تحديات الوسطية في الخطاب الديني المعاصر
المقدمة
الحمد لله، والصلاة والسلام علي نبيه ومصطفاه، وعلى آله الأطهار، وصحبه الأبرار. أما بعد:
إن التدين في حالته المعتدلة، القويمة، لم يزل في حالة من المغالبة، والمجاذبة، التي أثرت في صورته النقية، وهيأته الرضيّة التي أراد لها المشرع الحكيم أن تسود عالم المتديّنين، في سياق أدائهم مقتضيات تدينهم، والتزامهم الديني. والتديّن بهذا الوصف هو ما نعنيه بوصف الوسطية التي سنخصص هذا البحث لدراسة ما تلاقيه من تحديات وسط الخطاب الدينين المعاصر .
ولقد جاءت تلك المؤثرات المشوهة للتدين، والمنحرفة عن روح الشريعة وأحكامها، منطلقة من عدد من التحديات التي تواجهها الوسطية القائمة على الاعتدال في التدين، والاستقامة على طريق الشريعة فهماً ، وممارسة، وتبليغاً.
وفي هذا البحث سأتناول بالبحث والدراسة والتحليل ما أراه ظاهراً وماثلاً من تلكم التحديات، وهي التي سأحصرها في ثلاثة هي التالية:
1- تحدي: الغلو في الدين (التصلّب)
2-تحدي : التفريط في التدين . التميع للدين.
3-تحدي: الجهل بالدين . وهو قائم بدور الخادم للتحدي الأول، وبدور المنطلَق والمنشأ للتحدي الثاني .
ولقد نهدتْ بارزةً هاته التحديات ، في سواء الخطاب الديني المعاصر، على نحو جليٍ ،عليٍ ، رديٍّ ، ألبس على الناس دينهم فعكّر منه ما كان صفياً ، وغبّش فيه ما كان نقياً، وكدّر منه ما كان رضياً . وقد أعان على هذا المآل ما توافر من وسائل حديثة في التواصل والتأثير والفاعلية، حيث تم تسخيرها من جهات داعمة تمثلها دول كاملة، غذّت ودعمت وموّلتْ ذاكم الخطاب الغالي المتنطع ، في مضادة صريحة لسماحة الدين ، ووسطية شريعته .
وفي الصورة العامة للبحث سأوزع محتوياته حسب الهيكلية التالية القائمة على مقدمة ، وثلاثة مباحث، وخاتمة .
- المقدمة
- مدخل مفاهيمي. نتناول فيه بيان مفاهيم أهم المصطلحات المستعملة في البحث.
- تمهيد :
- المبحث الأول : تحدي الغلو .
- المبحث الثاني: تحدي التفريط في التدين
- المبحث الثالث: تحدي الجهل.
- المبحث الرابع: مترتبات غياب الوسطية .
- الخاتمة.
- مسرد المصادر و المراجع .
مدخل مفاهيمي
سأخصص هذا المدخل لضبط أهم المصطلحات التي سأستخدمها في البحث. ومن باب ضبط المصطلحات وتحديد المفاهيم لابد أن أبدأ بتقديم تعريفي الخاص للوسطية بالمعنى الذي سأستخدمه في هذا البحث.
الوسطية : على المستوى اللغوي يقول ابن فارس : ”
الواو والسين والطاء بناء صحيح يدل على العدل والنصف ، وأعدل الشيء : أوسطه ووسطه .[1] ”
ويقول ابن منظور : ” وسط الشيء وأوسطه : أعدله[2] ”
يقول ابن جرير الطبري : ” الوسط هو الجزء الذي بين الطرفين ، مثل وسط الدار ، وقد وصف الله هذه الأمة بالوسط ؛ لتوسطها في الدين ” [3]
أما في الاصطلاح العام لمستخدمي هذه الكلمة، فإنه يحمل معنى مفاده أن الوسطية هي : منهج في فهم الدين، وممارسة التدين. تنأى عن الغلو والإفراط من جهة، وعن التهاون والتفريط من جهة أخرى.
أما مقصدي بتحديات الوسطية، فهي العوائق السلوكية، والنظرية الفكرية، المعيقة للفهم وللممارسة الوسطية وقد حصرتها – أثناء هذا البحث- في التحديات التالية :
1-الغلو والإفراط .2- التهاون والتمييع .3- الجهل .
مصطلح الخطاب الديني: هو من المصطلحات التي كثر استعمالها في العقد الأخير على نحو فوضوي غير منضبط؛ وهذا حالٌ يلقي علينا مسؤولية وضع تعريف دقيق خارج عن نقيصة الخلط والإيهام.
وهنا أقترح تعريفاً مفاده أن الخطاب الديني هو : كل قول، أو رأي، أو دعوة معتمدة على مفاهيم الدين، وتشريعاته .
وبعبارة أخرى هو مجموع الآراء والأفكار ، والتوضيحات، والنقول، الحاملة لمعانٍ ضمها الدين، أخذاً من نصوصه المرجعية-أي القرآن، والحديث- .
