الرِّحلة العِلْميَّة لطلبة الجلفة وتتلمذهم على يد الإِمام ابن باديس – أ. الأخضر عالب -الجزائر-
الرِّحلة العِلْميَّة لطلبة الجلفة وتتلمذهم على يد الإِمام ابن باديس
قراءة في سيرة طلبة الجلفة
الأستاذ: الأخضر عالب، باحث في التاريخ المعاصر، ولاية مسعد.
- المقدّمة:
تتلمذ المئات من الطلبة على يد رائد الحركة التَّعليمية والإصلاحية في الجزائر الشَّيخ عبد الحميد بن باديس بمدينة قسنطينة في النصف الأول من القرن العشرين الميلادي، حيث وَفَدَ إليه الطلبة من كل مدن وقرى الجزائر، قيّد منهم الباحث والمحقق الأستاذ لحسن بن علجيَّة نحو 600 طالبا، في كتابه القيَّم الموسوم: معجم طلبة الإمام عبد الحميد بن باديس، الصَّادر عن دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع بالجزائر، سنة 2022م.
وفي هذا المعجم القيّم؛ نوّه الأستاذ الفاضل بن علجيّة في مقدّمة كتابه، أنّه رأى إغفال وإهمال الدراسات الأكاديمية والأبحاث التّاريخية التي تناولت سيرة ومسيرة الإمام ابن باديس، هذا الجانب المهم وهو تقييد أسماء تلامذة وطُلّاب ابن باديس، وهو جعله يبحث في هذا الموضوع لقيمته وأهميته التاريخية وحفظًا لجزء مهم من تاريخ الرجل الوطني، ذلك أنَّ الشَّيخ قد أفنى حياته وجَلَدَ عُمره في تعليم أبناء الجزائر زهاء 25 عاما مجّانًا، حتى أصبح الجامع الأعظم بقسنطينة أكبر معهد عِلْمي في الجزائر على الرغم صيحات وتحذيرات المناوئين لابن باديس وحركته العِلْمية بقسنطينة.
ومن أجل هذا؛ جاء معجم الباحث بن علجيّة، وقد تتبع فيه أرشيفات صحف الحركة الإصلاحية، كصحف ابن باديس (المنتقد والشهاب)، وجرائد جمعية العلماء كالبصائر والسُّنة والشريعة والصراط، وغيرها من المصادر والمراجع، ليضاف إلى الأعمال الجليلة والآثار التي تركها الإمام ابن باديس، فيعرفنا بتلامذته وطلّابه في كل القطر الجزائري.
قدّم الباحث بن علجيّة عصارة جهده المبارك، فجمع لنا نحو 600 طالبَا من الألف التي أشار إليها، ممن أخذوا العِلْمَ على الإمام ابن باديس، وبالرغم من هذا البحث والتقفي الجاد إلا أنّ الباحث بن علجيَّة تأسف كونه لم تخطر في باله فكرة تقييد أسماء طلبة ابن باديس خلال الثمانينيات والتسعينيات وهو الذي أدرك نيّفا وثلاثين منهم واستفاد منهم، وإلا لكان قد جمع ضعف هذا العدد على حد قوله، وجاءت أسماء الطلبة مُرتّبة حسب التقسيم الإداري القديم للولايات (48)، وقد ضمّ بين صفحات هذا المعجم الرائع طالبين من الجلفة وهما محمد بن عبد الرحمن المسعدي، والطالب علي بن إبراهيم كحول أصيل بلدة الشَّارف، وبنيلهما التّحصيل العِلْمي الجيَّد سمح لهما بالتّدريس والتكفل بالدروس الوعظية والإرشادية في مدارس التّعليم العربي الحر بالنسبة للشّيخ محمد الرايس، أمّا الشَّيخ علي كحول فقد انبرى لتدريس أبناء بلدته العلوم الشرعيَّة كما تنقل إلى عدة مدن أخرى سواء للتّربيّة والتّعليم والإمامة وغيرها من المهام.
- الشَّيخ محمد بن عبد الرحمن المسعدي (سيرة ومسيرة):
هو الشَّيخ محمد بن عبد الرحمن الرايس المسعدي، وُلِدَ بمسعد، يوم 21 رمضان 1330ه/02 سبتمبر 1912م، حفظ القرآن الكريم، وأخذ مبادئ العلوم اللغوية والشرعيّة بمسعد في سنّ مبكّرة، ثم دَرَسَ على يد المصلح الكبير عبد القادر بن إبراهيم المسعدي الذي كان يُقيم حلقات للدروس في العلوم الشرعيَّة والنحو والفقه، كما دَرَسَ على يد الشَّيخ أحمد بن عطية.
