قراءة لوثيقة مؤتمر المرأة (بنود تفصيلية لاقتراح خطة البيان) الدكتورة زينب عبدالعزيز/ مصر
قراءة لوثيقة مؤتمر المرأة (بنود تفصيلية لاقتراح خطة البيان)
الدكتورة زينب عبدالعزيز/ مصر
أستاذة الحضارة الفرنسية
“قضايا مصيرية :
من أهم القضايا المصيرية التي تناولتها قديما وحديثا موضوع “الچندر” الذي اُثير سنة 1995، أيام مؤتمر المرأة والسكان، ولم يتناول هذه القضية التدميرية سوى المناضل الأمين الدكتور محمد عباس والمرحوم الأستاذ عادل حسين، رئيس تحرير جريدة “الشعب”، وأنا. وكنت آنذاك من أعضاء لجنة الأزهر التي تم تكوينها أيام المرحوم العلامة الشيخ جاد الحق، رئيس الأزهر. وطلب مني أن أكتب عن وثيقة المؤتمر، وهو ما كنت أتمنى تناوله لكن الوثيقة كانت سرية آنذاك، فأخبرته بأنني فشلت في الحصول عليها، فابتسم وصمت. وبعد يومين سلمني الوثيقة مبتسما -رحمه الله- وكتبت المقال التالي، الذي أعيد نشره اليوم عله يجد من يقرأه، لأن هذا الموضوع الانفلاتي، قد ادخلته بعض الدول الغربية في مناهجها التعليمية إلزاميا، ومن المؤكد أنهم سيحاولون فرضه علينا صراحة أو التواء”..
1-الوثيقة :
يهدف المؤتمر إلى : ” المساواة و التنمية والسلم ” ، وينص على أن مجالات الاهتمام هي :
تمكين المرأة ، تنوع النساء وأحوالهن. وذلك مع مراعاة المناخ العالمي الذي هو : “التغيرات العالمية والقرن الجديد والألفية الجديدة ” .
وينتهي موقف مجموعة الـ77 باعتماد منهاج العمل و التعهد بالالتزام بتنفيذه، أما الاتحاد الأوروبي فقد أعلن أن البرنامج به “عناصر إيجابية لكنه لا يفي بتطلعات الاتحاد الأوروبي ، موضحاً أنه “في هذه المرحلة من المفاوضات ليس من الضروري أن ننطلق في عملية صعبة بشأن الصياغة”، (وقد تمت ترجمة هذه العبارة بمعناها العكسي في النص العربي).
أي أنه من البداية هناك اختلاف في الموقف بين الولايات المتحدة المسيطرة على هيئة الأمم، وبين الاتحاد الأوروبي، غير أن كندا قد حسمت الموقف بالمطالبة “بتكثيف الجهود لتنفيذ استراتيجيات نيروبي” ، وإزالة كل العقبات التي تحول دون تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والبنت”.
ثم نطالع في الجزء المعنون باسم “الهدف الاستراتيجي طاء1 “البند 230د الذي ينص على “الحد من نطاق أية تحفظات على الاتفاقية ،وصياغة أية تحفظات بأقصى قدر ممكن من التحديد و الدقة و ضمان عدم تعارض أي تحفظ مع موضوع الاتفاقية و الغرض منها ،أو تعارضه بشكل أخر مع قأن ون المعاهدات الدولي ، واستعراض تحفظاتها بشكل دوري ،بهدف سحبها على وجة السرعة “.
ويسبق هذا البند بند آخر أكثر اقتضاباً ينص على “النظر في سحب التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “( 230ج).
كما تُلزم الاتفاقية الدول الأطراف “تنفيذ الاتفاقية عن طريق استعراض جميع القوانين والسياسات والممارسات والإجراءات لتحديد ما إذا كانت متمشية مع الالتزامات المبنية في الاتفاقية ، وتنقيح جميع القوانين والسياسات والممارسات و الإجراءات التي تتمشى معها لجعلها مطابقة للالتزامات الدولية المبنية في الاتفاق”(230ج).
