آليات التعاون العربي في مكافحة الإتجار بالأعضاء البشرية- د.الزهرة هراوة -الجزائر-
آليات التعاون العربي في مكافحة الإتجار بالأعضاء البشرية
الأستاذة: الزهرة هراوة
الصحة تاج على رؤوس الأصحاءـ يسعى المرضى جاهدين الحصول عليها بالعلاج أو بالأدوية أو بما يتسنى لهم. وفي زمننا الحالي قد أصبح من الميسور للمرضى استبدال الأعضاء التالفة بأخرى جديدة وتسمى هذه العملية بعملية زرع الأعضاء البشرية، وقد أجازها الفقهاء والقانونيين شرط أن تكون تبرعا ولأن العرض أقل من الطلب قد يلجأ بعض منعدمي الضمير للسعي للحصول على ذلك العضو البديل ولو كلفهم الأمر شراءه بأثمان باهضة، فظهرت تجارة سوق سوداء متمثلة في بيع الأعضاء البشرية وصارت الأعضاء البشرية كقطع غيار يتحصل عليها من يدفع أكثر ومن يملك المال.
ويقصد بالإتجار بالأعضاء البشرية “ذلك النشاط الإجرامي الذي تقوم به عصابات الإجرام المنظم العابرة للحدود والأوطان، من خلال استغلال الأشخاص المهربين والمهجرين من بلدانهم الأصلية ونزع أعضائهم والاتجار بها بهدف زرعها في أشخاص آخرين بينة المتاجرة فيها.
وتقول راميا: “إذا كان الإتجار يشير بداهة إلى عمليتي البيع والشراء، فإن المقصود بالإتجار بالأعضاء البشرية هو جعل أعضاء جسم الإنسان محلا للتداول وإخضاعها لمنطق البيع والشراء، وبعبارة أخرى فإن هذا الفعل يعني قابلية أعضاء جسم الإنسان للتعامل المالي والسماح بتداولها بيعا وشراء بعد فصلها عن صاحبها رضاء أو بالإكراه والسماح بنقل ملكيتها إلى شخص آخر”([1]).
وأيضا: “نقل عضو من المتبرع سواء كان هذا الأخير شخصا حيا أو ميتا إلى المستفيد، ليقوم مقام العضو التالف أو المنزوع”.
وهو “قيام فرد أو جماعة إجرامية منظمة بتجميع الأشخاص دون رضاء منهم، بالتحايل أو الإكراه، حيث يتم نزع أعضاء هؤلاء وبيعها كبضاعة من أجل الحصول على أرباح مالية”.
إن بيع الإنسان لأعضائه فيه امتهان له، والله عز وجل مكرم له فخالف مقصود الشارع من هذا الوجه، ولذلك نجد الفقهاء –رحمهم الله – ينصون على حرمة بيع أجزاء الآدمي، ويعللون التحريم بكون بيعها مخالفا لتكريم الله تعالى للإنسان.
قال الشيخ علاء الدين الحصكفي –رحمه الله- عند بيانه لما يجوز بيعه: “وشعر الإنسان لكرامة الآدمي ولو كان كافرا..” أي يحرم بيع شعر الإنسان ولو كان كافرا؛ لأن الآدمي مكرم.
وعلى هذا فإنه لا يجوز بيع الأعضاء الآدمية لانتفاء شرط صحة البيع، ولكونه مخالفا لمقصود المولى سبحانه من تكريم الآدمي عن الابتذال بالبيع، والله تعالى أعلم([2]).
فجريمة الاتجار بالأعضاء البشرية هي جريمة منظمة حديثة ذات طابع دولي عابر للحدود الوطنية فقد أظهرت مشكلة ندرة وجود الأعضاء البشرية إلى توجه الأغنياء سواء أنفسهم أو من خلال سماسرة إلى إغواء الفقراء والمحتاجين للحصول على أعضائهم أو السفر إلى مناطق تشتهر بتجارة الأعضاء البشرية لغرض إجراء مثل هذه العمليات هناك([3]).
وتتجلى لنا الإشكالية التالية: ما هي أهم الجهود العربية لمكافحة جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية، وما مدى فعالية آليات التعاون العربي في مكافحتها؟
وللإجابة على هذا التساؤل نتطرق إلى تبيان دور المنظمات العربية وفعاليتها والاتفاقيات العربية المستحدثة بهذا الشأن، والتطرق إلى بعض القوانين العربية في مكافحة جريمة الاتجار بالبشر.
الهدف من الدراسة:
قصد التعرف على الوسائل والمنظمات العربية لمكافحة الإتجار بالأعضاء البشرية
ورصد آليات التعاون العربي في مكافحة هذه الظاهرة.
منهج الدراسة هوا المنهج الوصفي التحليلي ليصف جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية ويحللها.
المبحث الأول: دور المنظمات والاتفاقيات العربية في مكافحة الاتجار بالأعضاء البشرية
تعتبر جريمة الإتجار بالأعضاء البشرية جريمة منظمة دولية عابرة للحدود لذا وجب التصدي لها بتظافر الجهود والتعاون الدولي والإقليمي فيما بين الدول للقضاء على هذه الجريمة ومكافحتها، والدول العربية ليست بمنأى عن هذه الجريمة ولا عن تداعياتها ونتائجها الكارثية، لذا كان منها أن تتعاون فيما بينها للحد من الاتجار بالأعضاء البشرية وتجنيد كل الأساليب والوسائل لذلك، ومن بينها نجد المنظمات العربية متمثلة أحيانا في وزراء خارجية الدول العربية وأحيانا أخرى في وزراء العدل، التي اهتمت بهذه الظاهرة وسن قوانين، وكذا وجود اتفاقيات عربية بين الدول العربية بصفة كلية واتفاقيات ثنائية بين دولتين عربيتين.