من مثالات ذلك : الدعوة إلى تحكيم الشريعة، والدعوة إلى تفعيل دور الدين في المجتمع ، هي من الخطاب الديني. والقول بفرضية الشعائر وإلزاميتها، هو من الخطاب الديني. ([4]) وقد قيدته – في هذا البحث- بالمعاصرة ، فتركيزي سيكون على الخطاب الديني المعاصر، دون ما شهده غابر الأزمان والأعصار القديمة.
وليس ينحصر الخطاب الديني المعاصر في طائفة معينة، ولا فرقة دون غيرها، فذاك الانحصار أمر غير متاح ، وفي حكم المستحيل . فكل طائفة، وفرقة ، ومذهب ، لايعدم أيٌ منها منابر ، ومساحات إعلامية لنشر مبادئه، وأفكاره، وطروحاته في المجال الديني، مع ثبوت تباينات وتفاوتات بينها على مستوى اتساع الساحات التعبيرية الخطابية، ومدى غزارة الدعم المالي، وقوة الدعم السياسي، وشدة الدعم الإعلامي،فضلاً عن التفاوت الحاصل على مستوى الإقناع، وجذب المتلقي، والتأثير فيه .
تمهيد
ليس بخفيٍّ ما للدِّين من تأثير في أتباعه، على المستوى الفرديِّ، ثمَّ على مجتمعاتهم على المستوى الجمْعيِّ، ثمَّ على دولهم على المستوى الدَّولي، هذا كلُّه يأتي في تساوقٍ مع تأثيره الدَّاخليِّ في النُّفوس والأرواح.
(كما لا يغيب عنَّا أنَّ كلَّ دينٍ يقتضي تَديُّناً، بمعنى أنَّ كلَّ دين يستوجب أَنْ يقوم أتباعه بتطبيق تعاليمه، وتجسيد معانيه، عن طريق تصرُّفات عمليَّة، وتجسيداتٍ سلوكيةٍ، تتخذ صورة شعائر وطقوس، تكتسب شرعيَّتها وهيبتها وقبولها من الدِّين نفسه، خلال ما يظهر في نصوصه المرجعيَّة، التي نجدها عادة ماكثةً في كتابٍ مقدَّس، يُشكِّل المصدر الأساس لتعاليم الدِّين ومبادئه.
إنَّ ذلك التَّطبيق الذي يقوم به الأتباع المتديِّنون هو ما يعرف باسم التَّديُّن، وقد صار من المسلَّمات التي لا يمكن غمطها أنَّ التَّديُّن _ بهذا المعنى _ لم يكن وفيَّاً للدِّين، حيث إنَّ المتديِّن في تجسيده وتطبيقه لتعاليم الدِّين، لا يخلو حاله من عوارض، منها: ما ينحو نحوَ التَّحلُّل من بعض التَّكليفات، ومنها: ما ينحو جهة المغالاة فيها، ومنها: ما ينزع تجاه تحريف معانيها، وتدليس مفاهيمها، كلُّ ذلك يحدث خلال التَّواصل المباشر مع النُّصوص المرجعيَّة للدِّين، حين يتمُّ اعتمال وسائل منها: التَّأويل، والتَّعطيل، والتَّحريف، والتَّرميز، والتَّسطيح([5]).
كلُّ أولئك كان له دورٌ رئيسٌ في اصطناع وجهتين في سياق الممارسة التَّديُّنيَّة بين النَّاس، الوجهة الأولى نحو التَّفريط، والوجهة الأخرى تجاه الإفراط. )[6].
ومن هنا تبرز أهمية الوسطية، ويظهر دورها التوازني حين تشكل منطقة وسطى بين الغلو، والتفريط، فلا تسمح باضمحلال الكيان التشريعي بتهاون المفرّطين، ولا بتجميده وتخشيبه بعناد الغلاة المتنطعين.
التحدي الأول : ( الغلو في الدين )
الغلوُّ والإفراط:
يكاد يتطابق معنى الإفراط التَّديُّنيُّ مع معنى الغلوِّ، بيد أنَّ بينهما فرقاً، فهذا الأخير له ضابط واضح، هو المجاوزة سواء كانت بالتَّرك أو بالأداء، وقد ((سُمِّي التَّفريط غلوَّاً؛ لما فيه من مجاوزة الحدِّ في التَّقصير)).([7])
أمَّا الإفراط فهو منحصر في معنى المجاوزة، بمعنى أنَّه زيادة عن المطلوب، وتجاوزٌ إلى حدِّ الخروج عن مراد الشَّارع، من ذلك يأتي قوله تعالى: {اتَّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله}([8]).
ضابط الغلو في الدين:
ليس سهلاً وضع ضابط محدَّد للغلو في الدين، يمكن به الحكم على المتديِّن بأنَّه أفرط وغلا . كما أنَّ وضع ذلكم الضَّابط ليس مستحيلاً، وكثيراً ما يلتبس الأمر عند العوامِّ؛ فيحكمون على بعض المتديِّنين بأنَّهم أفرطوا أو غالَوْا في التَّديُّن، لمجرَّد أنَّهم التزموا عبادات وسنناً وحافظوا عليها، في الوقت الذي أضاعها فيه أكثر النَّاس، من ذلك مثلاً : قيام اللَّيل، والتزام صلاة الجماعة في المساجد، و دوام صوم التَّطوُّع.