ذاق الشَّاب المسعدي طُعم العِلْم فتاقت نفسه للاغتراف من مناهله الصافية، فالتحق بالجامع الأخضر بقسنطينة يوم السبت21 شعبان1357هــ/15أكتوبر1938م، فتتلْمَذ على يد الإمام عبد الحميد بن باديس نحو عام ونصف، وقد عطف عليه شيخه وقرَّبه إليه، كما دَرَسَ عند الشَّيخ الجيلالي الفارس، ثم الشَّيخ مبارك الميلي.
فوجئ الشاب بوفاة شيخه ابن باديس يوم 16 أفريل 1940م، فرثاه بقصيدة من ستة وأربعين بيتا تعكس مصابه الجلل وفراق شيخه فيقول في مطلعها:
قضى الأمر ربي لا مقال لقائل ولا حيلة ترجى لدفع الغوائل
أعبد الحميد ما درينا بأننا سنرزأ فيك عاجلا غير آجل
رحلت عن الدنيا وغادرتنا بها كغرقى حيارى من خطوب نوازل
كأنك لم تعجبك فيها إقامة لأنك ترنوا للعلا والفضائل
فأوليتها الهجران والصد مذ غدت مجالا وسوقا للخنا والرذائل
لقد عشت فيها عاملا ومجاهدا وخلّفت ذكرا في الملا غير خامل
وقد كنت بدرا في الجزائر ساطعا تنير الدياجي طالعا غير آفل
فأصبحت بعد النور والضوء آفلا أفولا به خالفت كل الأوافل
التحق الشاب المسعدي بالجامع المعمور الزيتونة بتونس في 06 ديسمبر 1940م، ورقم دفتره 21140، كانت إقامته بنهج الرابطة عدد 89 بتونس، زاول دراسته بالجامع الأعظم فنبغ ونهل من مختلف العلوم كالقرآن والفقه واللغة والحديث، أين نال شهادة الأهلية في 16جويلية 1941م، ثم حاز شهادة التحصيل في العلوم في 15جويلية 1945م.
وبعد عودته إلى الجزائر شارك الشَّيخ محمد بن عبد الرحمن في نشر المبادئ والأفكار الإصلاحية التي تبنتها جمعية العلماء، وكان أول تعيين له كمدير ومعلم بمدرسة الإخلاص بمدينة الجلفة في السنة الدراسية 1946/1947م.
واصل نشاطه التعليمي والإصلاحي بمدرسة عين تموشنت، ثم عُيّن الشَّيخ مديرا بمدرسة المغير (واد ريغ)، كما تكفّل إقامة دروس الوعظ والإرشاد الإسلامي خلال شهر رمضان 1369هـ/1950م، وفي شهر رمضان 1370هـ/1951م، ثم عُيّن في مدرسة الفلاح بوهران سنة1951/1952م، ثم عُيّن بمدرسة التّربيَّة والتّعليم الإسلاميَّة بتيارت من أجل إقامة دروس الوعظ والإرشاد خلال شهر رمضان 1371ه/1952م، ثم عاد في السنة 1953/1954م إلى مدرسة الإخلاص بالجلفة أين تولى إقامة دروس الوعظ والإرشاد خلال شهر رمضان، ثم انتقل إلى مدرسة التّربيَّة والتّعليم رسوطة بطولقة واعظًا ومرشدًا لشهر رمضان 1374ه/1955م، ومكث فيها سنتين وفيها اتصل بالثّورة التحريرية لقربها من جبل الأوراس واعتقلته فرنسا بحجة خوضه في أمور السياسة وتمّ استجوابه إلا أنّ تلامذته سعوا في إطلاق سراحه ووقفوا مع شيخهم.
ومع اندلاع الثّورة التّحريرية اتصل الشَّيخ الرَّايس بالمجاهدين عندما كان معلّمًا بمدرسة طولقة واعتقلته فرنسا هُناك بحجة نشاطه السياسي.
قضى الشَّيخ منذ صيف 1956 إلى 1962م بين سجن ونفي وتعذيب بسبب مواقفه الشجاعة حيث تم سجنه خمس مرات خلال حياته، وقيّد الرايس ستّ صفحات بعنوان: هنا تسجيل أعمالي في الثَّورة وموقفي من ابن بلونيس.
ثم نُفي إلى غارداية في 14 نوفمبر 1956م لمدة أربعة أشهر؛ تعرّض خلالها إلى هجوم ليلا من الجندرمة في 14 مارس 1957م، تعرّض الرَّايس إلى شتى أنواع التعذيب، فكان يُسحب من شعره ويُعلق رغم أنَّه كان مريضا إلا أنَّه كان شجاعا وصابرا حتى وهو داخل السجن، وكثيرا ما كان يقدم مساعدات من غذاء وألبسة وإرسالها للمجاهدين بعد اتصالاته السرية.