المطلب الأول: المنظمات العربية ومكافحة الاتجار بالأعضاء البشرية
وقد انبثقت عن الجامعة العربية منظمات لمكافحة الاتجار بالأعضاء البشرية متمثلة في:
الجامعة العربية في مكافحة الاتجار بالأعضاء البشرية:
يقوم التعاون العربي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة على تحقيق الأمن العربي المشترك وتعزيز التعاون بين أجهزة الشرطة لمكافحة الجريمة الدولية العابرة للأوطان. وكانت بداية التعاون بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية في المجال الأمني ومكافحة الجريمة من خلال إنشاء المكتب الدائم لمكافحة جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية.
- المكتب العربي لمكافحة الجريمة
موقف اللجنة العربية لمجلس وزراء العرب من بيع الاعضاء الأدمية
يعتبر مجلس وزراء الداخلية العرب الهيئة العليا للعمل العربي المشترك في مجال الأمن الداخلي بين الدول العربية في الوقت الحالي ويندرج مجلس وزراء الداخلية العرب في إطار المنظمات الأمن الإقليمية المتخصصة التابعة لجامعة الدول العربية التي تهدف إلى التعاون والتكامل الأمني العربي([4]).
ففي اجتماعها المنعقد في تونس 1986م الذي خصص لنقل وزراعة الأعضاء الجسمية للإنسان درست الموضوعات المتعلقة بالموضوع، وأعد المشرع القانون العربي الموحد لعمليات زراعة الأعضاء البشرية فجاء في المادة السابعة منه ما يلي: “يحظر بيع وشراء الأعضاء بأي وسيلة كانت أو أي تقاضي أي مقابل مادي عنها ويحظر على الطبيب الاختصاصي إجراء العملية عند علمه بذلك.
2– اجتماع وزراء العرب
ناقش اجتماع وزراء العرب الثاني عشر المنعقد في الخرطوم من 14 الى 16 مارس 1987م مشروع القانون العربي الموحد لزراعة الأعضاء والذي انتهى بقرار جاء في مادته السابعة بأنه يحظر الاتجار بالأعضاء بيعا وشراء وكذلك لا يجوز دفع أي مكافأة لقاء التبرع بالعضو، كما لا يجوز للأطباء المشاركة في إجراء أيا من عمليتي النقل أو الزرع متى كانت لأغراض تجارية([5]).
الندوة العلمية لمركز البحوث ودراسات مكافحة الجريمة ومعاملة المجرمين
أكدت توصيات الندوة العلمية حول الأساليب الطبية الحديثة والقانون الجنائي التي نظمها مركز البحوث ودراسات مكافحة الجريمة ومعاملة المجرمين التي عقدت في القاهرة في 24 نوفمبر 1993 على عدم جواز نقل العضو بمقابل ثمن ويتعين أن يؤدي الشخص المنقول إليه العضو إلى الشخص الذي نقل منه العضو تكاليف النقل كاملة وتلتزم الدولة بتوفير النفقات اللازمة لعلاج الشخص المتبرع من جميع المضاعفات الناجمة عن عملية النقل كما تقرر الدولة كذلك تعويضا عما أصابه من ضرر([6]).
المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب (أكاديمية نايف) أو ما يعرف بجامعة نايف للأمن
تعود فكرة إنشائه للمؤتمر العربي الأول لقادة الشرطة والأمن العربي عام 1972 الذي كلف المكتب العربي للشرطة الجنائية بإعداد دراسة عن إمكانية إنشاء معهد البحوث والدراسات الشرطية، وفي عام 1978 اقترح توسيع المعهد بجعله مركزا للبحوث والتدريب في ميادين الدفاع الاجتماعي ومكافحة الجريمة، ووافقت الجمعية العامة للمنظمة العربية للدفاع الاجتماعي على نظامه الأساسي([7]). (مجاهدي، 2018، ص415)،
وتساعده على أداء مهامه كجهاز علمي عربي متخصص في المجالات الأمنية لجان بحث في المسائل الأمنية، ويتولى التنسيق مع نظائره من الأجهزة الموكول إليها مهمة مكافحة الجريمة.، ومن أهم اختصاصاته:
- أنه يهدف إلى النهوض بالمستوى الفني والعلمي للخدمات الأمنية في الوطن العربي، ووسيلته الإشراف على تنظيم مؤتمرات وزراء الداخلية العرب والندوات والحلقات الدراسية التي تعقد للمهتمين.
- يعمل على إعداد الخطط الأمنية للرفع من مستوى أداء الأشخاص القائمين على أجهزة الأمن العربي وطرق مكافحة الجريمة المنظمة([8]).
- الاشتراك في إعداد وتنظيم اللقاءات والمؤتمرات الدولية.
- إعداد الدراسات والبحوث العلمية الأمنية.
كما تقوم برفع أنشطتها العلمية في شكل مخططات نموذجية ومشروعات عمل وتوصيات تعمم على الأجهزة الأمنية للدول العربية والأمانة العامة لمجلس وزراء الخارجية العرب هي التي تتولى إحالتها إلى مؤتمرات قادة الشرطة والأمن العرب لدراستها وإقرارها من قبل أعضاء مجلس وزراء الداخلية العرب([9]).
المطلب الثاني: الاتفاقيات العربية ومكافحة الاتجار بالأعضاء البشرية
تعد الاتفاقيات العربية لمكافحة الإتجار بالأعضاء البشرية قليلة إلا فيما يخص الاتفاقيات الثنائية، وقد كانت النصوص التي تتحدث عن الاتجار بالأعضاء البشرية تندرج بعضها ضمن الاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة؛ لأن الإتجار بالأعضاء البشرية من الجرائم المنظمة عبر الحدود الوطنية، و تدخل أيضا في الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار بالبشر، لأن من بين أسباب الاتجار بالبشر استغلالهم في استئصال وبيع أعضائهم.
الاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية
وقد جاءت في ديباجة و 40 مادة وفصل رابع به أحكام ختامية. واهتمت هذه الاتفاقية بالجريمة المنظمة عامة، و قد تطرقت إلى جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية.
ففي المادة الثانية تعريف بالمصطلحات (الدولة الطرف، الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، الجماعة الإجرامية المنظمة، جماعة ذات بنية محددة، متحصلات الجريمة التحفظ أو التجميد، الممتلكات، الأموال، الجرم الأصلي).
وقد تطرقت هذه الاتفاقية بصورة مختصرة للإتجار بالأعضاء البشرية في المادة 12 منها:
“تتعهد كل دولة طرف أن تتخذ ما يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم ارتكاب أو المشاركة في ارتكاب أفعال انتزاع الأعضاء الجسدية أو الأنسجة العضوية، أو الاتجار فيها، أو نقلها بالإكراه أو التحايل أو التغرير، عندما تقوم بها جماعة إجرامية منظمة أو أحد أعضائها، ولا يعتد برضاء الشخص ضحية هذه الأفعال متى استخدمت فيها الوسائل المبينة في هذه المادة.
وفي الفصل الثالث منه التعاون القانوني والقضائي في المادة 26 ” إذ فيها تتعهد الدول الأطراف على تقديم المساعدة القانونية المتبادلة في الملاحقات وإجراءات الاستدلال والتحقيقات والإجراءات القضائية فيما يتعلق بالجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية، للدول الأطراف أن تطلب المساعدة القانونية المتبادلة.
وقد سارعت الدول العربية إلى التعاون فيما بينها لتوحيد جهودها الرامية إلى مكافحة ظاهرة الإتجار بالأعضاء البشرية، وفي هذا الصدد وبناء على اقتراح الجزائر صدر قرار من مجلس وزراء العدل العرب في دورته التاسعة عشر بالجزائر يقضي بتكليف الجزائر بإعداد مشروع قانون عربي استرشادي لتنظيم زراعة الأعضاء البشرية ومكافحة الاتجار فيها؛ حيث قامت وزارة العدل الجزائرية بإعداد مشروع مبدئي لهذا القانون، وتم إرساله إلى مكتب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بتاريخ 17/03/2004 من أجل تعميمه على الدول العربية لدراسته وتشكيل لجنة خبراء لإعداد المشروع النهائي وقامت الأمانة الفنية بتعميمه على الدول العربية، وبعدها تم توجيه الدعوة لممثلي الدول العربية في اجتماع اللجنة الذي انعقد من 20/05 إلى 03/06/2004 بالقاهرة حيث خرجت اللجنة بصياغة نهائية للمشروع([10]).
2- القانون العربي الاسترشادي لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر يعتبر أهم وثيقة عربية لمكافحة جريمة الإتجار بالبشر، اعتمد من طرف وزراء العدل العرب في سنة 2005، نص في مادته الأولى على توضيح المصطلحات الخاصة باتجار البشر منها الاستغلال وجماعة إجرامية منظمة وكذا الضحية والطفل، استغلال حالة الضعف، الاستغلال الجنسي ، السخرة، الخدمة قسرا، الرق والاسترقاق، المؤسسات الشبيهة بالرق، ونصت المادة الثانية منه على عدم الاعتداء والتذرع بموافقة الضحية في ارتكاب أصناف الإتجار بالبشر، أما المواد 3-9 نصت على الجرائم والعقوبات المقررة لها، وتتمثل هذه الجرائم أساسا في الجرائم الماسة بكرامة الشخص، كذلك إخفاء الجناة والتستر عليهم، الإفصاح عن هوية الضحية أو الشاهد مما يعرض حياته للخطر، وكل من ارتكب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون([11]).
وهناك اتفاقيات ثنائية بين الدول العربية للتعاون في مجال مكافحة جريمة المنظمة ومن ضمنها الاتجار بالأعضاء البشرية. نذكر على سبيل المثال:
اتفاقية تعاون بين حكومة المملكة المغربية وحكومة جمهورية مصر العربية في مجال مكافحة الجريمة بالرباط في 13 جوان 1999م: يتعاون الطرفان في إطار هذا الاتفاق وطبقا لقوانينهما الوطنية في مكافحة الجرائم التالية: الجريمة المنظمة، الدخول غير المشروع والهجرة السرية، الاتجار غير المشروع في الأشخاص والأعضاء البشرية([12]).
التعاون بين الدول الإسلامية:
تم تبني ميثاق إسلامي عالمي للأخلاقيات الطبية والصحية وتم النص فيه على أخلاقيات نقل وزرع الأعضاء البشرية، كما تم فيه تحريم بيع وتجارة الأعضاء البشرية، ولقد تناولت المواد من 65 إلى 71 الإطار الخلقي لعمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية؛ إذ تنص المادة 65 منه: “عملية نقل الأعضاء من متبرع حي أو جثة ميت من أهم وسائل إحياء النفس البشرية التي يتجلى فيها تواد المجتمع وتراحمهم وتعاطفهم على أن تراعى فيها الضوابط الأخلاقية.”
وبالنسبة للإتجار بالأعضاء البشرية فقد حرمت المادة 69 منه صراحة بيع أو تجارة الأعضاء البشرية إذ نصت على ما يلي: “لا يجوز أن يكون الجسد البشري وأجزاؤه محلا لمعاملات تجارية ويحظر الاتجار في الأعضاء أو الأنسجة أو الخلايا أو الجينات البشرية”.
كما يحظر الإعلان عن الحاجة إلى أعضاء أو عن توافرها لقاء ثمن يدفع أو يطلب، ولا يجوز للطبيب بأي حال من الأحوال المشاركة في أي من هذه الأعمال، كما يحظر على الأطباء وسائر المهنيين الصحيين القيام بعمليات لنقل الأعضاء أو المشاركة فيها، إذا رجح لديهم أن الأعضاء المطلوب نقلها كانت محلا لمعاملات تجارية([13]).
المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي
وقد قرر في دورته الثامنة المنعقدة في مكة المكرمة 1985م أن أخذ العضو من جسم إنسان حي وزرعه في جسم إنسان آخر مضطر إليه لإنقاذ حياته أو لاستعادة وظيفة من وظائف أعضائه الأساسية هو عمل جائز وحميد ولا يتنافى مع الكرامة الإنسانية بالنسبة للمأخوذ منه، كما أن فيه مصلحة وإعانة خيره للمزروع فيه، ولكنه اشترط عدة شروط منها أن يكون إعطاء العضو طوعا من المتبرع دون إكراه وقد أوصت ندوة الرؤية الإسلامية بعد مناقشتها لموضوع بيع الأعضاء والأنسجة البشرية أنه في ضوء ما استقر عليه الرأي الشرعي في المجامع الفقهية وهيئات الإفتاء في العالم الإسلامي من جواز نقل الأعضاء والأنسجة إلى المرضى في الظروف والشروط المقررة شرعا فإن خير ما يتم به الحصول على الأعضاء والأنسجة أن يكون ثمرة التراحم بين الناس ورأي الأكثرية أنه يجوز الحصول على الأعضاء بتبرع الحي للحي بالشروط والضوابط ومنها عدم الإضرار بالشخص المتبرع، وأكدت الندوة إذا لم يمكن الحصول على الأعضاء إلا ببذل مال فهذا جائز فيما انتهى إليه أكثرية المشاركين لكونه من المحظور الدي يباح لحال الضرورة([14]).
المبحث الثاني: التشريعات العربية ومكافحة الاتجار بالأعضاء البشرية
لقد نصت المادة الثانية من مشروع القانون العربي الموحد لعمليات زراعة الأعضاء البشرية (المقترح من اللجنة الفنية في مجلس ورزاء الصحة العرب بجلسته المنعقدة عام 1986م) على أنه يجوز للشخص التبرع أو يوصي بأحد أعضاء جسمه ويشترط في المتبرع أو الموصي أن يكون كامل الأهلية قانونا، وأن يكون التبرع صادرا بموجب إقرار كتابي موقع منه بذلك، كما نصت المادة الثالثة من المشروع نفسه على أنه لا يجوز نقل عضو من أعضاء الجسم إذا كان هو العضو الأساسي في الحياة، حتى ولو كان ذلك بموافقة المتبرع وأكدت هذا الاتجاه مقررات الدورة الرابعة لمجلس مجمع الفقه الإسلامي الصادر في فيفري 1998م والتي جاء في أحد نصوصها يحرم نقل عضو تتوقف عليه الحياة كالقلب من إنسان حي إلى إنسان آخر([15]).
وتم سنّ قوانين ردعية لكل دولة تعمل به في إقليمها لمواجهة جريمة الإتجار بالأعضاء البشرية ومعاقبة مرتكبيها؛ لذا فقد كانت لكل دولة عربية قوانين خاصة بجريمة الاتجار بالأعضاء البشرية هناك من كان التشريع ضمن قانو العقوبات كالجزائر، وهناك من استحدثت قانون خاص بالإتجار بالأعضاء البشرية منها على سبيل المثال: مصر، سوريا، العراق، لبنان ليبيا، الأردن قطر، البحرين والسعودية وغيرها…
المطلب الأول: التشريع الجزائري في مكافحة الاتجار بالأعضاء البشرية
لم يتطرق المشرع الجزائري إلى جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية في قانون مستقل بل استحدث ذلك ضمن قانون العقوبات وذكر جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية بموجب تعديل لقانون العقوبات من خلال القانون رقم 09-01 المؤرخ في 25/02/2009 المعدل والمتمم للأمر رقم 66-156 المؤرخ في 08/06/1966 المتضمن قانون العقوبات.
المادة 303 مكرر 04 جرم المشرع جريمة الاتجار بالأشخاص بغرض نزع الاعضاء في القسم الخامس مكرر 01 من نفس القانون فقد أفرد لجريمة الاتجار بالأعضاء المواد 303 مكرر 16 إلى المادة 303 مكرر 19.
المادة303 مكرر 16 جرمت الحصول على الأعضاء مقابل منفعة مالية أو أية منفعة أخرى مهما كانت طبيعتها، كما جرم التوسط قصد تشجيع أو تسهيل الحصول عليها.
كما جرم كذلك انتزاع للأنسجة أو الخلايا أو جمع مواد من جسم شخص مقابل دفع مبلغ مالي أو أي منفعة أخرى مهما كانت طبيعتها، كما جرم كذلك التوسط الذي يستهدف تشجيع أو تسهيل الحصول عليهم، وهذا ما قضت عليه المادة 303 مكرر 18.
المادة 303 مكرر16: يعاقب كل من يحصل من شخص على عضو من أعضائه مقابل منفعة مالية أو أية منفعة أخرى مهما كانت طبيعتها، و.. كل من يتوسط قصد تشجيع أو تسهيل الحصول على عضو من جسم شخص”.
ونص في المادة 303 مكرر 18 كل انتزاع أنسجة أو خلايا أو تجميع مواد من جسم شخص مقابل دفع مبلغ مالي أو أية منفعة أخرى مهما كانت طبيعتها، وكل من يتوسط قصد….تشجيع أو تسهيل الحصول على أنسجة أو خلايا أو تجميع مواد الجسم مما يعني أن الوسيط يعتبر فاعلا أصليا لجريمة الاتجار بالأعضاء([16]).
