نفائس من كتاب “أبناء الملتزمين” د. عبد الرحمن ضاحي – أ. كريمة عبادي -الجزائر-
تقديم و إعداد الورقة: الأستاذة كريمة عبادي
نفائس من كتاب “أبناء الملتزمين” د. عبد الرحمن ضاحي
التربية هي المعارف و الخبرات التي يحتاجها المربّي لتهذيب الأبناء و إخراج إنسان صالح, و هي فرض و ليست سُنّة أو عملٌ مستحَبٌّ, لقوله ﷺ: كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه(( و بسبب انحرافها و منها انحراف أبناء الملتزمين (الملتزم الذي جعل شريعة الله طريقا لحياته و اِلتزم به) من داء ضعف الـمُخرَجات التربوية لبيوت التيّار الإسلاميّ (التيّار الذي يضمّ كلّ من جعل قضية نصرة الدين هي أساس حياته و انطبعت عليه في أخلاقه و تفكيره), لذلك كانت الدراسة لتبيّن بواعث المشكلة في عملية التربية التي تعود إلى: الاختلال الأسريّ, اختلال النيّة, عدم الالتزام بهدي النبيّ ﷺ, الأميّة التربويّة, إهمال التربية العقديّة المبكّرة, إهمال التربية النفسية في التوجيه, غياب الحوار و الإقناع, القسوة, القدوة, البيئة المحيطة, مبدأ” بل تؤثرون الحياة الدنيا” , أبناء الدعاة و القيادات…
إنّ معرفة المربّي بأنواع الهداية تسهّل عليه طريق التربية: فمنها الهداية بالفطرة:و تتّضح في قوله تعالى: ﴿ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ﴾ (سورة طه/50 ) , و قال عنها ﷺ : ((ما مِن مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ علَى الفِطْرَةِ، فأبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أوْ يُنَصِّرَانِهِ، أوْ يُمَجِّسَانِهِ)) ثم يقول أبو هريرة: “فطرة الله التي فطر النّاس عليها”, أمّا هداية الإرشاد: فيتّضح في قوله تعالى: ﴿ وَ هَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ (البلد/ 10) و تظهر هذه الهداية في الجهد المبذول من الأنبياء و الجهد التربويّ للآباء مع أبنائهم, و فيها الأخذ بالأسباب للوصول إلى هداية التوفيق. و أمّا هداية التوفيق: فيقول الحقّ عزّ و جلّ: ﴿ فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ (الأنعام / 125), و هذه الهداية أعلى من هداية الإرشاد لأنها تَحدُث بالاصطفاء من الله, و لو كان الأبناء تحت وصاية آباء فاسدين.
أسباب الانحراف:
- الاختلال الأسريّ: هو عدم الاتفاق بين الوالديْن في التربية, و أسبابه:
- عدم الاتفاق في الهدف و الرؤية (خاصّة في الجانب الدينيّ), و في قصّة سيّدنا نوح u و اختلافه مع زوجه عبرة , و أمّا النموذج الناجح فنتمثّله في قصّة الصّحابيّ أبي الدحداح و ردّة فعل زوْجه حينما أقرض ربّه الحائط, فكانت متعاونة معه على طاعة الله.
- تفاوُت درجة الالتزام: ضعف الالتزام لدى أحد الوالديّن أو كلاهما, من خلال التفريط في الطاعات و ارتكاب النواهي (مثل: مشاهدة المسلسلات…).
- دوْى الجينات: فقد قال u : ((تَخيَّروا لنُطَفِكُم , فَإِنَّ العِرْقَ دَسَّاسٌ )) فيدّل على أنّ الإسلام قد حثّ على حسن اختيار الصفات و الأخلاق التي تنتقل بفعل العوامل الوراثية (الجينات) من الآباء إلى الأبناء.
- اختلال النيّـة: من السّنّة, قال u : ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)). و من القرآن, يقول الحقّ تباركَ و تعالى: ” إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا “. و مِن أقوالِ السّلف, يقولُ ابنُ القيّم: (( على قدرِ صلاحِ النّوايا, تأتي العطايا)). من الأسباب في فساد الأولاد اختلال النيّة في إنجابهم فللنيّة الصالحة أثرٌ طيّبٌ في صلاحهم. و في امرأة عمران أسوةٌ حسَنة, حيث كانت نيّتها في الإنجاب نيّة خدمة بيت المقدس فنذرت ما في بطنها لله تعالى. و كذلك مثال سيّدنا زكريّا و نيّته في الذريّة الطيّبة.