قضى الشَّيخ المسعدي سبعة أشهر بين نفي وسجن إلى أن أطلق سراحه 4 جوان1957م، ثم ألقت عليه فرنسا القبض في 24 ماي 1959م، ليتعرض إلى أنواع التعذيب في كل من مسعد إلى الجلفة، ثم نقل إلى معتقل بول قازيل في عين وسارة، إلى أن أطلق سراحه يوم 12 أفريل 1960م.
وبعد الاستقلال؛ واصل محمد المسعدي رسالته التّعليميَّة والإصلاحيَّة، فعُيّن في السنة الدراسية 1962/1963م بمدرسة أبناء الثورة ابن شكاوْ بولاية المدية، ثم عاد إلى أستاذا لِلُّغة العربيَّة مدرسة الأمير عبد القادر بالجلفة (1963/1964)، و(1964/1965م)، ثم معلّمًا ومديرا بمدرسة الإخلاص(1965/1966م)، ثم عُيّن أستاذًا للأدب العربي بثانوية ابن شنب للبنات بالمدية (1966/1967م)، ثم تحوّل إلى ثانوية فخار عبد الكريم للذكور بالمدية في السنة الدراسية 1967/1968م، وهي السنة التي توفي فيها رحمه الله وبالضبط في 28 جانفي 1968م بالمدية، ودُفن بمسقط رأسه بمسعد.
ومن آثار المصلح المسعدي نذكر:
– ترك الشَّيخ محمد المسعدي رصيدًا معتبرًا من المقالات في جريدة البصائر في سلسلتها الأولى والثانية.
– قصائد شعرية كثيرة في أغراض مختلفة.
– بعض الفتاوى مكتوبة بخط يده، خطب جمعية وأخرى في مناسبات مختلفة بحوث قصيرة في علوم اللُّغة والشريعة، رسالة من ستّ صفحات ذكر فيها أعماله وموقفه من- الخائن ابن لونيس، حيث ذكر أنه لقيه وناظره ورجع متأكدا خيانته.
– أعدّ ترجمة لشيخه الإمام ابن باديس في أوراق من أجل نشرها في جريدة الشعب والمجاهد، بالإضافة إلى المقالات المنشورة في جريدة البصائر.
- الشَّيخ علي بن إبراهيم كحول (سيرة ومسيرة):
هو الشَّيخ علي بن إبراهيم بن بشير بن كحيل، وُلِدَ سنة 1371ه/1896م ببلدة الشَّارف، حفظ القرآن العظيم في سنّ مبكّرة، وأخذ مبادئ العلوم على مشايخ بلدته، فقرأ متن بن عاشر والشَّيخ خليل، والرحبية في علم المواريث وغيرها من المتون، ثم رحل إلى حاضرة العِلْم قسنطينة فلازم دروس الإمام ابن باديس، ومكث ينهل من علومه ومعارفه ثلاث سنوات، ثم استأذن شيخه في الانتقال إلى تونس حيث جامع الزيتونة والاستزادة من العلوم على يد شيوخ الجامع، فأجابه الشَّيخ ابن باديس قائلًا: (إن تونس لها رجالها وعلماؤها الذين يعلمونها وليسوا بحاجة إليك، بل بلادك بحاجة إلى أمثالك لتعلم أبناءها ولك أجر من قرأ عليك ولو آية واحدة خير لك من ذهابك إلى تونس).
عمل الشَّيخ علي بنصيحة شيخه ورجع إلى الشارف، واشتغل بالتّدريس في بلدة قصر الشلالة، ثم انتقل إلى بلدة الإدريسية، ورجع إلى مسقط رأسه وواصل رسالة التّربيّة والتّعليم، وبعد الاستقلال عُيّن في رتبة مؤذن مكلّف بالإمامة في أحد مساجد غارداية، ثم حوّل إلى مدينة الجلفة إلى مسجد خالد بن الوليد رضي الله عنه سابقًا، مسجد سي أحمد بن الشريف رحمه الله حاليا، ثم حُوّل إلى مسجد المنير بحي الضاية بالجلفة ليواصل مهمة الإمامة والتّدريس، كما قدّم دُروسًا وخطبًا في المسجد العتيق بالشّارف وكانت له حلقات لأتباعه في أحد البيوت.
