قول في الصعلكة وعروة الصعاليك – أ.تركي الغنامي

[cl-popup title=”ترجمة الكاتب” btn_label=”ترجمة الكاتب” align=”center” paddings=””]متخصص في الأدب والنقد. شاعر غير متفرغ. يرى أن في مهبط الإسلام ومهد العروبة كنوزا من العلم لم تكتشف بعد. عضو مجلس إدارة مجمع اللغة العربية الافتراضي.[/cl-popup]
شعر جاهلي-
قول في الصعلكة وعروة الصعاليك
تركي الغنامي
إن أول ما يلفت النظر في التعامل مع ظاهرة الصعلكة اضطرابُ الدراسات في تحديد معناها ومعنى لفظة الصعلوك[1] والخلط بينها وبين ألفاظ أخرى رأت بعض الدراسات أنها من مرادفاتها، فمصطلحات الصعاليك والفتَّاك والذؤبان والخلعاء واللصوص وقطاع الطرق وغيرها تأتي في بعض الدراسات صراحة أو من خلال تطبيقات الدراسة على أنها مترادفة، وهذا الخلط يقتضي من الباحث السعي لتحديد المعاني الدقيقة لهذه الألفاظ أولا، ثم النظر فيها وما مدى صحة ترادفها ؟ ولأي شيء استخدمت العرب هذه الألفاظ ؟ وفي أي سياق ؟[2]
إن هذا الاضطراب وعدم وضوح المعنى جعل بعض الدارسين يهاجم معاجم اللغة ويحملها مسؤولية التقصير في إيضاح معنى الصعلكة فيقول: “ولكن هذا أو غيره إن يكن نوعًا من الاعتذار والتبرير عن كتب اللغة فإنه لا يعفيها من توجيه تهمة التقصير في أدائها لمدلول هذا اللفظ”[3]، ثم أتى من اتكأ على هذا الاتهام فصرح بسوء القصد من بعض جامعي المعاجم في تفسيرهم لمعنى الصعلكة فقال: “ويذهب الفيروز أبادي في القاموس المحيط، في تعريفه الصعاليك إلى أنهم “ذؤبان العرب”، وهذا التعريف يدل على طبيعة أعمال الصعاليك والأنشطة التي يقومون بها، فهم بالتأكيد ذئاب على الظالمين وسارقي لقمة الفقراء، وهذا التعريف أساسًا “ذؤبان العرب” جاء إرضاءً للسلطات الحاكمة، التي يسيئها ويقلقها وجود مطالبين بحقوقهم ووسائل عيشهم، وهكذا، إرضاءً للسلطان، تحامل أبادي على حركة الصعاليك الإنسانية الرافضة للظلم والاستغلال …”[4]
ومن الأمور التي تلاحظ على عامة الدراسات الحديثة للصعلكة آفة نقل بعضها عن بعض، النقل الذي يكاد يُلحَق بالنسخ، ففي التعريف اللغوي وهو المدخل التقليدي للدراسة تواجه القارئ هذه العبارة التي تنقلها الدراسات عن اللسان: “الصُّعْلُوك: الْفَقِيرُ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ، زَادَ الأَزهري: وَلَا اعْتِمَادَ”[5]، وهذا النص مدخلٌ تواطأ الباحثون على نقله؛ لأهميته في تحديد معنى الصعلكة، وكلهم يحيل إلى اللسان من غير العودة لكلام الأزهري في التهذيب، على أن بعض الدراسين يصرح ابتداء أن الزيادة للأزهري وكأنه ناقل عن التهذيب، ولو عاد للأزهري لعلم أن نسبة هذه الزيادة له وهمٌ من صاحب اللسان، فهي من كلام صاحب العين وقد صرح الأزهري بذلك، وهي في كتاب العين المطبوع الذي هو أقدم المعاجم العربية.
أما المعنى الاصطلاحي فهو أكثر اضطرابًا وقد لاحظ هذا الاضطراب بعض الدارسين[6] إلا أنه أحال سببه إلى كتب اللغة أيضًا، ولو أحال سببه إلى قصور الدراسات عن فهم حقيقة الصعلكة لكان أولى وأحرى بالصواب.
