من الاصول الواقعية و الاجتماعية قراءة أصولية واجتماعية وحضارية الاصل “العرف” – د. شقرون محمد-المغرب-
لماذا النظر في هذا الموضوع؟
إن الفقه بمعناه المشتهر: هو العلم بالأحكام الشرعية العملية التي طريقها الاجتهاد، وما طريقه القطع يسمى فقها على تجوز، وتلك الأحكام تتعلق بالمكلف، والمكلف فاعل في واقعه ومجتمعه، متصرف في أحوال وخاصة نفسه، محكوم عليه بقانون التسخير، وبسنة التآنس، أن يتصل بغيره عاطفة، أو خدمة، أو هما، وأن يتصل به بربه تعبدا وقربة، واعتبارا بهذا لابد من بناء الفقه على مقتضى الواقع، أي استدعاء الواقع في عملية التفقه كلها.
ولا معنى لقول من يقول: كيف يستدعى واقع فاسد؛ لأن الفقه لا يستند للواقع باعتباره مصدرا تشريعيا، وإنما باعتباره فضاء تنجز فيه التكاليف والأفعال والتصرفات على وجوه تختلف تبسيطا وتركيبا، ومن ثم صار هذا الواقع شريكا في صناعة الفقيه والفقه، وجاز الحديث عن عن ما يمكن تسميته” بالأصول الواقعية” التي هي المدخل المباشر والمعقول والمشروع لصناعة فقه، وبناء فقيه على مقتضى قواعد التداول والتصرف الاجتماعي، والنفسي، والكوني.
وإذ فكرنا فيما وصفنا فليس ذلك على مهيع مدعي التجديد، وسلب كل مزية عن الفقه القديم، أو الفقه المدرسي والمذهبي، ونسبة كل خسيسة إليه، وإنما على مهيع من يعترف للفقه الإسلامي بفاعليته وتفاعله مع الواقع عبر مختلف مراحله، بكيفية أو بأخرى، وبراهين التفاعل كثيرة، منها ” العرف”، و” العمل”، وهما من القواعد العظيمة التي تربط النص بالواقع، بل وتشارك النص في كونها مصدرا تشريعيا فرعيا فاعلا وخادما عند المذاهب الفقهية إنتاجا للنظر المقاصدي: كالمذهب المالكي،وقد بين القرافي في شرح التقنيح أنها أي قاعدة العرف ليست مما يختص بالمذهب المالكي، والعمل على كل حال قريب من العرف.
والإحاطة بهذه القاعدة من جميع جوانبها ليس قصدنا، على ما له من فائدة أو فوائد مبسوطة في كتب الأصول بأدلتها وتفريعاتها اختلافا واتفاقا، وإنما نقربها بصورة مقتضبة بغاية بناء رؤية نحاول أن تكون إشارة في الطريق إلى فتح علم الأصول على أفق منهجي؛ وثيق الصلة بالمجتمع البشري في تكوينه اللغوي والثقافي والحضاري والعمراني وذلك حتى لا تبقى مناهج الدراسات الاجتماعية والنفسية والتاريخية والحضارية حكرا على أصحابها: لا تتجاوز في علمها الغرض المادي والوصفي في دراسة الإنسان وما إليه، مبعدة كل ما له صلة بروحانية الإنسان، وفطرته وأنه كائن متخلق في الأصل، ونحن على ثقة بأن علم الأصول بمبحثه المقاصدي التخلقي سيعطي لهذه المناهج بعدا آخر يخدم الإنسان وفق مقاصد التزكية والتربية والإعمار والعبادة، وهي مفاهيم تدخل تحت قاعدة الاستخلاف، ومن آليات تحصيل هذا البعد ” العرف” الذي هو نموذج للتحليل في هذه القالة على ضوء المباحث الآتية
المبحث الأول: في دلالةالعرف وأنواعه وعلاقته البيانية بالنص
1_1 الدلالة اللغوية للعرف ووجه صلتها بالدلالة الخاصة
العرف له علاقة اشتقاقية بالمعروف والمعرفة، والعرفان وعرفات والعريف، وكل أصل مكون من ع ر ف، ومن ثم فهو يحيل على عدم الجهل، كما يحيل على الخير والإحسان، لأن المعرفة تضاد الجهل، والمعروف يضاد المنكر، وتتحقق العلاقة وفق هذا الاشتقاق بين المدلول اللغوي والاصطلاحي: أن الجماعة والأمة والقبيلة، لا يمكن أن تسير في أعرافها على ما لا تقبلها طبيعتها وأذواقها السليمة، لا يمكن أن تبني تصرفاتها على عرف فاسد معدم للمصالح، كما لا يمكن أن تبني تصرفاتها على استعمال لغوي لا قصد منه ولا غاية.
وثمة ملحظ آخر: أن العرف لا تظهر قيمته في حياة الناس إلا إذا تتابع واتصل بعضه ببعض، قال ابن فارس في تقرير الأصلين، وفي تبيان ما يدخل تحت كل أصل:” (عرف) العين والراء والفاء أصلان صحيحان، يدل أحدهما على تتابع الشيء متصلا بعضه ببعض، والآخر على السكون والطمأنينة.
فالأول العرف: عرف الفرس، وسمي بذلك لتتابع الشعر عليه، ويقال: جاءت القطا عرفا عرفا، أي بعضها خلف بعض، ومن الباب: العرفة وجمعها عرف، وهي أرض منقادة مرتفعة بين سهلتين تنبت، كأنها عرف فرس(…)والأصل الآخر: المعرفة والعرفان. تقول: عرف فلان فلانا عرفانا ومعرفة. وهذا أمر معروف. وهذا يدل على ما قلناه من سكونه إليه، لأن من أنكر شيئا توحش منه ونبا عنه. ومن الباب: العرف، وهي الرائحة الطيبة. وهي القياس، لأن النفس تسكن إليها، يقال: ما أطيب عرفه قال الله – سبحانه وتعالى﴿b~böaiöøZÌqöböFæo]MöóEöÓÑ>j@HBæÓöYXdsöÓn÷~b]j(7)﴾[1] أي طيبها. قال:
ألا رب يوم قد لهوت وليلة . . . بواضحة الخدين طيبة العرف
والعرف: المعروف، وسمي بذلك لأن النفوس تسكن إليه. قال النابغة:
أبى الله إلا عدله ووفاءه . . . فلا النكر معروف ولا العرف ضائع”[2]
1_2 الدلالة الاصطلاحية للعرف وما يقاربه
لقد عرف العرف أحيانا بما يجعله مرادفا للعادة، وعرف أحيانا بما يجعله مميزا عنها، وبعض الأصوليين وعلماء القواعد الفقهية تارة يعبرون بالعرف، وتارة يعبرون بالعادة، ولا شك أن هذا راجع للتقارب بينهما.
ومما قيل في تعريف العادة ما قاله القرافي :” “والعادة: غَلَبةُ معنىً من المعاني على الناس”[3].
أما العرف فقد عرف على الشمول بأنه:”ما استقر في النفوس من جهة العقول، وتلقته الطباع السليمة بالقبول”، وهو منسوب للغزالي وهو خطأ، ومعنى هذا وتفسيره أنه: “الأمر الذي اطمأنت إليه النفوس وعرفته، وتحقق في قراراتها، وألفته مستندًا في ذلك إلى استحسان العقل، ولم ينكره أصحاب الذوق السليم في الجماعة، وإنما يحصل استقرار الشيء في النفوس وقبول الطباع له بالاستعمال الشائع المتكرر الصادر عن الميل والرغبة ” ، والتعريف السابق ساقه أبو سنة على أنه تعريف للعرف والعادة معا.
