حصريا

الافتتاحية : سُلوان القارئ : القرآن و الحرب . بن جدو بلخير – الجزائر –

0 75

 

القرآن كتاب جهااد وكتاب حرب …

وأرسل نبينا صلى الله عليه وآله وسلم محاربا ..(وجعل رزقي تحت ظل رمحي)

وكان الصحابة أهل حرب، وأول حرب خاضوها كانوا هم المبتدئين بالحرب ..غزوة بدر تنبيك عن هذا

وأنزلت سورة الأنفال مفصلة لهذه الحرب و مقررة لقواعد الجهااد بعامة

يقول الله تعالى : فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا

يقول ابن عاشور :ِ الجِهادِ وهو الِاسْمُ الجامِعُ لِمُنْتَهى الطّاقَةِ. وصِيغَةُ المُفاعَلَةِ فِيهِ لِيُفِيدَ مُقابَلَةَ مَجْهُودِهِمْ بِمَجْهُودِهِ فَلا يَهِنُ ولا يَضْعُفُ ولِذَلِكَ وُصِفَ بِالجِهادِ الكَبِيرِ، أيِ: الجامِعِ لِكُلِّ مُجاهَدَةٍ. وضَمِيرُ (بِهِ) عائِدٌ إلى غَيْرِ مَذْكُورٍ: فَإمّا أنْ يَعُودَ إلى القُرْآنِ لِأنَّهُ مَفْهُومٌ مِن مَقامِ النِّذارَةِ، وإمّا أنْ يَعُودَ إلى المَفْهُومِ مِن (لا تُطِعْ) وهو الثَّباتُ عَلى دَعْوَتِهِ بِأنْ يَعْصِيَهم، فَإنَّ النَّهْيَ عَنِ الشَّيْءِ أمْرٌ بِضِدِّه )إ.هـ

والحرب كلمة كيفما قلبتها نبّأك جذرها على معنى السلب والمقاومة، فالمحارب سالب لحياة العدو مقاومٌ لعدوانه واشتقوا من الاسم أداة الحرب (الحربة) حتى محراب الصلاة  هو للحرب للشيطان، وعلى  هذا المعنى فإن المؤمن في حربٍ أبدا

بقول الشيخ القرضاوي رحمه الله : إن الحرب إنما تكون ” في سبيل الله ” إذا ارتبطت بدوافع إسلامية، وأهداف إسلامية، أعني: أن تكون لنصرة دين الله وإعلاء كلمته، والدفاع عن دار الإسلام ، وكرامة الإسلام، وهذا الذي يميز الحرب الإسلامية عن غيرها

وعلى هذا الجيل أن يَعيَ هذا، ويستعدّ له، وأن العدو من كافر ومنافق مُترصد له، يمضي دهره ويسخر قوته وينفق ماله ويبذل مهجته ليستأصل الإسلام، وأمام هذه الأهوال فالعدة الأولى و الآلة الكبرى للجهاد هي القرآن، والقرآن أنزل حربا على الكفر والنفاق، وفصّل في مسائل الجهاد تفصيلا لم تنله موضوعات أخرى من موضوعات الاسلام

(أذن للذين يُقاتَلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير)

يقول الله تعالى (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا)

(وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّه) ..

وفصلت صلاة خاصة بالحرب تفصيلا عجيبا دقيقا سميت بصلاة الخوف ( وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً )

ومن المخازي أن يستطيل هذا الجيل في الجدال حول حهاااد الدفع إذ أنه من أوضح الواضحات ولا يحتاج إلى  إقامة دليل، ولكن النفوس أصابها الوهن وتربّع على عرش الفتوى ثلة من مشيخة السوء راحت تهوّن وتشترط شروطا ما علمنا لها من سلف

يقول القرطبي : إذا تعيّن الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار … وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا، ويخرجوا إليه خفافاً وثقالاً، شباباً وشيوخاً. كلٌّ على قدر طاقته … ، فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة حتى يعلموا أنّ منهم طاقة على القيام بهم ومدافعتهم. وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه -أيضاً- الخروج إليهم، فالمسلمون كلهم يد على من سواهم)

وأما جهااد الطلب فإن الكرة الأرضية – بهذا المصطلح المعاصر- ملكٌ للمسلمين أو هي تخضع لقانون المسلمين، وهذا هو مراد الله من إرسال الرسل وإنباء الأنبياء.

