حصريا

آليات تجديد العملية التفسيرية للنص القرآني -د.خالد إبراهيم المحجوبي- ليبيا –

0 172

 

آليات تجديد العملية التفسيرية للنص القرآني

أ.د.خالد إبراهيم المحجوبي

أستاذ الدراسات الإسلامية والفكر الديني بجامعة صبراتة-ليبيا

2024م

 

الملخص باللغة الإنجليزية

The subject of this research we have focused on what we have seen of the mechanisms that seemed to us capable of achieving progress, deepening and renewal in the exegetical process of the Book of God Almighty, which God Almighty wanted it to remain in the position of a treasure trove of riches flowing permanently and continuously with the subtleties of wisdom and the provisions of the legislation. And honorable meanings. It is not good for us to imagine that it has been fully exhausted and extracted from what our honorable ancestors wrote in their ancient interpretations. Rather, we are certain that the Book of God Almighty is a treasure that does not expire, does not create its delights, and does not end with its surprises. For this reason, we presented here our contribution to what we saw as a leader with subsidy. To renew the explanatory view of the Glorious Qur’an, and to ensure the realization of the dispensation lavished from the seas of divine, miraculous, and rich words.

 

 

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

لايزال تفسير القرآن المجيد متنازَعاً بين اتجاهين : تجميدي ، وتجديدي . من غير أن يحتوي كل منهما على صفات ومقتضيات الخطأ كاملة، ولا على عناصر الصواب كاملة ، بل احتوى كل توجه منهما على  عناصر نافعة، إزاء أخرى ضارة،  ليست في صالح كتاب الله العزيز ، ولايعني هذا تساوي قيمة وجدوى وفاعلية الاتجاهين، بل يجب أن نوكِّد أن التوجه التجميدي  قد أحاق بعالم القرآن ؛ فضيَّق رحابه، وأحرج براحه؛ فحجَّمه تقليصاً؛ إلى درجة  أضاعت كثيراً من كنوزه.

في مقابل ذلك جرت محاولات حديثة تجديدية؛ لمقاربة ونقد وتقييم علم التفسير القرآني، ولم تبرأ عن صفات الانفلات، والاضطراب.

وفي هذا البحث سنقارب هذا الموضوع على نحو مقتضب نهتم فيه بتقديم ما نراه من آليات عملية لتطوير النظر التفسيري والتجديدي للتفسير القرآني .

 

 

لقد ظهرت محاولات تجديدية لمقاربة النص اقرآني ونفسيره، وتوزعت تلكم المحاولات على مستويين ، هما :

  • المستوى المنهجي .

2 –  المستوى التطبيقي.

 أولاً –المستوى المنهجي :

هذا المستوى انضمَّ على عدد من الدراسات والاجتهادات المركزة على نقد ، وتقييم، وتقويم المناهج التقليدية المعتمدة في استحلاب المقاصد الإلهية، وامتياح مكنونات النص المجيد .

وقد ظهرت أغلب دراسات هذا المستوى في هيئات غير متينة بل هي إلى الوهن أقرب؛ لافتقادها الأسسَ الرصينة، والقواعد الركينة، الواجب إقامتها قبل إنشاء أي دراسة في هذا المجال. ومرجع هذا الحال-في تقديري- هو أن أكثر أصحاب هذا النقد ليسوا بمؤهلين على نحو علمي تخصصي رصين،  للخوض في ساحة العلوم الدينية بعامة، وعلوم القرآن بخاصة. فقد وجد بينهم  متخصصون في الكيمياء، ومنهم في الفيزياء، ومنهم في الهندسة، والطب، ومنهم متطفل على الساحة بلا خلفية علمية أصلاً.  فضلاً عن قلة تخصصوا في الدراسات الإسلامية.

