الفكر السّامي في اقتفاء الأثار وترتيب المدارك من بطون الكتب الأمّهات ..
الفكر السّامي في اقتفاء الأثار وترتيب المدارك من بطون الكتب الأمّهات ..
تأليف: د.صفية الودغيري
لم أجد من الكُتب ما نفعها أدوم، وبحرها أعمق وأزخر بالكنوز والنَّفائس، من كتب العلماء الأفذاذ المتقدِّمين، من اشتهروا بالحذق والإتقان في تحرير العلوم والمعارف، والتّقدم والاختصاص في فنونها، فخلّفوا لأصحاب الهمم والقرائح ما يستحقّ أن يفنوا في دراسته أعمارهم، ويشحذوا لأجله عزائمهم، فينكبّوا على اختصاره، أو شرحه ودراسته، أو الاستدراك عليه، أو تتميم فصوله والتّوسّع في أبوابه، فما خلَّفوه من المطوّلات والموسوعات يحتاج إلى من يقرِّب معانيها، ويجلّي غامضها ومبهمها، ومن يبيِّن مشكلها ويفصّل مجملها، ويعرّف بمضمونها وجوهر معانيها، ويكشف مكنون دُرّها للمتعلّمين وأبناء هذا الزّمان والعصر .
وهذا التَّكليف والتّشريف لمن وعى عِظم رسالتها وخطر مسؤوليتها، فاغتنم الوقت النَّفيس في جَنْيِ فرائدها، والانتفاع بدراسة وتحصيل علومها، وجمع خصالها ومنثور فوائدها، واجتهد في التّأليف على منوالها، على طريقة يخفُّ حملها واستيعابها، ويسهّل تناولها وفهم نصوصها على الطّالب والدَّارس والباحث .
ولا عجَبَ أن يُقْبِل حَمَلة الأقلام على العبِّ من معينها المُصَفّى، ويرووا محبرتهم من سُقْياها العذب، ويملئوا دواة أفكارهم من شِرْبها، فإنّ الصُّعود إلى أَعلى المَراقي والقمم إنّما يُدْرَك بالسُّمو إلى مُرْتقاها الصَّعب، وإنّ شقّ الطّريق الضيِّق العسير، المَحْفوف بالمكاره هو السّبيل الموصِل إلى نيل الأوطار، وبلوغ الغايات وأسمى المراتب، وما هو حقيقٌ بالاصطفاء والإيثار، وهو السّبيل إلى الحذق والاختصاص في علم من العلوم أو فنٍّ من الفنون، والمِران على اكتساب التّجارب والخبرات، وجمع محاسن السّير وعجائب الأخبار، وإدراك المبتغى الأحمد من إخراج التآليف والمصنّفات التي يُخَلّد ذكرها ويُذاع في الآفاق صيتها .
وإنّ الإقبال على دراسة بطون الكُتب والمصنَّفات المتقدِّمة، وسَبْر أغوارها واكتشاف مكنون أسرارها كفيلٌ بأن يصقل الملكات ويشحذ القرائح، وينير الأذهان المعتمة، ويفتِّق المواهب الخاملة، ويؤسّس لبناء الأفكار القويّة، ويوسّع مفاهيمها ومعاني مصطلحاتها، ويولِّد الأقلام النَّاشئة ويمكِّن لتمتين عُراها، وشدّ عضد أركانها، وإرساء قواعدها وسواريها ..
وإنّ سلوك المسالك الصّعبة الضّيقة يمرّس القُرّاء والكُتّاب على تقويم عيَّ ألسنتهم واعوجاج أقلامهم، ويمكِّنهم من فتح أقفال الفِكر ومغاليق الفهم، والارتقاء إلى مدارك الشّموخ التي أدركها من تقدّموهم في الـتّأليف والتّصنيف، وانتهاج طريقتهم في التحرّي والتَّدقيق، والتَّحرير والتَّحبير، والانقياد لسعة تفكيرهم، والسَّير على منوالهم الصَّحيح، والانتظام تبعًا لنظامهم الدَّقيق ومنهاجهم القويم، والنَّسج وفق نسيج أسلوبهم المتين في البيان والتّعبير .