عُرف عن الشَّيخ علي في وسطه بأنّه كان رجلًا إصلاحيا ووطنيا، فيذكر الإمام الميلود شريّط أن الشَّيخ علي كان سلفيا نبيها وسطيا معتدلا على مذهب إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله، وكان يحارب البدع والخرافات والأباطيل بلسانه وفكره وتارة بعصاه، فكان مصلحًا شُجاعًا قولًا وفعلًا فعلًا، لا يخشى في الله لومة لائم، وبهذا لُقب الشَّيخ علي بالعُقبي نسبة إلى الشَّيخ المصلح الطيب العقبي المعروف عنه إنكاره للبدع والخرافات، وكان رحمه يعتز بلقب العقبي المكنى به.
كان الشَّيخ علي يُقدّس العِلْم والعمل، فإلى جانب تعلَّمه ونشرِه للعِلْم وتثقيف وتهذيب النَّاس، فقد اشتغل حرفة الخياطة وكان يخيط ثياب الرجال فقط، وكان يحث النَّاس على العمل اليدوي وإذا صافحه رجل يده ملساء يقول:( هذه يد ميت، إن يد الحي تكن مشققة من أثر العمل).
كان الشَّيخ سي علي شديد البغض والكره لفرنسا وأذنابها، مقاوما لها ضد سياستها الرامية إلى محاربة الإسلام واللُّغة العربيَّة وهُويّتها عمومًا، ومع اندلاع الثَّورة التحريرية المباركة شارك فيها بالعمل السياسي والدعوة إلى الجهاد وحثّ الشَّعب جهرا قائلا: (التحقوا بصفوف المجاهدين في أعالي الجبال، دافعوا عن عقيدتكم ووطنكم إمّا النصر أو الاستشهاد)، وكان بينه وبين أتباع بلونيس عداوة شديدة، حاول بعضهم قتله ولكن الله نجاه منهم، وكانت تلك العداوة سببا في إلقائه في سجن بلونيس.
ويبدو أنّ عائلة كحول بمدينة الشَّارف عائلة عِلْمية وإصلاحية ووطنية بامتياز، فإلى جانب الشَّيخ علي بن إبراهيم كحول، وأخيه الأكبر الشَّيخ محمد بن إبراهيم كحول، فضلًا عن عمهم الشَّيخ محمد بن بشير كحول وهو أول من ناصر الفكر الإصلاحي بمِنْطَقَة الشّارف، ويذكر الإمام شريّط عن عائلة كحول الإصلاحية قائلًا: (واشتهر هؤلاء الباديسيون بدعوتهم الوسطية والاعتدال ومذهب إمام دار الهجرة ونبذهم للخرافات والشعوذة والتدجيل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهر بكلمة الحق وكانوا لا يخافون لومة لائم).
وعن مآثر الإمام ابن باديس وما عاناه هو وطلبته في سبيل تحصيل العِلْم، يروي الإمام الميلود الذي نقل شهادة الشَّيخ علي في حق شيخه ابن باديس: (وقد حكى لأبي أنهم كانوا يأكلون القليط الخبز الذي ينضج بحرارة الجمر والرماد، ويقال عنه في بلادنا خبز الملة، بفتح الميم وتشديد اللام المفتوحة، يأكلونها يابسة وتارة يأكلونها بزيت الزيتون، وحكى لأبي أنّه في يوم من الأيام بعث الشَّيخ ابن باديس أحد طلبته ليشتري له حليبا، فاشترى له لحما فقال له الشَّيخ رُده، والله لا آكل اللحم وأولادي (أي طلبتي) يأكلون الخبز اليابس، قلت لك اشتري لي حليبا).
بعد حياة عِلْمية حافلة بالعِلْمِ والجهاد بين الإمامة والخطب والدروس والجهاد في سبيل الله وحُبه للوطن حبا لا مثيل له، تُوفي رحمه الله يوم 11 أفريل 1966م/1387ه في مدينة الجلفة، كان الشَّيخ علي من شدة حبه للوطن يقول: (والله لولا الفتنة لقتلت أعداء الوطن الخونة)، ولما قيل له: يا علي هل ندفنك في الشارف؟ قال لهم: لا، أدفنوني هنا في الجلفة، فالنَّاس يُحشرون يوم القيامة في المشرق وأنتم تريدون أن تذهبوا بي نحو المغرب، خطوة نحو القبلة أفضل).