كل ذلك هذا  لاينفي وجود أعمال جادة في هذا المستوى المنهجي للمقاربة القرآنية .  ولعل  من أميَزِ الأعمال ذلك الجهد الذي بذله ولايزال الباحث المغربي (مصطفى أبو هندي ) خلال  كتابته في موضوع (العقائد  الإسرائيلية و أثرها في توجيه  التفسير ) ثم عمله المسلسل تحت عنوان  (نحن و القرآن ) الضامّ لأربعة كتب هي :

1- مقدمات في أصول التدبر 2- تفسيرات مسيحية   3- أحاديث مسيحية 4 – قضاء وقدر .

جاءت هذه الكتب في سياقات جريئة لايزال كاتبها يحصد تبعاتها الماثلة في هجومات وخصومات، من طرف عدد من رافضي النقد للتراث التفسيري، وقد وَصفتُ عمل الباحث بالتميز، برغم اختلافي مع عدد من  أطروحاته التي أبداها في معرض مشروعه النقدي التقييمي.

 

ثانياً : المستوي التطبيقي :

أعني به القيام  بعمل تفسيري مباشر للنص القرآني، كله أو بعضه ، وقد عمل كثير من الدارسين والعلماء الحُدثاء المجددين على تقديم تفاسيرَ جديدةٍ، وفهوم طارفة،  لكثير من نصوص القرآن علي نحو جزئي، حيث اجتنب، أو عجز أكثرهم اجتراح تفسير شامل للنص المجيد كله،([1]) فاقتصرت  التفاسير الكاملة على أتْباع المناهج التقليدية، الذين لا يكادون يجاوزون ترديد ما قاله أسلافنا من المفسرين –رحمهم الله-  من ذلك تفاسير: الشنقيطي ، والشعراوي ، وسيد طنطاوي، وعائض القرني . ومحاولات جزئية لاجديد فيها، قائمة على الاختصار والتكرار، نائية عن الاجتهاد والابتكار. من ذلكم ما كتبه  بعض الفضلاء منهم: عفيف طبارة، والصادق الغرياني، وغيرهم كثير-جزاهم الله خيراً- .

   تجديد العملية التفسيرية 

لن يكون كافياً أن ندعوا لتجديد العمليةالتفسيرية، ما لم نشفع دعوتنا باقتراح الآليات التي يمكنها إدراك تلك الغاية. ولا يغيب عنا أن العملية التفسيرية في حاجة إلى قواعد داعمة، وضوابط هادية ؛ تنظم سيرها، وتضبط نتاجها ، وتكسبها فاعلية مثمرة ؛ تقوي موقفها أمام دعوات التجميد والانغلاق من جهة، أو تنأى بها عن دعوات الانفلات من جهة أخرى .

لقد قامت دعوات الانغلاقيين على قاعدة الاتباع، في حين قامت دعوات الانفلاتيين على قاعدة الانقطاع ، وذلك في سياق إجرائي ازورَّ عن الروح العلمية المتبصرة ، وانحرف عن الموضوعية ، مقارفاً آثاراً مهلكة طالت المعاني القرآنية الشريفة ؛ فحريٌ بالمنهج التجديدي في التفسير أن يتغيَّا القواعد والضوابط التالية، التي سأقدمها هنا في صورة آليات يمكن اعتمالها لتؤدي وظيفتها المرادة منها في سبيل تجديد العملية التفسيرية:

1-هجر الاتّباع  الأعمى.

  • اجتناب الانقطاع.
  • تمحيض التدبر .
  • تنويع الأدوات .
  • توقيع القرآن.

هذه الخمسة القواعد هي التي أراها كفيلة بتحقيق التجديد المثمر في العملية التفسيرية .  وسأبسط الآن القول في كل منها:

هجر الاتّباع الأعمى :

إن اتباع آراء وتفاسير الأسلاف ليس مذموماً بإطلاق كما أنه ليس محموداً بإطلاق ؛ إنما الذم والحمد ، والنفع والضر يكمن كل منها في نوعية وإجرائية ذلك الاتباع ، بمعنى أنه يكون ضاراً مذموماً حين يكون اتباعاً غير متبصر وغير مدقق قائم على محض التقليد المبني على تقديس غير مشروع لكل ما هو قديم .