وعرف أيضا على الشمول بأنه:” ما تعارفه الناس وساروا عليه، من قول، أو فعل، أو ترك، ويسمى العادة. وفي لسان الشرعيين: لا فرق بين العرف والعادة”،[4] وفي تعريفه عنصر مضاف هو التعارف على الترك لا على الفعل فقط، وهذا ما يعرف بالعرف السلبي، ويبدو أن عبد الوهاب خلاف انفرد بهذا القيد[5]، وكما أضاف القيد أضاف التصريح بالاتحاد، وعرفه أيضا مصطفى الزرقا في المدخل بما يفيد الترادف أيضا، ولفظه: “الأمر المتكرر من غير علاقة عقلية”[6]، وقد يقال بأن تعريف الزرقا يصدق على العادة فقط، ولا يصدق على العرف، ويفرض هذا التقارب البحث عن الفوارق بين العرف والعادة جريا على أن الترادف التام لا يوجد في اللغة، وقد قيل في التفريق “أن بينهما عمومٌ وخصوصٌ مطلق، ووجه خصوص العرف أنه يتعلق بما اعتاده جمهور الناس، ووجه عموم العادة أنه يتعلق بما اعتاده الإنسان مع نفسه، وما اعتاده الجمهور من الناس، وما كان من حركات طبيعية عند جنس بني آدم”[7]. ووجه هذا الفرق أن العادة تكون سلوكا فرديا وجماعيا، وتكون سلوكا طبيعيا في حين أن العرف لا يكون إلا جماعيا، وفرق البعض بكون العادة سلوكا قبليا والعرف نتيجة له”، أي: أن العرف نتيجة لتحققها لا مساوق لها في حدوثا، وإن اتحدا بقاء(…) فالاعتياد أولا، واتصافه بالعرف حدوثا، أو بهما بقاء”[8]، واعتُمد في ذا التفريق على المعنى والدلالة اللغوية للعادة، إذ هي مشتقة من العود، أي التكرار، والمداومة والدأب، إلا أن التعويل على المعنى اللغوي لتحديد الفرق لا يبدو وجيها وقويا، وفرق بعضهم كابن الهمام في كشف الأسرار، والبزدوي في التلويح _ وهما حنفيان _ بينهما من جهة عموم وشمول العرف للقولي والعملي، وفرق بن أمير الحاج بينهما بعكس ما سبق، وفرق البعض الآخر بكون العرف يرتبط بالكيان الجماعي والجمهور، في حين أن العادة ترتبط بالأفراد، وبأي المعاني أخذنا، سواء بالتقارب، أي الترادف أو الاختلاف والفرق، وهو لا يظهر ولا يبدو وجيها_ فإن العرف أو العادة أو هما معا لابد لهما من ركنين:
الأول: الركن المادي، وتحدده العناصر الآتية:
- وحدة الموضوع.
- التكرار عملا أو قولا أو تركا يصير به عادة وعرفا.
- أن يكون الموضوع إراديا لا يمت إلى الطبيعة الغريزية أو الفطرية بصلة، وإنما العادة والعرف ما كان مكتسبا حادثا من خارج.
الثاني :الركن المعنوي ويحدده عنصر واحد، وهو: عنصر الإلزام[9].
وربما التبس العرف بمفهوم مقارب له أيضا وهو الإجماع العملي، ويتحدد الفرق بينه وبين العرف من جهة أن الإجماع مرجعيته جماعة من المجتهدين، في حين أن العرف لا تختص بها جماعة ونخبة، ولا بد أن يستند الإجماع إلى نص شرعي وصل أو لم يصل، ويكون بعد انقطاع الوحي أي بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. وليس كذلك العرف فقد وجدت أعراف والقرآن ينزل، والإجماع له قوة ملزمة، والعرف ليس كذلك دائما؛ ثم إن مصدر القوة في الإلزام يختلف بين الإجماع والعرف[10] على القول بأن العرف ملزم، ومهما كان من فرق بينهما فإن العرف إجماع على توسيع لمفهوم الإجماع والخروج به من ضيق التأسيس النظري كما هو عند الأصوليين؛ لأنهم تحدثوا عن إجماع بمستوى أعلى(اتفاق المجتهدين)، وأهملوا الجماعة المعنية بالتكليف، ولم ينظروا إلى ما يحصل بينها من اتفاق يكاد ينطبق عليه اسم التواتر، وكان الأليق أن يتكون مفهوم الإجماع من مستويات :
الإجماع اللغوي: الاتفاق حول استعمال معين للفظ معين، ويمكن ان نصطلح على هذا ب” العرف التداولي”
الإجماع التنظيري وهو الذي حصر الحديث فيه عند الأصوليين، وعليه وقعت تعريفاتهم، بأنواعه الثلاثة خلافا ووفاقا؛ أي الصريح والسكوتي ثم العملي.
الإجماع الذي هو الاتفاق العرفي، ومتعلق هذه القالة المستوى الأول والثاني.
فهذه المستويات الثلاثة يجب أن يؤطرها مفهوم مرجعي واحد، ومن ثم لا داعي لاعتبار العرف دليلا مختلفا فيه لأن النص الذي يدلل به على حجية الإجماع: “لا تجتمع أمتي على ضلالة”يصلح دليلا هنا، وهذا المنزع في تبيان العلاقة بين العرف والإجماع، يرشد إليه قول الكمال ابن الهمام: ” أن العرف بمنزلة الإجماع عند عدم النص”[11].
يتنوع العرف إلى أنواع من حيثيات متعددة، إلا أن الحديث يكثر في اثنين منها:
2_1من حيث موضوعه إلى عملي وقولي، والموضوع هو المتعلق، أي متعلقه إما قول، وإما فعل.
العرف العملي: وهو التعارف بين الناس على أمر عملي معين كأكل لحم الضأن في بلد، أو لحم البقر أو لحم الجاموس في بلد آخر، والعرف العملي في بيع التعاطي من غير صيغة لفظية، والعرف في تقسيم المهر إلى معجل ومؤجل. [12]
العرف القولي: وهو التعارف بين الناس على إطلاق لفظ على معنى معين بحيث لا يتبادر إلى الذهن عند سماعه غيره، كالعرف بإطلاق لفظ اللحم على الحيوان وعدم إطلاقه على السمك والطير، مثل تعارفهم بإطلاق الولد على الذكر دون الأنثى.[13]وهو ما اشتهر عند اللغويين والبلاغيين بالحقيقة العرفية في مقابل الحقيقة اللغوية والشرعية، وشغله الأصوليون والفقهاء وعلماء القواعد في نقاش التعارض بين العرف والشرع والعرف واللغة.[14]
وفرق القرافي بين العملي والقولي: بأن القولي يقضى به على الألفاظ، والثاني لا يقضى به عليها، وعلى هذا الفرق يبنى الخلاف في جواز التخصيص بالعرف، فحكي الاتفاق في القولي، وحصل الخلاف في في التخصيص بالعملي.
2_2 من حيث إطاره أي هل مرجعيته الجماعة الكبيرة التي لا تحدها جغرافية، أو جماعة صغيرة، فالذي مرجعيته جماعة كبيرة عرف عام، وغيره خاص.