إن سيطرة فكرة الثورة، وغياب العدل والمساواة، وكبت الحريات هي التي جعلت الدراسات تتجه اتجاهًا واحدًا[7] في انتقاء معاني العنف والقتل والفتك والسرقة وقطع الطريق … لتفسير الصعلكة، فكل لفظة معجمية تحمل هذه المعاني وأشير للصعلكة في شرحها فهي مطلب وغنيمة للدارسين.
بينما نجد ألفاظًا أخرى أوردتها المعاجم وشرحتها بالصعلكة وليس فيها شيء من معاني السرقة واللصوصية والفتك إلا أن الدراسات تجاوزتها بالكلية ولم نجد دراسة واحدة نقلتها أو أشارت إليها ومنها “قوم عضاريط: صعاليك”[8]، “والهلاك: الصعاليك”[9] مما يجعل الباحث يتساءل: هل مرد ذلك إلى الغفلة والسهو؟ أم أن مرده إلى الانتقائية المقصودة ؟
وأيًّا كانت الإجابة فأن غياب هذه الألفاظ أخل خللا كبيرًا في نتائج الدراسات وجعل بعضها يسير في ركب بعض، لا تكاد دراسة تعالج خطأ سابقتها، بل إن بعض الأخطاء التي بدأت في الدراسات المتقدمة صغيرة لا يؤبه لها نُفِخ فيها بعد ذلك حتى سد بعضها الأفق.
فمما جاء في المعاجم وتجاهلته الدراسات قول صاحب التاج: “والهُلَّاكُ: الفُقَراءُ والصَّعالِيكُ”[10] وفي المحيط لابن عباد: “والهُلَّاكُ: الصَّعالِيكُ” وفي العين: “والهُلاّكُ: الصَّعاليكُ الّذين ينتابون النّاسَ طلبًا لمعروفِهِمْ من سوء الحال”[11].
فتغييب مثل هذا المعنى عن الدراسات نتج عنه أمر غاية في الأهمية والأثر والخطورة وهو الدعوى العريضة بأن عروة بن الورد كان يسمى “عروة الصعاليك” أو “أبو الصعاليك” لأنه كان يجمع “الصعاليك” قطاع الطرق والفتاك والخلعاء … ويغزو بهم! وإذا علمنا أنه حامل لواء الصعلكة ومؤسسها والمنظر لها كما تقول الدراسات استيقنا خطورة هذا الأمر وما ترتب عليه وتشعب عنه.
وإذا نظرنا إلى “عروة الصعاليك” في ضوء الترادف بين كلمتي “الصعاليك” و”الهُلَّاك” واستجلبنا النصوص التي أُخذت منها فكرة زعامة عروة للصعاليك ( قطاع الطرق والفتاك والخلعاء …) وناقشنا ذلك في إطاره اللغوي والبيئي والاجتماعي فإن الأمر سيتضح لنا من غير تكلف.
عروة الصعاليك:
قال البلاذري: ” ومنهم: عروة الصعاليك الشَّاعر بن الورد بن عمرو بن زيد بن عبد اللَّه بن ناشب، وتتايعت على العرب سنون جدب، وكان عروة إذا كان الجَدْبُ نظر إلى كل ضعيف مهزول صعلوك من قومه فضمَّهُ إليه، وبنى له كنيفًا، وهو الحظيرة ثمَّ يغير على العرب فما أصاب أتاهم به حتَّى يصلحوا”[12] “وقال ابن الأعرابي: أجدب ناس من بني عبس في سنة أصابتهم فأهلكت أموالهم وأصابهم جوع شديد وبؤس فأتوا عروة بن الورد فجلسوا أمام بيته. فلما بصروا به صرخوا وقالوا: يا أبا الصعاليك أغثنا. فرق لهم وخرج ليغزو بهم”[13].
ونلاحظ هنا أن الذين يبحث عنهم عروة في سنوات الجدب هم الضعفاء المهازيل الصعاليك (الفقراء) من قومه، والذين يلجئون إليه كذلك ويستغيثون به هم هُلَّاك قومه وفقراؤهم وصعاليكهم فطلبتهم جوده ورفده لأنه (أبو الصعاليك) أي أبو الفقراء، فحمل كلمة “الصعاليك” في لقب عروة على قطاع الطريق والخلعاء والفتاك وما شابههم وترك المعنى البين الواضح المصرح به وهو الفقر والفاقة والضعف وقلة الحيلة من التمحل الذي لا تعضده حجة ولا يقوم عليه دليل، بل هو تجاهل للحقيقة التي لا يتجاوزها مبصر.