بناء على هذا فالاتباع  نوعان: اتباع متبصّر واعٍ، وآخر اتباع أعمى، فاقد للوعي. ومقابل هذا الحال يكون الاتباع محموداً نافعاً حين يكون محوطاً بوعي علمي يدفع صاحبه إلى اتباع متبصر يقصد الاهتداء بتجارب الأسلاف ، والاستئناس  بمنتجات عقولهم بعيداً عن التبعية المفرطة، والعبودية المغرقة، والتقديسية المهلكة، التي لا يليق بمسلم أن يقع فيها ؛ لكونها منهجاً سار عليه المشركون، وذمهم الله لأجله. حين قال على لسانهم{قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا }(لقمان 21) و{إنا وجدنا آباءنا على أمة ، وإنا على آثارهم مهتدون}(الزخرف 22)،و{قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا}(المائدة 104) .

هذا المنهج الكريه المعــْتِم استطاع أن يجد له من يتلقفه ويُعمله في ساحة التفسير القرآني ، خلال طروح عدد من المشايخ الداعين إلى الاتّباع الأعمى والتقليد المصْمت، لما ورد عن أسلافنا – رحمهم الله- وادعاء أن الحق والصواب قد انحصر في زمنهم، وأن المين والخطأ حكرٌ على آراء المعاصرين، الذين إن قال أحدهم اجتهاداً خالف فيه القدماء؛ رموه بالبدعة والضلال . ألا في البدعة سقطوا .

إن دعاة هذا المنهج الرجوعي المنغلق يتحملون المسؤولية المباشرة عن التأخر والاضطراب والفوضى التي حاقت بالعملية التفسيرية للقرآن المجيد؛ حيث جعلوا بإزاء القرآن نصاً  إشراكياً آخر لا يقل – عملياً- في القدسية عن النص الأصلي المجيد ، ذلك النص الإشراكي هو الذي اتُخذ رتاجاً لإيصاد المدخل أمام عقول وتدبرات المفسرين المتأخرين.

اجتناب الانقطاع: 

هذه القاعدة الثانية للتجديد التفسيري، هي هادمة لوهم عشش في رؤوس كثيرين من أدعياء التجديد والتحديث والتنوير ، مفاد ذاك الوهم  أن التواصل مع التراث عائق في سبيل التجديد الديني ، والفهم القرآني  ، وأن الإبداع يقتضي بتر حبال التواصل مع ما أنتجه الأسلاف من علماء الأمة .

إن ذلك الوهم مسؤول بدوره عما حل بساحة التفسير القرآني من فوضى وانفلات أهرق علينا (تفاسير شحرورية) تثويرية، لئن حسنت منتهجاتها ، فقد ساءت منتجاتها ، ولئن ضاءت منطلقاتها، فلقد ضاعت مستهدفاتها .

تمحيض التدبر:

أعني بهذه القاعدة جعل التدبر والتأمل في القرآن محضاً خالصاً من شوائب التأثيرات المسبقة ، من توجيهات مذهبية مغرضة ، وتأثيرات عاطفية قوامها الهوى ،وما تشتهيه الأنفس .فمتى برئ التدبـر عن (الأيديولوجيا ) والغرضية ، وعن امتطاء القرآن ، فهو زعيم بتحصيل فهوم ومعان أقرب إلى مراد الله تعالى ومقاصده التي أودعها في كلامه المقدس الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ولا من فوقه ولا من تحته.

هذا المعنى التمحيضي لم يغب عن بعض المفسرين فقرروه في تفاسيرهم من ذلك قول أحدهم : ((إن الطريق الأمثل في فهم القرآن وتفسيره …أن ينفض الإنسان من ذهنه كل تصور سابق ، وأن يواجه القرآن بغير مقررات تصويرية أو عقلية أو شعورية سابقة ، وأن يبني قراراته كلها حسب ما يصور القرآن والحديث …ومن ثم لا يحاكم القرآن والحديث بغير القرآني ولا ينفي شيئاً يثبته القرآن )) ([2]).