المطلب الثاني: التشريعات العربية في مكافحة الاتجار بالأعضاء البشرية
المشرع المصري:
توجد في مصر مافيا منظمة لتجارة الأعضاء تعمل بأحدث الأساليب ويتم تدريب السماسرة على إقناع الفقراء بالتبرع بأعضائهم مقابل مبالغ مالية، وبعد ذلك يتم اصطحاب المتبرعين إلى معامل تحليل كبرى في القاهرة، ويتم إجراء كافة التحاليل للمتبرع ووضع اسمه ونتائج التحاليل وجميع البيانات المتعلقة بحالته الصحية على جهاز الكمبيوتر، ويتم وضعه في قائمة الانتظار حتى يأتي المشترى المحتاج إلى زراعة كلى، وتتبوأ مصر المرتبة الثالثة عالميا في تجارة الأعضاء البشرية بعد الصين وباكستان، ويقول البرلماني المصري أكرم الشاعر أن 10% فقط من العمليات التي تجري حاليا بصورة شرعية أي يتم التبرع من أهالي المرضى، بينما 90% من الحالات إتجار في السوق السوداء حيث تشير الإحصائيات إلى وجود 1000 عملية نقل سنويا وأن ما يحصل على موافقة النقابة هو 10% فقط من هذه العمليات، بينما يتم الباقي خارج إطار القانون([17]).
وقد اتسعت هذه التجارة حتى تحولت القاهرة إلى سوق دولي لبيع الكلى من الفقراء المصريين إلى الأثرياء العرب أو المصريين.
وتدخل المشرع المصري بالفعل بإصداره القانون رقم 5 لسنة 2010 والذي يتضح من نص المادة السادسة منه: ((يحظر التعامل في أي عضو من أعضاء جسم الإنسان جزء منه أو أحد أنسجته على سبيل البيع أو الشراء أو بمقابل أيا كانت طبيعته)) أن المشرع المصري أراد أن تتم عملية نقل العضو أو جزء منه أو حتى أحد أنسجة بدون أي مقابل، سواء عرض هذا المقابل من قبل الشخص الذي يتنازل عن العضو أو من المتلقي وأيا ما كانت الصورة التي يكون عليها المقابل سواء كانت فائدة مادية أو عينية طالما كانت بسبب النقل أو بمناسبة. كما لم يكتف المشرع بذلك بل مد نطاق الحظر إلى الطبيب المختص بعملية الزرع وقرر عقوبة في حالة مخالقة أي من أحكام المادة السادسة.
تنص المادة 20: (( يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مائتي ألف جنيه كل من خالف أيا من أحكام المادة السادسة من هذا القانون وذلك فضلا عن مصادرة المال أو الفائدة المادية أو العينية المتحصلة من الجريمة أو الحكم بقيمته في حالة عدم ضبطه)). ولا تزيد عقوبة السجن على سبع سنوات لكل من نقل أو زرع نسيجا بالخالفة لحكم المادة6 من هذا القانون.
التشريع السوري:
يعتبر قانون العقوبات السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 168 بتاريخ 22/06/1949م أول قانون يعالج مشكلة نقل الأعضاء فقد تضمن نصا خاصا وجريئا يبيح أخذ الجثة وتشريحها واستعمالها لغرض علمي أو تعليمي بعد موافقة ذوي الشأن، فقد نصت المادة 466 منه على ما يلي:
يعاقب بالغرامة من مائة إلى مائتين وخمسين ليرة وبالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بإحدى العقوبتين من أقدم لغرض علمي أو تعليمي دون موافقة من له الحق على أخذ جثة أو تشريحها أو على استعمالها بأي وجه آخر”.
عبارة “أو على استعمالها بأي وجه آخر” يمكن تفسيرها بإجازة نقل أحد أعضاء تلك الجثة واستعمالها على أي وجه كان. رغم ان النص فيه بعض الغموض فيما يخص من له الحق لم يتم تحديد من الذي له حق الموافقة على أخذ الجثة أو تشريحها أو استعمالها.
ونجد المشرع السوري قد نظم بصورة مباشرة مسألة زرع ونقل الأعضاء بالقانون رقم 31 لعام 1972 والمعدل بقانون رقم 43 لعام 1986م اقتصر فقط على بيان شروط النقل وأهلية المتبرع وكيفية تنظيم عملية النقل متجاهلا الإشارة إلى حظر الإتجار بالأعضاء البشرية ومغفلا النص على العقوبات والمؤيدات التي تطبق عند مخالفة أحكام هذا المرسوم، حتى تم إصدار قانون رقم 30 لعام 2003 ففي هذا القانون وبعد أن أجاز المشرع عملية نقل وزراعة الأعضاء البشرية من إنسان حي أو متوفى لمريض يحتاج إليه نص في الفقرة بمن المادة السابعة على أنه ومع عدم الإخلال بالعقوبات الأشد المنصوص عليها في قانون العقوبات يعاقب كل من يقوم بالإتجار بنقل الأعضاء بالأشغال الشاقة المؤقتة (وتتراوح مدتها ما بين 3 سنوات و15 سنة) وبالغرامة من 50 إلى 100 ألف ليرة سورية، كما أن المشرع السوري قد عاقب في هذا المجال كل من يخالف أحكام القانون الجديد المتعلق بنقل الأعضاء وزرعها بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين، وبالغرامة من 5000 آلاف إلى 10000 ليرة سورية بموجب نص المادة 2/أ منه. وبالتالي يحسب لهذا القانون أنه حرم الإتجار بالأعضاء البشرية ولأول مرة بنص صريح في التشريعات السورية([18]).