كما أن المنصف لن يتجاهل أن هؤلاء الفقراء الضعفاء المهازيل (الصعاليك) الذين يبحث عنهم عروة أو الذين يستغيثون به فلا يجد ما يعطيهم إلا أن يغزو بهم ليغنموا، كلهم من قومه بني عبس، فليس لعروة عصبية غير عصبية قبيلته ولا ولاء إلا لها.
فلقب “عروة الصعاليك” يقصد به الكرم والجود لا غير ولا علاقة له بغير ذلك وقد وُصِف بمثله كرماء وأجواد مشاهير من العرب منهم أشيم بن شراحيل القيسي الذي كان يلقب “مأوى الصعاليك” أي الذي يأوي إليه الفقراء والمعدمون وهو المعني في قول حاجب بن زرارة:
“فإن تقتلوا منا كريمًا فإنّنا قتلنا به خير الضبيعات كلها |
أبأنا به مأوى الصّعاليك أشيما ضبيعة قيس لا ضبيعة أضجما |
وكان يقال لأشيم: مأوى الصعاليك”[14]
وقد وُصِف أبو طالب بهذا الوصف أيضًا كما جاء عند ابن اسحاق: “وقال علي بن أبي طالب يرثي أباه لما مات:
أرقت لنوح آخر الليل غرّدا أبا طالب مأوى الصعاليك ذا الندى أخا الهلك خلا ثلمة سيشدها |
لشيخي بنعي والرئيس المسودا وذا الحلم لا جلفًا ولم يك قعددا بنو هاشم أو تستباح وتضهدا”[15] |
ونلاحظ هنا أن أبا طالب يوصف بثلاثة أوصاف: “مأوى الصعاليك”،”ذا الندى” “أخا الهلك” وكلها تقرر معنى واحدًا وهو ضرب من الكرم والجود له صفته التي ليس هذا موضع بسطها.
ونلاحظ هنا التناوب بين “الصعاليك” و”الهُلك” فالفقراء (الصعاليك) يؤوون إليه لأنه أخو الفقراء (الهلك)، وترد لفظة الهلاك مكان الصعاليك كثيرًا ومنه ما جاء في التاج: “والهُلاكُ: الفُقَراءُ والصَّعالِيكُ، وَبِه فُسِّرَ قولُ زِيادِ بنِ مُنْقِذٍ:
تَرَى الأَرامِلَ والهُلاَّكَ تَتْبَعُه | يَسْتنُّ مِنْهُ عليهِم وابِلٌ رَذِمُ”[16] |
وقد تقول العرب في وصف صاحب هذا اللون من الجود[17] “أبو الصعاليك” و”أخو الهلك أو الهلاك أو الهلكى” و”مأوى الصعاليك” و”مأوى الهلاك” و”مأوى الجياع” و”ربيع الهلاك” و”ربيع الصعاليك” ومن الأخيرة قول أوس بن حجر[18]:
يا عين جودي على عمرو بن مسعود أودى ربيع الصعاليك الأولى انتجعوا المطعم الجار والأضياف إن نزلوا |
أهل العفاف وأهل الحزم والجود وكل من فوقها من صالح مود شحم السديف من الكوم المقاحيد |
وقول الأخطل:
رَبيعٌ لِهُلّاكِ الحِجازِ إِذا اِرتَمَت | رِياحُ الثُرَيّا مِن صَبًا وَجَنوبِ |
أما قولهم “أبو الصعاليك” وصفًا للمتصف بهذا اللون من الكرم فهو كقولهم “أبو الأضياف” ومنه قول الفرزدق:
نعم أبو الأضياف في المَحلِ غالبٌ | إذا لَبِسَ الغادي يَدَيهِ من البَردِ |
وقولهم “عروة الصعاليك” مثل قولهم “ربيع المقترين” لقبًا لربيعة بن مالك الكلابي والد لبيد بن ربيعة رضي الله عنه، لا يقصدون بهما إلا وصفهما بالجود لا غير، وهذا الفهم لمعنى “عروة الصعاليك” هو فهم المتقدمين الذين عرفوا لغة العرب وبيئتهم فعبد الملك بن مروان يقول: “من زعم أن حاتمًا أسمح الناس فقد ظلم عروة بن الورد”[19] فاللافت لنظر عبد الملك في شخصية عروة هو جوده وكرمه، وحسبك بعبد الملك بن مروان علمًا وفهمًا وأدبًا، وهذا هو فهم عبد الملك بن قريب الأصمعي كذلك الذي لا يستوقفه في شخصية هذا الشاعر إلا كرمه فيقول واصفًا إيَّاه: “شاعر كريم”[20]، فليس للصعلكة التي ألحقت بعروة عند المتأخرين وجود في فهم الأوائل.
