حصريا

أحمد بن محمد الداوّدي البجائي وكتابه ” حَدقُ المُقْلَتَيْنِ فِي شَرحِ بيتيْ الرَّقْمَتَينِ ” – نصيرة سعيد – الجزائر

0 32

أحمد بن محمد الداوّدي البجائي (ت 841 ه) وكتابه ” حَدقُ المُقْلَتَيْنِ فِي شَرحِ بيتيْ الرَّقْمَتَينِ “

1- لمحة عن حياته العلمية

أحمد بن محمد البجائي من الأدباء الذين عرفتهم بجاية وجهِلتهم التراجم، فما من كتاب يؤرخ للأعلام البجائيين إلا ويذكر اسمه ومُؤَلَفه ولا شيء غير ذلك، لذلك فإن كتابه الوحيد المطبوع” حَدَقُ المُقلتين في شرح بيتي الرّقمتين “يُعدُّ المصدر الوحيد  عن رحلته وكفاءته العلمية.

فهو شاعر وأديب وشارح، نشأ في بجاية وتعلم فيها وتتلمذ على شيوخها، وتوسعت قراءاته وكثُرت محفوظاته، وكان له حظ في علوم العربية من نحو وصرف وبلاغة وأدب، ونزوع نحو نظم الشعر، والتفنن في النثر وتأليف الكتب الأدبية، تنوعت مقروءاته – حسب ما رأينا من منقولاته – بين محفوظات الشعر، وكتب اللغة، والصرف، والنحو، والبلاغة، والأدب، والنقد، والمنطق، والجدل، والتفسير، والفقه، التي جعلت منه بعد شوط من الطّلب بين يدي المعلمين عالما ثبتا مدقّقا جليلا وأديبا وشاعرا كما وصفه الدكتور فوزي الهيب، وناقدا للإبداع الأدبي.

أما شيوخه فلم نجد من الأسماء إلا شيخا واحدا مذكورا في كتابه، وهو الفقيه المحدث الحافظ أبو زكريا يحيى بن عباس وذلك لما قال: ” ناولني شيخنا الفقيه الحافظ المحدِّث أبو زكريا يحيى بن عباس – ببلدنا ببجاية – شعرَ ابنَ مرج الكُحل،وأنشدني منه يصف غروب الشّمس “.

2- كتابه، منهجه وأسلوبه

أما كتابه ” حدق المقلتين “فهو من الكتب الأدبية المهمة التي وصلت إلينا، والذي حٌقِّق مؤخرا من طرف الدكتور ناصر الدين بن رمضة بعد أن كان مخطوطا محجوزا في الخزائن، ألفه صاحبه في سياق الاعتناء الذي حظي به بيتان شعريان سميا بيتي الرّقمتين لدى أهل العلم والأدب،فاعتنى بهما – كما قال الدكتور فوزي الهيب – شرحا وبيانا واستنباطا واستظهارا لمعانيهما، بعضهم بالتأليف الموسّع، وبعضهم بالتعليق الوجيز المبدع، الأمر الذي دفع أحمدالبجائي إلى أن يخوض غمار شرحهما ليأتي بجديد لم يسبق إليه، فشرحهما شرحا مستفيضا، واستخرج منهما نحو أربعين معنى فضلا عن الفوائد الأخرى الكثيرة التي نجدها في صفحات كتابه.

وما يُبرّر أكثر من أربعين معنى لبيتين من الشعر أنّهما ممّا يتّسع فيهما التأويل وذلك بحسب ما تحتمله ألفاظهما من معاني، وما يتّسمان به من رمزية وصور بيانية، وهو ما يسمّى عند أهل العربية الاتّساع([1]).

موضوعه إذن هو شرح بيتي الرقمتين الذي يقول فيهما الشاعر:

رأتْ قمرَ السّماءِ فَأذْكرتْنِي   لَياليَ وَصْلِها بالرَّقمَـــــــتينِ
كِلانا ناظــــــــــــــرٌ قَمرًا ولكنْ   رأَيتُ بعَينِها ورأتْ بِعَيني

بهدف تقريب هذه المادة الأدبية من قُرَّائِها، والكشف عن موفور معانيهما، ومواطن الإبداع فيهما، أو كما قال الشارح: ” فهزّزتُ النّفوس الساكنة لها طربا،  وأُبرزت للعيون من كامِنها عجبًا، فانشرحت النفس وقرَّت العين، وقدّس ماء اليقين ما دنّس خَبَثُ الرّين “.