وإنّ إدراك هذه المقاصد الحسنة يكون بالصَّبر والمجاهدة، وطول التّأمل والنَّظر، وعقد العزم على استقراء ومتابعة ما حرّره الأعلام النُّبلاء، والكُتّاب الأمجاد في الحِقَب السّابقة والعهود السّالفة، للاستبصار ببصائر أقلامهم، ومدِّ الوصل بوثاق مصادرهم، وشدّ الرّباط بكتبهم الأمَّهات، واقتفاء آثارهم في ترتيب مداركهم، وارتقاء مدارج ترقّيهم والتّفقُّه بفقه علومهم ومعارفهم، بما يقدح أفكارهم وزناد ذاكرتهم، ويجدِّدوا به الدّم الرّاكد في عروق أذهانهم، ليقوّوا به حافظتهم، ويبثّوا معين الحياة في أوصالهم، ويوقدوا فتيل الإرادة في أقلامهم، ليجلو بوارقها الخاسِفة، ويفتحوا صِوان حِكَمها النَّاصعة، ويسلّوا صوارمها من غمدها، ويفتحوا منافذ إلهامهم ليبلغوا أقصى مداركهم، في إتمام ما ابتدأ به أسلافهم، والاحتذاء بمسيرة إنتاجهم الحسنة، وليشقّوا بحوافر أقلامهم طريق دعوتهم، ويَدْأَبوا كما دأَبوا على نشر رسالتهم، ويُكْمِلوا ما لم يُقْسَم لهم تتمّته وإكماله، ويُواصِلوا مسيرة تقدّمهم، ويرصّوا لبنات جديدة تسدّ فراغات لبناتهم السّاقطة، ويُقيموا ما انْشَقّ وتصدّع من بنيانهم القديم، ويُعيدوا عمارته وإقامة قواعده وأركانه، ويشيّدوا حصون تراثهم، ويجدّدوا رسالة إصلاحهم، ويبعثوا منارة دعوتهم ..
وهذا المنهاج الذي سار عليه الأوائل من المؤلّفين والمصنّفين، فكانوا لا يتقدّمون إلى حَلبة التّأليف والتّصنيف في أيّ فنٍّ من الفنون المعتبرة التي تفنَّنوا فيها، أو أيّ عِلم من العلوم التي تخصّصوا فيها إلا بعد النَّظر في كُتب ومصنّفات من تقدّموهم في تلك الفنون والعلوم، وما أجمل وأبلغ ما قاله حنين بن إسحق المترجم[1] : <<من وضع علماً وصناعة كان كمن بنى داراً، ومن شرح وفسّر ذلك الأصل كان كمن طيّن سطحها وجصّصها، وليس من جصّص داراً وكنسها كمن بناها>>[2].
وإنّ المتتبِّع لما صدّروا به كُتبهم، وما استهلُّوا به مقدّماتها، ومهَّدوا له في ثناياها، سيلاحظ أنّهم كانوا يذكرون سِيَر من اقتدوا بمصابيح أقلامهم، أو تعريفًا بأعيان العلماء من تقدّموا عليهم فألَّفوا في المواضيع والقضايا نفسها التي اعتنوا بها في كتاباتهم، وإخبارًا بعناوين كتبهم والمصادر التي نقلوا عنها، وانتفعوا بفوائدها وأحكامها، وألّفوا على قواعدها وأصول مؤلّفيها .
وإنّ اتّباع هذا المنهاج يحقّق مقصد الحفظ والتّمكين لعلومهم ومعارفهم، فلا تندرس مع تقادم العصور والأزمان آثارها وآثار حمَلَة قواعدها ..
وتحقيقًا لهذه الغاية السّامية عكفوا على اختصار ما يلزمه الاختصار من مطوّلاتها، واجتهدوا في إتمام النّاقص منها، واستكمال فصولها والتوسّع في أبوابها، وتنقيحها وتصحيح أخطائها، والرّد والاستدراك عليها، وشرح ما يحتاج إلى شرح وبيان، والتعمّق في دراسة فنونها والتّعريف بعلومها، والتّحقيق في أحكامها ليتأكدوا من صحّة استنتاجاتها، والتّفصيل في تحرير مسائلها وبناء أصولها وقواعدها، كما أضافوا إليها ما يلزم من الزّيادات، وأثنوا على خصالها وأشادوا بمحاسنها، كما انتقدوا سقطاتها ومساوئها، ونبّهوا على أوهامها وأخطائها ..