وذكر “الصعلكة” ومرادفتها في مدائح أهل الكرم كثير جدًّا في شعر العرب، وليس خاصًا بعروة فاللفظة ترد في وصف أهل الجود والكرم ومن ذلك قول الأخطل يصف أحد ممدوحيه بالكرم:
فَأَنتَ الَّذي تَرجو الصَعاليكُ سَيبَهُ | إِذا السَنَةُ الشَهباءُ خَوَّت نُجومُها |
ومنه قول الفرزدق:
ذَكَرتُ داوُودَ وَالأَشرافُ قَد حَضَروا اللَهُ يَعلَمُ وَالأَقوامُ قَد عَلِموا |
بابَ الأَميرِ فَفاضَ الدَمعُ وَاِنحَدَرا أَنَّ الصَعاليكَ أَمسى جَدُّهُم عَثَرا |
وما قدمناه هنا هو ما صرحت به معاجم اللغة، إلا أن موقف بعض دارسي الصعلكة من المعاجم واتهامها جعلنا نمهد لذلك بما ذكرنا، لكي يتضح أن المعاجم سائرة على ما عرفه العرب وفهموه واصطلحوا عليه، وأن هذا ما يتوافق مع حقيقة حياتهم وطبيعة عصرهم، وعليه فكل اصطلاح يخالف اصطلاحهم يجب أن يبقى مقيِّدًا بعصره وبيئته، ومن الظلم والحيف البيِّن أن ينسب للعرب ويحمل عليهم وتفسر به ظاهرة أدبية وتاريخية بحجم ما اصطلح الدارسون على تسميته (ظاهرة الصعلكة).
فالمعاجم تصرح أن الصعاليك في لقب عروة تعني الفقراء لا شيء غير ذلك: “وكان عروة بن الورد يسمى عروة الصعاليك، لأنه كان يجمع الفقراء في حظيرة فيرزقهم مما يغنمه”[21].
ويقول ابن دريد: “عُروة بن الوَرْد، الذي يقال له عُروةُ الصَّعاليك. كان شاعرًا فارسًا كثير الغارة جوادًا، وكان يجمع الصَّعاليكَ فيُغير بهم. والصعاليك الفقراء”[22].
فعروة بن الورد فارس من فرسان العرب وشجاع من شجعانها-وهم كثيرون-إلا أنه امتاز فوق ذلك بصفة الجود والكرم التي بلغ فيها الغاية وضرب به المثل فيها فهو ملجأ للصعاليك (الفقراء) يجدون عنده المأوى والطعام ولذلك سمي “عروة الصعاليك” و”أبو الصعاليك” كما سمي أشيم بن شراحيل “مأوى الصعاليك” وسمي ربيعة بن مالك “ربيع المقترين” كلها صفات تدل على بلوغ الغاية في الجود والكرم.
فلماذا تصر الدراسات الحديثة على تجاهل كل هذا؟! لتبني على لفظة “الصعاليك” في لقب عروة معانٍ لا علاقة لعروة وصعاليكه بها؛ ليتمخض عن ذلك القولُ بأن عروة كان رئيسًا للصعاليك الثوار الخارجين على قبائلهم، وأنه مفلسف الصعلكة، وأنه منظر ثورة الصعاليك، وأنه داعية للثورة الاشتراكية، وداعية المساواة والحرية[23]، وغير ذلك مما أضيف إلى عروة، ولماذا لم يُنظَر لـ”الصعاليك” في لقب أشيم بن شراحيل أو عمرو بن مسعود أو أبي طالب أو غيرهم ممن أضيفت له الصعلكة بهذه النظرة ذاتها إلى “الصعاليك” في لقب عروة؟!