أرسل الله الأنبياء لأقوامهم خاصة إلا نبينا محمد صلى الله عليه و سلم فهو للناس كافة قال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ “جَمِيعًا” الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَ”الْأَرْضِ” )

فيُقيم النبي صلى الله عليه وسلم الاسلام؛ ومن هو في معنى مهمة النبي؛ اقصد ولي الأمر، ولا يقتصر على رقعته التي يحكمها؛ بل مهمته الكرة الارضية جميعا، لأن الأرض ملك للمسلمين؛ ليطبقوا شريعة الله لأنهم خلفاؤه في الأرض، فإن أسلم العدو المقيم على أرضه فذاك؛ وإلا فسيُعطي الجزية مقابل حمايته، ويستنّ بالقانون الذي يُلزمه به الاسلام من: عدم الظلم وعدم الجهر بدعوته ودينه ونشر الفساد ..الخ فإن لم يُعط الجزية؛ قاتله المسلم حتى يَستنَّ بقانون الله، أو يموت المسلم دون ذلك؛ لان هذه هي مهمته في الارض، ولهذا كانت الفتوحات الاسلامية، وهذه هي قمة الانسانية !

الفتوحات لا تُنظر من زاوية واحدة ؛ وإنها اعتداء على غيرنا،لابد من النظر الى الأمر بمجموعه؛ وليس لآحاد القضايا :

فهي رفعٌ للظلم: فكل تشريع خلاف ما أنزل الله فهو ظلم؛ الامم الاخرى كفارس والروم، مظاهر الظلم فيها بادية: كالاستعباد و الطبقية، ورفع الظلم عن الأمم المُستذَلَّة هذا مقصدٌ اسلاميُ عظيم ..!

هذا جانب انساني ذو قيمة اخلاقية !

النبي صلى الله عليه وسلم كما اسلفت تميز بانه ذو رسالة عالمية؛ فلم يكن حبيس مكة او المدينة، فلو لم يبعث البُعُوث خارج الامصار المحلية؛ كان في ذلك نوع تناقض مع رسالته وهي العالمية ومقصد رفع الظلم عن الناس جميعا.

ولذلك تجد اغلب الصحابة مدافنهم خارج مكة والمدينة في كثير من الامصار،لانهم فهموا “عالمية الرسالة”

ثم إن كل أمة طبيعيا : تسعى لنشر رسالتها؛ بل أي فلسفة او فكرة تفعل ذلك، من يمسك بزمام مقاليد القوة يسعى لنشر الفكر الذي يحمله وجعلِه عالميا..:

مثل اميركا وعولمتها، وانما الحقيقة هي الأمركة.

والاتحاد السوفيتي كيف ينشر الشيوعية والماركسية، فهذا أمرٌ طبيعي، فاذا كان اهل الكفر والزندقة كذلك؛ فمن باب أولى ان تكون مع اصحاب الحق هذه الهمّة في العولمة .

يقول الله تعالى( و قاتلوهم حتى لا تكون فتنة و يكون الدين كله لله) ( وهو في السماء إله وفي “الأرض” إله )

وحتى يكون الله مستحقا للعبادة في الارض؛ ينبغي ان يكون الدستور المُسوَّد الذي له السيادة هو: قانون الله، ولا يكون ذلك الا بالفتوحات الاسلامية؛ حتى لا يكون هناك شرك وكفر في الارض، ولا يُعبد الا الله .

وتكون السيادة لله; ومنه تكون الأرض: “ملك للمسلمين” ، رجعت الى نقطة البداية وهي ان الكرة الارضية ملك للمسلمين !

