النظر في أمور الآخرة لأبي زيد عبد الرحمن الثعالبي 786-875هـ) من أول الكتاب إلى نهاية باب ما جاء في كثرة أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن يدخل الجنة بغير حساب (دراسة وتحقيقاً)، للباحث القرني علي بن عبد الله، أطروحة دكتوراه تحت إشراف د/. حمد بن عبد المحسن التويجري، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، المدينة المنورة، 1432هـ/ 2011م.
5- شرح مختصر ابن الحاجب الفرعي المسمى “جامع الأمهات” للشيخ الإمام سيدي عبد الرحمان بن مخلوف الثعالبي الجزائري المالكي (تحقيق و دراسة)، للباحث عيلان جلال، مذكرة ماجستير تحت إشراف د/. سماعي محمد، جامعة الجزائر 1، كلية العلوم الإسلامية، 1433هـ/ 2012م.
6- طبقات الفقهاء المالكية من خلال مخطوط الجامع الكبير للعلامة للشيخ عبد الرحمن الثعالبي(ت. 875هـ/1470م) (دراسة وتحقيق)،للباحثة صاري أمينة سليمة، مذكرة ماجستير تحت إشراف د/. عبد الشكور نبيلة، المدرسة العليا للأساتذة بالجزائر، قسم التاريخ، 1434هـ/ 2013م.
المطلب الثاني: قراءة في بعض الرسائل الأكاديمية التي تناولت الإمام الثعالبي ومؤلفاته
ومن بين هذه الرسائل:
أولا-عبد الرحمن الثعالبي والتصوف رسالة دكتوراه لدكتور عبد الرزاق قسوم نوقشت سنة 1972 .
وكان هدف الدكتور هو نفض الغبار عن شخصية الإمام الثعالبي، والكشف عن هذه الشخصية الجزائرية الفذة، والذب عنه وإزالة كل المفاهيم المجتمعية الخاطئة حوله رحمه الله،وتقديم صورة ناصعة تضيء جوانبه العلمية المطموسة.
تناول الدكتور قسوم فكر الإمام الثعالبي من خلال تقسيم الرسالة الى عدة فصول، الأول تناول عصر الإمام الثعالبي، والحياة الساسية والاجتماعية والثقافية في تلك المرحلة التاريخية، مع التعريج على مدينة الثعالبي مدينة الجزائر العاصمة وارتباطها بالإمام، في الفصل الثاني تناول الدكتور قسوم حياة الثعالبي ثقافته رحلاته العلمية الى بجاية تونس مصر.
في الفصل الثالث استعرض الدكتور الآراء الكلامية للإمام الثعالبي وموقفه من الألوهية من الحرية والجبرية، وتبين أنها نسق على هدي الكتاب والسنة.مبينا اعتماده على المنطق في عرض هذه الآراء.
وتناول في الفصل الرابع تصوف الثعالبي، وهو أخصب جانب في شخصية الإمام، وقدم له بالحديث عن التصوف بمفهومه العام ونشأته واتجهاته، معرجا على مصادر التصوف عند الإمام الثعالبي مبينا آثار المدرسة الغزالية واعتبرها المدرسة الأولى له ودليل ذلك خيوطها الملموسة في كل كتبه تقريبا.
كما تناول منهج الإمام في التصوف، وأنه منهج متعدد الجوانب يؤدي الى غاية كبرى هي سلوك طريق المتصوفين المشهورين باتباعهم الكتاب والسنة. وأهم نتائج التصوف عند الثعالبي: توفيقه بين الشريعة والحقيقة الصوفية ، دعوته الى التحرر من الحياة المادية، كمضاهر البذخ والترف والغفلة عن الله، التمسك الشديد بالكتاب والسنة في كل أحكامه، موافقة الظاهر للباطن في جميع التصرفات تحقيقا لكسب رضى الله.
بالنسبة للفصل الخامس بعنوان الثعالبي والأخلاق وبين مكانتها الهامة في اهتمامات الإمام، وعالج آرائه الأخلاقية من زاويتتن اجتماعية ونفسية لارتباطهما بميدان التصوف.
أما الفصل السادس فبين فيه الدكتور منهج الثعالبي في التفسير،وبين أنه لون من النفسير بالمأثور دون نفي بعض الخيوط الصوفية الإشارية، وخلص الى أن تفسيره هذا السفر العظيم ابرز سعة علم الإمام الثعالبي وسلامة معتقده.