وقد تنبَّه بعض العلماء إلى هذا الخلط العامِّي فقال: ((…فمن التزم المحافظة على المشروع من التَّكاليف على وجه القصد، دون إفراط أو تفريط، بفقهٍ وبصيرةٍ؛ لا يكون غالياً، وإِنْ عُدَّ اليوم في العرف الشَّائع بين النَّاس كذلك))([9]).
لقد كان من أجمع وألطف ما قيل في هذا الباب قول ابن القيِّم: ((ما أمر الله بأمرٍ إلا وللشَّيطان فيه نزعتان: إمَّا إلى تفريط وإضاعة، وإمَّا إلى إفراط وغلوٍّ، ودين الله وسطٌ بين الجافي عنه، والغالي فيه))([10]).
لقد سَنحت أُولى بادراتِ الغلو الديني، في عهد رسول الله عليه السَّلام، وذلك ما رأيناه في الحديث التَّالي: (( جاء ثلاث رهطٍ إلى بيوت أزواج النَّبيِّ ، يسألون عن عبادة النَّبيِّ ، فلمَّا أُخبروا كأنَّهم تقالُّوها، فقالوا : أين نحن مِن النَّبيِّ ؟ قد غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، قال أحدهم : أمَّا أنا فإنِّي أصلِّي اللَّيل أبداً، وقال آخرٌ: أنا أصوم الدَّهر ولا أفطر، وقال آخرٌ: أنا أعتزل النِّساء فلا أتزوَّج أبداً، فجاء رسول الله فقال: ( أنتم الذين قُلتم كذا وكذا؟ أَمَا والله إنِّي لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنِّي أصوم وأفطر، وأُصلِّي وأرقد، وأتزوَّج النِّساء، فمن رَغِب عن سنَّتي فليس منِّي))([11]).
ولا يغيب عنَّا توكيد وجود نوع من (التَّديُّن المغشوش) حسب تعبير الشَّيخ الرَّيسوني الذي قال تحت عنوان: ( تجلِّيات التَّديُّن المنحطِّ): (( لانحطاط التَّديُّن أشكالٌ وتجلِّيات أذكر منها ما يلي: 1- التَّديُّن المغشوش، ولعل الصِّفة الأساسيَّة الجامعة للتَّديُّن المغشوش، أو الغشِّ في التَّديُّن، هي صفة الاعتناء بالظَّاهر مع إهمال الباطن، بمعنى: أنَّ المتديِّن يعتني- في تديُّنه – بتحسين الأعمال والصِّفات الظَّاهرة والمرئيَّة والملموسة، ويحرص على الالتزام بأحكام الشَّرع وآدابه فيها، بينما لا يبالي بعكسها ممَّا لا يراه النَّاس ولا يظهر للعيان، فمثلاً: قد تجد المحافظة على الصَّلاة في أوقاتها وبهيئاتها وسننها، بدرجة جيِّدة جدَّاً، ولكنَّ الاهتمام بباطن الصَّلاة، أي: بحالة القلب، وتعظيم الرَّبِّ، ونباهة العقل، وخشوع النَّفس، شيء منعدم أو كالمنعدم.
وقد تجد المتديِّن مهذَّباً رقيقاً، عفيف اللِّسان، حلو الخطاب، لا يسبُّ ولا يشتم، ولا يُغلظ القول…، ولكنَّه في مجالسه الخاصَّة الآمنة، يفعل كلَّ ذلك وأكثر منه، ويسترسل في الغيبة والنَّميمة والتَّجريح، استرسال المستبيح المستريح))([12]).
إن من أهم أوجه الخطورة في الإفراط والغلو )) كونه مظهراً من مظاهر الإحداث والابتداع في الدين . وهذا أمر متصل بالمجال العقدي للمتدين ، سواء كان الابتداع سلوكياً ، أو كان فكرياً . ثم كونه-أي الإفراط- مصدراً من مصادر التنفير عن الدين ، والتحجير والتحريج على المكلفين ))[13].
الغلوُّ السُّلوكيُّ: هو الذي يظهر في الأعمال والتَّصرُّفات الخارجة عن نطاق الاقتصاد، واللِّين، والرَّويَّة، والرَّحمة، ممَّا نجده ماثلاً في أعمال القتل، والاغتيال للمخالفين، أو المستأمنين، والذِّميِّين، مما يلقى له تنظيرات وتبريرات من شيوخ انتهجوا القسوة طريقاً، والعنف منهجاً، والشِّدَّة سبيلاً.
فثمَّ توجيهاتٌ أصوليَّة تمنع العنف البَدنيَّ تجاه الآخر؛ فلا تبيح أذيَّته الجسديَّة، في الوقت الذي تبيح فيه دينه؛ حيث تُسوِّغ تضليله وتفسيقه .
