سر المفتاح-سعيدة فرحات-المغرب-
سر المفتاح
رجع نصر من المدرسة متحمسا ، حاولت أمه فهم الحماس و النشاط الزائد الظاهر عليه فسألته :
- هل لديكم حفلة غدا يا عزيزي ؟
أجابها و هو يقضم تفاحة خضراء :
- لقد كلفتنا المدرسة بمشروع مشوق جدا ، قسمتنا الى أربع مجموعات ، و على كل مجموعة أن تكتشف حل لغز أو سر محير.
- الأم مبتسمة :
- اذن ستلعبون دور المحقق ” كونان”
ازدادت حماسة نصر و قال :
- نعم يا أمي خاصة أن لدي سؤالا لم أجد له جوابا منذ مدة ، لكن اذا أذنت لي بإحضار مجموعتي الى البيت قد أجد مفتاح السر .
احتضنت الام طفلها في حنان وقالت :
- طبعا يا عزيزي يمكنك فعل ذلك ، مرحبا بأصدقائك في بيتنا .
دخل نصر و أصدقاؤه للبيت ، بعد أن أحضروا أوراقا و أقلاما و كذا مصورة و مسجل صوت و قسموا بينهم المهام ثم طلب نصر من جده الالتحاق بالمجموعة ، استجاب الجد للدعوة مندهشا و بعد ترحيبه بالصغار الذين تحلقوا حوله سأله نصر :
- منذ مدة و أنا أتساءل يا جدي عن سر المفتاح الذي تعلقه دائما في رقبتك ؟
أجاب الجد مبتسما :
- لقد كبرت يا بطلي و حان وقت كشف السر ، سأحكي لك قصة تجيبك عن سؤالك :
كان “أبو علي ” يسكن بلدة طيبة ، أرضها خصبة ، وجوها لطيف ، و أشجارها مثمرة ، وله من الأبناء عشرة يضعون على رؤوسهم الكوفية و يحبون أكل الخبز الطازج مغمسا بزيت الزيتون و منكها بالزعتر .
ذات يوم طرق الباب عابر سبيل مشرد ، جائع ، عار ، حاف ، وطلب منهم المبيت لليلة واحدة ، ولأن “أبو علي ” كريم فقد شارك مع الغريب بيته و طعامه و شرابه ، ارتاح الضيف و عوض الليلة بقي معهم عدة أيام و ليالي ثم اشتكى لهم حاله السيء و تشتت عائلته بين البلدان ، أشفق عليه “أبو علي ” وسمح له بإحضار عائلته لما للشمل ، ولكن الضيف اللئيم الغدار استخدم كل وسائل الدهاء و المكر لينفذ خطته الشريرة التي عمل على تحقيقها طيلة سنوات طوال ،و للأسف مع توالي الأيام والشهور استطاع الاستيلاء علي بيت “أبو علي” و طرده من البلد ، و أثناء خروجه حمل الرجل الطيب معه مفتاح بيته وعلقه عقدا في عنقه ، ومن ذلك الزمن أصبح هذا المفتاح ارثا عائليا يورث من جيل لجيل حتى لا تنسى ذرية “أبو علي” أن لهم وطن وبيت أخرجوا منه غدرا وعليهم أن يسترجعوه يوما ، و سيصبح هذا المفتاح في عنقك يوما ما يا نصر فلا تنسى الوصية.
اغرورقت أعين الصغار بعد اكتشافهم سر المفتاح و قرروا تقديم حصيلة عملهم لباقي زملائهم في القسم.
صبيحة اليوم الموالي أحضر أعضاء المجموعة ما دونوه من معلومات ، دون أن ينسوا زيت الزيتون و الزعتر و الخبز الطازج و لبسوا جميعا الكوفية و قدموا عرضا ممتعا أمام الجميع ، فصفقت المعلمة بحرارة لأن تلاميذها اكتشفوا سرا دفينا و كم كانت دهشتها كبيرة حين قام الصغار يهتفون :
فلسطين حرة أبية و حتما سيرجع نصر يوما الى بيت جده .
سعيدة فرحات
المملكة المغربية.