تناول الدكتور قسوم في الفصل السابع المرائي عند الثعالبي وبعد تقديم للرؤيا وما يتعلق بها مقارنا ذلك بين العلم والدين، وضع مرائي الثعالبي في الميزان. ساق نماذج ليبين زهد الرجل في الدنيا وعيشه مع أعمال الآخرة وهو ما منحه نوعا من الولاية.
وفي الخاتمة جمع أهم ما توصل اليه من نتائج، وتوصيات بتحقيق تراثه ودراسات مستفيضة لمنهجه في التفسير وآرائه الكلامية، وهو ما تجسد في الرسائل اللاحقة.
ثانيا-عبد الرحمن الثعالبي ومنهجه في التفسير للباحث رمضان يخلف رسالة ماجستير في التفسير، إشراف مساعد مسلم آل جعفر، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية قسنطينة 1991/1992م.
سعى البحث إلى تحقيق هدفين: الأول إبراز الصورة الحقيقية لشخصية الإمام الثعالبي، والثاني دراسة وصفية لمنهجه في التفسير من خلال الجواهر الحسان.
وقد قُسم البحث إلى مقدمة بابين وخاتمة.
الباب الأول ويشتمل على ترجمة لحياة الثعالبي وآثاره العلمية، تلاميذه ومؤلفاته، إلى جانب إطلالة تاريخية على ظروف عصره وبيئته؛ وتناول الباحث فيها المؤثرات السياسية والاجتماعية التي تميز بها عصر الثعالبي، وكذا الحركة الثقافية في القرنين الثامن والتسع هجري.
الباب الثاني تناول فيه الباحث منهج الثعالبي في التفسير فبدأ بموقفه من أنواع التفاسير : التفسير بالمأثور وتقديمه على غيره ،والتفسير بالرأي والتفسير الإشاري،كما ذكر طريقة الثعالبي في إفادته من كتب السنة وإسناده للمرويات والأخبار، وموقفه من الأخبار الضعيفة والواهية، وبين الباحث منهج الثعالبي من تفسير آيات الأحكام وإلمامه وعلمه بالمسائل الفقهية أصولا وفروعا، وموقفه من النسخ في القرآن والقراءات القرآنية وتبنيه لرأي أهل السنة، كما تطرق إلى موقف الثعالبي من المتشابه في القرآن الكريم ومدى تأثره رحمه الله بمن تقدمه من المفسرين.
وختم الحديث بإيراد مصادر الثعالبي في التفسير، ولعل ما توصل إليه الباحث من نتائج في الخاتمة يمثل أهم الميزات الأساسية لمنهج الثعالبي في التفسير، وأهم نتيجة هي أن الثعالبي وضع الجواهر الحسان كمختصر تعليمي توخى فيه الإيجاز والتبسيط وأفاد من عديد المدارس فأخذ عن الطبري وابن عطية الروايات المأثورة، وعن أبي حيان المسائل النحوية،وعن ابن العربي الأحكام الفقهية كما أخذ عن أصحاب التفسير الإشاري مُلح التفسير التي لا تتعدى عن المقاصد العامة للشريعة.
ثالثا- الشيخ عبد الرحمان الثعالبي و جهوده في خدمة السنة النبوية المطهرة للباحثةبوراس، حفيظة رسالة ماجستير إشراف الدكتور محمود مغراوي، تخصص كتاب وسنة كلية العلوم الاسلامية جامعة الجزائر 1428/ 2008م.
سعت الباحثة إلى إبراز جهود الإمام في خدمة الأصل الثاني للتشريع الإسلامي السنة النبوية الشريفة، سواء من ناحية طلبها أو فهمها وتوظيفها، وبينت رحلاته في طلب العلوم وعودته محملا بأنفس الإجازات في العلوم العقلية والنقلية، وكذا توظيفه للحديث النبوي الشريف في كل مؤلفاته وفي التأليف فيه استقلالا أيضا كمؤلفه في الأربعون حديثا في اصطناع المعروف وإرشاد السالك اللذان خصصتهما الباحثة بدراسة وصفية.
وبينت أن جهوده في خدمة السنة تظهر في تعظيمه لصاحبها عليه السلام، والحض على إتباعه وتعظيم قدر أصحابه والدفاع عنهم وهم من قام الشرع على أكتافهم كما قال.
