حصريا

مقابر الأنبياء فى أرض الأسراء دراسة توثيقية – د.محمد سالمان -مصر-

0 39

مقابر الأنبياء فى أرض الأسراء

دراسة توثيقية

د . محمد سالمان

القاهرة

 

سألني سائل ذات يوم عن سرّ محبة الناس للقدس وفلسطين وكيف هى ملتقى الأديان ؟  قلت: لأنها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، وإليها كان الإسراء ومنها كان المعراج ،و هى مهد المسيحية ، لم يقتنع الرجل بالإجابة،  فذكرتُ له أن أرض فلسطين احتضنت كثيرا من أجساد الأنبياء والمرسلين ، فشدّ على أيدى أن أذكرهم له .

وبعدها رحت أنقّب فى الكتب عما احتضنتهم تلك الأراضى من رفات الأنبياء والرسل ، وليس الهدف من المقال تقديس القبور أو طلبا لشفاعتهم أو التوسل بهم ، لكن إعلاء لشأن تلك الأراضى وغرس قيمة الولاء ، وتأصيل المحبة فى نفوسنا نحو هذا البلد .

تعود تسمية ( فلسطين ) كما يقال إلى فلسطين بن سام بن نوح ، وقيل : إلى فلسطين بن كلتوم ، وقيل : إلى فلستين بن كلوخيم من بني يافث بن نوح ، وقال هيرودوت: أن الكلمة آرامية الأصل ، اشتُقت من ” بالستين ” والمقصود بها الأراضى الساحلية من جنوب سوريا حتى سيناء .

وينبغي أن نؤكد أن كثيرا من نصوص التوراة تحدثت عن وجود الشعب الفلسطيني فى تلك الأراضى قبل وصول العبرانيين إليها ، منها على سبيل المثال ” الإصحاح العاشر من سفر يشوع ” ،و ” والإصحاح الثالث عشر من سفر يشوع ” ،و ” سفر صموئيل الثاني الإصحاح الخامس ” … وغيرها وعلى هذا فإن نصوص التوراة تؤكد هوية سكانها بأنهم شعوب عربية سامية .

نعود إلى ما بدأناه فى صدر المقال حيث أجساد الأنبياء التي تضمّهم هذه الأراضى المباركة .

* نبي الله ” شيث ” وهو ابن آدم -عليه السلام –  قيل: كانت ولادته بعد مُضي خمس سنوات من حادثة قتل قابيل لأخيه هابيل ، و شيث بمعنى ” هبة الله ” ،و أن اختيار هذا الاسم كان بواسطة جبريل – عليه السلام – على نحو ما ذكره الطبري فى تاريخه .

أما عن مكان دفنه ، فقد أجمع المؤرخون على أنه دُفن مع والديه فى غار فى جبل أبي قبيس بمكة المكرمة ، وفى زمن نوح – عليه السلام –  وقُبيل الطوفان ، حمل نوح تلك الجثامين معه فى السفينة إكراما لهم ،و اعتزازا بهم ،و بعدها اختلف الؤرخون فى الدفن الثاني ، فقد ذهب الطبري إلى أنهم عادوا مرة أخرى إلى مكانهم الأول ، أما ابن الأثير  فى تاريخه ، وكذلك مجيد الدين الحنبلي فى كتابه ” الأنس الجليل ” فيقولان أن نوحا دفنهم ببيت المقدس ، بينما ذكر ابن جبير فى رحلته ، و العمري فى ” مسالك الأبصار ” أن قبر ” شيث ” فى قرية ” بشرعين” وتُعرف الآن باسم ” النبي شيث ” وهى قرب كرك نوح فى البقاع اللبناني .

* نبي الله نوح ، وهو نوح بن لامك بن متوشلح بن إدريس ، أمه  : قينوش بنت براكيل بن محويل بن إدريس ، وهو أول نبي بعد إدريس – عليه السلام –   وهو أول الأنبياء الخمسة أولى العزم ، ويُقال عنه بأنه ” أبو البشرية الثاني ” بعد آدم عليه السلام ، و تعدّدت الآراء عن مكان دفنه  ، قيل : دُفن فى منطقة ” الخليل ” بفلسطين ، ويوجد هناك مزار يُعرف باسم ” قبر نوح ” ،  وقيل:  دُفن داخل الحرم الإبراهيمي بالقدس  ،وقيل : دُفن فى منطقة بحر النجف ، وهو بالقرب من مقام الإمام علي بالعراق ، أما الرأى الرابع وهو ماذكره ابن جبير فى رحلته وأشار إليها ياقوت الحموي فى معجمه بأنه فى ” كرك نوح ” فى البقاع اللبناني .