واكتسب الكتاب أهمية من نفاسته أولا، حتى حظي بإقبال العلماء، يطلبون إعارته المرة بعد المرة شغفا بمطالعته، ويوصون بقراءته، حتّى كتب في طرّة أحد نسخه ” قف على الكتاب فإنه نفيس جدا “. وفي كثرة شروحه ثانيا، وفي ما سدّه من ثغرات في أدبنا وتراثنا ثالثا، فقد ذكر المُحقّق أن المؤلف ذكر أشعارا مختلفة الألفاظ والرّواية عمّا هو موجود في المراجع، وحفظ بعض الأبيات الشعرية النادرة، وذكر عنوان كتابه الآخر المفقود ” الفنون البابلية في شرح الجاهلية “، وتفرّدت مخطوطته ببعض الأبيات، وهي غير موجودة في الدّواوين، مثل أبيات ابن مجبر، وأبيات المُقنّع الكندي.

والكتاب في أصله من الشروح الأدبية، لكن تتخلله مباحث نقدية لذلك فالكاتبتناول البيتينبمنهج في الشرح وآخر في النقد.

أما منهجه في الشرح نوضحه في النقاط التالية:

-على عادة كتب شروح القدامى، صدّر المؤلف كتابه بديباجة ذكر فيها صعوبة ما هو مقبل عليه وجِدّته وأصالته، فيقول في مقطع من مقاطعها: ” وقع عشيّة يوم فيها البحث، ولم يُذكر سمين ولا غثّ، وكان اليوم قد طوِيت صحيفته، وبَطُلت بِمُقَدِّمَةِ الليل نتيجَتُه، فلم يتمّ غرض ولا مقصد، ولا نُثِر من درّها ما كان القائل نضَّد، فأعملت الفِكرَ فيها سواد تلك الليلة وبياض الغد إلى أن ظهرت ظهور النفس وبرزت بروز اليقين بعد اللَّبسِ للنّفس “، فهولم يُفتح له بادئ الأمر فهمهما، وعسُر عليه استنباط معانيهما، حتى أعمل فكره فظهرت نفائسه، ثم يكمل قائلا: ” فاستخرجت من بحرها المُزْبَد حِليةً لم تُلبَس، وباشرتُ من صَدَفها المُنطِق دُررا لم تُجسّ ولم تُلمسْ، حلَّيتُ بهَا جيّد الأدب العاطِلِ، وأَعليتُ صدورَ المجالسِ والمحافلِ، ونمّقتُ بأحرُفها المرموقة ومعانيها المفهومة صُحُفَ الاستحسان، ونمنَمتُ وشيها بدقيق التصريف، ورقيق علم البيان، وأرحتُ بها من جدل فكرة المُجِدِّ تورُّط الإعياء، وبنيتها لينِ التدبّرِ وشِيْدِ التَّمهُّلِ على عشرة أشياء  “، في إشارة إلي قيمة ما هو مقبل على شرحه، وأنه سيأتي بالجديد من معانيهما التي لم تُلمس، ويحرّك بشرحهما عجلة الأدب الراكد العاطل بأدوات علوم العربية.

– بدأ تحديده لطرق إدراك المعاني في فصل بعنوان ” فصل تراجم الإدراك ونواجم الاستدراك “، وهي قواعد أسّس عليها شرحه، ففي مقابل واحد وأربعين معنى،ذكر واحدا وأربعين طريقا لاستنباطها بالنّظر مثلا لحال القمر وصفاته، أو إلى أفعال العاشقين وأحوالهم وصورهم ومشاعرهم، أو بالنظر لخيال الشاعرأوبالنّظر للجبلات الإنسانية وهكذا.

فعلى سبيل المثال قال أنّالمعنى الأول يُدرك من طريق فعل النظر وصورة فعل التّيه ومعايَنتِهِ، والمعنى السابع: يُدرك من طريق المضرّة – وهو الخوف – والمنفعة من الحنان بعضُهم على بعض.

-ولتسهيل إدراكها مهّد لها بفصل عنوانه ” منبع التبويب ومَشرعُ الغريب “، شرح فيه جميعألفاظ البيتين، وأورد لكل كلمة معانيها اللغوية المختلفة التي استثمرها فيما بعدلتوليد معاني مختلفة للبيتين، فمثلا كلمة ” ناظر ” نقل لها إحدى عشر معنى، وكلمة ” العين ” نقل لها ثلاثة عشر معنى، واحتجّ لمعاني الألفاظ بشواهد من القرآن الكريم وأقوال الأعلام من الأدباء و النّحويين والمفسّرين، وشواهد من الشعر العربي.

– انتقل بعد ذلك لتوليد المعاني الواحد والأربعين مستعينا بهاذين المسلكين: طريقة النّظر ومعاني الألفاظ، في فصل بعنوان ” نتائج مقدّمات التراجم ومنازل تلك الطرق والنّواجم”، وأتى لكل معنى بشاهد شعري أو أكثر يشاكل المعنى الذي ذكره.

-لم يقطع الشارح بأن كلمعنى يُدركه هو المقصود من الشاعر، لذلك كان يبدأ دائما بكلمة ” يُحتمل ” على رأس كل معنى.