أما المظهر الثاني من مظاهر عنايته بالسنة ففي الجانب الدراسي النظري من حيث التعرض لمنهجه في بعض المباحث الحديثية، كموقفه من العمل بالحديث الضعيف، وإيراد الحديث الموضوع، ومنهجه في التعامل مع الاسرائليات وهو منهج يقوم على النقد والتمحيص.
ومن مظاهر اعتناء الثعالبي بالسنة ما بذله من اجتهادات في التصحيح والتضعيف عن طريق ترجيح قول دون آخر.
دون إغفال الدراسة النظرية لمتون الحديث التي يقوم بها وشرحها واستخراج الفوائد والنكت منها،وشرح غريب الحديث ومشكله.
وقد قسمت الرسالة إلى مقدمة فصل تمهيدي ثلاثة فصول وخاتمة
الفصل التمهيدي عرضت فيه عصر الثعالبي والحالة السياسية والاجتماعية والفكرية السائدة فيه.
الفصل الأول للتعريف بالإمام الثعالبي وحياته الشخصية والعلمية مؤلفاته ومروياته.
الفصل الثاني في جهود الثعالبي في العناية بالسنة النبوية وحملها فتناولت الباحثة تعظيمه للسنة والذود عن أهلها وكذا بيان منهجه في بعض المباحث الحديثية واجتهاداته في التصحيح والتضعيف.
الفصل الثالث فكان لعرض فقه الشيخ الثعالبي للسنة النبوية واستثمارها في الإصلاح الاجتماعي.
لتصل إلى أن الإمام الثعالبي كمفسر صوفي وقائد ومصلح سياسي في مسيرته الإصلاحية للنهوض بأمته ومجتمعه اعتمد خطة إصلاحية معتمدة على أربع ركائز العقيدة والعلم العبادة والأخلاق مع الآداب وهذه العناصر كفيلة بإصلاح المجتمع، معتمدا على نصوص السنة النبوية.
رابعا- آراء الشيخ عبد الرحمن الثعالبي الاعتقادية من خلال تفسيره : الجواهر الحسان (عرض و نقد)المؤلف علي بن يحي كعبي، رسالة ماجستير تحت اشراف الدكتور شريف صالح الخطيب- جامعة أم القرى – 1435هـ / 2014م .
سعى الباحث في هذه الرسالة للكشف عن آراء الإمام الثعالبي في العقيدة، ومذهبه الكلامي، وتقويمها، مبينا انتماء الثعالبي للمذهب الأشاعرة، وموافقته لهم في غالب مسائل أبواب الاعتقاد، وتسميته للأشاعرة بأهل السنة. كما بين موافقته في الكثير من الاراء العقدية لأهل السنة بحسب الباحث.
وقد جاءت الرسالة في 320 صفحة أربعة فصول يسبقها مقدمة وتمهيد ويتلوها خاتمة
تناول الباحث في التمهيد ترجمة الإمام الثعالبي، ومنهجه في تقرير العقيدة.
بالنسبة للفصل الأول فكان لرأي الإمام في الإيمان والتوحيد وعرض رأيه في توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات،وختمه برأي الإمام في الإيمان ومسائله.
أما الفصل الثاني فعرض آراء الثعالب في الإيمان بالملائكة والكتب والرسل.
الفصل الثالث لرأي الإمام في الإيمان بالقضاء والقدر، وتناول فيه مراتب القدر، ورأي الإمام في الهدي والضلال، ورأيه في الحكمة وتعليل أفعال الله، كما ذكر رأيه في مسألة التحسين والتقبيح،وفي التكليف بما لا يطاق، ورأيه في مصير أولاد المشركين.
بالنسبة للفصل الرابع فتناول آراء الثعالبي في الإيمان باليوم الآخر،وعرض رأيه في عذاب القبر ونعيمه ، رأيه في كل من البعث، في الصور، الصراط، الميزان، الشفاعة، كما ذكر رأيه في حسنات الكفر وثوابهم ، رأيه في أشراط الساعة ، ورأيه في الجنة والنار. وذيل الرسالة بخاتمة ضمنها أهم نتائج البحث.
المطلب الثالث: قراءة في البحوث العلمية المحكمة
بعد أن تناولنا بعض الرسائل الجامعية التي تناولت الإمام الثعالبي ومؤلفاته، نعرج في هذا المطلب على بعض الدراسات الأكاديمية المنشورة في المجلات العلمية المحكمة .
أولا-منهج الشيخ عبد الرحمن الثعالبي في تعامله مع المرويات من خلال تفسيره الجواهر الحسان للدكتور عبد المجيد بيرم، البحث منشور في مجلة الإحياء العدد 14 سنة 2010 م كلية العلوم الإسلامية باتنة.