لعل هذا ما حاول بعض المعاصرين تطبيقه في تفسير القرآن من ذلك تفسير الشيخ عبد الكريم الخطيب الذي اعتمد فيه حسب قوله على عقله الحر. وكذا تفسير عبد العزيز الثعالبي المتوفى سنة 1944(روح التحرر في القرآن ) وكذلك تفسير (أسرار القرآن )لعبد العزيز جاويش  1929.([3])

4    –   تنويع الأدوات :

إن عمق، ودقة، وتنوع ، واتساع النص القرآني ، هي أوصاف تقتضي أن يتسلح المفسر بعدد من الأدوات التي عليه إعمالها واستثمارها في استكناهه للنص المقدس . أهم تلك الأدوات –عندي – :  العقل، واللغة ، والعلوم الطبيعية ، وعلم الحديث ، والتاريخ .

هذه الأدوات يجب على المفسر أن يستجمعها ويحسن استعماله، في سياق مقاربته التدبرية للقرآن. ولا يحسن به الاكتفاء ببعضها دون الآخر ، أو أن يقصي بعضها أثناء العملية التفسيرية ؛ لأن هذا الإقصاء زعيم بزعزعة الفهم القرآني .

من ذلك مثلاً استعمال المفسر أداة العقل ، تاركاً أداة اللغة ، عامداً إلى فهم عقلي مجرد للقرآن . أو أن يجتزئ  أداة اللغة وحدها مبعداً العقل ، والنقل المأثور عن النبي ، مدعياً أن اللغة وحدها كفيلة بإيصالنا لساحة المعاني الإلاهية ، في نحو هذا قال القرطبي إن من ((بادر الى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية كثر غلطه))([4]).

إن تلك الساحة الشريفة لا يمكن ولوجها بقصور، أو اجتزاءٍ أدواتيٍ، على النحو الذي وصفته قبل قليل.

 

5-توقيع القرآن :

أعني بهذا ربطه بالواقع الإنساني المعيش، ببيان دلالات النص على نحو يصلها بحياة الإنسان العملية ، ملامسةً همومه ومشاكله اليومية ، في المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، فضلا عن المستوى الروحي ، حيث يربط التفسير ويوصل بالواقع ليكون التفسير القرآني أبلغ أثراً وأوسع نفعاً ، وأكثر واقعيةً.

لقد غاب عن أكثر التفاسير التراثية والمعاصرة-وليس كلها- أن تعمل على توقيع القرآن ووصله بالحياة المباشرة للإنسان وبهمومه الحياتية المتجددة ، حيث نظروا للقرآن بوصفه كتاباً يجهز الناس للموت ومغادرة الدنيا ، واكتفت تلك التفاسير بربط القرآن بالجانب الروحي والعبادي للإنسان ، وهو جانب نوكِّد أهميته، و عدم جواز إغفاله ، لكن الاقتصار عليه دون غيره ؛  فيه تعطيل للوظيفة الشاملة التي أراد الله للقرآن أن يحققها في عالم الناس .ولعل من  أوضح من أفلح في توقيع القرآن، وربطه بالواقع الشيخ حسن البنا في تفسيره المسمى(نظرات في كتاب الله) [5]وقد ذكر في مقدمته أنه سيهتم بربط (( معانى القرآن الكريم بمظاهر الحياة الحديثة علمية واجتماعية وخلقية)) ([6]).