جاء في صحيح البخاري لما اراد المسلمون غزو الفرس، خرج ترجمان من الفرس فقال : ليُكلمني رجل منكم. فقال المغيرة بن شعبة: سل عما شئت؟ قال: ما أنتم؟ قال المغيرة : نحن أناس من العرب كنا في شقاء شديد؛ وبلاء شديد؛ نمصُّ الجلد والنوى من الجوع؛ ونلبس الوبر والشعر؛ ونعبد الشجر والحجر، فبينا نحن كذلك؛ إذ بعث رب السموات “ورب الأرضين” تعالى ذكره وجلَّت عظمته إلينا نبيا من أنفسنا؛ نعرف أباه وأمه، فأمرنا نبينا رسول ربنا صلى الله عليه وسلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده؛ أو تؤدوا الجزية، وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن رسالة ربنا أنه: من قُتل منا صار إلى الجنة في نعيمٍ لم يُر مثلها قط، ومن بقي منا “ملك رقابكم” !

انظر كيف قال: رب الأرضين، أي ان الارض للمسلمين

وانظر كيف : تؤدوا الجزية

وانظر لبلاغة الصحابي رضي الله عنه : من بقي مَلَكَ رقابكم !

والجزية وإن كانت تدل على صَغارٍ، لكن لها جانبٌ خفي ايجابي ؛ وهي ان نفس الحرّ لا ترضى ان يبقى تحت الذل، ولمّا يرى الاسلام واخلاق المسلمين وسماحة الشريعة يقول: لما لا اكون مثلهم؛ فدينهم جميل .

هناك حديث للنبي صلى الله عليه و سلم : (عجبت لقومٍ يُقادون إلى الجنة بالسلاسل) في بعض تأويلات العلماء هم الأسارى يعني: الكافر يكون أسيرا؛ ثم يرى سماحة الاسلام فيُسلِم فيدخل الجنة؛ وقد كان في السلاسل !!

كذلك الجزية لها نفس الأثر حين يدفعها وهو في كنف الدولة الاسلامية؛ هذا مُؤْذِنٌ بدخوله الاسلام، كما ان الاسلام توعّد من يقتل المعاهد والذمي في الحديث (من قتل معاهدا لم يَرِح رائحة الجنة)كما يقال بلغة العصر : حقوق المواطنة .

و يتفرّع عن هذا  الجواب عن الشبهة المشهورة : لا يجوز لنا ان نأذن للكفار ببناء كنائس في بلاد الاسلام، حتى وإن رضوا هم ببناء المساجد، لأن الأرض ببساطة ليست ملكهم

والحديث عن جهاد الطلب؛ مؤجّلٌ الى الحين الذي قصده ابن قيم الجوزية بقوله : …وجهاد الطلب الخالص لله؛ يقصده سادات المؤمنين!!).

وبعدُ : فإن الجهاد هو تحقيق كون المؤمن مؤمنا

وقررت العلماء أن أمير الصلاة هو أمير الحرب

وحكموا أن من هاجر من أرض مجااهدا في سبيله، فالأفضل ألا يرجعوه إليها إذا مات!!

,والنبي صلى الله عليه وآله وسلم عاش ما عاش مجاهدا أو مرابطا للجهاد فإن بلاده الأصلية هي مكة ومقامه في المدينة كان مقام رباط وجهاد فتوقف عند المعنى! لتدرك مكانة الجهاد في الاسلام وكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم عاش مجاهدا طيلة حياته

وبعد: فكل جدال لابد أن يتمحّص بعده حق يتلوه عمل، فتحت الرغوة ينبغي أن يوجد اللبن الصريح

وليكن الحداء : لا لا يا قيود الأرض..

أقسمتُ سوى الجهاد ما لي أَرَبُ  /  والرَّاحةُ في سواهُ عندي تَعَبُ

كانت غززة تعلم العالم :

وَلا تَزالُ كَما أَمست مؤرّخةً /  دارُ الجهادِ حِمى الآساد فرسانا

والسلام

 وكتب المُتحنِّنُ إليهم

بن جدو بلخير

 

 

 

 

 

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.