ولا يغيب عنَّا الكلام عن وجود توجُّهٍ أصوليٍّ عنيفٍ، يستبيح الدِّماء، يتبنَّى منهج الاعتداء الجسديِّ، كما هو واقع في طروح جماعاتٍ قديمةٍ وجديدةٍ مثل: التَّكفير والهجرة، وما سُمي بالسَّلفية الجهاديَّة، وجماعة التَّوحيد والجهاد، وغيرها من التَّشكُّلات التي كان لها دور فاعل فاجر في تشويه الإسلام وتمويه المسلمين.
حيث انتهجت العنف على غير بصيرة، وتبنَّتْ مفاهيمَ وأحكاماً للجهاد، خرجت بها عمَّا قرَّره جمهور علماء الأمَّة الإسلاميَّة؛ فاستُبيحت دماء المسلمين المخالفين لهم، كذلك دماء المعاهدين، والمستأمنين من غير المسلمين، قال تعالى:{وغرهم في دينهم ما كانوا يَفترون) [آل عمران24].
لقد انتقل الحال إلى تجاوزات خطيرة صنعت صورةً جديدةً للإسلام بإزاء الصُّورة الأصليَّة التي تعلَّمناها من كلام الله ورسوله ، وتطبيقات المسلمين المعتدلين، وفُهوم العلماء الأعلام، الذين قام الفقه والعلم على كواهلهم)). ([14])
التحدي الثاني
(التفريط في التدين)
يقف التحدي الثاني أمام الوسطية ماثلاً في التَّفريط والتمييع ، هو الممارسة المضادَّة للإفراط والغلو، وهو الذي لا تكتمل صورته إلَّا بتجلية نقيضه.
والمراد بالتفريط في التدين ، الاستهانة بأداء مقتضيات الالتزام التديّني، بما تحمله من حقوق المشرع ، وواجبات المتبع الخاضع للشريعة وأحكامها.
سأخصص هذا المبحث للكلام عن التَّفريط التَّديُّنيِّ، الذي أراه صادراً عن ضربين هما:
1- تفريطٌ مستنده الهوى:
هو القائم على ترك كثير من التَّكاليف، والاستهانة بأحكام الشَّرع؛ استثقالاً لمؤنتها، وتكاسلاً عن أدائها، أو رغبةً في التَّشهِّي بإشباع الهوى.
2– تفريطٌ مستنده العلم:
وهو القائم على ترك كثيرٍ من عزائم التَّشريع وتكاليفه؛ بالاعتماد على تتبُّع رخص العلماء من جهة، وانتهاج الحيل الفقهيَّة من جهة أخرى، والنَّتيجة هي التَّحلُّل من كثير من تكاليف المشرِّع، واجتناب كثيرات من الأحكام، اجتناباً لا يسنح فيه تعمُّد عصيان أو طاعة هوًى، إنَّما ظاهره الالتزام بالشَّرع.
وقد حذَّر كثيرٌ من العلماء من انتهاج هذا المسلك التَّحلُّليِّ القائم على ((تتبُّع الرُّخص، وشواذِّ المسائل، وزلَّات العلماء))([15]).
من ذلك ما رواه عبد الرَّزاق عن مَعْمر قال: ((لو أنَّ رجلاً أخذ بقول أهل المدينة في استماع الغناء، وإتيان النِّساء في أدبارهنَّ، وبقول أهل مكَّة في المتعة والصَّرف، وبقول أهل الكوفة في السُّكر؛ كان شرَّ عباد الله))([16]).
وقال الأوزاعيُّ: ((من أخذ بنوادر العلماء؛ خرج من الإسلام))([17])، وبالمعنى نفسه قال سليمان التَّيميُّ: ((لو أخذتَ برخصة كلِّ عالمٍ؛ اجتمع فيك الشَّرُّ كلُّه))([18]).
وعن يحيى القطَّان أنَّه قال: ((لو أنَّ رجلاً عمل بكلِّ رُخصةٍ بقول أهل الكوفة في النَّبيذ، وأهل المدينة في السَّماع، وأهل مكَّة في المتعة، كان به فاسقاً))([19] ).
( التمييع للدين وتشريعاته)
أسوق الكلام هنا عن التمييع بصفته أبرز مقتضيات ولوازم التفريط ، وأعني به تصيير أحكام الشرع وتصريفها على نحو ينفي عنها صفة الثبات، ويزيح عنها مُسوح الهيبة، ويجعلها منساحة غير ثابتة تدور حسب أهواء وأغراض مسبقة.
لقد صارت الساحة السياسية من أرحب سوح ممارسة التمييع للدين، بجهود علماء السلطان، وشيوخ السياسة الذين صاروا تحت الطلب على نحو فج ظاهر،ولا سيما بعد الثورات المضادة ، وعودة حكم العسكريين في بعض البلاد العربية أثناء هذا العقد الذي نعيشه.