المشرع العراقي:
لقد أصدر المشرع العراقي عدة قوانين خاصة بذلك منها قانون مصارف العيون رقم 113 لسنة 1970، قانون زرع الكلى رقم 60 لسنة 1981، قانون عمليات زراعة الأعضاء البشرية رقم 85 لسنة 1986 والذي بموجبه نظم عمليات استئصال الأعضاء البشرية وفق تنظيم قانوني خاص. من حيث اشتراطه أن تتم عمليات الاستئصال وزراعة الأعضاء البشرية في مراكز طبية رسمية معتمدة ومن قب طبيب جراح اختصاص وحدد طرق الحصول على تلك الأعضاء وهو عن طريق الهبة والوصية، كما أصدر تعليمات لتسهيل تنفيذ القانون رقم 1 لسنة 1989([19]).
وقد أقر المشرع العراقي مبدأ منع التعامل بالأعضاء البشرية بالبيع أو ما يطلق عليه بالإتجار بالأعضاء البشرية وحدد طرق الحصول عليها من خلال التبرع والوصية، وذلك في قانون عمليات زرع الأعضاء البشرية رقم 85 لسنة 1986؛ حيث نص على عقوبة تعتبر خفيفة مقارنة بالجرم المرتكب وهي يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة واحدة وبغرامة لا تزيد عن ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف هذا القانون، إلا أنه تدارك ذلك وقام بتحديد عقوبة مناسبة في حالة مخالفة النصوص المتعلقة بعمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية من خلال قانون رقم 11 لسنة 2016م حيث حدد عقوبة السجن لا تقل عن سبع سنوات وبغرامة من خمسة مليون دينار عراقي ولا تزيد عن عشرة مليون دينار عراقي، لكل شخص قام باستئصال عضو أو أنسجته أو زراعته بخلاف ما نص عليه القانون، وتكون العقوبة السجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة مليون دينار ولا تزيد عن عشرين مليون دينار كل من قام باستئصال عضو أو جزء منه أو نسيج من إنسان حيا كان أو ميتا، أو زرع أو شارك أو كان وسيطا أو قام بالإعلان أو التحايل أو الإكراه بقصد زراعته في جسم آخر خلافا لأحكام قانون عمليات زرع الأعضاء البشرية رقم 11 لسنى 2016 أو لأحكام قانون مكافحة الإتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012م، وإذا كانت نتيجة هذه الأعمال هو موت المتبرع فتكون العقوبة هي السجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن عشرين مليون دينار ولا تزيد عن أربعين مليون دينار([20]).
المغرب:
اعتمد مجلس الوزراء المغربي يوم الاثنين 31 يوليو 2005م قانونا جديدا يسمح بالتبرع بالأعضاء البشرية. إذ يبدأ القانون رقم 16-98 المتعلق بتبرع الأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها المتمم بمتقتضى القانون رقم 05-26 بتعريف مفهوم العضو البشري الذي تحدده المادة 2 بـ: كل جزء من جسم الإنسان سواء أكان قابلا للخلفة أم لا والأنسجة البشرية باستثناء تلك المتصلة بالتوالد.
وتنص المادة 4 بشكل صريح في قضية أخذ الأعضاء؛ إذ لا يجوز أخذ الأعضاء إلا بعد أن يوافق المتبرع مسبقا على ذلك، ويمكن للمتبرع إلغاء هذه الموافقة في جميع الحالات، وتفصل المادة 5 في القضية معتبرة التبرع بعضو بشري أو الإيصال به عملا مجانيا لا يمكن بأي حال من الأحوال وبأي شكل من الأشكال أن يؤدى عنه أجر أو أن يكون محل معاملة تجارية، ولا تعتبر مستحقة سوى المصاريف المتصلة بالعمليات الواجب إجراؤها من أخذ وزرع الأعضاء ومصاريف الاستشفاء المتعلقة بهذه العمليات.
وحددت المادة 6 مكان إجراء العمليات في المستشفيات العمومية المعتمدة، وطالبت المادة 7 بضرورة التكتم على اسم المتبرع إذ لا يجوز للمتبرع ولا أسرته التعرف على هوية المتبرع له، كما لا يجوز كشف أي معلومات من شأنها أن تمكن من التعرف على هوية المتبرع أو المتبرع له، باستثناء الحالات المنصوص عليها في المادة 9، أو إذا كان ضروريا لأغراض العلاج.
الجراحة آمال بورقية، المتخصصة بأمراض الكلى وزرعها، تؤكد أن سرقة الأعضاء في المغرب غير موجودة لأن القانون واضح وشروط التبرع دقيقة جدا.. فهي أول أكاديمية تتخصص في القانون الصحي والجوانب القانونية وزرع الأعضاء وأصدرت كتابا بعنوان نقل وزرع الأعضاء “تقول القانون المغربي عاقب بقسوة أي تعامل بالمتاجرة بالأعضاء أو وساطة يدخل فيها عنصر المال، لذا لا توجد ظاهرة سرقة بالمغرب”. ويؤكد هذا الرأي الجراح المغربي عبد الله العباسي([21]).
المشرع الليبي
في ليبيا نجد أن الميثاق الأساسي لنظم وسلوكيات وأخلاقيات نقل وزراعة الأعضاء البشرية تجرم بيع والاتجار في الأعضاء البشرية حيث أورد البند السابع منه: “تجريم بيع والاتجار في الأعضاء الآدمية أو وضعها محل ابتزاز وذلك تكريما لجسم الإنسان الذي كرمه الله، وإغلاقا لباب هذا النوع البشع من تجارة الأعضاء البشرية خاصة وإن مصادر الحصول عليها عادة ما تكون غير مشروعة، فالموافقة على نقل العضو إنما تكون على سبيل التبرع وبدون مقابل”([22]).
المشرع الأردني:
إن المشرع الأردني قد نص في المادة 3/أ من قانون منع الاتجار بالبشر رقم 9 لسنة 2009 على أنه” لمقاصد هذا القانون تعني عبارة جرائم الاتجار بالبشر استقطاب أشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بغرض استغلالهم عن طريق التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك([23]).