لقد كان من صور قصور تلك التفاسير أنها ركزت جهدها على رصف وتنضيد التراكيب البلاغية ، والألفاظ اللغوية ، والأحكام الفقهية ، والنقول التراثية ، فأوردتها في سياقات مجردة غير متآصرة بالحياة اليومية للعالم والإنسان فيه . ((ولاشك أن حاجات العصر لن تلبيها أقوال مأثورة لا يعلم أصحابها شيئاً عن هذا العصر وأهله وحاجاتهم ))([7])

مثلا حين يفسر قوله تعالى:{فانكحوا ماطاب لكم من النساء: مثنى، وثلاث ورباع …}([8])(النساء3) ، يتم التركيز على تفاصيل معنى كلمات : انكحوا ، وثلاث ، ورباع ، ما ملكت أيمانكم. ولا يقع الاهتمام بتوضيح آثار التعدد في المجتمع والمترتبات الاقتصادية والتربوية الناتجة عنه ، أو مترتبات ترك التعدد ومشاكل العنوسة في البنية الاجتماعية للمجتمع .

نعم هي مواضيع في علم الاجتماع والتربية لكن مُنَـزِّل القرآن –تبارك وتعالى- يهمه تناول هاته المسائل وحل مشاكلها، انطلاقاً من القواعد القرآنية ؛ حتى يتحقق التواصل المثمر والواقعي بين الإنسان، والقرآن.

وحين يتعرضون لآيات الربا ([9]) -مثلاً- يركزون على الدلالة اللغوية للربا، ووجه تشبيه تخبط آكل الربا بتخبط ممسوس الشيطان، ويقرون تحريم مطلق الزيادة في استيفاء المقرض لقرضه، من غير ربط الآيات بالواقع الاقتصادي المعاصر، وموقع المسلمين فيه، في ظل تبدل وتطور الأنظمة الاقتصادية، وقوانينها، ومؤسساتها، وما نتج عن ذلك من تغيرات في أوصاف، ومصادر المنفعة والمضرة اللتين هما مناط التحريم والتحليل في الإسلام وشريعته.

أما آيات القتال والجهاد فتهتم أكثر التفاسير بربطها بجهاد النبي عليه السلام في زمنه ، ولا تتعرض للأوضاع الحربية المعاصرة ،وتبدلات الظروف الدولية وآثارها في عالم المسلمين، والدول المحتلة، وصلتهم العسكرية  بدول العالم، والتكتلات السياسية.

إن تجديد العملية التفسيرية يقتضي التركيز على ذلك الربط المهم  بين النص القرآني والحياة المعاصرة الواقعية . لا أقول هنا ما قاله بعض الباحثين بوجوب جعل النص تابعاً وخاضعاً لواقع ، بأن نبدل ثوابته ،ونغير أحكامه لأجل مسايرة الحياة العصرية ومستجدات العالم .

هذا قول لا أرتضيه. بل أقول إن النص القرآني هو الأصل والمرجع الأساس في حياة المسلمين ، وأحكامه هي الحاكمة وهي الأضمن والأنفع مما يضعه الإنسان من قوانين مصادمة لها.

لكن هذا كله لا يعفينا من تفعيل  هذا النص ونربطه بحياتنا العلمية وأن نبث فيه حيويتة التي طمستها كثيرات من التفاسير الفاقدة للوعي، بل صار بعضها مفْقِداً لوعي الناس، وهذه مرحلة أشر ، وأضرّ ، وأمرّ  .

يجب أن  ندرك بدقة حجم الأهمية التي  ينطوي عليها تجديد الفهوم التفسيرية، حيث إنذلك أمر يقتضي تحويراً، وتطويراً، وتجديداً في المنظومة التدينية على نحو عام، يطال الفقه، والشريعة، والعقيدة. وهذا مآل طبعي متوقع؛ حيث إن عقائدوعبادات المسلمين المشترعة هي مبنية على أساس فهم دلالات ومطاليب النص القرآني، قبل وفوق كل شيء، ثم على الحديث النبوي، في مرحلة تالية.

وحين يصل مفسر معاصر -بنحو منهجي علمي- إلى معاني جديدة، وفهوم طارفة، ومخالفة لما سبق أن قاله السابقون، فهذا أمر ينبني عليه وجوب تبني واتباع مقتضيات تلك الفهوم، وهاتيك المعاني .