– قصد في شرحه ذِكر بعض الفوائد، والنّكت اللغوية، والقصص النثرية، التي غالبا ما كانت تخدم المعنى الذي يناوله، أما بعضها الآخرفهي استطرادات، مثلا في إيراده للأسماء المختلفة للسماء، واعتباره للفظة الرّقمتين أنها من الألفاظ المشتركة، وفائدة عن أقسام الحُسن.

– من منهجه كذلك أنه يقدّم للمعنى بما سمّاه مقدمة موضحة تساعد على فهمه، مثل ما وقع في المعنى الثاني والعشرين باستطرادهفي معنى الذّكاء وأصل اشتقاقه،ونقل شواهد عليه وعلى سرعة البديهة، والفرق بينه وبين الذّكر والخيال.

– بعض الشواهد الشعرية يأتي بها للاستدلال على معاني جزئية في البيتين، مثل البيت الذي جاء به لمعن الذهول في قول الشاعر:

هـــــلْ نظْرةٌ إنَّ العيونَ كليِلةٌ   أوْ فِكرةٌ إِنَّ العُقُولَ ذُهُولُ

-يتخلّل الفصل التي تناول فيه المعاني بعض المباحث التي تعدّ من قبيل الاستطرادات، إجابة على ما يتوقعه من مسائل وإشكالات قد تطرأ على عقل القارئ، ثم يعود إلى أصل ما بُني عليه الكتاب، مثل ما تناوله في المعنى الثامن في موضوع القبح والحسن،وتوقع في هذا الموضوع أربع مسائل:

المسألة الأولى: بماذا يُدركُ الحبّ والقبح، بالعقل أو بالطّبع ؟

المسألة الثانية: ما ماهية الحسن ؟ أمعنوي هو أم حسّي ؟

المسألة الثالثة: ما الفرق بين الحُسن الطبيعي والنّفساني والعقلي ؟

المسألة الرابعة: ما هي طبقات وصور الحسن وما هي جهات إدراك الحسن الحسّي ؟

فأجاب عن المسألة الأولى إجابة أصولية بنقله لأقوال الأصوليين، أما باقي المسائل فقد استعانفي إجابته بعلم المنطق، ويبدو أنّ ما نقله من حدود وتعريفات تشبه إلى حدّ كبير ما سجّله حازم القرطاجني (ت 684 ه) في كتابه منهاج البلغاء وسراج الأدباء، وهذا ما أدركه محقق الكتاب في مقارنته بين النّصوص.

-استعان الشارح بالمسائل البلاغية والصرفية واستخرج من البيتين صور الاستعارة والمجاز في علم البيان، والتقديم والتأخيروالحذف والوصل و الفصل في علم المعاني، والمُطابقة والإدماج والتنكيت في علم البديع، والقلب والنقل والإبدال في علم الصرف.

– أحيانا ينظر للبيتين نظرة شمولية فيستخرج معنى عاما مثل ما قام به في المعنى الثاني عشر، والمعنى  الثالث عشر ،وأحيانا يجزئ البيتين ويقدم لكل بيت معناه، مثل المعنى الأول.

– بعض الشعر والنثر المنقول في الكتاب متعلّق باستطراداته، وذلك في بعض المعاني الخارجة عن البيتين، مثل نقله لأبيات ومقطع نثري دال على سرعة البديهة،ومقطع آخر لوصف حسن جارية،وأبيات من الشعر تتحدث عن طريقة حديث المحبوب مع حبيبه إما كلاما أو إيماء.

– أما بخصوص الشواهد الشعرية،أتى صاحب حدق المقلتين بشواهد ثلاثة وسبعين شاعرا ما بين جاهليين وإسلاميين وأمويين وعباسيين ومغاربة وأندلسيين، ممن اشتهروا وحسن  شعرهم،فمسح الفترة التي تمتد من العصر الجاهلي إلى القرن السابع الهجري، فكان مؤلفة حافلابشعر مختلف الشعراء من مختلف الأمصار، وهذا يدل على ذائقته الشعرية، وعلى تنوع محفوظاته، وقدرته على استحضار الشعر في المعاني التي يريد.

– من بين ثلاث وسبعين شاعرا نسب الشعر لثلاثين شاعرا وبقية الشعراء لم يذكر أسماءهم، وهناك من الشعراء من استشهد بهم أكثر من مرة، فأكثر الاستشهاد بأبي تمام حواليإحدى عشرة مرة،والمتنبي خمس مرات، وابن سناء الملك ست مرات، وعمر بن أبي ربيعة أربع مرات، والتعاويذي أربع مرات، وابن شرف ثلاث مرات، وابن حمديس ثلاث مرات، وأما الوأواء، وذو الرمة، وابن رشيق، والبحتري، وجرير فمرتان، وبقية الشعراء مرة واحدة.