- الشَّيخ محمد بن البشير (أول مصلح بالشَّارف):
ومن طلبة الجلفة الذين تتلمذوا على يد الإمام ابن باديس، نجد اسم الشَّيخ محمد بن البشير وهو عم الشَّيخ علي بن إبراهيم، فيذكر الإمام الميلود شريّط أنّ الشَّيخ علي وعمه الشَّيخ محمد بن البشير كانوا من مشايخ الجلفة الذين انضموا إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وهما من السباقين الأوائل إلى مدرسة ابن باديس بالجامع الأخضر، وبذلك نال هو وعائلته لقب الباديسيين على مستوى ولاية الجلفة، وبذلك يكون محمد الطالب الرَّابع من الجلفة الذي دَرَسَ على ابن باديس، وقد أفادنا الإمام الفاضل الميلود شريّط بترجمة وجيزة له:
فهو الشَّيخ سي محمد بن البشير وُلِدَ سنة 1907م وفي الوثائق البلدية 1909م ببلدة الشَّارف، أول مصلح في بلدة الشَّارف، وهو من رموز الحركة الإصلاحية والوطنية بمِنْطَقَة الجلفة، فقد التحق بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين نحو1933م، تُوفي رحمه الله سنة 1984م بالشَّارف.
- الشَّيخ محمد بن إبراهيم كحول: (المصلح المنسي):
هو الشيخ محمد بن إبراهيم كحول وُلِدَ سنة 1892م بالشَّارف، وهو الأخ الأكبر للشّيخ علي بن إبراهيم وقد تتلمذ على يديه أخيه (علي) قبل أنْ يرتحل إلى الجامع الأخضر حسب ما ذكره الإمام شريّط وبذلك يكون الطالب الثالث من عائلة (كحول) الذي تتلمذ على يد الإمام ابن باديس في نهاية الثلاثينيات بالجامع الأخضر، تولى الشَّيخ محمد بن إبراهيم أمين مكتب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بقصر الشلالة، توفي رحمه الله سنة 1959م بالشَّارف. با
لشار
6.خاتمة:
كانت هذه المقالة الموجزة ترجمة وافية لأشهر طلبة الجلفة الذين تشرّفوا بالتتلمذ على يد الإمام ابن باديس، وقد نالوا من عِلْمه الغزير وخُلقه الجم، واستفادوا من مشروعه الإصلاحي النهضوي الوطني، ولعلّ هُناك طلبة آخرين لم توثّق دراسته عند ابن باديس، كما كانت هذه الورقة تبيانًا وتوضيحًا لأثر الذي تركه العلاّمة ابن باديس بمِنْطَقة الجلفة خاصة أنّه زارها بعد عام من تأسيس جمعية العلماء، فقد زارها في جوان 1932م، وحثَّ أهلها على نشر التّعليم العربيّ الحر وترقية وسائله ومناهجه، لأجل لمجابهة السياسة الفرنسية، كما دعا ابن باديس أهلها إلى إرسال أبنائها إلى الجامع الأخضر للاستزادة من العلوم الإسلاميَّة والرفع من مستواهم العِلْمي والفكري، ثم إعادة إرجاع هؤلاء الطلبة إلى بلادهم أو إرسالهم إلى مدن أخرى وذلك لتعليم وتثقيف أبناء الجزائر ونشر الوعي الديني والتحرري ورصّ الصفوف بين أبناء القطر الجزائري الحبيب وتحقيق الهدف المنشود والمعول عليه وهو استقلال الجزائر استقلالا تامًّا وهو الهدف الأسمى للنهضة الإصلاحية.
- قائمة المصادر والمراجع:
1/- جريدة البصائر: السلسلة الأولى والثانية، أعداد متفرقة.
2/- الأخضر عالب، الحركة الإصلاحية في ربوع أولاد نائل مِنْطَقَة مسعد أنموذجا 1928-1956م، دار خيال للنشر والترجمة، برج بوعريريج، الجزائر، ط1، 2022م.
3/- لحسن بن علجية، معجم طلبة الإمام عبد الحميد بن باديس، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2022م.
4/- محمد شكيب الرايس، أعلام منسية (الشيخ محمد الرَّايس)، مجلّة المركز الثَّقافي الإسلامي الشَّيخ عامر محفوظي الجلفة، ع8، شوال 1440ه/جوان2019م.
5/- الميلود شريّط، الشيخ الفقيه سي علي بن ابراهيم كحّول (1896-1966م)، تلميذ ابن باديس الذي حرّض على الجهاد، جريدة الجلفة إنفو الالكترونية، نُشر بتاريخ: 12/12/2022م.
6/- الميلود شريّط، من مآثر الشيخ سي علي بن إبراهيم كحّول 1896-1966م، خيمة التراث الشعبي لمنطقة الجلفة، نُشر بتاريخ: 19/09/2023م.
7/- ترجمة الشَّيخ محمد بن البشير، أفادنا بها الإمام الفاضل الميلود شريّط.