العرف العام: “وهو جماع الظواهر البشرية المنتشرة في العالم”[15]. وهذا هو معنى قول القرافي: “وقد تكون هذه الغلبة في سائر الأقاليم كالحاجة للغذاء والتنفس في الهواء”[16].
العرف الخاص: هو العادة التي تكون لفرد أو طائفة معينة أو بلد معين، كعادة شخص في أكله وتصرفاته، وتعارف التجار على تسجيل المبيعات في دفتر خاص، وتعارف منطقة على تسجيل الأثاث للزوجة أو للزوج[17]. وهذا هو الذي يفيده كلام القرافي: “وقد تكون (أي الغلبة) خاصة ببعض البلاد دون بعض، كالنقود والعيوب، وقد تكون خاصة ببعض الفرق كالأذان للإسلام، والناقوس للنصارى”، ثم قال: “فهذه العادة يقضى بها عندنا”[18]، أي أنها حجة
أما الحيثيات الأخرى فمن حيث أحواله إلى عرف ثابت وعرف متبدل، ومن ثم فلكل عرف حكم، وتتغير الأحكام بتغير العوائد، وهذا ليس اختلافا في أصل الخطاب، وإنما كل عادة ترجع إلى أصل شرعي كما يتضح ذلك من الفروق للقرافي، وإعلام الموقعين، والموافقات
ومن حيث اعتبار الشرع له إلى صحيح وهو محل القصد، وإلى مرسل يخضع لشروط المصلحة، وإلى فاسد أو ملغى وليس له مدخل، على أنه لا يليق به أن يسمى عرفا بإطلاق، وإنما بقيد الفساد كما يقال: أخلاق فاسدة لأنه بإطلاق يشعر بالخيرية على ما تفيده تركيبته الحرفية.
أقصد بالعلاقة البيانية كون العرف مخصصا للقرآن، والتخصيص وجه من وجوه البيان، وهو موضوع حظي بنقاش أصولي كبير، اتفاقا واختلافا، قال القرافي: “وعندنا العوائد مخصصة للعموم، قال الإمام: إن علم وجودها في زمن الخطاب وهو متجه. القاعدة: أن من له عرف وعادة في لفظ إنما يحمل لفظه على عرفه، فإن كان المتكلم هو الشرع حملنا لفظه على عرفه وخصصنا عموم لفظه في ذلك العرف، إن اقتضى العرف تخصيصا، أو على المجاز إن اقتضى المجاز وترك الحقيقة، أو إضمار أو غيره، وبالجملة: دلالة العرف مقدمة على دلالة اللغة[19]؛ لأن العرف ناسخ للغة[20]، والناسخ يقدم على المنسوخ، أما العوائد الطارئة بعد النطق لا يقضى بها على النطق، فإن النطق سالم عن معارضتها، فيحمل على اللغة، وتظهيره إذا وقع العقد في البيع، فإن الثمن يحمل على العادة الحاضرة في النقد، وما يطرأ بعد ذلك من العوائد في النقود لا عبرة به في هذا البيع المتقدم، وكذلك النذر والإقرار والوصية إذا تأخرت العوائد عليها لا تعتبر، وإنما تعتبر من العوائد ما كان مقارنا لها، فكذلك نصوص الشريعة لا تؤثر في تخصيصها إلا ما قارنها من العوائد”[21]. هذا نص الإمام القرافي في علاقة العرف بالنص من حيث البيان بالتخصيص، وهو نظر يقوم على شروط اعتبارية في هذا التخصيص من بينها: وجود العرف أثناء تنزل النص، أو العقد، وعلى العموم:فمسألة تخصيص العام النصي بالعرف مسألة خلافية بين الأصوليين، والفقهاء. فالمالكية والأحناف يفهم من كتبهم الأصولية والفقهية مدى حضور هذه القاعدة باعتبارها آلية تشريعية واجتهادية، بل يحكي الشاطبي في الإعتصام أن مذهب مالك ترك الدليل للعرف، ويحكى عن أبي يوسف تركه العمل بالنص إذا كان النص معللا به، أو مبنيا عليه.
والخلاف في التخصيص بالعرف يجري على التفصيل الآتي: “العادة إما فردية، وإما جماعية، والفردية لا حديث فيها.
وأما العادة الجماعية، وهي ما تسمى بالعرف؛ فهي على قسمين:
عادة قولية: “العرف القولي”؛ وهي تخصص العموم. وقد حكى كثير من العلماء الاتفاق على ذلك، منهم الاسنوي في: شرح المنهاج، وابن امير الحاج في التقرير والتحبير، وابن عبد الشكور في مسلم الثبوت، وابن عابدين في رسائله.
ومن المتأخرين الشيخ أحمد أبو سنة في كتابه: “العرف والعادة في رأي الفقهاء”[22]والأستاذ مصطفى الزرقا في كتابه المدخل الفقهي العام[23].
وأما العادة الفعلية “العرف العملي”؛ فهي على نوعين:
النوع الأول: عادة عملية، أو عرف عملي، وجد في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلمه، وأقره؛ فهذا يعتبر مخصصًا، والحقيقة: أن المخصص هو تقرير النبي صلى الله عليه وسلم.
النوع الثاني: عادة عملية، أو عرف عملي وجد بعد عصره عليه الصلاة والسلام؛ فإذا استمر العمل حتى كان إجماعًا عمليًا؛ فهو يخصص العموم، عند من يقول بحجية الإجماع العملي، والحقيقة: أن المخصص هو الإجماع.
أما إذا لم يكن كذلك؛ فالجمهور على أنه لا يعتبر مخصصًا. وذهبت فرقة قليلة من الحنفية إلى القول بتخصيص العموم والحالة هذه.[24]
المبحث الثاني: القيمة التشريعية والبعد الحضاري للعرف الصحيح:
1_ تصور البعد الحضاري للعرف:
إن الحديث عن حجية العرف مبسوط بأدلته في المدونات الأصولية مع تفاصيل أخرى لا نريد تقصيها، وقد نسب القول بالعرف إلى المالكية على وجه الخصوص، ونفى القرافي هذه الخصوصية معلنا أن العرف مسلك جميع المذاهب، ونهجي هنا مبني على أن العرف حجة أمر مسلم ومنسجم مع طبيعة الوحي في علاقته بحرية الإنسان، ومن هنا أقول: العرف والعادة حصيلة البناء الثقافي الشعبي يشمل اللغة والتشريع والعمران، وهما عبارة عن كتل تشكلت وأصبحت قائمة عبر حقب زمنية غالبا ما تكون طويلة وممتدة، أي لا يصنعها جيل واحد، وتغيير هذه البنية لا يأتي على عجل بل يحتاج إلى زمن ناقل[25]، وحتى بعد النقل فالعادات والأعراف لا تموت في أصحابها وإنما تكمن، وهذه الحصيلة بهذه الصفات لا يمكن إلغاؤها وقتلها ثم دفنها، ودفن جزء كبير من الحضارة معها، والدين الإسلامي جاء بالمنهج الشامل والرؤية الغائية التي توجه فعل الإنسان في الحياة، بمنهج الاستخلاف والعبادة، وهذه الرؤية لا تقوم على التحكم في تفاصيل الفعل الإنساني حتى يصبح الإنسان كائنا مسلوب الحرية بل تعطيه مجالا للتحرك بشرط أن لا يخرج عن المقاصد والمصالح وقانون الاستخلاف، وبناء عليه فحيث حل الإسلام توجد عادات وأعراف، وتوجد شعوب لها تاريخ ممتد الجذور إلى الأجداد، لها لغة تعبر بها من مقاصدها وأغراضها في بيعها وشرائها وزواجها، لها أعراف مرتبطة باحتفالاتها، لها تشريع شعبي يحمي حقوقها في علاقتها بغيرها وببعضها، ومن ثم كان ينبغي ويجب أن ينظر الأصولي إلى العرف على أنه يعمل جنبا إلى جنب مع النص من حيث البيان وقد سبق، ومن حيث المعاونة التشريعية، ولو حصل ذلك بدون تخوف وتوجس لكنا اليوم نملك منهجا أصوليا اجتماعيا واسع الأفق، متعدد الجوانب مكتمل الأركان، ولتحدثنا فعلا عن فقه مرتبط بالمجتمع مواكب لمسيرته، مراقب لتطوره يحكم بالكليات القرآنية، والتوجيهات النبوية المستوعبة للزمان والمكان، وليس نقصد بهذه الرؤية أن نحاكم النص بالعرف، بل نقصد إلى أن النص لا يلغي العرف أو الحصيلة الثقافية والحضارية لأمة من الأمم؛ إذا كانت لا تتعارض مع رؤيته الكلية، التي تخدم الإنسان في العاجل والآجل، فمن هذه الزاوية إذن يمكن الحديث عن القيمة التشريعة للعرف.