* نبي الله ” صالح ” وهو صالح بن عبيد بن آسف بن ماشج بن عبيد بن حاذر بن ثمود بن إرم بن سام بن نوح ، استوطن الثموديون المنطقة الشمالية الغربية لشبه الجزيرة العربية،  جنوب الشام ،وقد تميزوا بالثراء والغنى وطول العمر ، أُرسل إليهم صالح  – عليه السلام –  قيل: وهو ابن ستة عشر عاما ، وقصة صالح وناقته مع قومه معلومة ومشهورة ،و للمؤرخين آراء مختلفة فى تحديد مكان قبره ، ويمكن إجمالها فى أن وفاته بمكة ودُفن فيها  وهو ما ذكره الطبري ، وقيل : أن قبره باليمن وتحديدا بحضرموت وهو رأى ابن الأثير ، بينما ذهب الحنبلي إلى أن قبرة بمدينة الرملة بفلسطين ، وذهب القلقشندي وابن بطوطة وابن جبير بأن وفاته وقبره بمدينة عكا بفلسطين ، وقال ياقوت الحموي: أن قبره بالناصرة من أعمال فلسطين .

وإن كنا نرجح أن قبره بالرملة لكثرة الروايات وأن له شهرة هناك ومكان لزيارة القبر الشريف .

* نبي الله ” إبراهيم ”  وتُلفظ أفراهام  ومعناه الأب الرفيع أو الأب المكرّم  ، هو إبراهيم بن تارح بن ناحور بن ساروغ بن أرغوا بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، هو خليل الرحمن ، سنّ لنا سننا عشرة لم تنسخها شريعة من الشرائع ، وهى زينة للرجال،  خمسة منها فى الرأس،  وهى : حلق الرأس، قص الشارب ، إعفاء اللحى،  السواك ، تخليل الأسنان،  وخمسة منها فى البدن ،وهى : الغسل من الجنابة،  تقليم الأظافر،  حلق الشعر من البدن والعورة ، الختان ، الطهور . طاف إبراهيم مناطق كثيرة بشبه الجزيرة العربية ورحل إلى العراق والشام وفلسطين وغيرها ، وتواترت الأخبار بأن وفاته كان بفلسطين ، وأن قبره الشريف بجوار بيت المقدس ، ومن ثم سُميت تلك المنطقة باسمه .

* نبي الله ” لوط ” هو لوط بن هاران بن تارح ، وقيل: أن هاران عم إبراهيم  – عليه السلام –  وقيل: أنه عليه السلام هو شقيق سارة زوجة نبي الله إبراهيم،  سكن لوط بأطراف بادية الشام وتحديدا فى منطقة الأردن ، ولم يكن له فى هذه البلاد قوم ولا عشيرة حتى يناصروه ، ولذلك عندما حلّ العذاب بهؤلاء القوم ، كان لوط قد خرج منها ، وأقام بإحدى قرى الشام ، تكاد تجمع المصادر كمسالك الأبصار  والأنس الجليل وغيرها أن قبره الشريف فى قرية ” بني نعيم ” بفلسطين .

* نبي الله ” إسحاق ” ، هو إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهما السلام ، أمه : سارة بنت هاران الأكبر ، زوجته : رفقا بنت بتويل بن إلياس بن قبيصة ، أنجب منها إسحاق ولدين توأمين  هما : عيص ويعقوب ، توفى بالشام ، ودُفن بجوار أبيه إبراهيم ، بمنطقة الخليل كما ذكر ابن الأثير ، وفى المنطقة نفسها يوجد قبر زوجته ” رفقا ” .

* نبي الله ” يعقوب ” هو ابن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ، لقبه المعروف ” إسرائيل” ومعناه بالسريانية” عبدالله ” تزوج ابنة خاله ” راحيل” بنت ليان بن بتويل بن إلياس، ، وأنجب منها ” يوسف ” و” بنيامين” ، أما أولاده الآخرون فمن جاريتين غيرها . أقام يعقوب وأبناؤه فى فلسطين، وأوصى أبناءه بأن يُدفن إلى جوار جده إبراهيم،  وأبيه إسحاق وبالفعل فإن قبره الشريف فى الحرم الإبراهيمي ، أما ” راحيل ” أم يوسف فإن قبرها فى الطريق بين القدس والخليل فى مدخل مدينة ” بيت لحم ” وهو ما يؤكده  الطبري وكذلك ابن الأثير  .