ماذا أنوي حين أُقدم على الإنجاب:
- أنوي تكثير عدد المسلمين.
- أنوي الامتثال لأمر النبي u: ((وَتَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ ))
- النيّة في إنجاب إنسان صالح, يوحّد الله و ينشر الإسلام.
- النيّة في نجاة الأمّة من الهلاك, للحديث:
((أنَهْلِكُ وفينا الصَّالحونَ ؟ قالَ : نعَم إذا كثُرَ الخَبثُ)).
- النيّة بالدعاء أن يُرزقَ أولادنا الصّلاح.
- ترك هدي النّبيّ u : يقول u : ))تركتُ فيكم أيُّها الناس، ما إنِ اعتصمتم به، فلن تضلُّوا أبدًا: كتاب الله، وسُنَّة نبيِّه)) و هي إشارةٌ إلى أنّ الإسلامَ علّمنا كلّ شيء حتّى أصغر الأمور(مثل: أدعية النّكاح, و آداب و أحكام الموْلود…).
آداب و أحكام لحفظ الذرّيّة:
1/ دعاء الإجمـاع: الحديث:
((لو أنَّ أحدكم إذا أتى أهلَه قال: بسم الله، اللهم جنِّبنا الشَّيطان، وجنّب الشيطانَ ما رزقتنا، فقُضي بينهما ولدٌ، لم يضرّه)).
2/ الأذان في أذن الموْلود الجديد: يكون في الأذن اليُمنى, فضله:
-حتّى يسمع الشّهادة و كلمات متضمّنة كبرياء الرب و عظمته.
-هروب الشيطان من كلمات الأذان.
-تكون دعوته إلى الله سابقة على دعوة الشيطان.
3/ ذبح العقيقة: هي سببٌ لحماية الموْلود من الشيطان و تخليصه منه.
4/ الرُّقية الشّرعيّة: قراءة القرآن (منها المعوذتيْن) و الأدعية, التماسًا لحفظ الولد.
5/ الدعاء بصلاح الذرّيّة: من خلال استمطار رحمات الله, كما كان يدعو بها الأنبياء و الصالحون من المؤمنين.
6/ تجنّب الدعاء عليهم: و قد نهى u عن الدعاء على النّفس و الولد و المال.
- الأُمّيّة التربويّة: كثيرًا ما نجد المربّي يشتكي من صعوبة توجيه أولاده بسبب الجهل عن التربية, و عدم التفريق بينها
و بين الرعاية.
التربية: هي تعديل السّلوك.
الرعاية: هي توفير المأكل و والمشرب و الملبس للولد.
درجات الأميّة التربويّة:
- سياسة الأسلوب الموحّد: و هي إتباع الطريقة الموحّدة لتربية كلّ الأبناء.
- مبدأ “سأُربّيه كما ربّاني أبي”: قد لا تصلح أساليب الآباء الأوّلون لكلّ الأزمنة و مع كلّ الأجيال.
- الصّفر التربويّ: و هي اللامبالاة في التربية, و الاهتمام فقط بالنموّ البدنيّ للطفل, و يغفل عن الخصائص العُمُرية لكلّ سنٍّ و بحسب جنس الولد.
لذا على المربّي أو المحافِظ أن يتعلّم طرق الثواب و العقاب و ترسيخ المبادئ للطفل.
و ينشأ ناشئ الفتيان منّا *** على ما كان عَـوّدهُ أبوهُ
- إهمال التربية العَقَديّة: أثبتت الدراسات أنّ خير الوسائل لاستقامة السّلوك الإنسانيّ هي التربية القائمة على العقيدة الصّحيحة و غرس معاني التربية الإيمانية و مراقبة الله في السّرّ و العَلن , في سنّ مبكّرة (السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل), فمن فضائلها:
-أنّ التربية العقديّة الإيمانية تكوّن للطفل مناعةً لأيّ شبهة أو شهوة.
-تكون صدّا يحميهم من المؤامرات التي تُحاكُ من الأعداء لأجل إفسادهم.
-تكون التربية لتحرير المجتمع من الإلحاد و الرذيلة و الميوعة و الجريمة.