2_ نصوص دالة على القيمية التشريعة للعرف:
يقول الأستاذ عبد الوهاب خلاف: “أما العرف الصحيح فيجب مراعاته في التشريع وفي القضاء، وعلى المجتهد مراعاته في تشريعه، وعلى القاضي مراعاته في قضائه، لأن ما تعارفه الناس وما ساروا عليه صار من حاجاتهم ومتفقا ومصالحهم، فما دام لا يخالف الشرع وجبت مراعاته، والشارع راعى الصحيح من عرف العرب في التشريع، ففرض الدية على العاقلة، وشرط الكفاءة في الزواج واعتبر العصبية في الولاية والإرث، ولهذا قال العلماء: العادة شريعة محكمة، والعرف في الشرع له اعتبار”[26]. وهناك نصوص أكثر من أن تحصى في القيمة التشريعة له سواء في المتن الأصولي أو القواعد الفقهية، وهي وإن لم تتناوله إلا من زاوية شرطية اعتباره في القضاء والفتوى، لا من جهة كونه ملهما لبناء منهج أصولي في تشكيل العلاقة بين النص والواقع الإنساني المتحرك والمتحول، وبناء منهج اجتماعي يهتم بدراسة الأوضاع والأعراف والعادات وثقافات الشعوب والأمم، من أجل مخاطبتها خطابا تبليغيا ينسجم مع كينونتها، ومن هذه النصوص قول القرافي:”تعتبر جميع الأحكام المترتبة على العوائد، وهو تحقيق مجمع عليه بين العلماء لا خلاف فيه، وعلى هذا القانون تراعى الفتاوى على طول الأيام، فمهما تجدد في العرف اعتبره، ومهما سقط أسقطه، ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك لا تجره على عرف بلدك، والمقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضيين”[27]. وقريب منه نص ابن عابدين في نشر العرف، والقرافي نموذج للفقيه المتطور جدا، ونصوصه تحس منها قوة المنهج التنظيري للكيفية التي يجب على الفقيه أن يفكر بها إزاء الفتاوى والنوازل التي تعرض عليه، وعلى القاضي أن يعالج بها القضايا المعروضة عليه.
وقال البلخي:”من لم يكن عارفا بأهل زمانه جاهل”، وقال الشيخ محمد عبده: “ينبغي أن يكون للفقهاء جمعيات يتذاكرون فيها، ويتفقون على الراجح الذي ينبغي أن يكون عليه العمل…وإذا كان بعض المسائل رجح لأسباب خاصة بمكان أو زمان، ينبغي لهم التنبيه على ذلك، وعلى أن هذا الحكم ليس عاما، إنما سببه كذا، لا أنهم يجعلون كل ما قيل عن فقيه واجب الاتباع في كل زمان ومكان”[28]، فالعرف إذن يفتح الفقه الإسلامي على الزمان والمكان والأحوال حتى لا يبقى جامدا، ويجعله في قلب الواقع الإنساني.
3_ الشروط المحصلة للقيمة التشريعية للعرف
لقد وضع العلماء شروطا ضابطة للعرف، بها يستمد قوته التشريعية، وبها يتميز عن ما يشبهه وليس به،وهي:
أولا: أن يكون العرف عاما أو غالبا.
ثانيا: أن يكون العرف مطردا أو أكثريا.
ثالثا: أن يكون العرف موجودا عند إنشاء التصرف.
رابعا: أن يكون العرف ملزما، أي: يتحتم العمل بمقتضاه في نظر الناس.
خامسا: أن يكون العرف غير مخالف لدليل معتمد.
سادسا: أن يكون العرف غير معارض بعُرف آخر في نفس البلد.[29]
سابعا: أن لا يخالف شرط أحد المتعاقدين.
ثامنا: أن لا يوجد نص يوافقه فيكون الحكم بالأصالة للنص.[30]
فهذه الشروط كفيلة بتقنين العرف، وكفيلة بإعطائه ومنحه القوة التشريعية حتى لا يصبح القول بالعرف فوضى.
4_ مجالات تشغيل العرف:
من أجل الضبط وإحكام التأصيل للعرف تحدث علماء القواعد الفقهية عن مجالات تشغيله، وهي لا تخرج عن مقاصد الناس في أقوالهم، ومقاصدهم في أفعالهم، وهذا يعني أن العرف يؤخذ به في أمرين حاصرين عامين لا على التضييق:
الأول: إذا جاء حكمٌ من الشرع، أو اسمٌ عُلِّق به حكم شرعي، ولم يُحَدّ، لا في الشرع، ولا في اللغة؛ فإنه يُرْجَع حينئذ إلى العرف ويكون مُحَكَّما، وهو ما يشير إليه الفقهاء بقولهم: (العرف مُحَكَّمٌ) . ومثاله: الإسراف والتبذير، فلم يرد حد في ذلك لا في الشرع، ولا في اللغة، وتختلف أعراف الناس من حيث بلدانهم وأماكنهم، فَيُرجع فيه إلى عرف كل ذي بلد، كلٌّ بحسبه، فما عُدَّ إسرافا عند جمهور بلد معين كان كذلك، وهكذا.
والثاني: أنه قيدٌ -يعني العرف- للمعاملات التي تقع بين الناس من بيع وشراء وعقد نكاح ونحو ذلك ومثاله في البيع والشراء: أن المرء لو باع أرضا؛ فإن العرف يدل على ما بيع ما داخلها وما فوقها، ما لم يشترط المتعاقدان.
ومثاله في عقد النكاح: هو ما يذكره بعض الفقهاء من أنه لو شاع في قُطْر إن المهر مُجَزَّأ، فمنه ما هو حاضر، ومنه ما هو آجل؛ فإن ذلك يكون قيدا عند العقد ولو لم يُذْكَر، ما لم يُسْتَثْنَ من المتعاقدين”[31]
فالعرف[32] إذن ينكشف به حكم شرعي فيما لا نص فيه، حيث لا تلويح ولا إشارة ولا أصل، كما ينكشف به مراد المتكلم، وتشخص به بعض المفاهيم الذي أوكل الشارع أمر تحديدها إليه[33].