سعت الدراسة إلى الوقوف على المصادر التي انتقى منها الشيخ الثعالبي مادته العلمية خاصة مصادره الحديثية واستعانته ببعض التفاسير كتفسير الطبري، علما أن كتاب المحرر الوجيز هولابن عطية هو الأصل لكتاب الجواهر الحسان ولكنه أضاف اليه العديد من الفوائد من مصادر أخرى بلغت زهاء المئة مصدر في مختلف الفنون.
وبينت الدراسة اعتماد الثعالبي على امهات ومصادر كتب الحديث كالصحيحين والسنن كالترمذي، والنسائي وابن ماجه، والمستدرك على الصحيحين، والموطأ والمسانيد والمصنفات، وبين المصادر التي أكثر منها النقل ولم يشر اليها ككتاب الرقائق لابن المبارك ومصابيح السنة للبغوي، .
أما شروح السنة فقد اعتمد على شرح صحيح البخاري لابن بطال، ومعالم السنن للخطابي، والمعلم بفوائد مسلم لمازري، والقبس لابن العربي،وغيرها.
كما اعتمد على مصادر في ضبط المتون وشرح غريبها كمشارق الأنوار للقاضي عياض، وشرح الغريب لأبي عبيد.
تناولت الدراسة التعريف بشيوخ الإمام الثعالبي من المحدثين، وقد بين الباحث موقف الإمام الثعالبي من المرويات وحرصه على إيراد ما صح منهامن أحاديث أو ما كان منها من قبيل الحسن، وإعراضه عن الواهي والموضوع.
كما بين الباحث رأي الإمام في أحاديث فضائل السور وإعراضع عن الأحاديث الموضوعة في هذا المجال
كما تناول الباحث موقف الثعالبي من الاسرائليات وبين رده للكثير منهاخاصة ما تعارض منها مع قواطع الدين، فتفسير الجواهر من التفاسير التي تخلو من ذكر الإسرائليات.
كما تطرق الباحث لموقف الإمام من العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وأنه لا يرى مانعا من ذلك.
ثانيا-استدراكات الثعالبي الفقهية على ابن عطية في تفسيره ” الجواهر الحسان في تفسير القرآن” لآيات محمود أحمد أبو ليل منشور في مجلة دراسات علوم الشريعة والقانون المجلد 4- عدد 1 ملحق1، 2019م الأردن.
قام الإمام الثعالبي في تفسيره الجواهر الحسان باختصار المحرر الوجيز لابن عطية وزاد عليه الكثير من الفوائد والنقولات والآراء من كتب الأخرى، كما استدرك الامام الثعالبي على الامام ابن عطية العديد من الاستدراكات في عدة مجالات كالفقه واللغة والعقيدة… ، فقامت الباحثة في هذه الدراسة بجمع الاستدراكات الفقهية التي استدركها الثعالبي على ابن عطية.
وبينت الباحثة مواضع الاستدراكات في التفسير وفي عرض كل استدراك تذكر أدلة كل منهما، وبعد المناقشة تعرض الرأي الراجح.
قُسم البحث إلى مقدمة للتعريف بابن عطية والثعالبي وتفسيرهما، وخمسة مباحث تناول كل مبحث استدراك فقهي للثعالبي على الإمام ابن عطية رحمهما الله، في آية من الآيات، في الأخير خاتمة جامعة لما تم التوصل إليه من نتائج.
ثالثا-الإمام الثعالبي ومنهجه في تعامله مع القراءات في تفسيره الجواهر الحسان” نماذج منتخبة” للدكتور زايدي كريم ، البحث منشور في مجلة الشهاب المجلد 15، العدد 1 جانفي 2018م
تعرضت هذه الدراسة لبيان منهج الإمام الثعالبي في إيراده للقراءات في تفسيره للجواهر الحسان وتوجيهها وقد قام الباحث بانتقاء نماذج من القراءات القرآنية التي عرضها الإمام الثعالبي في تفسيره وقام ببيان موقفه منها والقواعد التي اعتمدها في الاحتجاج بها.