ولقد نعلم أن هذا النوع من النشاط التوظيفي للدين ، هو أظهر، و أخطر ، وأحقر مظاهر تمييع الدين ، والعبث بالشريعة. حين يتحول الدين الطاهر الشريف إلى مطية، يمتطيها بعض الحكام، أو آلة يعتملها بعض السياسيين لأغراض دنيوية خاصة، وأوطار شخصية ضيقة، تحت مظلة الإسلام، وفوق رقاب المسلمين.
ولقد نعلم أن هذا النزوع التمييعي، قد شكّل عقبة أمام انتهاج الوسطية، وأمام جهود علمائها في الحفاظ على الكيان الاشتراعي للإسلام في صورته الأصلية النقية المعتدلة ، بعيداً عن أغراض البشر، وحاجات ذوي الحاجات منهم .
التحدي الثالث
( الجهل بالدين)
لم يكن ابن تيمية مبالغاً يوم قال: ((والجهل والظلم هما أصل كل شر)) [20] كما قال سبحانه: ﴿ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [21].
ولقد نعلم أن راية الجهل تظلل أكثر انحرافات البشر، وتمكث تحتها أغلب الرذائل البشرية ، وهو الآلة الأثيرة والأساسية لقيام وسيادة كل شر وضر، وانحراف سواء على المستوى السلوكي، أو المستوى الفكري.
وليس يغرُب عنّا أن من مترتبات الجهل بالدين وحقيقة شريعته، وروح دعوته ، أن تظهر طوائف ممن جهل ذلك منه، ثم تتصدر الساحة الدينية بتنظيرات تضرب الوسطية والاعتدال في مقتل، إما بطروحات تجعل الشريعة قطعاً من الصخر، وإما بأخرى تجعلها مسكوبات من الزيت.
وليس خفيّاً أن كثيراً من دعاة العلمانية والليبرالية بين المسلمين كان لهم نشاط مثير ومريب في هذا السبيل. إلى جانب أرتال من الوالجين ساحة الفتوى، والتعليم الديني، الفاقدين أساسيات العلم بالعلم الديني، والفارغين من آثار الفطرة النقية، الجاهلين روح الشريعة،ومقاصد المشرع، ممن جعلوا القرآن وسيلة لكتم أنفاس الناس، وجعلوا سنة نبينا آلة لتعكير حياة المسلمين وتحريج معايشهم، وتصييرهم أقواماً مكتومين، مكبوتين .
لقد كان للجهل بالدين آثار ضارة ، من أهمها :
1- ظاهرة التمرد على الدين والتدين.
لا ينفِر عن الدين إلا من جهله، ولا يندّ عنه إلا من ألبس عليه أمره، فليس في الدين الحق إلا ما يجذب الناظر، وما يحتوي السامع. وكل شذوذ يتوهم فيه، هو من مبتدعات أتباعه ومدّعيه، وكل خلل يسنح وسطه هو من محتقبات أصحابه ومنتسبيه.
في مجال الكتابة والتصنيف العلمي والفكري نلاحظ ملاحظة لها علاقة بظاهرة التمرد على الدين والتدين ، ففي الزمن المعاصر قد سنح تبدل لا يخفى ، في مقدار وعمق تلك المشاعر الإيمانية التي يعلنها المصنفون في مجال الفكر الديني ، فقد خفت ووهنت تلك المشاعر التي كان الأولون يعلنونها ويسطرونها في كتاباتهم .
صار كتاب العصر الحديث إلى التقليل من التعبير والإشهار الإيماني ، بل وصل بعضهم إلى درجة الوقاحة في التحول عن التعبير عن المشاعر الإيمانية[22] .
من مثالات ذلك ما نجده في بعض كتابات حسن حنفي ، من مثل قوله :
(( فإذا كان القدماء قد حمدوا الله على الكفاية فإننا … لانحمد بل نتضجر … ولانثني بل ننقد ، ولا نشكر فلا شكر على واجب … )) ([23]) .
ويقول (( إذا كانت بعض المقدمات الإيمانية القديمة تبدأ فقط باسم الله الرحمن الرحيم ، فإننا نبدأ باسم الانتفاضة .. نبدؤها باسم الأرض المحتلة … باسم النهضة)) .([24]) ويقول (( كما يستعين القدماء بالله فإننا نستعين بقدرة الإنسان على الفهم )([25]) . ويقول في غلو وصلف (( لاأطلب ثواباً أخروياً ولا جزاء دنيوياً)) ([26]) .
إن هذه الكلمات الفارطة جاءت في مدخل كتاب للكاتب المذكور موضوعه العقائد الإسلامية. وهي كلمات تحمل – بجهل ثقيل، ونفسية مأزومة- ردات فعل عما امتلأت به كتب القدماء من تعابير إيمانية دينية أودعوها بواطن ، وظواهر كتاباتهم . والمثال الذي هنا بين مدى التبدل الذي صار إليه كثير من كتاب الفكر الديني في هذا العصر.
في سياق دور الجهل في إعاقة الوسطية لم يقف الأمر عند حد التفلت عن التدين والالتزامات التشريعية ، بل تعداه إلى التحرر عن الأديان نفسها ، وتبني عقائد إلحادية تنابذ الأديان ، من حيث هي أديان بغض البصر عن أساميها، وتشاريعها .