 

 

الخاتمة

هنا نختم جولتنا البحثية هذه التي جعلناها مركزة على ما رأيناه من الآليات التي بدتْ لنا كفيلة بتحقيق تقدم وتعمق وتجديد في العملية التفسيرية لكتاب الله تعالى، الذي أراد له الله جل وعلا أن يظل بمكانة مكنز ثرٍ متدفق على نحو دائم ومتواصل بما أكنّه فيه من دقائق الحكمة، ومحكمات التشاريع، وشريفات المعاني، التي لا يحسن بنا أن نتصور أنها قد استنفدت واستخرجت كاملة فيما سطره أسلافنا الكرام في قديم تفاسيرهم .

بل نحن على يقين من أن كتاب الله تعالى مكنز لا تنقضي فرائده، ولا تخلق بهجته، ولا تنتهي مفاجآته .لأجل ذلك قدمنا هنا مساهمتنا بما رأيناه زعيماً بالإعانة على تجديد النظر التفسيري للقرآن المجيد، وكفيلاً بتحقيق الامتياح المغدق من بحار الكلام الرباني، المعجز، الغني، الثري ، البهي .

والحمد لله في المبتدأ والمنتهى.

 

 

المصادر  والمراجع

 

-القرآن المجيد برواية حفص عن عاصم .

1- -الإنسان والقرآن ، وجهاً لوجه . حْميدة النيفر. منشورات الفنك –الدار البيضاء- المغرب. 1997.

2- التأثير المسيحي في تفسير القرآن . مصطفى أبو هندي . دار الطليعة – بيروت.ط1 .

3- جامع البيان عن تأويل آي القرآن . ابن جرير الطبري. تح : أحمد شاكر ، ومحود شاكر. دار المعارف . القاهرة .دت

4- الجامع لأحكام القرآن  .  القرطبي – دار الفكر – بيروت 1994

5- نحن والقرآن : مقدمات في أصول التدبر – مصطفى أبو هندي .  دار الطليعة – بيروت.ط1

6-نظرات في كتاب الله. حسن  البنا. جمعه وحققه ونشره الشيخ  عصام تليمة. الدوحة .2001م نسخة إلكترونية.

 

 

 

 

[1] – من هذا النوع : القرآن بين التفسير والنأويل والمنطق العقلي . أنور خلوف  .دار حوران  للنشر .و مقدمات في أصول التدبر . مصطفى أبو هندي . وهندسة  القرآن  .جمال البدري  . و قراءة جديدة للقرآن . عطية عامر دارالمعارف سوسة . و كتاب إنذار من السماء . نيازي  عز الدين  عن دار الأهالي . و الكتاب والقرآن  لمحمد شحرور . و الحقيقة لنيازي عز الدين.

[2] – في ظلال القرآن – سيد قطب 6\3731. نقلا عن  : الإنسان والقرآن وجها لوجه . حْميدة النيفر ص 66

[3] – انظر في ذلك الإنسان والقرآن وجها لوجه – حْميدة النيفر ص 51 وما تلاها.

[4] – الجامع |لأحكام القرآن – 1\34 . وفي الاستعانة بالحديث وأهميته أورد القرطبي بسنده قول مكحول(( القران احوج الى السنة من السنة الى القران)) انظر 1\39

[5] – جمعه وحققه ونشره الشيخ  عصام تليمة.2001م

[6] -نظرات في كتاب الله_حسن البنا .من المقدمة .نسخة إلكترونية

[7] – التأثير المسيحي في تفسير القرآن . مصطفى أبو هندي . ص26

[8] -سورة النساء. الآية 3

[9] – مثل قوله عز وجل : {يمحق الله الربا ويربي الصدقات} البقرة 276.{يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا} البقرة278.{لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة }آل عمران 130

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.