ويوضح الفصل الخامس “الترتيبات المؤسسية” ويبدأ بالبند 286الذي ينص على:”يرسي منهاج العمل مجموعة من الإجراءات التي من شأنها أن تفضي إلى حدوث تغيير جذري ويستلزم الأمر اتخاذ إجراءات فورية، وإعمال مبدأ المساءلة وصولاً إلى تحقيق الأهداف بحلول سنة 2000 ، وإذا كان التنفيذ هو مسئولية الحكومة أساساً ، فهو يتوقف كذلك على طائفة واسعة من المؤسسات العاملة في القطاعات العامة و الخاصة وغير الحكومية ، سواء على صعيد المجتمع المحلي أو على الصعيد الوطني الإقليمي والدولي”.
ويزخر هذا الفصل بالأوامر الموجهة للحكومات من قبيل: “ويجب أن تعمل الحكومات في أقرب وقت ممكن ،ويفضل أن يكون ذلك مع نهاية عام 1995،على وضع استراتيجياتها أو خطط عملها بالتشاور مع الؤسسات ذات الصلة وكذلك مع المنظمات غير الحكومية التي ينبغي لها أن تبدأ في وضع استراتيجيات التنفيذ لمنهاج العمل ويفضل أن يتم ذلك مع نهاية عام 1996…إلخ(297) ، ” ويلزم تشجيع المنظمات غير الحكومية وتنفيذ هذه الاستراتيجيات أو خطط العمل الوطنية ويقتضي الأمر تشجيع منظمات المرأة [والحركات النسائية] على أن تعمل بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية على تنظيم الشبكات عند الإقتضاء لترويج وتنفيذ تطبيق منهاج العمل بواسطة الحكومات والهيئات الإقليمية والوطنية “(بند298) إلخ.
أما ما يقع تنفيذه على الأمم المتحدة ، فينص البند305 على: “يلزم تنفيذ منهاج العمل من خلال الأعمال من خلال الفترة 1995-2000 على وجة التحديد وبوصفة جزءاً لا يتجزأ من عملية البرمجة الأوسع”!
أي أننا حيال وثيقة مُــلزمة ، تطالب بالحد من أية تحفظات ، ويتعين على الحكومات تنفيذها مع خضوعها للمساءلة ، وأن هذا البرنامج جزء لا يتجزأ من برنامجٍ أوسع !؟
( لذلك يجب دراسة الأجزاء المعنونة باسم: “الهدف الاستراتيجي” المصاحبة لكل قسم من أقسام الوثيقة إذ أنها تتضمن كيفية التنفيذ وما يقع على الحكومات و المؤسسات المحلية والعالمية).
2- الانفلات الأخلاقي :
تعيد الوثيقة أو ما يطلقون عليه “منهاج العمل” طرح قضايا قد تم رفضها او تعديلها أو التحفظ عليها في مؤتمر السكان ويتضمن الجزء ج في الفصل الرابع من البند91إلى البند 106 بصفة خاصة عبارات من قبيل :”من حق المرأة التمتع بأعلى المستويات الممكنة من الصحة البدنية و العقلية وصحة المرأة تشمل سلامتها عاطفياً واجتماعياً وبدنياً ” (91). “افتقار المرأة إلى الاستقلال الذاتي فيما يتعلق بصحتها (92) ،”لابد من كفالة حق المرأة في التمتع بأعلى مستويات الصحة طوال دورة حياتها على قدم المساواة مع الرجل “(94)،” حصول المراهقات على المشورة و المعلومات و الخدمات فيما يتعلق بالصحة والإنجاب ، وحق الشباب في الخصوصية والسرية …والمراهقات أكثر تأتراَ بعواقب العلاقات الجنسية السابقة لأوانها أو غير المحمية ، و الإتجاة إلى التجارب الجنسية المبكرة مع أن عدم المعلومات و الخدمات يزيد من خطر الحمل غير المرغوب فيه … ولا يزال الحمل المبكر يعوق احداث تحسينات الوضع التعليمي ” (95) .