ولقد اخترت من تلك المقدّمات النّفيسة، ما يُتَحصَّل منها على إطهار البرهان على ما سلف ذكره، والتّأكيد على ضرورة تقيّد الكُتّاب والمؤلفين بما تقيّد به من تقدّموهم قبل خوضهم لغمار التّأليف والكتابة ..
وهذا مقتطف بليغ من مقدمة كتاب “تتمة صوان الحكمة” لأبي الحسن ظهير الدين علي بن زيد بن محمد بن الحسين البيهقي، الشهير بابن فندمه (ت 565هـ) حيث قال الشيخ الإمام أبو الحسن البيهقي: <<كنت أبسم في تصانيفي عن ثغر الإفادة، وأشيم بوارقها. وأتأمل التصانيف المتقدمة وأُتبعها لواحقها، وأظنّ أنه تتهلَّل لي وجوه من الذِّكر الجميل، وجدتها في مدّة حياتي عابسة، وتورِقُ لي غصون من لسان صدقٍ في العالمين بعدما صادفتها يابسة. وعسى الأيام أن يَرْجِعْن قوما، وأن ترجع إليّ الحبيب يوما، ويساعدنا زمانٌ ألذُّ من خَلَسات العيون، وأحلى من فَتَرات الجفون، وليت شِعْري هل عَشِيّات الحِمَى برَواجع، أم نجوم المنى بطَوالِع، والله وليُّ التَّوفيق، ومُعين أهل التَّحقيق. وها أنا ذا ناسِجٌ في تصنيفي هذا على منوال مصنِّف كتاب صوان الحكمة، وهو أبو سليمان محمد بن طاهر بن بهرام السِّجزي، مشيِّدٌ بما لهم من حرمة، وذاكِرٌ من تواريخ الحكماء وفوائدهم، ما قَرُب غروب نجومه في مَغارِب النِّسيان، وأَدْرجَه الدَّهر تحت طَيِّ الحَدَثان، والله المستعان. وكلُّ من ذكرَه وأَثْبتَ اسمه مصنِّف كتاب صوان الحكمة، فأنا ما سَقَيْتُ شَماريخَه، وما ذكرت فوائده وتواريخه، فإنَّه أنصف في ذكرهم، وبالغ في حقِّهم، ونشر أَرْدِيَة جُلِّهم ودُقِّهم>>[3] .
وهذا مقتطف آخر من مقدمة كتاب “شرح المفصل للزمخشري” يقول فيها أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش المعروف بابن يعيش وبابن الصانع النّحوي (ت 643هـ) : <<فلمّا كان الكتاب المَوْسوم بالمُفَصَّل من تأليف الإِمام العلامة أبي القاسم محمود بن عمر الزمَخشريِّ رحمه الله، جليلاً قَدْرُه، نابِهًا ذِكْرُه، قد جمعت أصول هذا العِلم فصوله، وأوجِز لفظه، فتَيسَّر على الطّالب تحصيله، إلاَّ أنّه مشتملٌ على ضروب منها: لفظٌ أَغْرَبَتْ عبارتُه فأَشْكَل، ولفظٌ تتجاذبه معانٍ فهو مُجْمَل، ومنها: ما هو بادٍ للأفهام إلاَّ أنّه خالٍ من الدّليل مُهْمَل، فاستخرت الله تعالى في إملاء كتاب أشرح فيه مُشْكِلَه، وأوضِحُ مُجْمَلَه، وأُتْبِع كلَّ حُكم منه حُجَجَه وعِلَلَه. ولا أَدَّعِي أنّه رحمه الله أَخَلّ بذلك تقصيرًا عمّا أتيت به في هذا الكتاب؛ إذ من المعلوم أنّ من كان قادرا على بلاغة الإيجاز، كان قادرا على بلاغة الإطناب؛ قال الخليل بن أحمد رحمه الله : “من الأبواب ما لو شِئنا أن نشرحه حتّى يستوي فيه القويُّ والضّعيف لَفَعَلْنا، ولكن يجب أن يكون للعالم مَزِيَّةٌ بعدَنا”>> [4] .