لقد نتج عن القول بـ”صعلكة” عروة بالمفهوم الحديث أن عمم الدارسون صفات عروة على “الصعاليك” فمما قيل وصفًا للصعاليك: “الحرص على البر والاهتمام بالمرضى والضعفاء والمحتاجين”[24]، وهذا الوصف لا يكاد ينطبق على أحد ممن سموا صعاليكًا إلا على عروة الذي لا نسلم للدراسات بما ذهبت إليه في فهمها لحقيقة صعلكته وصعلكة أتباعه أو المستغيثين به.
كل صعلوك جواد:
وما قلناه عن “الصعاليك” في لقب عروة وما بني عليها ينطبق من بعض وجوهه على عامة ما كتب عن الصعلكة، فقد وَظَّفَت غالبُ الدراسات مشتقات الكلمة (صعلك) الواردة في النصوص القديمة للمعنى الذي تبنته هي، لا لمراد قائله ووفق استعمال العرب له، ومن ذلك ما قررته بعض هذه الدراسات من أن الصعاليك (الثائرون)! اتصفوا بكثير من الأخلاق النبيلة ومن أبرزها الكرم، ثم في حديثها عن كرمهم قررت أن العرب شهدوا لهم بذلك واستدلت بالمثل العربي “كل صعلوك جواد”[25].
والذي يرجع لكتب الأمثال واستعمال العرب يجد أن ما ذهبت إليه هذه الدراسات ليس هو المراد بالمثل فالصعلوك عند العرب ليس هو الصعلوك الذي عنته هذه الدراسات ووظفت المثل من أجله. فمما جاء في كتب الأمثال: “كلُّ صُعْلُوكٍ جَوَادٌ، أي مَنْ لم يكن له رأسُ مالٍ يبقي عليه هان عليه ذهابُ القليلِ الذي عنده”[26].
فالمثل يتحدث عن جود الفقير سواء كان هذا الفقير مسالمًا أو محاربًا، وسواء كان مع قومه أو ناءٍ عنهم، وسواء كان شجاعًا بطلا أو جبانًا خوَّارًا، بينما الصعلوك الذي تصرف الدراساتُ المثل إليه هو الصعلوك الاشتراكي الثائر المتشرد الخارج على نظام قبيلته قاطع الطريق الفاتك … إلى غير ذلك من الصفات “الصعلوكية”.
إن محاولات الدراسات الحديثة لتفسير الصعلكة من خلال الفكرة الاشتراكية ومن خلال الثورة على المجتمع زادت مفهوم الصعلكة غموضًا وبعدت به عن حقيقته فلم يعد الاختلاف والاضطراب ظاهرة بين الدراسات المتعددة بل أصبحنا نراه في الدراسة الواحدة فما تقرره الدراسة هنا تنقضه هناك وما تنفيه مرة تثبته أخرى، وهذه الظاهرة العجيبة في دراسات الصعلكة تستدعي وقفة طويلة متأنية تستوعب أهم قضايا الصعلكة التي أفاض فيها الدارسون، وهذا سيكون بإذن الله في بحث شامل مفصل، وقد يسر الله جزءًا منه ونسأل الله أن ييسر إتمامه ونشره قريبًا بمشيئته .