ويتناول البند 96 الصحة الإنجابية وأنها تعني قدرة الناس على التمتع بحياة جنسية مرضية ومأمونة ، وقدرتهم على الإنجاب ، وحريتهم في تقرير الإنجاب وموعده وتواتره .. . والاعتراف لجميع الأزواج والأفراد في أن يقرروا بأنفسهم بحرية ومسئولية عدد أولادهم …اِلخ
وينص البند 97:”وتشمل الحقوق الجنسية حق الفرد ذكراً كان أم أنثى في أن يتحكم في المسائل المتصلة بحياته الجنسية وأن يتخذ القرارات المتعلقة بها …وعلاقات المساواة بين الرجال والنساء في مسألتي العلاقة الجنسية والإنجاب بما في ذلك الاحترام الكامل للسلامة المادية للجسم البشري ، تتطلب القبول المتبادل والإستعداد لتحمل المسئولية عن نتاج السلوك الجنسي”
ويطالب البند 98 من ضمن ما يتناوله “الأساليب المأمونة والفعالة لتنظيم الأسرة .. والاعتراف بحق النساء والرجال في تلقي المعلومات وفي الحصول على أساليب أخري لتنظيم الخصوبة “، ويندد البند 99 بمرض الإيدز وأثرة المدمرعلى” صحة المرأة وخاصة على صحة الفتيات المراهقات و الشباب والنساء، والفتيات المراهقات كثيراَ ما لا يمتلكن القدرة على الإصرار على الممارسات الجنسية المأمونة ” .
وهذه الإباحيات ليست قاصرة على الجزء المذكور آنفاً وإنما تتناثر عبر أقسام الوثيقة من قبيل ما يجب أن تعمله الحكومات من “إعطاء الأولــوية لتعزيـز و حماية تمتـع المـرأة والرجل بالكامل وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الأنسان والحــريات الأساسية بدون أي نوع من التمييز” (بند 232) و”الاهتمام بتلبية الحاجات التثقيفية والخدمية للمراهقين كيما يتمكنوا من معالجة الجانب الجنسي من حياتهم معالجة إيجابية ومسئولة ” (267) .
كما تعيد الوثيقة موضوع الختان والزواج المبكر للفتيات في أكثر من عشرة مواضع منها البنود:41 ، 72 ، 95 ، 108أ ، 113أ ، 259 ، 263 ، 267، وتتكرر نفس المطالب بصيغ غير مباشرة كما في البنود 125أ، 97 ، 276 ،…إلخ
ولا تتحدث الوثيقة عن الزواج أوعن أنه الرباط الشرعي الذي يجمع بين الرجل و المرأة في إطار اجتماعي هو الأسرة ،التي تمثل نواة المجتمع ، لكنها تري أن الزواج المبكر يعوق التعليم وعادة ما تصاحب هذه العبارة عبارة ختان الإناث وتطالب بتحريم الختان ورفع سن الزواج .
ولا ترد عبارة الوالدين إلا وتكون مصحوبة بعبارة “أو كل من تقع عليه مسئولية الأطفال مسئولية قانونية” (79 ، 85ب ، 107و ، ط ، ل ، مـ، 108 هـ ،109ك ، 259….اِلخ ) وهي عبارة تشير إلى مختلف أنواع الأسر بما فيها الأسر المثلية “وحق الشواذ في الحصول على أطفال ، وحق هؤلاء “الرجال” في الحصول على “أجازة والدية ” (البند 181ج وغيره) لتربية الأطفال!
والملاحظ في كثير من هذه البنود أنها تكون متبوعة بعبارة “كما جاء في مؤتمر السكان” أو” كما تم الاتفاق عليه ” وهكذا دون تحديد أو توضيح .
وبما أن التلاعب بالألفاظ من السمات الرئيسية لهذه الوثيقة فلابد من مراجعة كل هذه البنود مع ما ورد في وثيقة السكان ، ورفض هذه الإباحيات التي لا تتفق و تعإليم الإسلام ، وخاصة ما ورد أيضاَ بشأن الإجهاض.مع مراعاة أن التحكم في الصحة الإنجابية هو عبارة مشفرة تعني حق الإجهاض والحق في العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج ومنح أو امتداد هذه الحقوق لتشمل كافة الأعمار ، وأن عبارة “أسلوب حياة ” هي شفرة للشذوذ الجنسي للواطيين والسحاقيات وأية علاقات أخري خارج إطار الزواج كما تتضمن الاعتراف بحق تكوين “أسر مثلية” تتضمن حقهم في الحصـــول على أطفال عن طريق “تأجـير البطـون ” (للواطــيين ) والتلقيح الصناعي ( للسحاقيــات ) وهو ما لا تقره الأديان السماوية ولا أية أخلاق .
