التّرف الفكري – أ.بن جدو بلخير
[cl-popup title=”ترجمة الكاتب” btn_label=”ترجمة الكاتب” align=”center” size=”s” paddings=”” animation=”fadeIn”][/cl-popup]
مبتدأ الكلام:
التّرف الفكري:
لا جرم أن العلم محمودٌ، والنسبة إليه شرف يتنافس في النسبة إليه الناس، وكلما أخلص صاحبه وصدق واجتهد فيه، نال منه بحسب ما أنفق وبذل.
و لشرفه العظيم إدّعاه أقوامٌ، و أرادوا الرفعة من خسيستهم به، ولعزّة العلم على نفسه أبى إلا أن يفضح مدّعيه، و يَحُولَ بينه وبينه المُتلبِّس به من غير حق.
فمن رام عزّا فعليه بالعلم ،و من أراد من العلم أن يرفعه فليأخذه بقوة! فإنه –لعزّته- لن يعطيك كله،ولو أعطيته كلك!فلن تظفر منه إلا بقليل فاجتهد في اختيار الأهم.
و ماتراه من إدعاءات العلم غالبها لا يُصدّقها الواقع بل يُكذِّبها، وما تبصره من لُمَعٍ تُبرِقْ فليست من الذهب في شيء، بل سرعان ما تتكشف عن نفسها فإذا هي حديدٌ صَدِئ.
تنزل النازلة بالأمة فيتصدّر الأغمار بالكتابة والتحليل، كلٌّ منهم كأنه مُحلّلٌ فَهِمْ، يتجرّعها تجرع الصبي للقمة الكبار، وهو لا يملك من أدوات العلم ما يُنجّي بها نفسه فضلا عن مخاطبيه .
إن هذا العلم ثقيل، ومن حمله بأمانته أثمر عنده، فيأخذ من الفقه قديمه بتأصيل وواقعه بإحاطة و دراية، وأصوله بأدواته الأصلية ليمكنّه ذلك من استيعاب النوازل، ولا يقف عند هذا الحد، بل يطّلع على مشارب العدو، ومذاهب الناس حتى يصحّ عنده التصوّر.
وكلما قَصُرت عندك أدوات العلم قَصُرَ عندك النتيجة ولا بدّ، فالحكم عن الشيء فرعٌ عن تصوّره،
فعلى كل متصدّر أن يأخذ من كل علم بنصيب موفور، حتى لا يقف في منتصف الطريق فلا يدري أيّ السبل أهدى .
فإن احتكمت إلى حديثٍ و كنت قاصر العلم في مصطلحه عجزت عن الترجيح! وإن كانت المسألة متعلقة باللغة وجهلت الأوجه ،استعجمت عليك فازددت حيرةً
و إن زادت أقوال الفقه، وكل صاحب قول استقوى بأدلةٍ ظاهرةٍ، ولم تملك من أدوات الأصول ما يُسعفك للراجح تنكّبت الصواب ولابدّ!
و إن درسته وتوقفت حيث توقف المتقدمون، ولم تتقدم ليسع علمك ما يجري في هذا الدنيا مما يُحيكه العدو، وكنت خلوًا من دراية المقاصد أضرّ بك علمك القديم أكثر مما سينفعك
و في كل هذا أنت تركن إلى التقليد، وتأخذ بترجيحات غيرك، فحُقَّ عليك إجماع بن عبد البَرّ : (على أن المقلد لا يُعدُّ من العلماء! ) فاستحال أمرك إلى نسخةٍ من كلام مُكرّر لا تقدر على إنتاج رأي، أو إصدار حكم إلا بمعية غيرك، و هذا لا يؤهلك لأن تتكلم في نوازل الأمة، وحين تعلم أن ابن حزم ذكر أن الصحابة الذين تدور عليهم الفتوى: 20 صحابيا من بين 114 ألف صحابيّا تيقنّ عندك جرأة الهمل في زماننا و حين تُدرك أن ابن حجر رجع إلى 1430 مرجعا وهو يؤلّف كتابه فتح الباري ثبت عندك جنون الناس في الفرية على الأمة ،فمكانكِ تُحمدي أو تستريحي ..!
و بعدُ :
قُتل الخرّاصون من كَتَبَة الصحافة جرّأهم على الكلام في نوازل الأمة: انسحاب أهل العلم ،أو عدم درايتهم بالواقع، وكل ذلك منهم يُغري بأهل الصحافة، فركنوا إلى تحليلاتهم ظانّين بأنفسهم ظنّ الخير! وأنهم على شيء من العلم أو الهدى، وإن هم إلا كهنة يصيبون في قليل و يخطئون في كثير! وقد قالت العلماء من تكلم في مسألة وهو ليس من أهل العلم والإجتهاد فأصاب، فقد أخطأ من جهة جرأته على الفُتيا، فتأمّل
وبعد : فمن تكاثرت دونه العلوم ،و أراد أن يشتار العلم شهدًا صافيا، فعليه أن يتمحّل له بالقرآن وتفسيره، فهو المصدر وإليه المورد،ومنه تتنزّل بركات العلم وفتوحاته ،ومِن القرآن وتفسيره بدأت كل العلوم وتأصّلت،واجعل شغلك فيه تجد نفسك في بحور العلم سابحا، ولا يُغرينّك من الشيطان استطالة الطريق فمن استطالها ضَعُف مَشيُه، وإن البركة فيه ومنه ستُلحقك بالرّكب وإن كنت تمشي رويدا.(وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) والسّلام
و كتب
المُتحنِّنُ إليهم
بن جدو بلخير
بارك الله فيك وشكر الله سعيك وجهدك
وما تراه من ادعاءات العلم غالبها لا يصدقها الواقع………..فإذا هي حديد صدئ)
بوركت استاذ ،وسيأتي عليه يوم لن يجد من يقرأ له غير نفسه