ويقول أبو الفرج المعافى بن زكريّا النّهرواني الجريري (ت 390 ه) في مقدمة كتابه : ” الجليس الصّالح الكافي والأنيس النّاصح الشّافي”: <<فإنّني منذ مدَّة مضَت وسنة خَلَت، فَكّرت في أشياء من عجائب خَلق الله وحِكَمه، وأياديه ونِعَمه، ومثلاته ونقمه، وقد اكتنفتني هموم وأحزان، ولوعاتٌ وأشجان، وفنونٌ شتَّى من حوادث الزَّمان، وما قد فَشا في النَّاس من التّظالُم والتّحاسُد، والتّقاطُع والتّباعُد، وأنّ ما هو أَوْلى بهم من الأُنْس للمُجانسَة، قد فارقوه إلى الاسْتيحاش للمنافسة، وحصّلت على الِاسْتِئناس بالوحدة والخلوة، ثمَّ تطلّعت إلى جليس طَمعًا في أُنْسٍ وسَلْوة، فأَعْوَزَني ذو لُبٍّ عاقل، واتّفق لي كلّ غبيٍّ جاهل، فلاحَ لي أنْ أُنْشِئ كتابًا أُضَمِّنه أنواعاً من الجدِّ الَّذي يُسْتَفاد ويُعْتمَد عليه، ومن الهَزْل في أثنائه ما يَسُرُّ اسْتِماعُه ويُسْتَراح إليه، فإنّ اختلاف الأنواع يسهِّل النّظَر فيها، وينشِّط الوقوف عليها، ويوفِّر الِاستمتاع بها، وأنْ أُضَمِّنه علوماً غزيرةً وآداباً كثيرة، وأجعله مجالس مُوَزَّعة على الأيَّام واللّيالي، ولم أشترط فيها مَبلغًا من العَدِّ محصوراً ولا قدرًا من المجالس محظورًا، ثمَّ إِنّ طَوارِق الزَّمان وموانعه، وأحداثه وفجائعه، وعوائقه وقواطعه، وأهواله وفظائعه، حالت بيني وبين ما آثَرْتُه، ونفسي على هذه متعلّقَةٌ به، ومُؤْثِرةٌ له ومُنازِعَةٌ إليه، إلى حيث انتهينا، ثمَّ إِنَّني حَمَّلتُ نفسي في هذا الوقت على الشُّروع فيه والِاشتغال به، وسهّل الأمر عليّ في أَنّ بعض أصحابنا يكتُبه عنّي إِمْلاءً في الوقت بعد الوقت. وقد صنّف في نحو هذا الكتاب جماعةٌ من أهل العِلم والأدَب كُتُبًا على أنحاء مختلفة، فمنهم من جعل جملة كتابه جامِعَةٌ لكُتُب مُكْتَتبَة، ومنهم من جعله أبواباً مُبَوّبة، وأَفْرَد أبوابه بفصول مُمَيّزة، ومَعانٍ خاصَّة غير مُمْتزجَة، وسمّى بعض هؤلاء ما أَلّفه “الجَواهر”، وبعضهم”زاد المسافر”، وبعضهم “الزّهرة”، وبعضهم “أنس الوحدة”، في أشباه لهذه السّمات عِدَّة، وعمل أبو العَبَّاس مُحَمَّد بن يزيد النَّحْوي كتابه الَّذي سَمَّاه “الكامل”، وضَمّنَه أخبارًا وقِصَصاً لا إسناد لكثيرٍ منها، وأَوْدعَه من اشْتِقاق اللُّغة وشرحها وبيان أسرارها وفِقْهِها ما يأتي مثله به لسعة علمه وقُوَّة فهمه، ولطيف فكرته، وصفاء قريحته، ومن جليِّ النَّحو والإعراب وغامضها ما يقِلُّ وجود من يسُدُّ فيه مَسَدَّه، إلَّا أَنّ كتابه هذا مقصِّرٌ عمّا وسَمَه به، واختاره من ترجمته، وغير لائقٍ به ما آثَرَه من تسمِيَتِه، فحَطَّه بهذا عن منزلة – لولا ما صنعه – كانت حاصلةً له، فسبحان الله ما أَبْيَن انْتِفاء هذا الكتاب عن نسبه، وأشدَّ مُنافاتَه للقبه! وأنشأ الصّولي كتابًا سَمَّاه “الأنواع” مُبوّباً