علميًّا: أكّد الدراسات بأنّ:
-قسمًا كبيرا من نموّ العقل و اللّغة للطفل يتكوّن خلال الأعوام الأولى من عمره.
-في بداية نشأة الطفل, يحصل على تنمية ذات مستوى عالٍ, يحقّق أقصى ما لديْهِ من قُدرات.
-يساعده على بناء الأساس الأوّل للضمير الإنسانيّ, ممّا يجعله يميّز بين الصّواب و الخطأ.
برنامج عمليّ في التربية الإيمانيّة المبكّرة:
1/ تعويده على كلمة التوحيد عند بلوغه عاميْن, و جوابه ببساطة إذا استفسر عن أمرٍ.
2/ تعريفه بالله و نعمه و الشّكر عليها, و تبسيط معنى الإيمان و أركانه بما يناسب عمره.
3/ تعريفه أحكام الحلال و الحرام, و تبيين الجزاء فيهما.
4/ غرس روح التقوى و مراقبة الله على تصرّفاته, باستخدام أسلوب الترغيب و الترهيب.
5/ التربية بالعادة, من خلال أمره بالعبادات (مثل: الصلاة في سبع سنين).
6/ زرع حُبّ الرسول u من خلال سيرته, و بيان أنّ طاعته عنوان لطاعة الله, و تعريفهم بالغزوات و سيَر الصّحابة.
7/ التربية على القرآن: تلاوةً و فهمًا و حفظًا و عملًا, لتصفو به النّفس و تتأثّر به.
- إهمال التربية النّفسيّة: يؤثّرُ التشجيع و الاهتمام إيجابيًا على الطفل و العكس حين الإهمال و المعاملة السيّئة.
محاور التربية النّفسية: تتمثّل في التشجيع و الإشباع العاطفيّ و إدارة الخلافات الزّوْجية.
1/ التشجيع: هذا مُؤدّب البشريّة يُحذّر فيقول:
((بحَسْبِ امرِئٍ مِن الشرّ أن يَحْقِرَ أخاه المسلمَ ))
لذا على المربّي أن يتجنّب الإحباط و الجفاء مع الطفل و التوبيخ الزائد و توجيه التّهِم عند التقصير في أداء الطاعات مثلًا أو التقصير في الفضائل (مثل: الحضور لحلقات القرآن, و الصلاة بالمسجد…). و قد أثبتت الدراسات العلميّة جدوى التشجيع و التحفيز, و شكل من أشكال التحضّر و الرّقيّ , و هو ملاحَظٌ عند المجتمعات المتحضّرة التي تقدّر المواهب.
ضوابط عملية التشجيع:
-أن يكونَ صادقًا و بلا مبالغة.
-يتمّ مدح السّلوك, لا مدح الشخص نفسه, و كذا في توجيه النّقد.
-معرفة الحاجة في كلّ مرحلة (الطفولة, المراهقة…).
2/الإشباع العاطفيّ: العاطفة هي القَبول و الرّفض, هي الحبّ و الكره. يُسهّل التوجيه بالحبّ عملية التربية , بلا إرهاب و فظاظة, و يحذّر المولى عزّ و جلّ رسوله u بقوله: “و لو كنتَ فظا غليظ القلب لانفضوا …”, فالعاطفة قيادة للقلوب لا الأبدان, و القاعدة تقول: “إن أحبّوكَ أطاعوكَ”… “و العقلُ لا يسمعُ حتّى يسمعَ القلب”.
نصائح و توْجيهات:
- مصارحة الطفل بالحبّ أو الكتابة له, في الحديث: ((إذا أحبَّ الرّجُلُ أخاهُ, فليخبرهُ أنّهُ يُحِبُّهُ)).
- الإتيان بهدية أحيانًا كتعبيرٍ عن الحبّ.
- التقبيل و الاحتضان.
- العدل بين الأولاد في كلّ شيء , و حتّى في القُبلة.
- مُصاحبتهم في سفرٍ, و الحوار معهم.
- مُداعبتُهم و ممازحتُهُم.
- إتقان لغة المشاعر.
- التّوازن, بلا إفراطٍ و لا تفريطٍ (التدليل الزائد و الرخاوة عيبٌ).
3/ الخِلافات الزّوْجيّة: آثارها:
-تكوين عُقدة ضد علاقة الزوجات و الأزواج (خاصّة عند البنات).