قُسمت الدراسة إلى مبحث تمهيدي تناول فيه الباحث مدخل إلى علم توجيه القراءات بإيراد مفهومه وفضله ونشأته، المبحث الأول للتعريف بالإمام الثعالبي وكتابه الجواهر الحسان، فيما تناول المبحث الثاني تعامل الثعالبي مع القراءات وتوجيهها بالنظير من الآيات القرآنية بالاعتماد على رسم المصحف وبالتوجيه بالقراءة الشاذة، بالتوجيه بلغة العرب، بالحديث النبوي، بالمعنى التفسيري وأسباب النزول، بالتوجيه الصرفي والنحوي وختم بالتوجيه الفقهي، وخاتمة لأهم النتائج.
رابعا- عبد الرحمن الثعالبي 786ه-875ه (1384-1470م)
للباحث أحسان مختار جامعة الجزائر كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، قسم التاريخ.
تناولالباحث في هذه الدراسة التعريف بالامام الثعالبي وهذا بالتعريف بقبيلة الثعالبة التي ينتسب إليها الإمام، وعرف بالحياة الثقافية في القرن التاسع هجري وبين انتشار حركة التصوف في جميع طبقات الشعب بما فيه طبقة الفقهاء، وما يلاحظ في عصر الثعالبي من كثرة الاتصالات بين العلماء وازدياد تنقلهم بين الأمصار حاملين مؤلفاتهم وأفكارهم.
كما تناول الباحث رحلة الإمام الثعالبي العلمية وتنقلاته إلى بجاية، فتونس، وتركيا والحجاز وغيره.
وذكر شيوخ الإمام الذين التقى بهم في الرحلة واستفادته رحمه الله منهم ومن إجازاته على أيديهم، وعلى رأسهم الإمام ابن مرزوق الحفيد، كما ذكرت الدراسة بعض تلاميذ الإمام الثعالبي وأهم مؤلفاته وتعريف موجز بكل مؤلف.
خامسا- ملامح الحياة الثقافية في المغرب الأوسط ( القرن 9ه/5م) من خلال فهرسة مرويات ومذكرات الرحلة” غنيمة الوافد والرحلة لعبد الرحمن الثعالبي أنموذجا” للأستاذين رامي بلعيدي، وحضور عبد الرزاق، بحث منشور في مجلة القبس للدراسات الإنسانية والاجتماعية مجلد 2، عدد 2، ديسمبر 2018م
سعت الدراسة لاماطة اللثام على علم من أعلام الجزائر وفقهائها ودوره في بناء الجانب الثقافي للأمة الجزائرية. وبينت مدى حضور مذكرات وفهارس العلماء في التعريف بالحياة الثقافية بمختلف تجلياتها في المغرب الأوسط.
قُسمت الدراسة إلى جزئين عرض الباحثان في الجزء الأول الحياة السياسية والاجتماعية في عصر الإمام الثعالبي، كما تناولا حياة الثعالبي وذكر أصله ونسبه وإنتاجه الفكري وأهم مؤلفاته.
أما في الجزء الثاني فتم فيه ذكر ملامح الحياة الثقافية من خلال فهرسة المرويات ومذكرات الرحلة عند الإمام الثعالبي، فعرضت رحلته في طلب العلم وذكر التلاقح الثقافي في المجال إسلامي والتبادل العلمي من خلال تبادل المصنفات وانتقالها في المجال المغاربي وخارجه، وقد شكلت الإجازات أهم الروافد التي ضمنت حركية وتلاقح ثقافي للمغرب الأوسط مع المشرق والمغرب، والارتكاز على العلوم الدينية تعليما وتأليفا ومنهجا، وحضور التصوف في فعاليات المجتمع المختلفة بما فيها الثقافية سيما التصنيف والكتابة.

الخاتمة :
في الأخير تبين أن الاهتمام الأكاديمي بالإمام الثعالبي قد شمل عدة مجالات على رأسها تحقيق مخطوطات الإمام، ، وكان نصيب الأسد من الدراسات لتفسير الجواهر الحسان الذي درسه الأكاديميون لغة وتفسيرا وحديثا، وعقيدة وغيرها.
كما يلاحظ أن الجامعات العربية وعلى رأسها أم درمان السودانية وجامعة الأزهر لها اهتمام كبير بهذه الشخصية الجزائرية الفذة.
وفي السنوات الأخيرة اتجهت البحوث العلمية المحكمة في المجلات الجزائرية والعربية لكشف الغطاء عن الإمام الثعالبي وموروثه العلمي.
ومن التوصيات المقترحة بذل المزيد من الجهد من أجل تحقيق التراث العلمي الجزائري بصفة عامة، وتراث الإمام الثعالبي بصفة خاصة.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.