ومن خلال المادة نجد أن المشرع الأردني قد حصر صور الإتجار بالأعضاء البشرية باعتبارها إحدى صور الإتجار بالبشر.
المشرع القطري:
حظرت المادة التاسعة من القانون القطري رقم 21 لسنة 1997م بشأن تنظيم عملية زراعة الأعضاء من بيع أعضاء الجسم وشرائها بأي وسيلة كانت أو تقاضي أي مقابل مادي عنها، وحظرت على الطبيب الأخصائي إجراء عملية استئصال لها إذا كان على علم بذلك كما نص على عقوبة الحبس في حالة مخالفة ذلك لمدة لا تقب عن سنتين ولا تزيد عن عشر سنوات، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف ريال ولا تزيد عن أربعين ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين([24]).
القانون البحريني:
القانون رقم 1 لسنة 2008 حدد في المادة الأولى منه مفهوم الإتجار بالأشخاص بأنه يعني:
تجنيد شخص أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو استقباله بغرض إساءة الاستغلال وذلك عن طريق الإكراه أو التهديد أو الحيلة أو باستغلال الوظيفة أو النفوذ أو بإساءة استعمال سلطة ما على ذلك الشخص أو بأية وسيلة أخرى غير مشروعة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.
وتشمل إساءة الاستغلال؛ استغلال ذلك الشخص في الدعارة أو في أي شكل من أشكال الاستغلال أو الاعتداء الجنسي أو العمل أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء، ويعاقب هذا القانون كل من ارتكب جريمة الاتجار بالأشخاص بالسجن والغرامة، وفي حالة الحكم بالإدانة يلزم الجاني بدفع المصاريف بما فيها مصاريف إعادة المجني عليه إلى دولته إذا كان أجنبيا([25]).
المشرع السعودي:
مشروع نظام مكافحة جرائم الاتجار بالبشر والذي أعدته لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية وحقوق الإنسان في مجلس الشورى السعودي، وقد تضمن هذا المشروع نصوصا مشابهة للقانون البحريني، فقد حظر الاتجار بأي شخص بأي شكل كان وعاقب كل من ارتكب جريمة الإتجار بالأشخاص بالسجن مدة لا تزيد عن خمس عشرة سنة أو بغرامة لا تزيد عن مليون ريال أو بهما معا.
وتشدد العقوبات المنصوص عليها في هذا النظام في عدد من الحالات أهمها: إذا كان مرتكب الجريمة جماعة إجرامية منظمة أو كانت ضد امرأة أو أحدا من ذوي الاحتياجات الخاصة أو ضد طفل حتى لول لم يكن يعلم الجاني أن المجني عليه طفلا([26]).
خاتمة
ومما سبق يتبين لنا خطورة جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية وذلك بوصفها جريمة دولية منظمة عبر الوطنية، لذا كان لزاما على الدول التعاون والتكافل للتصدي لهذه الجريمة ومكافحتها، وقد عانت الدول العربية شأنها شأن بقية دول العالم من ويلات هذه الجريمة التي تمس بالأشخاص وآثارها وخيمة على الواقع العربي بصفة عامة لذا فقد جندت هاته الدول وسائلها لمكافحة هذه الظاهرة، من خلال المنظمات والاتفاقيات العربية والثنائية، وكذا بسن قوانين لكل دولة، ومن خلال استقراء النصوص القانونية نجد أنها تقر مبدأ المجانية وقد جاءت صريحة واضحة الدلالة في وجوب أن يكون التنازل عن الأعضاء أو الأنسجة البشرية مجانا وعلى سبيل التبرع. ويمنع من الإتجار بها ويعاقب عليها بغرامات مالية أو بعقوبة سالبة للحرية أو بهما معا وقد تكون في بعض الحالات ظروف مشددة، ورغم الجهود المبذولة والاتفاقيات إلا أن الظاهرة لا زالت في تنام وتزايد مما يؤدي بنا إلى التوصيات التالية
التوصيات:
- تفعيل الاتفاقيات العربية للإتجار بالبشر بصفة عامة
- إنشاء اتفاقيات عربية خاصة بجريمة الإتجار بالأعضاء البشرية، وتفعيلها، وإلزام الدول الأطراف بتنفيذها.
- إنشاء اتفاقيات ثنائية بين الدول بشأن جريمة الإتجار بالأعضاء البشرية.
- إصدار قوانين خاصة بالإتجار بالأعضاء البشرية،
- تفعيل المنظمات العربية لمكافحة الإتجار بالأعضاء البشرية.
- العمل على إيجاد حلول بديلة للحصول على الأعضاء البشرية، مثلا إرشاد الناس بالتبرع بأعضائهم عند الموت، عملا بما قامت به تونس.
- العمل على تطوير استنساخ الأعضاء البديلة لتفادي مستقبلا سوق بيع الأعضاء البشرية.
- التشديد على أن يكون التبرع من أحد أقارب المريض ولو من الدرجة الثانية أو الثالثة تفاديا لفكرة بيع الأعضاء.
*****
قائمة المراجع
الكتب
- الشاعر، راميا، (2012) الإتجار بالبشر (قراءة قانونية اجتماعية)، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، سوريا.
- الشنقيطي، محمد بن محمد المختار،(1994) أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها، ط2، مكتبة الصحابة، جدة.
- عدلي، ناشد سوزي، (2005)، الإتجار في البشر بين الاقتصاد الخفي والاقتصاد الرسمي، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، مصر.
- العزة، مهند صلاح أحمد فتحي، (2008) الحماية الجنائية للجسم البشري في ظل الاتجاهات الطبية الحديثة، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، مصر.