اما قبر ” يوسف ” عليه السلام ففيه قولان  : ذكر ابن بطوطة أن قبره بجوار جده إبراهيم فى الخليل ، بينما ذكر ياقوت الحموي أن قبر يوسف فى ” نابلس ” على أرض مرتفعة فى قرية ” بلاطة ”  .

* نبي الله ” أيوب ” هو ابن موص بن رازخ بن روم بن عيص بن إسحاق بن أبراهيم – عليه السلام – أمه إحدى بنات لوط  – عليه السلام  – وزوجته ” رحمة” بنت يوسف – عليه السلام –  أتاه الله بسطة فى الجسم والعقل والمال ثم اختبره فصبر ، فصار مضرب الأمثال فى الصبر ، اختلف المؤرخون فى مكان  قبره الشريف ، فقيل : قبره ” بحوران ” إحدى نواحي دمشق ، وقد ذكره ياقوت الحموي ، وقيل : عاش أيوب بالشام وقبره فى قرية ” كفل حارس ” بناحية نابلس بفلسطين على ما أورده الحنبلي فى ” الأنس الجليل ” ، على أن بعض الباحثين المعاصرين ذكر أن قبره الشريف فى محافظة السلط بالأردن .

* نبي الله ” شعيب ” بن ضيعون بن عنقا بن نابت بن مدين ، اسمه فى التوراة ” رعوئيل ”  من ذرية إبراهيم الخليل،  وقيل : شعيب بن ميكائيل بن يشجب بن مدين  ، من ولد مدين ، وهو ابن بنت لوط – عليه السلام – وكان موسى – عليه السلام – زوج ابنته ” صافوراء” ، يقال له ” خطيب الأنبياء ” لفصاحته ودقة ألفاظه وحسن بيانه ، أقام بالشام ورحل إلى مكة ، ثم عاد إلى الشام،  وعمّر طويلا ، وأجمع المؤرخون مثل ياقوت ، و العمري،  والحنبلي وغيرهم أن قبره الشريف فى قرية ” حطين ” وهى واقعة بين عكا وطبرية .

* ” موسى ” عليه السلام ، هو ابن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق ، أمه : يوكايد بنت أشموئيل   من ولد إبراهيم  عليه السلام ، زوجته : صافوراء بنت نبي الله شعيب ، أكثر الأنبياء ذكرا فى القرأن الكريم  ، ذكر المؤرخون أنه ليس لديه ذرية ، بخلاف الطبري الذي ذكر له ولدين ” جرشون ” و ” إيليعازر ”  كان أخوه ” هارون ” أكبر منه سنا ، وقد توفى قبل موسى  ، ودُفن فى جبل الطور  بسيناء كما جاء فى سفر التثنية  ، أما موسى فقد ورد فى العهد القديم أنه توفى فى جبل نبّو قبالة ” أريحا ” ودُفن هناك ، ولم يُعلم مكان قبره تحديدا ، ولكن فى الطريق بين القدس وأريحا يوجد مقام مشهور للنبي موسى ، وهو إمام جبل نبّو ، ذكر ذلك الهروي فى كتابه ” الإشارات ”   بينما ذكر  العمري فى مسالك الأبصار أن قبر موسى فى أريحا .

* نبي الله ” يوشع ” بن نون بن إفرائيم،  من ذرية يوسف  – عليه السلام – وهو وصي موسى وصهره على أخته مريم  بنت نون ، وقيل : أنه دعا الله تعالى فردّ عليه الشمس مرة أخرى وزاد فى نهار يوم الجمعة حتى قبضوا على أعدائهم الجبارين وأنزلوا بهم الهزيمة قبل أن يدخل عليهم يوم السبت وهو محرّم القتال فيه ، أما قبره الشريف ، ففيه أقوال : ورد فى العهد القديم و تحديدا فى سفر يشوع ، الاصحاح 24 الفقرة  29 أنه دُفن فى تمنة حارس على جبل أفرايم،  وهى إحدى قرى مدينة اللدّ بفلسطين ، بينما ذكر ناصر خسرو فى كتابه ” سفر نامه ” أن قبر يوشع بالرواق الشرقي من مسجد الياسمين فى منطقة ” طبرية ” بفلسطين ، وقال الشيخ عبدالغني النابلسي فى كتابه ” الحضرة الأنسية” أن قبره فى منطقة ” كفل حارس” بفلسطين ، بينما ذكر الهروي فى كتابه ” الإشارات إلى معرفة الزيارات ” أن قبر يوشع فى قرية ” عورتا ”  وهى فى الطريق بين القدس ونابلس وهو رأي ذهب إليه ياقوت الحموي أيضا.