أبواباً شَتَّى غير مُسْتَوْفاة، وأتى فيه بأشياء مُسْتَحْسَنة على ما ضمَّ إليه من أمور مُسْتَهْجَنة، وصنّف أيضا كتابًا كأبي قمّاش سمَّاه “النَّوَادِر”، وهجاه بعض الشُّعراء بما كَرِهتُ حِكايتَه، وإِنْ كان حين وقف عليه فيما بلغَني اسْتَغربَ ضَحِكاً، غير أنّ الجميلَ أَجْمَل، والتّسلم من أعراض النَّاس أَمْثَل، وصَنَّف قومًا كُتبًا في هذا الباب تشتمل على فَقْرٍ من الآداب والفوائد منثورةً غير مُبَوَّبة، ومَخْلوطةً غير مُقَيّدَة، بفصولٍ مُتَميّزة ولا أبواب مُتَحيّزة. وقد سَمّيتُ كتابي “الجليس الصَّالح الكافي، والأَنيس النّاصِح الشّافي”، وأَوْدعتُه كثيرًا من فنون العلوم والآداب، على غير حَصْرٍ بفصول وأبواب، وضَمّنتُه كثيرًا من مَحاسِن الكلام وجَواهِره، ومِلَحِه ونَوادرِه، وَذكرت فيه أصولاً من العِلم أَتْبعتُها شرح ما يتشعّب منها، ويتّصل بها بحسب ما يحضر في الحال، ممَّا يُؤْمَن معه المَلال، ومن وقف على ما أتيت به من هذا، علم أَنّ كتابنا أَحَقُّ بأنْ يوصَف بالكمال والاسْتيفاء، والتمّام والِاسْتِقْصاء، وصدَّقَ وَسْمَه بالجليس والأنيس، فإِنّ الكتاب إِذا حَوى ما وصفناهُ من الحكمة وأنواع الفائدة، كان لمُقْتَنيه والنّاظِر فيه بمنزلة جليس كامل وأنيس فاضل، وصاحب أمين عاقل، وقد قيل في الكتاب ما معناه أنّه حاضِرٌ نَفْعُه، مَأْمونٌ ضرُّه، ينشط بنشاطك فينبسط إليك، ويملُّ بمَلالِك فينفضُّ عنك، إِنْ أَدْنَيْتَه دَنا، وإِنْ أَنْأَيْتَه نَأى، لا يَبْغيك شَرًّا، ولا يفشي عليك سِرًّا، ولا ينِمُّ عليك، ولا يسعى بنميمة إليك، ولذلك قال بعضهم:
نِعْمَ الصَّاحِب والجَليسُ كِتاب … تَهلو بِهِ إِنْ خانَكَ الأَصْحاب
لَ مُفْشِياً عند القَطيعةِ سرُّه … وتنال منهُ حِكْمَةً وصواب>>[5] .
[1] أول من فسر اللغة اليونانية ونقلها إلى السريانية والعربية، وكان في عهد المأمون والمعتصم، وهو بغدادي المولد ونشأ بالشام وتعلم بها، وألف في مدة حبسه المسائل المنسوبة إليه في الطب، وفسر كتب أرسطو وأفلاطون ..
[2] تتمة صوان الحكمة/ أبو الحسن ظهير الدين علي بن زيد بن محمد بن الحسين البيهقي ـ لاهور 1352 هـ : ص4
[3] تتمة صوان الحكمة: 1 ـ 2
[4] شرح المفصل للزمخشري/ يعيش بن علي بن يعيش ابن أبي السرايا محمد بن علي، أبو البقاء، موفق الدين الأسدي الموصلي، المعروف بابن يعيش وبابن الصانع (ت 643هـ)، قدم له: الدكتور إميل بديع يعقوب ـ دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان ـ الطبعة: الأولى، 1422 هـ – 2001 م : 1 / 39
[5] الجليس الصّالح الكافي والأنيس النّاصح الشّافي/ أبو الفرج المعافى بن زكريّا النّهرواني الجريري (ت 390 ه) ـ دراسة وتحقيق: الدكتور محمد موسى الخولي ـ عالم الكتب: ط. الأولى 1413ه ـ 1993م: 1 / 160 ـ 161