رسالة تبحث عن أصحابها-عمر طرواية- الجزائر
رسالة تبحث عن أصحابها
عمر طرواية- الجزائر
طالب دكتوراه فلسفة
كنا ندرك أن في هذه الحياة سراب واحد الذي يتراءى لنا في أفق كل مكان من الأرض القاحلة ، ولكن تجاربنا اليومية أوضحت لنا أن هناك أكثر من سراب لا نكتشفها ولا نقترب منها إلا من خلال ذاك ( الصندوق الأسود ) الموجود داخل كل واحد منا . فهو معيار حضورنا و غيابنا وسط هذا الخيال الواسع و العميق ، تارة نركب أمواجه الهائجة معتقدين أن بواسطته سيصلنا إلى ما نصبو إليه ، إلى ساحل أو بالأحرى إلى سواحل تطمئن و تطمح إليه أنفسنا . ولكن ” تأتي الرياح بما لا تشتهيه سفن رغاباتنا وأهوائنا ” تصطدم قوارب أحلامنا و آمالنا بصخور الواقع المر ، إلا ّ أن نجد أنفسنا داخل جزر و شواطئ الهموم تستقبلنا بأشجارها العالية و المظلمة و أشواكها السامة . يأتينا صوت من عمقها يخاطبنا : يا لك من إنسان مسكين ، هل شربت من كأس الحمق فأصبحت أحمقا ، أو شربت من كـأس الغباء فأمسيت غبيا؟. لقد غازلت الحياة فترة وخاذلتك فترات ، أتعتقد أن الأمر بهذه السهولة ؟ أن ليس كل شيء تحبه ستمتلكه ،أو أن كل ما تراه عينك في الحياة ستحصل عليه، أن ما تراه سهلا بالنسبة لك فإن سراب التهور يحجب عنك صعوبة المفكر فيه ، وأن ما تراه صعبا بالنسبة لك فإن سراب الجُبن يحجب عنك سهولة المراد الحصول عليه ، وووووو ……، حينها تصرخ قائلا : أرجوك ، كفى .. كفى ، قد فهمت مقصود كلامك فقد فاض فوك من الحكمة التي حجبتها عنا أوهام الحياة وخيالاتها، فأرجوا أن تساعدني على إيجاد مخرج اسلكه لأعود لديار الفطنة متحررا من هذه الجزيرة المخيفة . فرد علينا : لا تقلق يا عبد الله ، ابقى هذه الليلة فيها متصلا بخالقك ذاكرا ومسبحا وساجدا حتى الصباح ، حينها ستأتيك سفينة النجاة وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ستوصلك حتما إلى بر الأمان والاطمئنان .