لقد توسعت نشاطات الكاتبين والمتكلمين في الدين بجهل، و لقيت مجالات رحبة للنشاط والاستشراء في عصرنا هذا ، ولاريب في أن لها علاقة تمدد عكسي مع الفهم الوسطي للدين والتدين ، فمتى توسّعت ؛ تقلص . ومتى انكمشت ؛ توسع .
2- تطفل الأدعياء على ساحة الفكر الديني :
هذا مظهر آخر من مظاهر تحدي الجهل، الذي تعاني منه الوسطية في هذا العصر . كان من عوائد العلم والعلماء قديماً ألا يتكلم أحدهم فيما لا يحسن من العلوم ، وأن يجتنب الخوض في غير تخصصه الذي يتقنه من أبواب العلم .
لكن الجهل بصفته من عوائق الوسطية ألجأ كثيراً من الأدعياء إلى التطفل في ساحة الفكر الديني خاصة؛ فلقد احتشد فيها كثيرون من أرباع وأنصاف المتعلمين، والمتعالمين، من أولي التكوين العلمي الواهن، والتأسيس الفكري الهش، ممن لم يكن لهم إمكانية الكلام في هذه الساحات لولا ما وجدوه من دعم مريب ، من طرف دولٍ، وجِهات رسمية، وغير رسمية، أفلحت في توظيف بعضهم وتصييرهم أدوات ذات أغراض تحت ستار الخطاب الديني .
وفضلاً عن ذلكم – وفي ظل الفوضى التي تعيشها ساحة الخطاب الديني المعاصر- صار مألوفاً أن نجد مهندسين يؤصلون الأحكام الفقهية ، وأطباء يفسرون القرآن ، وأدباء يشرحون الحديث، وعسكريون يفتون تحليلاً وتحريماً .
قد يبدوا للبعض أن هذا من باب تواصل العلوم ، وتلاقح المعارف، لكن هذا الوضع التطفلي ليس من ذاك الباب، فقد صار ((ظاهرة ضارة ومؤذية في ساحة الدين والتدين ومعرقلة لتواصل الدين النقي الوسطي مع الناس ،وطلاب العلم الديني خاصة)). ([27])
مترتبات غياب الوسطية:
لا جَرم أن الوسطية قائمة على قاعدة ركيزة ركينة مفادها (فقه الأولويات) ([28]) . حيث يكون الفكر والسلوك الإسلامي منضبطاً بتقديم الأولى قبل غيره من متطلبات الشريعة وتكليفاتها .دون خلط ولا خلل، ولا تقديم ما حقه التأخير، ولا تأخير ما حقه التقديم.
ولقد كان من مباعث الإخلال بالتدين والشريعة الإخلال باحترام فقه الأولويات جهلاً أو عمداً، إن (( الممارسة التَّديُّنيَّة معرَّضة لعددٍ من الآفات التي تعكِّرها؛ فتنحرف بصاحبها عن سواء السَّبيل، تلك الآفات كثيرةٌ، من أهمِّها وأخطرها: سوء الفهم، وخطأ التَّطبيق، والغرور، والتَّفريط، والإفراط)).([29])
إن غياب الوسطية ، يفتح المجال لعدد من المظاهر الضارة المسيئة للمسلمين وللإسلام من أهمها :
(( 1- افتقاد أدب الاختلاف: بسوء إدارة الخلاف، وذلك عند انعدام احترام المخالفين، ممَّن تتباين فهومهم، واستنباطاتهم، وآراؤهم.
2-المزايدة في التَّديُّن: وذاك يظهر حين يعلن أحد الأطراف أنَّه هو وحده الحريص على الدِّين، وأنَّه وحده الملتزم بالسُّنَّة، وأنَّه وحده المتَّبع للسَّلف الصَّالحين، من الصَّحابة والتَّابعين، ومن تبعهم بإحسان، ثمَّ يحصر الحقَّ فيما قال هو وفرقته، ويحصر الباطل فيما صدر عمن خالفه، ويصير قوله هو السُّنَّة، وقول غيره هو البِدعة.
في معهود العوائد أن تهاجم وتعارض الفكرة أو المنهج من خارج نطاق خروجها، ومن خارج إطارها. أما الوسطية فقد لقيت معارشة وتحدياً من الداخل، فهي طرف وجزء من مجمل الخطاب الديني ، وقد لقيت معارضة من داخل الإطار نفسه إعني إطار الخطاب الديني.
والأمر المؤسف للنفس، و الممضُّ للقلب أن نجد فس ساحة الدعوة لله، وساحة الفكر الديني وخدمة الشريعة من يُجهدنفسه، ويشقّ عليها ؛ ساعياً بكامل عتاده العلمي والفكري إلى معارضة وتحدي الخطاب الوسطي المعتدل ، الذي تمثله الوسطية ضمن الخطاب الديني في شموله وعمومه.
