قانون السعادة
افعلوا الخير لأن الله يحبه … ا
إن كل خير في هذا الكون منشأه من الله ومآله إليه، وأعظم الحب حبنا لله وحب الله لنا، فلا أجل ولا أكمل من طلب مرضاته و القرب منه، فإن الله إن أحبك صرت ملكا متوجا بأجمل تاج في الوجود.
إن الله الكريم الرحيم المتصف بصفات الكمال يحب منا أن نفعل الخيروالسعيد العاقل من المخلوقات من جعل نفسه في خدمة الله وسعى ليكون من جنوده وأداة من أدوات رحمته التي بها يرحم البشر.
افعلوا الخير وحب الله غايتكم، افعلوا الخير حبا لله وطلبا لحبه.
والناس في الدنيا ثلاثة، رجل أنشأ نفسه وعودها فعل الخير، ورجل وطن نفسه على الشر والإيذاء وثالث أهمته نفسه فشغلته عن طلب كمالها، ورضي بأن يكون لا له ولا عليه، وهذا قد أغلق دونه بابا من أبواب السعادة سهل العبور وعظيم السرور.
إن إدراك المرء لأثر الخير في السعادة هو مفتاح السعادة، وإن طلب السلامة التامة في المال والبخل به لهو كسر لذلك المفتاح.
وإن الشح بالجاه لجذوة نار تحرقه فلا يبقى منه إلا المفاخرة الفارغة بما كان من خير الآباء، وإن حرمان المستشفع من الشفاعة التي في يدك لهو التقام لمفتاح القيد الذي في يديه، فتصبح في عينيه شيطانا ماردا ولست ألومه. وإن البخل بالدلالة والعلم على المحتاج لسكب لترياقه في سبخة من الرمل أمام عينيه.
إن اليد التي تقطُرُ الخير حريةٌ بروح تغمرها الطمأنينة وتحملها السعادة، وإن اليد القابضة البخيلة حرية بروح قاتمة، مقيدة إلى الأرض بسوء الظن، مثقلة بأغلال الشح.
وبين الأمرين كن أنت دليل نفسك فإن الناس تدعوا لطباعها، وإن هزأ بك البخيل فاهزأ به، وإن حثك عالبخل فحثه على الإنفاق.
وكن كعروة بن الورد إذ قال :
إني امرؤٌ عافي إنائيَ شِركةٌ // وأنتَ امروٌ عافي إنائكَ واحدُ
أتهزأُ مني أن سمنتَ، وأن ترى // بجسمي شحوب الحق والحقُّ جاهدُ
أقسّمُ جسمي في جسومٍ كثيرةٍ // وأحسو قَراح الماءِ والماءُ باردُ
واعلم أن كمال المروءات هو خيرُ ما جمع المال لأجله، واعلم أن “أصحاب المروءات في جَهَد” كما يقول الإمام الشافعي، ولا خير في مالٍ مكنوزٍ ومن حوله المساكين والجوعى، وفي الحديث عن أكرم الخلق عليه الصلاة والسلام : “ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جنبيه”
إذا أدخلت السرور إلى قلبِ مؤمن فإن المال أهون مفقود، فاستعبد المال ولا يستعبدك، وكن صاحب الأمر عليه، وأنفقه في خيرات الناس.
وكن عربة سعادة تمشي بين الناس فيلتفون حولها، ويتهللون لها، ويعجبني هذا المشهد لفيكتور هيجو في البؤساء إذ يقول :
“كانت جيوبة مملوءةً بالنقود كلما انطلق، وكانت جيوبه فارغة من النقود كلما رجع، فإذا اجتاز بقرية من القرى لحق به الأطفال ذوو الأسمال البالية فرحين مبتهجين، وتحلقوا حوله مثل سِربٍ من الذباب”
كن خيرا بخلقك، تغافل ليرتاح الناس لوجودك، ابتسم ليفرحوا برؤيتك، استمع لشكواهم، وتعاطف لبثهم، ولا تكن عبوسا متجهما، ولا مسلطا لسيف السخرية والتنقص تنقبض الصدور لوجودك وتنشرح لرؤية ظهرك وتغشاهم الطمأنينة لزوال ظلك الثقيل.
كن وارثا للأنبياء، سبيلك الدعوة إلى الخير، فجئ بعجل حنيذ، واسقِ وتولَّ إلى الظل، ولا تثربْ، واعفُ واصفح، وكن لينا.
كن وارثا للصحابة، فبشر ونادِ كما نادوا كعب بن مالك، رضي الله عنهم جميعا، وأطفئ المصباح ليشبع ضيفك، واحمل الكلّ، وأكسب المعدوم، وأعن على نوائب الحق.
كن غيثا على نيران الفقر والبؤس.
كن عطفا، وأريجا، ورحمة، وألفة.
كن كمن علمت أن الله قد أحبهم ليحبك.
مقال جميل يحث على فعل كل خير
جزاك الله كل خير و ذكرتني من قول الرسول صلى الله عليه و سلم
عن أَبي ذرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لي رسولُ الله ﷺ: لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوف شَيْئًا، وَلَو أنْ تَلقَى أخَاكَ بوجهٍ طليقٍ رواه مسلم.