* نبي الله ” حزقيل”  بن نوري ، هو ثالث الأنبياء بعد موسى  – عليه السلام – فى بني إسرائيل ، وقد سبقه يوشع بن نون ، وكالب بن يوفنا عليهما السلام ، ويُسمى ” ابن العجوز ” ذلك لأن أمه كانت عقيما ، وكبر سنها ، فتوسّلت إلى الله وسألته ولدا ، فاستجاب الله لدعائها ورزقها بحزقيل ، وقد أشار القرآن الكريم إليه وذلك فى سورة البقرة وتحديدا فى الآية 243 ، وعن مكان قبره الشريف فقد ورد فى العهد القديم ، سفر الأيام  2 ، فقرة  32 ، 33 أنه فى الشمال الغربي لمدينة القدس ، وقيل : إنه بقرية ” الرامة ” التابعة لقضاء جنين بفلسطين ، غير أن  العمري فى كتابه ” مسالك الأبصار ” ذكر أن قبره غرب كرك نوح بالبقاع اللبنانية .

* نبي الله ” يونس ” عليه السلام ، هو ابن متّى ، ومتّى هى والدته ، ويُعرف فى اليهودية والمسيحية باسم ” يونان ” ، ولم يُنسب نبي من الأنبياء إلى والدته غير عيسى بن مريم ، ويونس بن متّى ، أقام فى ” نينوى ” بالقرب من الموصل بالعراق ، ولبث فيهم نحو ثلاثة وثلاثين عاما ثم تركهم بعدما أوشك أن يقع بهم عذاب الله ، وقصته مع الحوت معروفة ومشهورة ، وعن قبره الشريف ، اختلفت الأقوال إلى ثلاث ، الأول :  أن قبره بنينوى بالعراق بالقرب من الموصل نظرا لارتباط دعوته بهذه المنطقة ، وقد أشار إليه ابن بطوطة،  والثاني : أن قبره فى منطقة ” الجية” فى لبنان ، حيث يُعتقد أن الحوت قد لفظه بهذه المنطقة ، والثالث : أن قبره فى فلسطين ثم اختلفوا فى تحديد المكان ، حيث ذكر الهروي فى ” الإشارات ” و العمري فى ” مسالك الأبصار ” ، والحنبلي فى ” الأنس الجليل ” ، وعبدالغني النابلسي فى ” الحضرة ”  أن قبره فى قرية ” حلحول ”  ، وهى فى الطريق بين كفر حارس ،والخليل ، بينما ذكر ناصر خسرو فى ” سفر نامه ” أنه فى كفر كنّا ، وهى على الطريق الشمالي لمدينة الناصرة ، وهو أيضا ما ذكره ياقوت الحموي فى معجمه .

* نبي الله ” ذو الكفل ” ، اختلف المفسرون وأصحاب السير فى اسمه ونسبه وكذلك فى نبوّته وزمن بعثته ، فقيل : هو عويديا بن أدريم ،و قيل : هو حزقيل بن أيوب  وقد ورد ذكره فى القرآن الكريم ، وتوفى بالشام عن خمسة وتسعين عاما ، وحول مكان قبره ، فقد ذكر ناصر خسرو أنه زار المشهد المعروف لذى الكفل فى قرية ” دامون ” بعد خروجه من عكا ، وذهب محمد كرد علي إلى أن القبر الشريف موجود بجبل قاسيون ببلاد الشام ، وقيل: أن قبره بالعراق وتحديدا فى قرية ” الكفل ” التى أخذت اسمها من المقام الشريف .

* نبي الله “أشمويل بن بالى ” عليه السلام ، ومعنى أشمويل : سمع الله دعائى ، وهو أول أنبياء بني إسرائيل بعد موسى ، وورد ذكره فى الكتاب المقدّس فى سفري صموئيل الأول،  و صموئيل الثاني باسم ” صموئيل ” ، وورد ذكره فى القرآن الكريم فى قصة جالوت وطالوت ” سورة البقرة الآيات 246 – 248 ” ، وذكر الكتاب المقدّس أنه بعدما قُتل جالوت وصفا الملك لطالوت وبني إسرائيل مات ” أشمويل ” و دُفن فى بيته فى جبل ” الرامة ” ، وهو أيضا ما ذكره ياقوت الحموي فى معجمه .