ولو أن تحدي ومعارضة الوسطية انحصرت و اقتصرت على جهات خارجية؛ لهان الخطب، وخفّ المصاب، وسهُل الخطاب .
التحدي العلماني :
ومما يجب التنبيه إليه وجود تحديات أخرى أمام الوسطية لم نتعرض لها في بحثنا؛ لوقوعها خارج نطاقه الموضوعي، حيث حصرناه في الخطاب الديني المعاصر.ومن تلكم التحديات تحدي المعارضة العلمانية للتدين، وللمرجعية الشريعية. فواقع الخطاب العلماني ينظر إلى الوسطية على النحو التالي الذي سأكشف عنه بواسطة نقول عن أحد روااد ومناصري التوجهالعلماني الضائق بالتدين، وبالشريعة على نحو عام. . يقول : ((لوسطية بالمفهوم الأصولي تكتيك لتسويق التطرّف وحمايته وليست بديلاً عنه أو نقيضاً له، أي أنها التعصب بعينه، فمن صريح التعصّب أن تعتقد بأن أفكارك وسياساتك تعبّر عن المثالية والحل الوسط بين الخيارات والتيارات الأخرى التي تعتبرها مجانِبة للصواب الديني. كما أن الوسطية موقف أيديولوجي يستند إلى الاعتقاد بأن المسلم يجب أن ينطلق في سلوكياته الحياتية من أرضية الهوية الدينية، وهذا في حد ذاته موقف متطرّف لأنه يدفعك للانطواء في أطراف الفضاء العام متخندقاً في حصنك الديني الذي شيّدته لنفسك،))[30].
كذلك هي عندهم ((وسطية بالمفهوم الأصولي تكتيك لتسويق التطرف وحمايته وليست بديلا عنه أو نقيضا له، أي أنها التعصب بعينه)).[31]
ويقول المنظّر لهذا الكلام كذلك ((وتدور الوسطية، في الوعي الأصولي، حول الاعتدال في الأدوات والوسائل لا في المنطلقات والأهداف، فهي تنطلق من الاستعلاء الديني وتستهدف أسلمة المجتمع بمعنى أنها تشارك تنظيم داعش منطلقاته وغاياته. وهي في الوقت نفسه محاولة للمزايدة بين التيارات الأصولية في سياق التنافس على احتكار تمثيل “الحقيقة المطلقة ))
الخاتمة
هنا نختم جولتنا البحثية في موضوع تحديات الوسطية، وقد سنحت لنا فيه نتائج هذه أهمها :
1- تبرز أهمية الوسطية، ويظهر دورها التوازني حين تشكل منطقة وسطى بين الغلو، والتفريط، فلا تسمح باضمحلال الكيان التشريعي بتهاون المفرّطين، ولا بتجميده وتخشيبه بعناد الغلاة المتنطعين.
2- التحديات التي تواجهها الوسطية هي الثلاثة التالية:
1- تحدي: الغلو في الدين (التصلّب)
2-تحدي : التفريط في التدين . التميع للدين.
3-تحدي: الجهل بالدين . وهو قائم بدور الخادم للتحدي الأول، وبدور المنطلَق والمنشأ للتحدي الثاني .
3- لقد نهدتْ بارزةً هاته التحديات ، في سواء الخطاب الديني المعاصر، على نحو جليٍ ،عليٍ ، رديٍّ ، ألبس على الناس دينهم فعكّر منه ما كان صفياً ، وغبّش فيه ما كان نقياً، وكدّر منه ما كان رضياً . وقد أعان على هذا المآل ما توافر من وسائل حديثة في التواصل والتأثير والفاعلية، حيث تم تسخيرها من جهات داعمة تمثلها دول كاملة، غذّت ودعمت وموّلتْ ذاكم الخطاب الغالي المتنطع ، في مضادة صريحة لسماحة الدين ، ووسطية شريعته .
3-لقيت وتلقى الوسطية تحديات وخصومات من داخل التيار الديني، ومن خارجه ، وهذا الخارج أعني به التوجه العلماني ، الذي لم تنحصر معارضته للغلو الديني، بل اتجه لكل ما هو منطلق من مبادئ دينية ، بمنهجية منضبطة بالشريعة .
مسرد المصادر والمراجع
– القرآن المجيد. برواية حفص عن عاصم
– الأصولية والإفراط التديني – خالد إبراهيم المحجوبي . المركز المغاربي للدراسات . استانبول –تركيا. 2016م ط1 .
- -اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم. ابن تيمية الحراني. تحقيق : ناصر عبد الكريم . ط1. 1404هـ
- – جامع البيان عن تأويل آي القرآن. ابن جرير الطبري. ط دار التراث العربي.بيروت .
- -الجامع المسند الصحيح. محمد بن إسماعيل البخاري.دار ابن الجوزي – القاهرة.2009
- – تونس ط1 جدلية الدين و الفلسفة والسلطة والحداثة. خالد المحجوبي –
(الخطاب الديني والإعلام) خالد إبراهيم المحجوبي. بحث منشور-
على موقع http://www.ahewar.org/m.asp?i=2687
– الغلوُّ في الدِّين، غلوُّ التَّطرُّف وغلوُّ التَّصوُّف، الصَّادق الغرياني، سبها، ط 1، 2000م.