وقد شغل الفقهاء العرف في قضايا ومجالات عديدة، اهتدوا فيها بمقصود النص لا بلفظه، وهذه بعض القضايا أسوقها تمثيلا إضافة إلى المثل السابقة:
” أقل سن الحيض والبلوغ، وفي قدر الحيض والنفاس أقله وأكثره وأغلبه”
“وفي حرز المال المسروق”
“وفي التأخير المانع من الرد بالعيب”
“وفي الشرب وسقى الدواب من الجداول”[34].
ومن الموضوعات الفقهية التي كثر اعتبار العرف فيها موضوع: “الأيمان” فتحمل ألفاظها على عرف صاحبها، لا على عرف اللغة أو الشرع، اختلافا لا اتفاقا، بناء على اعتبارات العموم والخصوص في علاقة الحقيقة العرفية للفظبحقيقة الشرعية[35]، ومن الموضوعات أيضا العقود العرفية وألفاظها، التي تحقق مقاصد الشرع، وتقرب مصالح الإنسان، وما أكثر القواعد الفقهية المرتبطة بالعرف من حيث الشرط والاعتبار والوظيفة، ومنها: “كل اسم ليس له حد في اللغة، ولا في الشرع فالمرجع فيه إلى العرف”. ومنها: “للعرف عبرة في معرفة الاسم المراد”.
5_ النتائج المرتبة على المقدمات السابقة
وعلى أي حال فالنتيجة التي نهتدي إليها
أولا: أن: “الأصل في اعتبار العرف والاعتقاد بحجيته هو وجوب رعاية المصالح التي هي كليات الشريعة”، ومعنى هذا: “أن الأصل في هذا الاعتبار هو المصلحة بقول مطلق”.[36]، وقد ربط الشاطبي بين العوائد والمصالح فقال: “إنه لما قطعنا بأن الشارع جاء باعتبار المصالح لزم القطع بأنه لابد من اعتبار العوائد”.[37]
ثانيا: تأكيد إشارة سابقة، وتقريرها: أن العرف يعتبر حصيلة التفاعل بين الإرث الثقافي لأمة أو شعب أو أقلية أو قرية وبين المعطى التشريعي المستمد من الوحي، وذلك انطلاقا من شروط اعتبارية سقناها، ومنها الموافقة وعدم المصادمة، وعدم المصادمة لا يتحقق بالنظر إلى الحالة فقط، وإنما يتحقق بالنظر إلى الكليات المقاصدية، أي أن مقاصد المكلف تتوافق تماما مع مقاصد الشرع، والمصالح التي يقصد المكلف تحصيلها مرجعيتها العامة هي الوحي إن رافق العرف الوحي أو لحقه، فإن سبق فمرجعيته العقل العملي وهو معتبر شرعا.
والتعامل مع العرف بالرؤية السابقة من شأنه أن يضيف قواعد منهجية إلى العقل الأصولي، قواعد منهجية تتكامل فيما بينها لتصبح مشغلا فقهيا بأفق أوسع من سابقه، تجعل الفقه مواكبا للتطور المجتمعي، وللحاجات الإنسانية اللغوية والعملية والثقافية، وسأخاطر بالقول:إن قاعدة العرف أو أصل العرف هو المنفذ الوحيد لصناعة:
- الأصولي والفقيه المؤرخ الذي يعرف القوانين المفسرة للتاريخ والفعل البشري في الزمان والمكان.
- الأصولي والفقيه الذي له تصور عمراني وحضاري لإرث الشعوب اللغوي: والعملي في امتداده وتطوره .
- الأصولي والفقيه الذي فهم حقا معنى الضرب في الأرض والسير فيها والنظر والاعتبار.
ودليل هذا والأصل فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث رسولا ومبلغا، لم يكن يجهل دقائق وتفاصيل الحياة الاجتماعية في شبة الجزيرة العربية، وكان يستعين بالخبراء، فعلى الأصولي والفقيه أن يكون نموذجه في هذا المسلك وقدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليكون في قلب الحدث، حاضرا بعدته المنهجية الاجتماعية والنفسية، بقانون تفسيري وتأويلي للوحي، وبقانون تفسيري وتأويلي للتاريخ والحضارة، بقانون نقدي للأفكار في عالم العقول والمدارك، وبقانون نقدي للأفعال في عالم الحس والمكان، بقانون نقدي للنصوص، وقانون نقدي للتاريخ، وأصولي وفقيه بهذه الرؤية المعرفية سيجعل من الفتوى الشرعية مقصدا برهانيا إلزاميا؛ لا يخرج عن الأصل الموجه والمسدد، الذي هو الوحي ولا يخرج عن أصله المنتج من جهة المناط الذي هو الواقع، ومن ثم لن نسمع فتاوى على الهواء يقدمها من يسكن في البرج العاجي للساكن في الكوخ، أو يقدمها من يسكن بمكة أو المدينة للذي يعيش في مجتمع الأقليات،و لن نسمع فتاوى لا تراعي مقاصد الناس في كلامهم، كبعض المفتين لا يكلف نفسه عناء سؤال المستفتي عن قصدهم في استعمالاتهم،والنتيجة من جملة النتئج الكثيرة: تجاوز الاختلاف المجاني في كثير من الفتاوى و القضايا.
والحاصل:: أن معرفة أعراف الناس بالنسبة للأصولي والفقيه ستمكنه من الإحاطة بجميع زوايا النظر إلى الحكم الشرعي في علاقته بالواقع الإنساني الفردي والمجتمعي، وستعطي هذه المعرفة بعد إخراجها من الضبابية والضيق قوة تشريعية وبرهانية للقضاء والفتوى، وبذلك نكون قد أعدنا الاعتبار إلى جهتين:
جهة الواقع الإنساني المتحرك بكل حمولاته الثقافية، من لغة وتشريع قبلي (شعبي)في العقود والالتزامات وغيرها مع الاعتبار بالشروط الشرعية الموجهة والمسددة.
جهة النص الذي لا يوجه الحياة وينظمها بالألفاظ فقط، _ أي أن مقولة انتهاء النص ولا تناهي الحوادث، إنما تصح لو اقتصر على النص بمعناه اللفظي، _ بل يوجهها من جهة عنصر المعنى والمقصد فيه.
المبحث الثالث: جدلية الاستخلاف والعرف وحرية الإنسان:
1_ تصور العلاقة بين المكونات الثلاثة
هذا تمام الكلام في المقددمة الأولى من المبحث الثاني، والقارئ لهذا العنوان قد يستبد به الاستغراب، والسبب في ذلك أن الأصوليين ما تعاهدوا مفهوم الاستخلاف في متونهم أثناء حديثهم عن العرف والعوائد، وإذا كان هذا التصور الذهني على الأقل يستبد بمخيلتي، فإني مطالب بأن أعمل ما في وسعي وحيلتي من أجل تجلية علاقة الأول بالثاني. لعلني أوسع بذلك مجال النظر إلى العرف، ومجال النظر إلى الاستخلاف الذي يقوم على تحقيق الالتزام بالتكليف، والتكليف يقوم على شروط اعتبارية محصلةلصفة مكلف،أي محققة لما من شأنه أن يجعل الفرد والجماعة مؤهلة لهذه الأمانة، فهي عناصر ثلاثة إذن توسع من مجال رؤيتنا إلى علاقة النص بالواقع.