3- التعليم:
تطالب الوثيقة بحق المــرأة في التعليم على قدم وساق كالـرجـل ، وهو ما لا يخالف تعاليم القـرآن من حيث المبدأ ، إلا أنها تدرج العديد من الإباحيات التي يجب رفضها أو التحفظ عليها من قبيل: ” توفير إطار تعليمي يقضي على جميع الحواجز التي تحول دون تعليم الحوامل من المراهقات و الأمهات الشابات “( 82ز)” وإزالة كل الحواجز التي تعترض إلحاق الفتيات الحوامل و الأمهات الشابات بالمدارس(85ق) ، وإزالة الحواجز القانونية والتنظيمية التي تعترض التثقيف (في مجال الصحة الجنسية والإنجابية ) في إطار التعليم الرسمي (بشأن مسائل الصحة النسائية) (85ك)
كما تطالب الوثيقة بعمل كتب تعليمية “خالية من القوالب الجامدة المتعلقة بالهوية الجنسية” (85أ) ويطلق عليها في النص الإنجليزيGender Stereotypes أي: “الاشكال النمطية الاجتماعية ” ، ووضع برامج تعليمية للشباب بها “خدمات متكاملة تتصل بحياة الشباب الجنسية لزيادة وعيهم …وتتفادي الحمل غير المرغوب فية وتفشي الأمراض ” إِلـخ (84ل) ، وتصميم وتوفير برامـج تعليمـية عن طريق الحملات الإعلامية المبتكرة و برامج التعليم المدرسـية والمجتمعية لزيادة الوعي بالمساواة بين الجنسين وعدم حصر الأدوار بين النساء والرجال داخل الأسرة في قوالب جامدة على أساس نوع الجـنس (182ب) ، وهو ما يصفونه بعــبارة – Gender equality and non stereotyped Roles.
وبخلاف ما يرد من انحراف في هذه العبارة والعديد غيرها والتي ترفض حقيقة أن لكل من الرجل والمرأة خصائصه التي خلقها الله سبحانه وتعالى ، فهي عبارة تتضمن أيضاً فكرة أن هذه الفوارق ناجمة عن “أدوار” نمطية ناجمة عن التنشئة .
ومن هنا يمكن القول بأن المسعى الأساسي للمؤتمر الماثل في فرض المساواة على قدم وساق بين الرجـل والمـرأة بالمفهوم الغربي يتنافي كلية مع ما نؤمن به من تعاليــم دينيـة و قيم إنسانية أو مساواة تحتـرم وتلتـزم خصائص كل من الرجل والمرأة .
4- الدين:
لا ترد أي إشارة إلى الله سبحانه وتعالى، ولا إلى إدخال التعليم الديني في المناهج التعليمية ، بل تري الوثيقة تقارباً شديداَ بين الدين والتطرف ، أو أنه من “الحـواجــز” التي تصادفها المرأة (84)، وترى الوثيقة “إعطاء الأولوية لتعزيز وحماية تمتع المرأة و الرجل بالكامل وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية بدون أي نوع من التمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين” (232أ).
فإذا ما ربطنا بين هذا البند وذلك الذى تطالب فيه الوثيقة برفع أية عوائق وتغيير القوانين حتى الدينية منها لأدركنا موقفها من الدين . وإن كان البند 295 يناشد كافة المؤسسات ومنها “الجماعات الدينية” : “تقديم دعمها والمشاركة بفاعلية لتنفيذ ما ورد بمنهاج العمل” ؟!
