حوارٌ في التاريخ
حوار في التاريخ (مع الباحث حسين بوبيدي):
يسعد مجلة الربيئة أن تطلق ركن جديد ضمن أعدادها موسوم بـحوار في التاريخ تستضيف فيه مجموعة من الباحثين المتميزين في التاريخ عبر مختلف الجامعات الجزائرية للبوح ببعض محطات حياتهم الشخصية والمهنية وتجاربهم البحثية خارج الجزائر، والبداية ستكون مع الباحث المقتدر حسين بوبيديأستاذ التاريخ الوسيط بجامعة قسنطينة2.
حسين بوبيدي من مواليد 14 نوفمبر 1977م بولاية جيجل حاز على شهادة البكالوريا سنة 2006م ليلتحق بشعبة التاريخ بجامعة قسنطينة ومنها نال شهادة الليسانس سنة 2010م متصدرا للدفعة، وبعدها شهادة الماجيستير من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية سنة 2013م تخصص إفريقيا جنوب الصحراء، وبنفس الجامعة والتخصص حاز على شهادة الدكتوراه سنة 2021م، كما كان يزاول تعليمه الجامعي في تخصص الفلسفة التي حاز بها على شهادة الليسانس سنة 2011م بجامعة منتوري بقسنطينة متصدرا للدفعة وشهادة الماجيستير سنة 2014م ويحضر لنيل شهادة الدكتوراه في هذا التخصص، ويعد حسين بوبيدي من الباحثين الشباب الصاعدينوالمعول عليهم لحمل مشعل البحث في تخصص التاريخ الوسيط بالجامعة الجزائرية.يتميز بكتابات عميقة وصينة سواء في المؤلفات الفردية والجماعية على غرار كتاب (جدلية السلطة والفلسفة في العصر الإسلامي الوسيط إخوان الصفا أنموذجا)، (سايكس بيكو ومشاريع التقسيم في الماضي والحاضر: المؤامرة الخارجية والاستعدادات الداخلية)، (إشكالية الهوية دراسة في التشكل والتمثل والتفاعل)،أو في المقالات التي نشرها في مختلف المجلات الوطنية والدولية والمتنوعة بين إفريقيا جنوب الصحراء،وقبيلة كتامة (جيجل) التي لا يخفي شعور الانتماء إليها، وتاريخ العصر الوسيط ككل.
-هل يمكن القول بأن الفايسبوك ساهم في تحقيق شهرة كبيرة لحسين بوبيدي؟
*أما أنه عرّف بحسين فدون شك، أما اعتبارها شهرة كبيرة فلا أظن ذلك، فلحدّ الآن لا أظن أن هناك ما يمكن تسميته شهرة بين الباحثين، في مجتمع لا تزال الشهرة فيه خاصة بأهل الطرب والتمثيل والكرة.
-بقدر ما زاد الفايسبوك من المعجبين بحسين بوبيدي بقدر ما جلب له المتاعب والخصوم صحيح أم لا؟
*أتحفظ على لفظ المعجبين، وأفضل عليه لفظ الأصدقاء، أما متاعبه فكثيرة، وفي مقدمتها “تشويش الحكواتيين” على حقل بحثي له مناهجه وأدواته، لأنهم يظنون التاريخ ليس سوى سرد قصصي شبيه بما تنتقيه الذاكرة الجمعية من حوادث.
-بعد مناقشته لأطروحة الدكتوراه هل سيختار حسين بوبيدي البحث حول افريقيا جنوب الصحراء أم البحث حول تاريخ كتامة؟
*يجذبني البحث حول كتامة باعتباري أشعر بالانتماء إلى هذه المجالات، وأتمنى أن أكتب في تاريخها ما يحفظ اسمي في سجلها وذاكرة أبنائها لاحقا، وأرى أن الدراسات الإفريقية في حاجة ملحة إلى حركة ترجمة واسعة أكثر من حاجتها إلى بحوث.