* نبي الله ” داود ” عليه السلام ، هو ابن إيشا ، من ذرية يهودا بن يعقوب بن إسحاق – عليهم السلام – وهو من  الأنبياء الذين جمع الله لهم النبوّة والمُلك ، صاحب الصوت الحسن ، اشتُهر بتسبيحاته وابتهالاته ، وقد ألان الله له الحديد ، وهو من الرسل الذين انزل الله عليهم كتابا،  فنزل عليه ” الزبور ”  ، قيل : توفى عن عمر يناهز المائة عام ، وقد ملك نحو أربعين عاما ، أما قبره الشريف فهو على قمة جبل ” صهيون ” ، حسبما ورد فى الكتاب المقدّس ، سفر الملوك 1 ، الإصحاح 10 .

* نبي الله ” سليمان بن داود ” هو من الأنبياء الذين أنعم الله عليهم بالمُلك والنبوّة والحكمة  ، بل آتاه الله ما لم يؤته أحدا من العالمين ، وجعل له سلطان لاينبغى لأحد من بعده ، فقد ملك الأنس والجن والحيوان معا ، قيل : استخلفه داود – عليه السلام – على الحكم والمُلك وهو ابن ثلاثة عشر عاما ، أما قبره الشريف،  فقد تعدّدت الأقوال فيه ، فقد ورد فى العهد القديم  فى سفر الملوك،  الإصحاح 11 ، الفقرة 43 أن سليمان دُفن إلى جوار أبيه داود على قمة جبل صهيون  ، و رُوى عن عبدالغني النابلسي أن قبر سليمان فى سور بيت المقدس الشرقي فى مؤخرة المسجد ، وقال الحنبلي فى ” الأنس الجليل ” أن قبره عند البلاطة السوداء وهى التي فى مدخل الباب الشامي ببيت المقدس،  والمعروف بباب الجنة ، أما الهروي و ياقوت الحموي وابن خلدون فذكروا أن قبره بجوار أبيه وذلك داخل المغاربة التى وُلد فيها السيد المسيح ، وذكر ابن جبير وابن بطوطة وناصر خسرو أن قبره الشريف فى ” طبرية ” .

* نبي الله ” عزير ” قيل أن اسمه : حزقيل بن بوار ، من بني إسرائيل،  و قيل:  هو عزير بن جروة ، يصل نسبه إلى هارون – عليه السلام – وقصته معروفة ومشهورة ذكرها القرأن الكريم فى سورة البقرة  259 ، وكذلك فى سورة التوبة 30 ، قيل : أنه عاش بعد إحيائه مرة أخرى نحو عشرين عاما ، ورد ذكره فى العهد القديم باسم ” عزرا ” وله سفر خاص بعشرة

إصحاحات ، وذلك دلالة على مكانته الكبيرة فى الفكر الديني اليهودي والمسيحي ، أما عن قبره الشريف فقد ذكر الحنبلي أن قبره بمدينة العزيزية شرق القدس بجوار كنيسة الروم ، وذكر ناصر خسرو أنه زار قبره فى قرية ” اعبلين ” وهى إحدى قرى عكا ، وقيل: أن القبر فى محافظة ميسان بالعراق والتى تُسمى حاليا منطقة ” العزيز ” ، وذهب أخرون إلى أنه دُفن فى قرية ” تادف” التابعة لمدينة حلب السورية .

* نبى الله ” زكريا ” بن برخيا بن مسلم بن صدوق بن حشبان ، من أنبياء بني إسرائيل،  من ذرية هارون أخي موسى ، وكان رئيس الأحبار ، وهو زوج خالة السيدة مريم العذراء ، حيث أن والدها عمران بن ماثان من ذرية سليمان بن داود ، وقصته معروفة ومشهورة .

أما ابنه يحيى فقد وُلد قبل السيد المسيح بستة أشهر وقد بشّر بظهوره ، وهناك أوجه تشابه كثيرة بينه وبين المسيح عليه السلام ، وقد آتته النبوة مبكرا ، وكانت نهايته على يد طاغية طاعة لبغي من بقايا بني إسرائيل ، أما عن مكان دفنهما – زكريا ويحيى – فكان فى منطقة ” سبسطية” فى فلسطين ، أما رأس يحيى فهى بالجامع الأموي بدمشق ، حيث كان هذا المكان من قبل كنيسة بيزنطية ، وهو ما ذهب إليه ياقوت الحموي،  و العمري ، وعبدالغني النابلسي وغيرهم .

هذا ما ورد من مقابر الأنبياء التى احتضنتهم الأراضى المقدّسة بفلسطين ، فضلا عن شخصيات أخرى لها من المكانة الكثير فى نفوسنا مثل سارة زوج إبراهيم الخليل،  والسيدة مريم العذراء ،و هاشم بن عبدالمطلب ،و غيرهم .

وعلى الله قصد السبيل….

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.