الأول: عنصر العرف بالخصائص المنهجية والمعرفية السابقة، والتي تجعل منه مدخلا لفهم واقع الإنسان فردا وجماعة، عملا وقولا، نفسا وسلوكا.
الثاني: عنصر الاستخلاف الذي هو الغاية من خلق الإنسان.
الثالث: عنصر شروط التكليف المنحصرة في القدرة والعقل والإرادة والاختيار والحرية.
والعناصر الثلاثة نربط بعضها ببعض وفق الصياغة والتركيب الآتي:
إن المجال الذي يتحرك فيه الإنسان وينتج فيه، وتفاعل فيه مع بعضه البعض هو الواقع، وحركة الإنسان وتفاعله هي التي تشكل تاريخه، وتشكل ما جرى به عمله وأعرافه وعوائده، فلا يوجد إنسان بدون لغة، ولا يوجد إنسان بدون تراث، فاللغة تراث شفهي يتناقله الجيل عن الجيل، والعمل تراث فعلي يتناقله الجيل عن الجيل، ولست أقصد شيئا غير العرف العملي والعرف القولي بخصوصيتهما وعموميتهما، وهذا الموروث هو الذي يشكل الحضارة وينتج البناء العمراني لأي أمة حتى قبل أن تعرف الإسلام، إذ ذاك تشغل مكونا واحدا من مكونات الاستخلاف الذي هو العقل فقط، والواقع ذاك الذي يتحرك فيه الإنسان بالشكل الذي وصفت هو مجال الاستخلاف، والمستخلف إنما يقوم بما استخلف به وعليه، بشرط تحقق حريته وعقله واختياره وإرادته وقدرته، أي أنه في إنتاجه العرف باعتباره معطى عقلي لا يصادم الوحي ويتكامل معه، وكتطبيق لمقتضى الاستخلاف _ ينطلق من شروط تجعله مسؤولا عن أفعاله ” آمل أن أكون قد ربطت بين هذه العناصر وإن بخيط رقيق، لأنه يعسر الربط لعسر الفكرة في المفكرة، ولوجودها في الذهن وجودا غير مكتمل
وأقول: إن الرؤية المقاصدية التي بدأت مع الشاطبي باعتبار واعتماد الحكمة والمصلحة والغاية بعد أن كانت مع الأصوليين تقوم على الوصف المناسب أصبحت الآن تنظر من منظور آخر سنني أكثر برهانية، وأصبح البعد الواقعي حاضرا بشكل أقوى، وأصبح الاستخلاف بحمولته التعبدية والتربوية والعمرانية أدق مصطلح يعبر على الغاية من وجود الإنسان، وهذا المنظور يقوم على التفاعل بين ثلاثة عناصر:
الأول: الوحي، ووظيفته البيان والإرشاد، والتسديد والتأييد.
الثاني: العقل ووظيفته شرطية التكليف، وفهم أصل التكليف الذي هو الوحي، والوصول بمعونة هذا الأصل إلى صاحب التكليف وهو الله سبحانه وتعالى.
الثالث: الواقع وهو مجال التكليف، ومحل تفعيل الوحي، وموقع استثمار العقل في إنتاج ما يخدم الأمة، ولعل هذا التفاعل هو الذي يرشد إليه عنوان كتاب الدكتور النجار عبد المجيد:”خلافة الإنسان بين الوحي والعقل: بحث في جدلية النص والعقل والواقع”، وهذه الثلاثة هي الجدران المحطيةبالصناعة المقاصدية والتي يصفها الدكتور العضراوي عبد الرحمان بقوله:”هي التي شكلت مرجعية الاجتهادات الصادرة عن المهتمين بالمعرفة المقاصدية ابتداء كالأصوليين، وبالتبع كالفقهاء وبعض المتصوفة”[38]. وداخل هذا المنظور أصبحت الرؤية المقاصدية تقوم على
قانون الإثبات، ومنه: “الاعتماد على الاعتبار في سنن التاريخ”[39]، ومن مداخل هذا الاعتماد معرفة الأعراف،
قانون التفعيل، ومنه:”تجاوز الدلالة الظاهرة إلى الدلالة الخفية، والحكمة البالغة التي يقتضيها منطق الشرع، ومنطق اللغة، واعتبار الشريعة معقولة المعنى”[40]، ولا تفعيل بدون استحضار الواقع الذي هو:”معادلة معقدة تتشابك فيها سلطة القوة، والمصلحة والأخلاق، ودراسته تقوم على الملاحظة والتجربة واكتشاف السنن”[41]، والعرف أو المعرفة بأعراف الناس، وعوائدهم طريق إلى معرفة هذا الواقع في مستوييه أو مستوياته.
مستوى السلطة الاجتماعية (القوة، المصلحة والأخلاق).
مستوى السلطة المعرفية (العقل المنتج للتجارب والأفكار التي أصبحت تنظم الأمة كأعراف).
مستوى السلطة التقويمية (مدى قيام العرف أو ما جرى به العمل أو العوائد بتحقيق مصالح الأمة، ثم ما هي الأسباب التاريخية التي تجعله قادرا أو غير قادر، أو قادرا بمستوى معين أو قادر في مكان دون مكان؟ وهكذا…
2_ دلالة الاستخلاف وصلتها الموضوع
اتضح مما سبق ولو بإجمال أن العلاقة بين العرف والاستخلاف ثابتة، وأن الاستخلاف في تقدير بعض الباحثين[42]يعتبر أساسا معرفيا للقول المقاصدي، وبقي أن نتتبع معانيه في القرآن الكريم للبرهان على قوة العلاة بين المكونات الثلاثة، وحاصل معانيه كما يلي:
أولا:التتابع الزمني، والوراثة والإحلال محل قوم آخرين، يخلف قوم بعضهم قرنا بعد قرنا أو جيلا بعد جيل، ومن الآيات الدالة على هذا قوله تعالى﴿æo]A¨b~aôEö÷YERöÑÓnu%&A÷~.öÓ§,BÓѸsöÌöù^rvö³ù÷~.ö³`YöFdtê]iÓnÀhbÑæt÷~.öóEö³ù$÷~.öætù^qóEöbEöçj>Aobs.öÌ^rAæoÌ^r;`A÷~.öö]iÓmöÓÑÓ§,BæYWö]iöaZévöùùqö÷mÓYöFø}÷pö]ZXÀpaZöF÷~.ö]rA]ZtæoPYXPTö>iö]Z>j@¢A$Löö] ÌÓYöF>Aobs.öÌ^rBÓöYXÓ§]¥AÓ§çf/@]A÷~.ööNiÓm]jæupöbùöiö÷YWöaF(68)﴾[43] وقوله تعالى:﴿>Aobs.öÌ^rAæoÌ^r;`A÷~.öö]iÓmöÓÑÓ§,BöæYWö]iöaZévöùùqö÷mÓYöF¾rBÓn÷~.ö%&AdpöÓYöFæoPYXPõ÷t]@¢Aæuo.^qöøZNôEö]FvöùBæçjpöbcözLAtpcaZXæupöaôEø>óEö]Fæo*gBÓöYERöÑ>j@]A$LBöFpöbEöbYöF>Aobs.öÌ^rBÓöYXÓ§]¥AÓ§çf/@]A]æo>A÷pö]Eö÷mö]FPYXPõ÷t]@¢AævöFùqøy÷YWb(73)﴾[44]. وغير خاف ما بين هذا المعنى ومعنى العرف من تقارب إذ الجيل بعد الجيل حاضر. فالعرف هو ما تعارف عليه الناس وتتابعوا عليه، وغير خاف ما في معنى الاستخلاف هنا من مؤشر الإيجاب﴿æo]A¨b~aôEö÷YERöÑÓnu%&A÷~.öÓ§,BÓѸsöÌöù^rvö³ù÷~.ö³`YöFdtê]iÓnÀhbÑæt÷~.öóEö³ù$÷~.öætù^qóEöbEöçj>Aobs.öÌ^rAæoÌ^r;`A÷~.öö]iÓmöÓÑÓ§,BæYWö]iöaZévöùùqö÷mÓYöFø}÷pö]ZXÀpaZöF÷~.ö]rA]ZtæoPYXPTö>iö]Z>j@¢A$Löö] ÌÓYöF>Aobs.öÌ^rBÓöYXÓ§]¥AÓ§çf/@]A÷~.ööNiÓm]jæupöbùöiö÷YWöaF(68)﴾ ﴿>Aobs.öÌ^rAæoÌ^r;`A÷~.öö]iÓmöÓÑÓ§,BöæYWö]iöaZévöùùqö÷mÓYöF¾rBÓn÷~.ö%&AdpöÓYöFæoPYXPõ÷t]@¢Aæuo.^qöøZNôEö]FvöùBæçjpöbcözLAtpcaZXæupöaôEø>óEö]Fæo*gBÓöYERöÑ>j@]A$LBöFpöbEöbYöF>Aobs.öÌ^rBÓöYXÓ§]¥AÓ§çf/@]A]æo>A÷pö]Eö÷mö]FPYXPõ÷t]@¢AævöFùqøy÷YWb(73)﴾[45].ومعنى هذا أن العرف، _ وحيث أطلقته هنا أقصد به العرف الصحيح المنسجم مع الشرع _ هو مفعول ومنتوج الفعل الاستخلافي القاصد الصادر من الإنسان الواعي المريد الحر في تفاعله مع الواقع الذي يعيش عليه.