- عبد الجواد، إدريس ، (2009)، الأحكام الجنائية المتعلقة بعملية قل وزراعة الأعضاء البشرية بين الأحياء، دار الجامعة الجديدة، ليبيا،
- الديات، سميرة، (2004)، نقل وزراعة الأعضاء البشرية بين الشرع والقانون، الطبعة الأولى، مكتبة دار الثقافة، عمان، الأردن.
- مروك، نصر الدين، (2003)، نقل وزرع الأعضاء البشرية في القانون المقارن والشريعة الإسلامية، الجزء الأول، دار هومة، الجزائر.
- أبو الهيجاء، رأفت، (2006)، مشروعية نقل الأعضاء بين الشريعة والقانون، الطبعة الأولى جدارا للكتاب العالمي للنشر والتوزيع.
الرسائل العلمية
- مجاهدي، خديجة، (2018)، “آليات التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة”، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري، تيزي وزو.
- الشاهين، ثامر عبد الله سالم،(2012)، “الإطار القانوني لجريمة الإتجار بالأعضاء البشرية في القانون الأردني (دراسة مقارنة)”، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة الإسراء، الأردن.
- رميان، دلال، (2013)، “المسؤولية الجنائية عن الاتجار بالأعضاء البشرية”، رسالة ماجستير، قسم القانون العام ،كلية الحقوق، جامعة الشرق الأوسط، سنة 2013م.
المقالات:
- أبو رغيف، سعاد شاكر بعيوي ، (2019)، “جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية وفقا لقانون عمليات زرع الأعضاء البشرية ومنع الاتجار بها رقم 11 لسنة 2016م”، مجلة الكوفة: العدد: (47)، 318-336.
- ياكر، الطاهر. (2021). “التعاون الدولي في مكافحة جريمة الإتجار بالأعضاء البشرية”، مجلة الدراسات القانونية، 7 (1). 2316-2336.
- محمد سي ناصر، (2021). “التعاون الدولي والإقليمي في مكافحة جريمة الإتجار بالبشر” مجلة الفكر القانوني، 5(1). 123-140.
القوانين والاتفاقيات العربية:
- قانون عمليات زرع الأعضاء البشرية ومنع الإتجار بها العراقي، رقم 85 لسنة 1986 المعدل والمتمم لقانون عمليات زرع الأعضاء ومنع الاتجار بها رقم 11 لسنة 2016م.
- القانون رقم 09-01 المؤرخ في 25/02/2009 المعدل والمتمم للأمر رقم 66-156 المؤرخ في 08/06/1966 المتضمن قانون العقوبات الجزائري.
- قانون تنظيم زرع الأعضاء البشرية المصري رقم 5 لسنة 2010م.
- قانون منع الاتجار بالبشر الأردني رقم 9 لسنة 2009م الصادر في الجريدة الرسمية العدد 4592 تاريخ 01/03/2009م.
- الاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، بتاريخ 05/10/2013. جامعة الدول العربية.
([1]) الشاعر راميا، الاتجار بالبشر قراءة قانونية اجتماعية، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، سوريا، 2012م، ص 25.
([2]) الشنقيطي محمد بن محمد المختار،(1994) أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها، ط2، مكتبة الصحابة، جدة،1994، ص 592.
([3]) أبو رغيف، سعاد شاكر بعيوي، جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية وفقا لقانون عمليات زرع الأعضاء البشرية ومنع الاتجار بها، رقم 11، لسنة 2016م، مجلة الكوفة، العدد 47، ص 322.
([4]) مجاهدي خديجة، آليات التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة، رسالة دكتوراه كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، 2018م، ص 416.
([5]) العزة مهند صلاح أحمد فتحي، الحماية الجنائية للجسم البشري في ظل الاتجاهات الطبية الحديثة، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، مصر، 2008، ص154.
([6]) مروك نصر الدين، نقل وزرع الأعضاء البشرية في القانون المقارن والشريعة الإسلامية، دار هومة الجزائر، 2003، ص 230.
([7]) مجاهدي خديجة ، المرجع السابق، ص 415.
([10]) ياكر الطاهر، التعاون الدولي في مكافحة جريمة الاتجار بالأعضاء البشري، مجلة الدراسات القانونية، مجلد 7 عدد 1،2021، ص 2327.
([11]) محمد سي ناصر، التعاون الدولي والإقليمي في مكافحة جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية، مجلة الفكر القانوني، مجلد 5 ، العدد 1، ص 135.
([12]) ياكر، المرجع السابق، ص 2328.
([13]) ياكر ، المرجع السابق، ص 2329.
([14]) أبو الهيجاء رأفت، مشروعية نقل الأعضاء بين الشريعة والقانون، الطبعة الأولى، جدارا للكتاب العالمي للنشر والتوزيع، ط1، 2006، ص 36.
([15]) رميان دلال، المسؤولية الجنائية عن الاتجار بالأعضاء البشرية، رسالة ماجستير، قسم القانون العام، كلية الحقوق، جامعة الشرق الأوسط، سنة 2013م، ص 74.
([16]) قانون العقوبات الجزائري، رقم 09-01.
([17]) عدلي ناشد سوزي، الاتجار في البشر بين الاقتصاد الخفي والاقتصاد الرسمي، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، مصر، 2005، ص 56.
([18]) الشاعر، المرجع السابق، ص 34.
([19]) أبو رغيف، المرجع السابق، ص 319.
([21]) رميان دلال، المرجع السابق، ص 77.
([22]) عبد الجواد إدريس، الأحكام الجنائية المتعلقة بعملية نقل وزراعة الأعضاء البشرية بين الأحياء، دار الجامعة الجديدة، ليبيا، 2009، ص157.
([23]) الشاهين، ثامر عبد الله سالم، الإطار القانوني لجريمة الاتجار بالأعضاء البشرية في القانون الأردني (دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة الإسراء الأردن، 2012، ص 39.
([24]) عبد الجواد، المرجع السابق، ص 158.