5- المنظمات غير الحكومية :
تضفي الوثيقة أهمية بالغة على المنظمات غير الحكومية و المنظمات النسائية ومنظمات “المفاهيم النسوية” (والمقصود بها منظمات الشــواذ أو تلك التي تطالب بالسيادة المطلقة للمرأة) ، وتلقي على عاتق هذه المنظمات كافة السلطات التنفيذية في كل جزء من أجزائها ، وينص البند (62ب) “ويتعين على المنظمات غير الحكومية والمنظمات النسائية أن تنظم جماعـات ضـغط وأن تنشئ آليات للرصد ، وأن تضطلع بغير ذلك من الأنشطة ذات الصلة التي تكفل تنفيذ التوصيات و ينبغي أن تهدف هذه الأنشطة إلى ضمان المساءلة والوضوح من جانب الدولة والقطاعات الخاصة” ووضع استراتيجية وطنية شاملة لتحسين الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية …والحصول على تمويل لكفــالة إمكانية الوصول إلى الخدمات من منظور يراعي نوع الجنس … (62د )…ووضع “سياسات خاصة بالتعليم والتدريب وإعادة التدريب (62هـ ) …”وتعزيـز حقوق الإنسان للمرأة في الوصول على قدم المساواة مع الرجـل إلى ملكية الأرض والتصرف فيها بصرف النظر عن القوانين العرفية والتقاليد والممارسات المتعلقة بالميراث والزواج” (62و ).
وتخص الوثيقة هذه المنظمات بجزء تفصيلي في كل قسم من أقسامها ، وكل منها يتضمن المزيد من السلطات ،من قبيل ما ورد بالبند 111 هـ : “وتكون مسئولة عن رصد وتنفيذ السياسات والبرامج المتعلقة بصحة المرأة ، وإنشاء وجهات محورية في وزارات التخطيط الوطني الرفيعة المستوي تكون مسئولة عن الرصد ، وذلك بغية ضمان إدراج الاهتمامات المتعلقة بصحة المرأة ضمن التيار الرئيسي لجميع الوكـالات والبرامج الحكومية ذات الصلة”.
وترمي الوثيقة إلى أن تكون هذه المنظمات تابعة مباشرة لسيطرة الأمم المتحدة وتقدم إليها البيانات والإحصاءات ومباشرة تنفيذ البرنامج ومساءلة الحكومة وما إلى ذلك ، بما يمثل إنتهاكاً للشئون الداخلية للدولة ويجعلها تحت السيطرة المباشرة عن طريق فئة من أبنائها . لذلك لابد من مراجعة هذه الاختصاصات و السلطات المضفاة على كل هذه المنظمات خاصة أنه من سلطاتها العمل على تغيير القوانين حتي الدينية منها.
وينص البند 304 “ويستلزم الأمر دعم المنظمات غير الحكومية في إطار المنطقة المعنية في جهودها لإقامة شبكات من أجل تنسيق الدعوة ونشر المعلومات بشأن منهاج العمل العالمي ومنهاج العمل بكل منطقة” .وهو ما يفــسر عبـارة “أن هذه البرامـج جزء لا يتجزأ من عملية البرمـجة الأوســع ” (305).
6- التدخل في الشئون العسكرية :
تتضمن الوثيقة العديد من البنود أو الأجزاء التي تطالب فيها الحكومات بالعمل على تخفيض النفقات العسكرية وتحويل هذه الميزانيات للأغراض الإنمائية لصالح المرأة ومنها ما ورد بالجزء هــاء 2 المعنون باسم: ” تخفيـض النفــقات العسـكرية والحد من توافـر الأسـلحة”. وفيه مطلوب من الحكومات القيام ” بزيـادة تحويـل المـوارد العسـكرية و الصناعات ذات الصـلة إلى الأغراض الإنمائية السلمية والتعجـيل بهذه العمـلية “(145أ) ؛ “التخفيض المناسب في النفـقات العسـكرية المفرطة بما في ذلك النفـقات العسكرية والإتــجار بالأســلحة على الصـعيد العالمـي والاستـثمار في إنتاج الأسلحة وحيـازتها “(145ب) ؛ “وتسجيل تطوير الأسلحة الهجومية وإنتاجها وتوزيعها وبيعها والقضاء عليها نهائياً …وجعل الإبلاغ عنها إلزامياً وإدراج جميع أنواع الأسـلحة مثل الأسـلحة النــووية والكيمـاوية والبـيولوجية ” (145ج) .
الأمرُ الذي يرمي إلى إخلاء العالم الثالث من الأسلحة بأنواعها بعد أن اختل ميزان القوى باسـتتـباب الأمر لترسانة الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطـين ! وليست النمـاذج الــواردة اِلا بعضــاً مما تتضــمنه الوثــيقة.