كتبه
تركي بن ماطر الغنامي
- انظر شعر الصعاليك الجاهليين في الدراسات النقدية القديمة والحديثة لبشار سعدي اسماعيل ص 13والبنية السردية لشعر الصعاليك لضياء غني لفتة ص 26 ↑
- هذه المقالة مقتطعة من بحث شامل سينشر قريبًا بإذن الله عن ما يسمى ظاهرة الصعلكة ↑
- شعر الصعاليك منهجه وخصائصه للدكتور عبد الحليم حفني ص 36 ↑
- موسوعة الشعراء الصعاليك الصعلكة والشعر الصعلوكي في الميزان للدكتور حسن جعفر نور الدين ص 12 ↑
- لسان العرب 455:10 مادة (صعلك). ↑
- البنية السردية في شعر الصعاليك 28 ↑
- لم يخرج عن ذلك إلا دراسة (الصعاليك قراءة أخرى) للدكتور فضل العماري. ↑
- جاء هذا في المحكم واللسان والتاج. ↑
- جاء هذا في العين والمحيط والتاج. ↑
- تاج العروس 407:27 وهو في المحيط من غير لفظة الفقراء. ↑
- العين 377:3 ↑
- جمل من أنساب الأشراف 209:13 ↑
- شعراء النصرانية 897:6 ↑
- الكامل في اللغة للمبرد 91:2 ↑
- سيرة ابن إسحاق 239 ↑
- تاج العروس 407:27 ↑
- الجود عند العرب له ألوان شتى وكل مصطلح له معنى قائم به فأبو الصعاليك جواد كريم يختلف عن جود وكرم أبي الأضياف. ↑
- أمالي اليزيدي 55 ↑
- الأغاني 74:3 ↑
- فحولة الشعر 12:1 ↑
- الصحاح 1595:4 واللسان 456:10 والقاموس المحيط 946 والتاج 241:27 ↑
- الاشتقاق 279 ↑
- انظر الشعراء الصعاليك ص 37 وص 238 وموسوعة الشعراء الصعاليك ص 100 ↑
- في تاريخ الأدب الجاهلي د. علي الجندي 438 ↑
- انظر الشعراء الصعاليك 37 وموسوعة الشعراء الصعاليك 100 ↑
- مجمع الأمثال للميداني 159:2 ↑
تفسير رائع لمفهوم كان مبهما ثم ظهرت له إيضاحات زادته بُعْداً عن حقيقته فزاد الإبهام
ولما قرأت كل ما سطره الأديب المبدع تركي الغنام وغوصه في أعماق الألفاظ ودلالاتها الخفية أحسست بارتياح للمعنى الغائب الذي لاح بعد استقرار قول معوج وتداولته الأقلام بالتسليم وكأنهم لم يجدوا بُدًّا من قبوله وكان الناس يستنكرون كل محاولة للتصحيح ، وبحمد الله جاء الحق وزهق التخبط .
وليت أخانا الأستاذ تركي الغنام صرف همته لإعداد دراسته حول الصعلقة والصعاليك بالمفاهيم التي كشفها ليمتعنا بقوله الجميل .
دراسة تحليلة رائعة ودقيقة جدا ومن الملاحظ أ. تركي أن غالب ما كتب عن الصعلكة حديثا من ينقل نفس الفكرة العامة التي أشرت إليها وكأنهم سرّاق وقطاع طرق وثائرون على المجتمع بحثا عن العدالة الاجتماعية.
ومع تقديري لتلك الآراء لكنه ليس دقيقا تحليل السلوك البشري في غير سياقه الزمني والتاريخي وظروف حياته الاجتماعية والدينية والسياسية والمكانية. فغزوات عروة بن الورد هي وسيلة توفير متطلبات البقاء والعيش الكريم دون سؤال الناس والعرب لاتأكل بالسؤال عادة.
والغزوات لم تكن حكرا على عروة الصعاليك فكل قبيلة أخذت حظا وافرا من ذلك كغازية أو مغزيّة والأسلوب عام حتى ظهور الإسلام وانتشار ه. وما أشبه ذاك الحال بحال الجزيرة العربية في العصر الحديث قبل حكم الملك عبدالعزيز رحمه الله فقد كانت القبائل تضرب بغزواتها غدوا ورواحا حفاظا على مراعيها وأنعامها أو طمعا في مرعى خصيب أو مورد ماء عذب. فليس كل غزو مؤشرا على رفض حكم أو شريعة أو ثورة اجتماعية رافضة لحكم ما فقد يكون وسيلة لحفظ الحياة وضمانها بعد الله.
كفيت وشفيت ،اما تعليقي فليس عن المقال انما عن هذه العبارة في ترجمة الاستاذ “يرى في مهبط الاسلام ومهد العروبة كنوزا لم تكتشف بعد..”
فهذا يرحمك الله هو الذي حق له ان يسمى الفكر الاسلامي ،هذا الكشف عن هذه المخبوءات ” بارك الله فيك وفي كلمة لو كتبت بالذهب ما وفيت حقك
كفيت وشفيت ،اما تعليقي فليس عن المقال انما عن عبارة في ترجمة الاستاذ ” يرى ان في مهبط الاسلام ومهد العروبة كنوزا لم تكتشف بعد”
فهذا الفكر فعلا ،هذا البحث عن هذه المخبوءات ،عبارة كهذه حق لها ان تكتب بماء الذهب ،بوركت استاذ