ثانيا: الملك والتسلط والوكالة والنيابة أي يخلف الله تعالى في الحكم بين الخلق بالعدل والحق. ومن الآيات الدالة على هذا قوله تعالى﴿ar’boA\qö#<ÓöFBNZöF;`A\#<]óEö>iöÓmöÓÑLöæYWöEöùöiö]ZPYXPõ÷t]@¢A~.öö÷BÓöYXævö÷EöÓYöFPwBMöóEöj@]A³PTöÓ>jB`YöF]æoølö`YEöNôEö]F?¬Épöæ>j@¢A\öNiRObEÓöYXvÓnPhEö`YEæz$çf/@¢Adu;`AævöFù^qj@]AæupöiROÓöFvÓnPhEö`YEæzçf/@¢A÷~b]j¸_CA\^qöÓnÂqöFùq\{zBÓ`YöF>Apcöy]ZöFÓ}÷pÓöFR_CBæyø>j@]A(25)﴾[46]. وقوله تعالى﴿\qöÓnæofb/@]AævöFù^qj@H>ApöaóEöÓAÓ§÷~.ööóEöù>ApöaiùÓnæoøD#<Óùöi#<fj@H÷~bMöóEöæYWùöiöZ>]ôEö÷yÓöEö]jPYXPõ÷t]@¢ABÓ\öæV]iöZ>]ôEö÷zQ]AævöFù^qj@]Avöù÷~Pùöiö÷YEö]ZXdv]óEö±øöÓbEö]jæo÷~b]jb~b]óEöFùrù^qj@HêÒO]F÷t¢QA÷~b]j~bMöóEö]jÐùqÓöYEöbEö]jæoévö³ùùqö÷mÓYöF¨b~P`YX÷pö]Z$LBóE÷%&AöçóEö]ZöFo.qöbYEö÷mÓöF]æup.öPsÌ{yböFPYöF$LBè<<÷Eö\{zvöÓæoÓsöæYW\ö\qö÷mÓYöF\çjü\^r\«<E]×jØo£BÓöYXb~aæupöaZWøy#<æYW>j@H(53)﴾[47]([48]).وعلى هذا المعنى من الاستخلاف يجب أن يكون العرف، عرف يروم حماية الحقوق والمصالح وضمان الاستقرار، وهو منتوج العقل العملي الذي منحه الله سبحانه الإنسان ليميز به الخبيث من الطيب، والقبيح من الحسن، وهكذا دواليك.
والحاصل: أن الأعراف الصالحة الصحيحة المعتبرة شرعا، أو المرسلة التي لا تتصادم مع الشرع جزء عظيم، ونتيجة حضارية وعمرانية لقيام صاحب العرف الذي هو الأمة بمتعدد مستوياتها بواجب ومهمة الاستخلاف. نعم توجد مقاصد استخلافية توقيفية لا دخل للإنسان في تكوينها مثل العبادات؛ من صلاة، وصيام، وزكاة، وحج، وغيرها من العبادات، التي يعبد بها العابد ربه وفق ما يضبطه به من عدد الركعات، وعدد الأشواط، وقدر الزكاة وغيرها، ولكن حول هذا التوقيف هناك مجال للمارسة التوفيقية في الفعل الاستخلافي كالعمارة في بناء المساجد، والتنظيم في جمع الزكاة وتوزيعها، وتنظيم شؤون الحج، والعادات الحسنة، والأعراف الصالحة التي ترافق هذه العبادات.
3_ الفعل الاستخلافي من منظور محمد باقر الصدر:
أحسب أن الشيخ محمد باقر الصدر في كتبه: “السنن التاريخية في القرآن”، و” التفسير الموضوعي”، و”خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء”، اعتنى بالاستخلاف عناية جعلته كما يقول الأستاذ عبد الرحمن العضراوي مفهوما واسعا عنده[49]، وذلك أنه وقف مع عناصر الاستخلاف وحددها في ثلاثة، منطلقا من قوله سبحانه وتعالى﴿Ì^r;`Aæo*gB]ZX\eYöFætù\ö«<Eö]×i<Ó>içjç²ZöF;`A·hùnBÓÑPYXPõ÷t]@¢A$LöæYWöEùöiö]Z>ApöajB]ZX+höÓmö÷Ñ]öF%&ABæEö`YXØvöÓ.qøyö÷YWeöFBæEö`YX.`YWö÷yÓöFæoÓ§,BÓÐùqj@Hbv÷]ZöFæob³`YEöæyaZöF\ ùqö÷Ó`YöFcwÐùqö]ZWöaZöFæo$\]j*gB]ZXæù²ZöF;`Ab~]iö÷n%&ABÓ]æupöb]iö÷mö]F(29)﴾[50].والانطلاق من هذه الآية إنما أملته على باقر الصدر تساؤلات هي على التوالي:
ما هي عناصر المجتمع من زاوية نظر القرآن الكريم؟
وما هي مقومات المركب الاجتماعي؟
وكيف يتم التنفيذ بين هذه العناصر والمقومات؟
وضمن أي إطار ووفق أي معادلة؟[51].
إن الآية السابقة كفيلة بالإجابة عن هذه الأسئلة أو التساؤلات السننية،
فالعناصر إذن حسب الآية وآيات أخرى:
أولا: الإنسان.
ثانيا:الأرض أو الطبيعة على وجه عام { ç²ZöF;`A·hùnBÓÑPYXPõ÷t]@¢A$LöæYWöEùöiö]Z}.