-يمارس حسين بوبيدي عصبية مفرطة لما يتعلق الأمر بكتامة هل هو الحنين للقبلية؟
*هو الشعور بالانتماء، مع أن كتامة ككنفدرالية قبلية هي قضية تاريخية وليست واقعية، ولكن ما أعتبره تصالحا هوياتيا داخل المجال الكتامي يجعلني “أتعصب” لهذا الشكل التصالحي، الذي يمكنه أن يكون حلا لتفكيك القنابل التي يزرعها الحكواتيون.
-ماذا تمثل جيجل في وجدان حسين بوبيدي وهل يعود يوما للاستقرار بها؟
*جيجل الروح، مرتع الطفولة وموطن العائلة والجيران والأصدقاء، جيل الجمال حيث يعانق الجبل البحر لتتشكل صور من أروع ما أبدع الخالق المصور، أما العودة لها فحنين دائم لا ينتهي لكنه يصطدم بوشائج أخرى نسجتها في قسنطينة العلم.
-قام حسين بوبيدي بسفريات وزيارات صوب المغرب الأقصى هل من حوادث تختزنها بها دفاتر ذاكرتهعن المغرب؟
*لم أكن لأتم رسالة الدكتوراه الخاصة بي لولا زياراتي للمملكة المغربية، والفائدة الكبيرة التي جنيتها من معهد الدراسات الإفريقية أولا، ثم من دور المخطوطات ومعهد التراث ثانيا، وأنا أحتفظ للمغرب والمغاربة بصورة جد حسنة، وخاصة في تيسير سبل البحث على الزائرين والاهتمام البارز بالعمق الإفريقي في دراساتهم، وإن كنت سمعت منهم أيضا شكوى من تراجع المستوى العلمي في الدفعات الأخيرة بسبب تطبيق نظام LMDوتراجع قيمة البكالوريا، ولعل أفضل ذكرياتنا حول المغرب الأقصى تخص المغرب كشعب، وهي ذلك الشعور الذي ينتاب من يعتاد زيارة الأشقاء هناك أننالم نفارق أوطاننا، فهو نفس الشعب ونفس الثقافة، وأشير للقراء بحادثة طريفة حدثت لي مع أستاذ من تطوان عندما تكلمنا حول الامتدادات القبلية بين الجزائر والمغرب وذكرت له أنني من كتامة التي لها فرع هنا، فانفجر ضحكا لما تعنيه الكلمة في المغرب من إشارة مباشرة إلى تجارة الكيف (المخدرات).
– رأي حسين بوبيدي في بوبة مجاني كطالب وزميل لها بالقسم؟
*أما كطالب فأستاذتنا من نجوم الجامعة الجزائرية وواضعي أسس الدرس التاريخي فيها، وقد تعلمت منها العلم والحزم، وأما كزميل لها فهو الإطار الذي عرفتها فيه عن قرب، الأستاذة البشوشة الطيبة الصادقة، ومن لم يعرف الأستاذة بوبة عن قرب فلم يعرفها بعد.
-ماذا ينصح حسين بوبيدي الطلبة الناجحين في مسابقات الدكتوراه؟
*أن يضعوا برنامجا لتعلم اللّغات الأجنبية يواكب عملهم على أطاريحهم، وأن يعملوا على تطوير أدواتهم البحثية والمنهجية، ويحتكوا بالباحثين المتميزين، مع التردد على أنشطتهم والاستفادة من كتاباتهم.
-ماذا أضافت قسنطينة للرصيد الشخصي لحسين بوبيدي وهل يفكر في تغيير جامعتها؟
*أضافت لي الكثير، العلم، والشهادات العلمية، والوظيفة، وأضافت لي ما جعل فراقها صعبا؛ وهو أسرة التاريخ الوسيط فيها، والتي تصعّب التفكير في تغيير الجامعة لأجلها.
– كلمة أخيرة قل ما شئت ولمن شئت:
*إلى أبي رحمه الله: بقدر ما يغمرني الفرح بنجاحاتنا العائلية، بقدر ما لا أزال عاجزا عن تجاوز صدمة الفقد، لقد نلت شهادة الدكتوراه يا أبي، ونجح بشير في المسابقة لأجل الشهادة ذاتها، وسينجح غيره إن شاء الله، لكن كل ذلك ناقص في غيابك عنا.