– فتح الباري شرح صحيح البخاري : ابن حجر العسقلاني – دار الريان للتراث .دط
-سنن أبي داوود.سليمان بن الأشعث السجستاني.دار الفجر للتراث. القاهرة. 2010م
–سنن الترمذي .أبو عيسى محمد الترمذي. دار الفجر للتراث. القاهرة. 2009م
– لسان العرب . ابن منظور . دار المعارف. القاهرة . تحقيق : عبد الله الكبير ، محمد أحمد حسب الله . دط
– من العقيدة إلى الثورة – حسن حنفي – دار التنوير – بيروت –ط1- 1988
– مختار الصِّحاح، محمد الرَّازي، الهيئة المصريَّة العامَّة للكتاب، القاهرة.دط
مقاييس اللغة. ابن فارس 6/108-[1]
على موقع الحوار المتمدن. 2010م 4-ينظر بحث (الخطاب الديني والإعلام) خالد إبراهيم المحجوبي. بحث منشور-
[5] أعني بالتَّسطيح هنا: النُّزوع الظَّاهريُّ في فهم النُّصوص حين يتمُّ تجاهل مقاصد النُّصوص، وغايات المشرِّع، والاكتفاء بالفهم الظَّاهريِّ السَّطحيِّ.
[6] 7-الأصولية والإفراط التديني – خالد المحجوبي . المركز المغاربي للدراسات . استانبول –تركيا. 2016م ط1 . ص7
الغلوُّ في الدِّين – الصادق الغرياني، ص11.[7]
الغلوُّ في الدِّين، الصَّادق الغرياني، ص14. -[9]
مدارج السالكين، ابن القيم، 2 /496. -[10]
[11] – خرَّجه البخاري في الجامع الصَّحيح، من رواية أنس بن مالك، برقم: 5063.
ووردأنَّ الثَّلاثة – أي: الرَّهط الذين سألوا عن عبادة النَّبيِّ – وكأنَّهم تقالُّوها – هم: عليُّ بن أبي طالب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعثمان بن مظعون.
[13] 14-جدلية الدين والفلسفة. خالد المحجوبي. ص35
[14]. 15-الأصولية والإفراط التديني – خالد المحجوبي. ص 45
[15] -الغلوُّ في الدِّين.. الصَّادق الغرياني، ص6.
[16] -(أخرجه أبو بكر الخلَّال في “الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر“ (رقم: 170) بإسناد حسن عن معمر بن راشد.
[17] سنن البيهقيِّ الكبرى. برقم ( 20707 ) 10 / 211، وتذكرة الحفَّاظ، للذَّهبي، 1/ 180.
[18] قال ابن عبد البرِّ: هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً.
جامع بيان العلم، 2/ 92. والإحكام، لابن حزم، 6 / 317.
ويقول الشَّاطبي – في هذا المعنى – : (وقد صار كثير من مقلِّدة الفقهاء يفتي قريبه أو صديقه بما لا يفتي به غيره من الأقوال؛ اتِّباعاً لغرضه وشهوته، أو لغرض ذلك القريب أو ذلك الصَّديق).
وقال القَّرافي: (لا ينبغي إذا كان في المسألة قولان أحدهما فيه تشديد، والآخر فيه تخفيف، أن يفتي العامَّة بالتَّشديد، والخواصَّ من ولاة الأمور بالتَّخفيف، فذلك قريب من الفُسوق والخيانة في الدِّين والتَّلاعب بالمسلمين، وهو دليل على فراغ القلب من تعظيم الله تعالى وإجلاله وتقواه، وعمارته باللَّعب وحبِّ الرِّياسة والتَّقرُّب للخلق دون الخالق)).
[19] – أخرجه أحمد في مسائله برقم: 1875- من رواية ابنه عبد الله.
20- اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم. ابن تيمية. تحقيق : ناصر عبد الكريم . ط1. 1404هـ 1/ 128 -[20]
– جدلية الدين والفلسفة والسلطة- خالد المحجوبي. ط1-تونس. ص60 -[22]
[23] – من العقيدة إلى الثورة – حسن حنفي 1/ 2 .53
[24] – نفسه 1/30 – 31
[25] – نفسه 1/ 42
[26] – نفسه 1/43
[27] 27 – جدلية الدين والفلسفة والسلطة- خالد المحجوبي. ط1-تونس. ص67 .
مصطلح أنشأه الإمام يوسف القرضاوي، ووضع قواعده النظرية في كتاب له حمل العنوان نفسه ، فضلاً عن عدد من المحاضرات والبحوث التي أصل فيها المرجعية الشرعية لفقه الأولويات.- [28]
[29] – الأصولية والإفراط التديني-
همام طه. صحيفة العرب .يوم الاثنين 20-11-2017م 31- مقال ( الوسطية في الخطاب الديني خداع المصطلح والتباس المفهوم). ص13 – [30]