ثالثا:العلاقة المعنوية التي تربط الإنسان بالأرض وبالطبيعة، وتربط من ناحية أخرى الإنسان بأخيه الإنسان، وهذه العلاقة المعنوية هي التي سماها القرآن بالاستخلاف”[52]. فلا يوجد مجتمع يعيش فيه الإنسان مع أخيه الإنسان، ولا يوجد مجتمع بدون أرض، تبقى العلاقة بين الطبيعة و الإنسان، والعلاقة بين الإنسان و الإنسان، وهذه العلاقة هي العنصر المرن من عناصر المجتمع كما يقول باقر الصدر، وهي علاقة تأخذ أكثر من صيغة.
ربط رؤية باقر الصدر بالتصور الواقعي ووالحضاري للعرف
يعنيني مما سبق في علاقة العرف بالاستخلاف هو: أن العرف باعتباره تفاعلا بين الإنسان و الإنسان داخل قاعدة الاستخلاف من شأنه أن يتدخل في توجيه هذه العلاقة نحو المصلحة العامة والمشتركة، أي من خلاله تتجسد “روح الأخوة العامة في كل العلاقات الاجتماعية بعد محو ألوان الاستغلال والتسلط، فما دام الله سبحانه وتعالى واحدا ولا سيادة إلا له، والناس جميعا عباده ومتساوون بالنسبة إليه، فمن الطبيعي أن يكونوا إخوة متكافئين في الكرامة و الإنسانية والحقوق”.[53]
على سبيل الختم:
العرف الصحيح إذن مدخل من مداخل الأصولي والفقيه إلى تشكيل رؤية منهجية مركبة تراعي ما هو اجتماعي ونفسي وتاريخي وحضاري وسننين وتكون تلك الرؤية منتجة للمقاصد العلمية والعملية الآتية:
- تفعيل العلاقة بين الوحي والواقع.
- تفعيل العلاقة بين الأصولي صانع المنهج وبين الواقع الذي يثمر جزءا من ذاك المنهج.
- تفعيل العلاقة بين الفقيه والواقع باستثماره المنهج المصنوع في الإجابة عن مركب معقد من المستجداتالحاصلة في هذا الواقع الذي يسير بوتيرة سريعة.
- فهم الواقع في شتى أبعاده.
- تفعيل الرؤية المقاصدية القرآنية من أجل إضافة عنصر الروح إلى الفعل البشري، الذي أصبح يتحرك في أفق واحد هو الأفق المادي، والمثمر من وجهة نظري في كل ما سبق هو: الانطلاق من أساس الاستخلاف الذي يقتضي وجود التوحيد والعقيدة والانسجام مع الفطرة، ويصبح الفعل الذي يصدر من الإنسان بقدرته وحريته وإرادته واختياره خاضعا لما “استقر في النفوس من جهة العقول، وتلقته الطباع السليمة بالقبول”.
[1])سورة محمد/ الآية 7
[2])ابن فارس”معجم مقاييس اللغة”4/281
[3]) القرافي” شرح تنقيح الفصول”ص 448
[4])عبد الوهاب خلاف”علم أصول الفقه”ص 89
[5])علي حب الله”دراسات في فلسفة أصول الفقه والشريعة ونظرية المقاصد”2/439
[6])مصطفى الزرقا”المدخل الفقهي العام”2/838
[7])صالح بن محمد بن حسن آل عمير”مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية”93
[8])علي حب الله”دراسات في فلسفة أصول الفقه والشريعة ونظرية المقاصد”2/438
[9])نفسه 2/438_439
[10])تنظر هذه الفروق بحرفيتها خالية من التصرف في عبارتها عند الزحيلي في كتابه أصول الفقه”2/832 وقد نقلها من الدكتور عبد العزيز الخياط في دراسته التي أطلق عليها”نظرية العرف”
[11])الزحيلي “أصول الفقه”2/832
[12])ينظر”الوجيز في أصول الفقه” محمد مصطفى الزحيلي 1/266
[13])ينظر المرجع السابق 1/267
[14])ينظر على سبيل المثال”الأشباه والنظائر”للسيوطي” ص 93_94 و”الأشباه والنظائر”لابن نجيم ص 82_83
[15])علي بحب الله”دراسات في فلسفة أصول الفقه والشريعة ونظرية المقاصد”2/440
[16])القرافي”تنقيح الفصول”جزء شرحه وحققه احد الباحثين2/
[17])محمد مصطفى الزحيلي”الوجيز في أصول الفقه” 1/266_267
[18])القرافي” شرح تنقيح الفصول”ص 448
[19])وفي تقديمها على دلالة الشرع كلام،من جهة العموم والخصوص.
[20])أي ناقل
[21])القرافي”شرح تنقيح الفصول” ص211
[22]) أحمد أبو سنة ” العرف والعادة في رأي الفقهاء” ص 91
[23]) الزرقا ” المدخل الفقهي العام”2/888
[24]) ذكر هذا التفصيل أحمد بن علي بن سير المباركي في تحقيقه كتاب”العدة في أصول الفقه”للقاضي أبي يعلى 2/595 هامش 2
[25])وفق السنن التاريخية
[26]) عبد الوهاب خلاف “علم أصول الفقه” ص 90
[27]) القرافي “أنوار البروق في أنواء الفروق” 1/ 176
[28]) علي حب الله ” دراسات في فلسفة أصول الفقه” 2/443
[29])عبد الكريم النملة”لجامع لمسائل أصول الفقه وتطبيقاتها على المذهب الراجح”ص394_395 وانظر له أيضا”المهذب في أصول الفقه”3/1022
[30]) محمد صدقي بن أحمد بن محمد البورنو أبي الحارث الغزي “الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية”ص 281
[31])مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية 93_94
[32])العرف لما يعتبره الشرع يتحول إلى معطى تعبدي وهذه هي الإضافة
[33])علي حب الله”دراسات في فلسفة أصول الفقه “2/450
[34])البورنو”الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية”282
[35])فابن نجيم مثلا لما تحدث عن جريان الإيمان على الأعراف ذكر بعض المستثينات لا تجرى فيها الإيمان على العرف وإنما على الشرع.أي على استعماله.”الأشباه والنظائر”84
[36])علي حب الله”دراسات في فلسفة أصول الفقه “2/444
[37])الشاطبي”الموافقات” 2/234
[38]) عبد الرحمن العضراوي”مدخل تأسيسي في الفكر المقاصدي” ص45
[39]) نفسه ص 48
[40]) نفسه ص 48
[41])نفسه ص 49
[42])جعله الدكتور عبد الرحمن العضراوي ثالث ثلاثة بعد العقيدة والتوليد المقاصدي،والفطرة والنظر المقاصدي والثالث هو الاستخلاف والفعل المقاصدي
[43])الأعراف 68
[44])الأعراف 73
[45](الأعراف /الآية 73
[46])سورة ص/ 25
[47])النور / الآية 53
[48])ينظر “مدخل تأسيسي في الفكر المقاصدي” عبد الرحمن العضراوي ص 88_90
[49]) “مدخل تأسيسي في الفكر المقاصدي” عبد الرحمن العضراوي / ص 92
[50])البقرة 29
[51])محمد باقر الصدر “السنن التاريخية في القران الكريم” ص 103
[52])نفسه ص 103
[53])باقر الصدر”خلافة الإنسان” ص 12 نقلا عن الدكتور العضراوي في “المدخل” ص 92