-تأثّر المستوى الدراسيّ و تشتّت الفكر.
-بقاؤهم خارج البيت لوقتٍ أطوَل لإحساسهم بعدل الأمان بالبيت.
-استعدا الأبناء للانحراف في المستقبل و كرههم للالتزام و الاستقامة.
-يرهقون ذهنيًّا بسبب تحكيمهم في الخلاف الحاصل بين الوالديْن.
-شعورهم بالذنب لوجودهم في حياة والديهم.
-اهتزاز صورة الآباء و ضعف الثقة بهما.
-خوْفهم على مصير حياتهم.
-التدليل من طرف واحد, يغيظ الطرف الثاني, و تتكوّن جبَهات متضادّة.
-اختلال ميزان التربية إذا انفصل الوالديْن أو غاب أحدهما عن البيت.
فنون إدارة الخلاف:
- عدم تعرّض الآباء للخلاف أمام الأبناء, أو عدم الإطالة فيه إن حدث, مع التوضيح للأبناء بأنّه أمرٌ طبيعيٌّ و يمارسون الحياة بطريقة عاديّة, و يخفون آثار الخلاف لأجل عدم إثارة شكوك الأبناء و قلقهم.
- إفهام الابن و البنت بأنّ الحبّ هو أصل علاقة الوالديْن, و توضيحه قولًا و عملًا من خلال تجنّب الإهانة باللّـفظ, و عدم إصدار أصوات خلف الباب المغلَق أو ترك أحدهما لغرفة النّوم و المبيت خارجها, أو بكاء الأمّ أو الصّمت من الأب. كذلك محاولة صرف النّظر عن الخِلاف بإضفاء جوّ المرح و ممارسة أعمال جماعيّة أو الخروج للتنزّه.
- غياب الإقناع و الحوار: إنّ بعض الآباء و المربّين باختيارهم الأسلوب الصّداميّ في التوجيه, يخسرون أبناءهم, فغياب الحوار و الإقناع, يخلّف تهرّبا عن الرّقابة و يوَلّد الكبت و يفسد الشّخصيّة, و قد توقعه في الحرام و الخطأ.
التربية بالإقناع:
المنهج الرّبّانيّ في التربية: مثال بيان حُرمة الخمر بأسلوب الإقناع ( في الآية 219 من سورة البقرة) , فهو رجسٌ (من عمل الشّيطان), و أنّ الشّيْطان يريد أن يُوقِعَ العداوة و البغضاء في الخمر و الميْسِر, و يصدّ عن ذِكر الله و عن الصّلاة, و فيهما (أي في الخمر و الميْسِر) إثمٌ كبيرٌ و منافعُ و إثمهما أكبرُ من نفعِهِما.
مَنهَج الأنبياء و الصالحين في التربية: يقول سيّدنا نوح u: ” أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ” هود/28 . و نموذج سيّدنا يعقوب u مع ابنه يوسف u و وضّح له نهيَه عن قصّ الرؤيا بأنّه يجلب الكيد من إخوته له فيقول: ” قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا“. و من النماذج النّاجحة في قصّة سيّدنا إبراهيم u مع لبنه إسماعيل u و حواره عن الذبح و إقناعه له و انتظاره الاستجابة من ابنه. و في في موْعظة لقمان الحكيم لابنه عِبرة لمن يعتبر. أمّا معلّم الأمّة و العالم و المؤدّب الكبير سيّدنا محمّد u و آثاره الكثيرة و الكبيرة في الحوار , منها حديث :” مَن استطاعَ منكمُ الباءة فليتزوّج” و بيانه u فوائد الزواج و أنّه أغضّ للبصر, و أحصّن للفرْج…
التربية بالحوار: من خلال الحوار و الاستشارة و الإنصات الجيّد, نهدم الحواجز التي تمنعهم من مصارحة الأبناء لآبائهم, و تبني بينهم شعور بالاحتواء و الاهتمام فتساعدهم على التوجيه بطريقة صحيحة.
- القَسـوة: على المربّي أن يفرّق بين القسوة و الحزم, الحزم مطلوبٌ في عمليّة التربية, لأنّه يكون ضمن حدود و ضمن الظروف المحيطة بالأبناء, و هو عامل بناء لا هدم , يكون مصحوبًا بدافع الحبّ عادةً, فهو صدى الحكمة و الاهتمام بمصلحة و صلاح الشابّ.