7- الترتيبات المالية والتنمية:
يكشف هذا الباب السادس والأخير من البرنامج أن تكاليف تحقيق هذا الإنحراف الكاسح سيكون على عاتق الحكومات المحلية ، إِذ يقول البند 347: ” تتحمل الحكومات المسئولية الأساسـية عن تنفيــذ الأهـداف الاستـراتيـجية لمـنهج العــمل …ويتعين عليها أن تقوم بتعديل الميــزانيات ، بما يكفل تكافــؤ الحصول على نفـــقات القطاع العــام .”، “وتسهــيلاً لتنفيذ منهاج العمل ، لابد أن تقوم الحــكومــات حسب الاقتــضاء بتخفيض النفــقات العســكرية المــفرطـة والاستثمارات التي توظــفها في أنــتاج الأسلحة و إقتنائها ” (350) .
وتحقيقاً لهذا البرنامج توضح الوثيقة في البند 357: “لابد من دعوة صندوق النقد الدولي إلى دعم هذه الجهود “! وكأن كل ما تعني منه الدول النامية من جراء تحـايــل هاتـين المؤسـستين لا يكفي ، لذلك تفــرض منظمة الأمم المـتحدة مزيـداً من الضــغوط للإجهاز على اقتصاد الــبلدان الــناميــة.
ومن الملاحـظ أن هذا البرنامج قد أفرط في البنود التي تتيح اقتراض المرأة لا “للقيام بمشاريع ذات أهمية وأنما لعمل المشــاريع المــتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحــجم ” (171ج) .
8- الوثيقة والتنصير :
على الرغم من أن عناصر إعلان بيان مؤتمر المرأة يتضمن بنداً بعنوان ” البيئــة العـالمـية (نص وصــفي )” وينقسم هذا البنــد إلى نقطتــين:
(1) التغــيرات العــالمية ،والــقرن الجــديد ، والألفــية الجــديدة.
(2) حــالة المـــرأة.
إِلا أن الوثيقة لا تتضمن في منهاج العمل أية إشارة إلى النقطة الأولى التي هي: “التغيــرات العــالمية ، والقــرن الجــديـد والألفيــة الجـديـدة ” (ص3) ذلك لأنها ترتبط بمخـطط التنصـير: فـالتغـيرات العـالمية تشير إلى إسقاط الاتحاد السوفيــتي ومحاصرة الإسـلام لإقتـلاعه ، و”الـقرن الجـديـد ” يشير إلى محــاولة البابا يوحنــا بولــس الثــاني تنصـير العالم بتوحيــد كافة الكــنائس أولأً وتضافر جهود الجميع لاقــتلاع الإسلام ،(وهــو مــا يـتم حاليــاَ )ويزعم الانتهاء منه بحلول سنة2000 ، والألفية الجديدة تشير إلى تنصـير العالم الذي سيسمح بقدوم المسيح ليحكم العالم.
وتعتمد الوثيقة على المؤسسات الأجنبية التي سـتقوم من خلال المـنظمات غير الحكومية بتـمويل تنـفيذ المشـروع ، وهم من يعتمد عليهم البابا بعد أن فرض الاشتراك في عملية التنــصير على كافة المسيــحين . بموجب تعمــيدهم وذلك ما أعلنه في خطابه الرســولي المعنون باسم ” رسـالـة الفـــادي” (1991).
وتطالب الوثيقة بإسقاط ديون العالم الثالث أو جــزء كبير منها ، وهو ما يطالب به البابا في خطابه الرســولي المعنون باسم”عشــية الألفــية الــثالثــة “(1994) .
وتنص الوثيقة على الإكثار من المنح الدراسية خاصة في المراحل الابتدائية “تسهيلاًَ للأعباء عن الأهالي” وهو ما يستخدم كوسيلة من وسائل التنصـير في الســودان وغيرها من البلدان الأفريـقية حيث يتــزايد توغـــل المبـشرين والمؤســسات التبـشيرية.
وتشــير الوثــيقة في أكــثر من موضع إلى ضرورة الاهتمام بأفريقيــا بالــذات و هو ما يتماشي مع مطلب البابا وإصـــراره على الاهتمام بها لوجود مــصر والأزهــــر كــأكــبر دعــامة إسلاميـــة باسمــها.