– لم يكثر الاستشهاد بالشعر الجاهلي، في حين أكثر الاستشهاد بشعراء العصر العباسي بمعدل إحدى عشرة شاعرا.

– أكثر الاستشهاد للمعاني التي احتملها بأبيات غرضي الغزل والمدح وهذا يناسب موضوعه الذي يبحث فيه.

– اختار من الأبيات ما تتسم ألفاظها بالفصاحة و النّفاسة والنّصاعة والسهولة والقوّة، كما تتميز معانيها بالجمال و البلاغة، وهذا يتناسب مع استحسانه لبيتي الرّقمتين في فصله النقدي من جهة ألفاظها ومعانيها، كما كان متسامحا في اختيار الشواهد، وذلك لأنها شواهد للمعاني لا للقواعد والمسائل النحوية التي تشترط الاحتجاج بشعر العصر الجاهلي والأموي.

من شواهده الشعرية ما نسبه لابن شرف:

هـــــلْ نظْرةٌ إنَّ العيونَ كليِلةٌ   أوْ فِكرةٌ إِنَّ العُقُولَ ذُهُولُ

وقول أبي الطيب المتنبّي:

العينُ تعلمُ فِي عَينَي مُحدِّثهَا   إنْ كانَ مِن حِزْبِهَا أو منْ أَعَادِيهَا

وقول ابن المرج كُحلٍ:

ما اصفرَّ وَجهَ الشّمسِ عندَ غُرُوبِهَا   إلاَّ لِفُرْقَةِ حُسِن ذاكَ المَنْظَرِ

 

وقول ذي الرّمّة:

عَرَفْتُ لَهَا دارًا فَأَبْصَرَ صَاحِبِي   صَحِيفةَ وجْهِي قدِ تغيَّر حَالُهَا

ومثل بيتي محمود الورّاق:

وإذَا تَلاَحظتِ العيونُ تَفَاوضتْ   وتحَدَّثَــــــــــــتْ عَـــــــمَّا تَجِنُّ قُلُوبُهَا
بالسّرِّ والأَفْوَاهُ صَامِتةٌ فمـَـــــــــــــــــــا   يخْفَى عليِكَ صحِيحُهَا ومُرِيبُهَا

 

أما منهجه النقدي فكان يدور بينالانطباعي التأثريعلى منوال النقاد الجاهليين، والبلاغي على منوال البلاغيين على شروط فصاحة الألفاظ عند الخفّاجي في ذاتها أو ضمن التركيب، فنقد البيتين من جهة ألفاظهما، ثم حدّد الغرض الشعري،  لينتقل لتحديد ألوان البديع الموجودة فيهما،  ثم تليها دراسة عروضية، يتبعها فصل في إعراب البيتين، كما ألمح لبعض القضايا النقدية التي تناولها نقاد القرن الرابع الهجري،كالصناعة الشعرية، والطبع، ووظيفة الشعر، والسرقات الشعرية، وشروط الكتابة والإبداع وغيرها، وإن كان كتابه في الأصل ينتمي لفئة الشروح فيمكن تصنيفه كتابا نقديا أوليّا.

هذا عن منهجه، أما أسلوبه فقد كانت عباراته قصيرة موجزة جزلة، يتميز بما يتميّز به النثر الأدبي، من عذوبة الألفاظ وبلاغة المعنى، ولأنه في سياق استنباط معاني البيتين، فهو في حال التعبير على العبارة الشعرية الجميلة بالعبارة النثرية الجميلة، كما كان خاليا من التكلف والتعقيد وكثرة السجع إلا في مقطع واحد وهو ديباجته التي صدّر بها الكتاب التي تميّزت بشيء من ذلك.

وكان هذا أحمد بن محمد البجائي في صورة من صور اشتغاله العلمي الأدبي، ودليلا واضحا على العناية باللغة العربية وعناية الأعلام الجزائريين بها في القرون السالفة،  في واحدة من أهم حواضر الجزائر، وقلعة من قلاع العلم، وصورة من صور الازدهار العمراني والإنساني والعلمي واللغوي، وحاضنة من حواضن المقبلين من أئمة العلم، ومشاهير العلماء ومدرّسي العلوم، وأهل القضاء والفتوى من الجزائر، وبلاد الشام، والأندلس، وأصفهان، وتونس، وليبيا، إنّها حاضرة بجاية.

 

([1]) الاتّساع: يُطلق على نوع من أنواع البديع وهو أن يؤتى بكلام يتسع فيه التأويل بحسب ما يحتمله ألفاظه من المعاني كفواتح السور، ذكره ابن أبي الأصبع، وهو مما يصلح أن يعدّ من أنواع الإيجاز، نقلا عن التهانوي، محمد بن علي: موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون. تح: علي دحروج.مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، لبنان، ط1، 1996 م، ج1، 92.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.