- القُـدوة: معروفٌ لأنّ الفعل أبلغُ في الإفهام, فكُن أيّها المُربّي أنتَ القُدوة الحسنة لأبنائك أو مَن تقوم على تربيَتهم, كذا الابن الأكبر قدوةٌ لإخوته. و الأنبياء الأسبقون قدوات لبعضهم مثلما قصّ الله النبيّ u قصص مَن سبقوه بالدعوة للاعتبار بهم و الاقتداء. و على المُربّي (مثل مُرَبّي المسجد)أن يكونَ مكمّلًا لدوْر الأبويْن من خلال سَمتِه و خلقهِ الحسَن و انضباطه بالشريعة ومن خلال شخصيّته الجديّة.
- البيئة المحيطة: تحتاج تربية الطفل المسلم إلى محيطٍ مسلم, لذلك فهو يحتاج إلى: الحماية الداخليّة, الرّقابة و استبدال الذي هو خيرٌ بالذي هو أدنى.أمّا الحماية الداخلية فهي المناعة التي يجب تقويَتها في وقت مبكّر خلال المعايشة, عن طريق زرع العقيدة و الأحاديث النّبويّة و قَصص الصحابة و تعرفه بواقع الأمّة الإسلامية… أمّا الرّقابة فتكون من خلال التنقية من الوسائل التي يبثّها الإعلام عبر الكمبيوتر و الإنترنيت و الهاتف المحمول, و رقابة الابن و البنت في علاقتهم مع الأصدقاء و الأقارب. و استبدال هذا الذي هو خير أي المسجد مثلًا بالذي هو أدنى و هي وسائل الإعلام و الأصدقاء. و تعود الأسباب التقليدية منها إلى أنّ ببدايات الصحوة كانت دراسة العلم الشرعيّ تنحصر على الحلقات في الجلسات فقط, و هو ما يحتاج إلى تغيير أدوات العمل بما يتناسب مع الواقع. و من الأسباب أيضًا إهمال التربية الفردية في الدعوة الفرديّة منها ما يتوَجَّبُ على مربّي المسجد من اجتهادات.
- “بل تؤثرونَ الحياةَ الدنيا”: يقولُ مؤدّب البشريّة u: ((من كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللَّهُ غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ ، ومن كانتِ الدُّنيا همَّهُ جعلَ اللَّهُ فقرَهُ بينَ عينيهِ وفرَّقَ عليهِ شملَهُ ، ولم يأتِهِ منَ الدُّنيا إلَّا ما قُدِّرَ لَهٌُ)). و قال u : ((ما تَعُدّونَ فيكم الرَّقوبَ؟ قالوا: الذي لا ولد له. قال: لا و لكن الرَّقوب الذي لا يقدّم من ولدهِ شيئًا)) أي في سبيل الله. و قد ظهرت اليوم في أوساط الملتزِمين علامات الوهن بسبب تقديم الدنيا على الآخرة, يخافون على أبنائهم من الاستقامة على شرع الله خشية الأذى الماديّ و المعنِويّ بينما الأصل أنّ المسلم قضيّته العقيدة و غاية خلقه هي العبادة بإعلاء كلمة الله و حمل أمانة التوحيد , و الاستخلاف في الأرض , و تعليمه كيف يعيش لا كيف يتحاشى الموت, مع نقل هذه التربية للأجيال.و هذه العقيدة تشمل السياسة و الاقتصاد و المال و الشهادات و التربية و الحروب و الزواج …
أمَا وَ اللهِ لو علِمتْ الأنامُ *** لِمَا خلقـوا لَمَا هَجَعُوا و نامُـوا
- أبناء الدُعاة و القِيادات: فهم من عليهم من البلاء ضعف ما على أبناء الملتزِمين العاديّين. و أسباب انحراف أولادهم بسبب الضغط النّفسيّ من البيئة المُحيطة بسبب مكانة أبيه المرموقة بحيث يتصرّفون معه بشكل مختلف و خاص.كذلك المحاباة و بتقديم التسهيلات و التقرّب إليهم و ينحرفون كذلك بسبب تقصير الداعية و القيادة مع أهل بيته فيتعامل مع الدين على أنّه غير مستهدَف أنّه تابع له و كأنّه يرثه الالتزام ميراثا.